الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
العلمانية ليست مرادفة للإلحاد
مصطفى مجدي الجمال
2024 / 5 / 9اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
كان أنصار ومقاتلو التنوير في الماضي يحترمون المؤمنين ويأخذونهم بالحجة العلمية المقرونة بالاحترام والتفهم واللفظ الراقي.. ربما لأنهم أكثر احترامًا ووعيًا بثقافة الشعب، وأن مسعاهم الفكري لن ينجح بتجاهل مستوى الاستعداد الحضاري لتقبل حتى فكرة التعايش المسالم مع الأفكار المخالفة..
لكن الملاحظ في العقدين الأخيرين وبعد تفشي رهاب الإسلام (الإسلاموفوبيا) في الغرب، واستعداد الأخير لتمويل وتلميع كل من يتطاول على المعتقد الإسلامي بعلم أو غير علم، انطلاقا من فكرة "اللي تغلب به العب به".. وقد كان هذا ديدن كل أجهزة الاستخبارات الغربية الكبرى.. ففي فترة تبنت في بلداننا النزعة العربية في مواجهة الإمبراطورية العثمانية.. وفي حالات أخرى استعانت بالنزعات القطرية للوقوف بوجه موجة المد العروبي.. ثم استعانت بالأصولية المتحجرة في مواجهة كل من الشيوعية والقومية العربية والوطنية القطرية المستقلة.. والأخطر مع العولمة كانت مساندة وتمويل الاتجاهات الانقسامية العرقية والجهوية والثقافية لتفكيك الدولة الوطنية في البلدان العربية الكبرى وخصوصا ذات الثروات الطبيعية..
طبعا كل تلك الاتجاهات لها جذورها ومكوناتها أصلا في واقع بلدان المنطقة، ولكن تلك الأجهزة تعرف كيف تثير الخلافات بما يساعد في الإضعاف، وكيف تختار الأداة/ الحليف المحلي.. ولذا كان الاختلاف في كل ظرف وحالة.
ومنذ فترة لاحظنا الاهتمام الغربي بمن أسموا أنفسهم التنويريين.. سواء بالاحتفاء والبروزة والتنجيم.. لكن لاحظنا بالمثل التوجهات الآتية بالنسبة للتنويريين، طبعا دون أن ننجرف لاتهامات وسخائم الظلاميين.. وكون أولئك الرموز يتعرضون للتحقير والتهديد من جانب القوى التقليدية والمحافظة فليس معنى هذا ألا ننقد عيوبه وأخطاءهم.
أولا : نلاحظ على التنويريين أنهم يقصرون معظمم جهدهم على التهجم على الدين الإسلامي.. ونادرا جدا ما نجد تهجما على الدينين الآخرين رغم أن الجذور بين الأديان الثلاثة متشابكة.. ولهذا بالطبع تبريره عندهم بأنهم لا يستهدفون الأقليات "المستضعفة"..
ثانيًا : كلما طالعت موقعا تفاعليًا للتنويريين على الشبكة العنكبوتية.. أجد أن الغالبية الساحقة من مؤيديهم ينتمون لدين آخر، يعبرون عن فرح انتقامي غوغائي بالسخرية من الدين الآخر.. فهل هذا يعد إنجازًا أم تأجيجًا للتشاحن الطائفي؟
ثالثًا : لا نختلف في خطورة تفشي الاتجاهات الظلامية المتسربلة بالإسلام.. ولكن من الصعب أن أقتنع بالصمت المخزي عن الصهيونية المسيحية واليهودية، وما يروج في الغرب عن الحضارة اليهودية/المسيحية في مواجهة الخطر الإسلامي.
رابعًا : هناك تعارض وفارق ضخم بين الإلحاد أو اللادينية وبين العلمانية.. فالعلمانية لا تعني الانخراط في تكذيب دين بعينه والسخرية من مقولاته ومسلماته دون أي مراعاة لفروق السياقات الزمنية والمكانية.. وإنما العلمانية تحترم المعتقدات الدينية المختلفة ولا تفرق بينها، لكن تشترط الفصل بين الدين وبين الدولة والحياة السياسية والمدرسة.. وخصوصًا أن تتكفل كل طائفة بالإنفاق على مؤسساتها وليس من ميزانية الدولة، وربما أيضًا من التمويل الأجنبي.
خامسًا : لم يتعلم من نناقشهم هنا.. لم يتعلموا شيئًا من احتقان الجمهور العام ضد أفكارهم، فتكون النتيجة ازدياد التعصب ضد العلمانية وإلصاق شبهات الكفر (غير الضروري) بها، ومن ثم إشعال المزيد من نزعات الجهالة والعنصرية.
سادسًا : إذا كان التطور والتخلص من رواسب تقليدية غائرة تعطل النمو فلن يكون هذا بالقضاء على الدين أو تحقيره.. والتلذذ بالتمجيد الغربي لشجاعتهم وعلمهم المستلهم معظمه للأسف من كتابات مستشرقين مغرضين. وإنما يتحقق الهدف المذكور (إن وجد) بتطوير البنية التحتية وتنقية الثقافات الوطنية من التعصب والنزعات الاستسلامية والفوضوية، وأن تنشأ ببلداننا تنمية صناعية كبرى تقوم على قيم العقلانية واحترام العلم والعمل والوحدة الوطنية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. كل ما يجب أن تعرفه عن السياحة في إشبيلية.. عاصمة الأندلس | ي
.. الذكرى السنوية الأولى لهجوم 7 أكتوبر.. قوات الأمن بحالة تأهب
.. تجمعات ومراسم في إسرائيل لإحياء الذكرى السنوية الأولى لهجوم
.. الصحفي رامي أبو جاموس: 365 يوما من القصف والدمار والخوف والع
.. حزب الله يستهدف مدينتي حيفا وطبريا في إسرائيل