الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرأت كتاباً: عنف الدكتاتورية

حسين سليم
(Hussain Saleem)

2024 / 5 / 8
الادب والفن


الدكتاتورية واحدة وأن تعددت أشكالها وألوانها وأساليبها، وقد تتجسد في فرد أو حزب أو عدة أحزاب، على شكل سلطة سياسية أو دينية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية.
"عنف الدكتاتورية" عنوان النسخة العربية للكتاب الأصلي في اللغة الألمانية "كاستيليو ضد كالفن" أو "ضمير ضد العنف" للكاتب النمساوي ستيفان زفايغ ( 1881- 1942 ) الصادر عن دار مسكيلياني للنشر والتوزيع، تونس 2020، ومن ترجمة فارس يُواكيم.
كتب ستيفان زفايغ الكتاب عام 1936 بعد وصول النازية الهتلرية للحكم في المانيا عام 1933 عن طريق الانتخابات الديمقراطية، وقد استشعر بخطورتها ليس فقط على المانيا بل على أوربا جميعها. ولخطورة الكتابة المباشرة لجأ إلى التاريخ قبل أربعة قرون، ليجسد الدكتاتورية وأساليبها عن طريق استحضار الصراع البروتستاني الكاثوليكي بشخصية كالفن والمعارض كاستيليو.
كالفن داعية بروتستانتي، هرب إلى جنيف من فرنسا، من بطش محاكم التفتيش الكاثوليكية، لكنه بمرور الزمن استطاع أن يسيطر على الكنسية البروتستانية في جنيف وعموم سويسرا ويحكم المجمع الديني الذي صار الحاكم الناهي في الحياة الدينية والمدنية وحتى المجلس المدني تحول إلى أداة في خدمة شخصه، الذي مارس سياسة الترهيب والترغيب والبطش بالآراء الروحية والمادية المخالفة بذريعة " مخالفة الخالق وأحكامه" التي صار يتلاعب بها وفق نهجه، خلاف ما نادى به في بداية مشواره، فكل اعتراض على شخصه أو أسلوبه يعتبر ضد عقيدة الدين، ويكون مصير خصمه، الموت أو النفي أو السجن، بعد نعته بإحدى التهم؛ "زندقة" ، "روح شيطان" ، أو "كافر" وكانت السلطة الروحية والمدنية برعاية كالفن هي الاداة في حرق ميغيل سيرفيت حياً مع كتبه.
هناك " استياء غير منظم ضد إرهاب منظّم" فالارهاب والتعصب صنيعة الدكتاتورية المنظمة، لكن الاستياء كان غير منظم مشتت القوى، فمن يعارضون كالفن؛ هم "بقايا الكاثوليك" "عشّاق الخمر" الممنوع عنهم و " النساء اللواتي حُرمن من التزين" و"البروتستانيون المصلحون" على قلتهم، الذين يؤمنون بالاصلاح والتسامح والحوار، يحدوهم الخوف والسريّة ومنهم سبستيان كاستيليو.
لقد جاهر كاستيليو بمعارضته السلمية، خاصة بعد إحراق سيرفيت، عن طريق نشر الأفكار والضمير الاخلاقي لمحيطه " ليس بآلات التعذيب والفؤوس والمدافع يمكن لعقيدة أن تفرض فرضاً، بل عبر الاقتناع الشخصيّ الداخليّ فقط" جاء رد كاستيليو في كتابه " معارضة منشور كالفن الهجائي" ليذكر كالفن حين كان مضطهداً من خلال نصوص كتابه " تعاليم الديانة المسيحية" التي رفع فقرات منها في الطبعات اللاحقة "يعتبر سلوكاً غير مسيحيّ أن تضطهد الكنيسة بالسلاح الذين طردتهم من صفوفها، وأن تحرمهم من الحقوق الإنسانية.
يتجاوز الكتاب فهم الصراع الديني بين الشخصيتين قبل أربعة قرون إلى زماننا هذا، لنفهم أن الصراع هو بين الحرية والتسلط، الإنسانية ونقيضها، الرأي الواحد وتعدد الآراء، الضمير الاخلاقي ونقيضه، وأن الصراع الفكري بالأفكار لا بالقوة والسلطة.
يقدم الكتاب الذي جمع بين الرواية والسِّيرة درساً آخر، هو قديم جديد، عن الدكتاتورية ومقاومة جبروتها.
" الدكتاتورية، هي الدكتاتورية في كل زمان وكل مكان"
إذ " لايمكن للحرية الفكرية أن تشعر بتحقيق ذاتها في ظلّ الدكتاتورية، ولا الدكتاتورية تستطيع العيش من دون قلق في ظلّ وجود رجل مستقل ولو لوحده، داخل حدودها".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا


.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ




.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت