الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب العراق / ( تجليات الدورة الازدواجية الاخيرة في ارضها )

فاطمة محمد تقي

2024 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


في هذا الفصل من الكتاب يقوم الكاتب باعادة البحث في تاريخ الازدواج في مابين النهرين، بما هو تاريخ نوع كيانية خارج الطاقة المتوافرة على الإحاطة العقلية، وبما يعد قلبا كليا لما يعتبر نظراً في اليات تاريخها التناوبي، والتراكمات الحاصلة بفعل تفاعليته .
وفي هذا الباب يوجه النظر إلى الاختلافات التي تلازم الدورات التاريخية، وتبدل الاشتراطات حسب الدورات، فالعراق ـ وهذه قاعدة ثابتة ـ ينشأ بحكم كينونته الازدواجية لا ارضويا تحوليا من الاسفل، كما حدث في الدورة البدئية التأسيسية الاولى في سومر، وتشكل لاحقاً من الكوفة والبصرة، قبل ان تحل الضرورة الإمبراطورية، ويضطر العباسيون للهرب بحثا عن عاصمة محصنة ومعزولة، وبهذا يكون التجلي الثاني قد اختلف مساحة وسكانا عما كان عليه في الاولى بما لايقاس.
فالاشتراطات التي صاحبت التبلورات الدوراتية لارض مابين النهرين، أدت إلى اختلاف تجلياتها، فلم تكن مقدمات وممهدات التشكل الحديث وسيرورته تشابه ماكانت تعرفه في الماضي، باعتباره تشكلية مرهونة بخاصيات رئيسية ملازمة، كانت تاتي مقترنة عادة بانفتاح الافق الإقليمي اولا والكوني المحيط، وانتفاء وعدم وجود معيقات، او اي نوع من العقبات الكبيرة الحائلة .
اما الانبعاث الثالث في الدورة الحالية فقد اختلف كليا عما سبقه من الدورات التحولية الاولى والثانية، فمع القرن السادس عشر، تبين أن الاشتراطات التي تقع من باب اللوازم المصاحبة للتبلورات الكيانية المابين نهرية قد اختفت وانقلبت، ليحل محلها ما يعاكسها، أولها ظاهرة التشكل بظل اشتراطات الحضور البراني، الأمر المخالف كقاعدة لإمكان ظهور واكتمال الكيانية الازدواجية بطابعها الكوني الامبراطوري التاريخي المعتاد، حيث وجد التشكل الحديث وتبلور وسط شروط ، هي في العادة من الاسباب الرئيسية التي تحكم بانتهائه البديهي والطبيعي، حين كانت الدورات تتحول الى انقطاعات وغياب ،
فبدأ الانبعاث الثالث، بينما بغداد عاصمة الدورة الثانية المنهارة ما تزال محتلة، تتناوب عليها السلالات والسلطنات المتشبهة بالإمبراطوريات الشرقية، تتابعا من عام 1258 ، وصولا إلى الفصل البراني التركي العثماني الاخير، المتواقت زمنيا مع الانبعاث العراقي اللاارضوي الثالث في المنتفك .
فالانبعاثية الراهنة كانت واقعة تحت فعل تحديات متبقيات الدورة الثانية عليها، وتحت اشتراطات فترة الإنقطاع، إلى جانب مجموعة من المستجدات التي تظافرت وصولا إلى القرن العشرين، مع حلول اوربا الحديثة محل متبقيات الدورة الثانية، كقوة هيمنة "إفنائية "، كي تزيد من وطأة الاحادية الارضوية المتغلبة أصلا، والتي سيفاقم من ثقلها، وقع الظاهرة الغربية وحداثتها، ليعظم هذا كله الى اقصى حد ممكن، من تعذر امكانية او احتمال تجسد منطويات ونمط المجتمعية الازدواجية المتشكلة.
واذا ما أضيف لذلك مظهر الامتناع الإمبراطوري، ما عدا الرأسمالي الالي الغربي، فسنجد انفسنا امام ما يقرب من استحالة التجلي الإمبراطوري الازدواجي المعتاد .
اذن تنبعث الازدواجية الرافدينية وسط حال من عدم توافق اشتراطات وظروف التجلي والتحقق الكياني الازدواجي الرافديني امبراطوريا، بظل ثقل كل المستجدات الطارئة مع ماهو قائم من الفوضى الانقطاعية من دورة سابقة، ما يفسر غياب واختفاء مظاهر تعبيرية راهنة مطابقة للإفصاح التعبيري عن الذات المستقلة كما كان الحال في الدورتين السالفتين، اللحظتان الحدسيتان السابقتان على اكتمال المتطلب الادراكي لوعي الذات والكينونة البنيوية، الذي هو وعي العالم الادراكي ما فوق الحدسي الباقي مؤجلا إلى الدورة الاخيرة.
بينما حكم عليه بأن لا يتجلى باي قدر كان، فصار بحاجة ماسة إلى اعتماد "الاستبدال " الذي كان ملازماً لشكل تجلي اللاارضوية السفلى منذ بدئها الاول، واستمر متأقلماً مع تبدل الاشتراطات ابان الفترة الافتتاحية من بدء عملية التشكل الحالية، القبلية، او خلال الفترة الثانية "الانتظارية " حتى الفترة الثالثة، فترة الفبركة الكيانيه الايديولوجية المفهومية المرافقة للحضور الغربي، فالاستبدال ليس مسألة عارضة، ولا ذاتية "حصرية "، بل كونيه تخص الوجود والمجتمعات .
في ذات الوقت يعرفنا الكاتب على متغير اساس ونوعي مقابل، وان يكن غير مدرك بعد، الا وهو انتهاء صلاحية الاحادية بالآلية وتحوراتها، كعنصر مقابل لكل ما يحول دون تحقق اللاارضوية .
فهو يتعاكس هنا مرة اخرى مع اجمالي المفاهيم والمنظورات المتداولة البداهية التي تعتقد بأن المجتمعية هي ظاهرة ( لذاتها )، مما يمنع الكشف عن الحقيقة المجتمعية المضمرة، بظل التماهي مع الاحادية الحداثوية الآلية القاتلة للذاتيات، تلك التي بلغت حدودا من الغلبة تجعلها أقرب للمسلمة غير الخاضعة للنقاش.
فالحقيقة المجتمعية تقول بأن المجتمعية هي ظاهرة تحول إلى ما بعدها، والمجتمعات أصلا، ظاهرة لحظوية، ليس لها حضور فعال قابل للمقارنة باي من المراحل والعتبات الوجودية السابقة عليها، حيث عشرات ملايين السنين من التشكل الترقوي التصيري الحيوي، في حين لا يتجاوز عمر المجتمعية العشرة الاف سنه، توفرت فيها عناصر نوعية مختلفة، من نوع حضور العقل مع الانتصاب واستعمال اليدين، والنطقية، كونها لحظة تحولية محكومة لديناميات تتعداها ضمن المسار التحولي الناظم للوجود المجتمعي.
وفي مسار بحثه عن مناحي التجسد التحولي في المتغيرات التي وقعت في الأثناء، ومنها التحول الالي، بما هو توفير وسيلة الانتاج العقلي المضمر في الانقلابية الآلية، فالآلة تؤسّس لانتهاء أمدّ المجتمعية الارضوية الذاهبة إلى الزوال، بعد ان تكون قد فقدت صلاحيتها واسباب استمراريتها، مع تفارق وسيلة الانتاج / التكنلوجيا العليا العقلية مع الجسدية وبنيتها المجتمعية الحاجاتية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علامات استفهام وأسئلة -مشروعة- حول تحطم مروحية الرئيس الإيرا


.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن نبأ مصرع الرئيس إبراهيم رئيسي




.. دعم وقلق.. ردود فعل على حادث طائرة الرئيس الإيراني


.. ردود فعل دولية وعربية بشأن وفاة الرئيس الإيرانى إثر حادث تحط




.. الشعب الإيراني مستاءٌ.. كيف تبدو الانطباعات الشعبية بعد موت