الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا سخرت أرضنا للخراب،هل هو فقر الثقافة،أم التربية؟

فلورنس غزلان

2024 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


حرروا أسماء الشهداء من قبورها..ارسموها أيقونات فوق ساحاتكم، انقشوها وشماً يزين صدوركم,,فهم من أطلق صهيل الثورة من حبسها الطويل ..وهم من أخرج الصمت من محاراته..هم من أشعل النار في رمادكم ومن أيقظ الحلم والأمل في قلوبكم..هم من فتح أبواب المدن الجريحة..وفضح عري الأنظمة من خليجٍ يغرق في عارهِ إلى محيط يغطُ في شخيره..
منذ عقد ونيف وشامنا تفتقر للنوم..تتوسد الجوع والموت..تحاصرها لغات الأرض بمفردات دون معنى.تنفث تارة روح أمل ثم تعود لالتقاط ما "..سقط منها سهواً من كلمات فهمت خطأً..أو سجلها آمل في غير سياقها"!، وتارة أخرى ترفع مناديلها البيضاء في استسلام واضح وجلي لعجزها أمام انفراط عقدها وأمام هشاشة وجدانها وضعف روابط الانسانية في لُبها..فتصاب بالشلل أمام استغلال الطغيان وأحابيله في تدوير الحقائق وتزوير الأحداث.
وهاي" غزة" تلحق بالشام في بؤسها وموتها ودمارها،فللطغيان صورة واحدة.
ماذا نقول لأمهات نسجت درب الحرية ورصفته بأشعارها أمام أبناء عرفوا درب السجون صغاراً وذاقوا مرارة الظلم قبل أن يدرجوا في ملاعب الطفولة؟..ماذا نقول لأمهات وقفن في حقول الألغام..ينتظرن غائباً ويرقبن حدوداً تمر منها جحافل الهاربين...يرقبن شمساً تعودت أن تشرق من هنا..وألا تغرب إلا مع نسيم الحرية؟ ...ماذا نقول لمن تركض بين قبر وآخر؟ لمن تذرع الطرقات والشوارع بحثاً عن ابن التقطوه من مقاعد الدرس واختفى..؟ ماذا نقول لمن ترفع التراب بيديها بحثا عن فقيد، او فقيدة؟،أسئلة مرة تعلق بحلوقنا..لأن أضواء الغد مبهمة ضبابية ...تحمل عشرات الاحتمالات ولا نملك لها جواباً محدداً.
فمنذ اعتلى الحجاج السوري وهتلر الاسرائيلي منصة المهزلة التاريخية ، والموت سَبحَتُنا اليومية إلى صلاةٍ لاتتوقف عن استجداء الله كي يتلطف ويلتفت لما يجري لأمة قيل عنها" خير أمة أخرجت للناس"!!، فأي أمة يتنفس الطفل فيها من رئتي حروبها، وتُجلد النساء في هزيع ليلها وضوء نهارها؟، تُقطع الظفائر وتزين بها عباءات المشايخ كعربون حرب على الخطيئة، أو عربون نصر على سقوط الشمس في بئر الأشواك البربرية..مذ انزلقت قدم الزمن من صندوق العجائب السوري-الفلسطيني متسلقةً أغصان لغة قطعت شوطاً بينها وبين صمت الدهر على الطغاة، وخرس الحناجر أمام جوع البطون وظمأ الإنسان لنسائم الحرية..ساد لغطُ خطابٍ ملغوم ..يأتمر بكونترول التفريق والتعصب والانحياز للظلام ، وتقطيع الجسور بين المواطن وأخيه المواطن..في وقت يمزق العسكر فيه جسور المدن وتواصلها...كلاهما يريد أن يلهبنا بجحيم عروش لاتعرف سوى الخليفة سلطاناً ، والمجرم سيدا، ومانحن سوى أولياء يأتمرون بأمره، وإن اختلف لونه وجلبابه السياسي أو الديني المُركب من خيش السياسة العالمية ، والمُحاك بإبر العمائم الملفوفة فوق رؤوسٍ لاتصلح إلا حين تُعِدُ القوافل ليغزو الأخ أخيه ، ويبطش الكبير بالصغير ..إعداداً مطلياً بزيوت تلمع تحت أشعة الشمس الصحراوية تخرج من باطن البترودولار متمنطقةً بمنطق مدني السراب! ، فلأي منهما ننصاع ونحن نتوضأ بدماء الضحايا ؟..لماذا سُخِّرت أرضنا لكل هذا الخراب؟ لماذا يكثُر المُرابين في ديار ناطقة بالضاد؟ لماذا لاتجد تقاويمهم سلطاناً إلا في أسماء شوارعنا وعلى ضفاف حكاياتنا؟ ..هل هو ضعف الثقافة أم التربية؟ ، أم إقصاء مُعمِر مَدَّ زمنه واستقام بين بيوتنا ونثر بذوره في حقولنا...وهاهي تُنبت أشواكها وتُخرج من جذور الأنامل أظافراً يمكنها أن تمزق لَحمنا ولُحمتنا، ومابنيناه وما انتظرناه جُلَّ عمرنا، فهل نتركهم يستبيحوا عذريتنا وأغرارنا البسطاء؟
هل لدينا قابلية للتطرف والخيانة؟ هل العيب في بنيتنا وتاريخنا ..أم العيب فينا؟ وهذه الأخيرة هي الأكثر صواباً ــ برأيي ــ لسنا من عشاق الموت ، وإن كنا من فوارس الخيال الشعري، فهذا يعني أننا نتقن الأحلام بغدٍ يعج بحدائق ملونة ومزهرة ، تنقل لقلوبنا الحزينة المرتجفة دهراً، دفءَ ربيعٍ نعمل على أن نصنعه بأيدينا..يصنعه...شبابنا المعتقل والمشرد ..فتياتنا القابعات في السجون أو ممن ارتضين العيش في سجنِ مُختار هرباً من عيون عسس الطاغية...يصنعه من يتسلق جدران الجسور ويعبر الشوارع بحداء لايُخفِتُ الاغتيال المتواصل من عنانهِ...يشقون تراب الأرض، يخرجون من بطن كربلاء جديدة تعيد إحياء تراثها كائنات لاتعرف إلا البطش عربوناً لخلود الطغيان..
فإلى أي مدى يوقن سياسيينا المتناحرين والمتكاثرة مجالسهم كالفطر السام في جسم الاوطان مدى غوصهم في دماء ضحايانا؟ أهي آبار النفط أم آبار الخلط بين الأنا وهفواتها والأيديولوجيا وعلاتها؟..كلما مر الزمن على مأساتنا، كلما غاصت برمالٍ متحركة بعضها تصنعه أيدي العبث، وبعضها يخرج عن طور طاقاتنا، لكني أتساءل أما آن الأوان لبعضكم أن يترجل عن صغائره ويكبُر عليها من أجل انقشاع سحابة الزيف والاتجار بدماء الأبرياء؟
فلورنس غزلان ــ باريس -8/5/2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ