الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على ما يوحي ما يروي القلم

. عيسى بن ضيف الله حداد

2024 / 5 / 9
الادب والفن


قال الراوي: بعد أن - " ذهب نبوحذ نصر ملك بابل إلى أورشليم وحاصرها " " سلّم الرب بيده يهوياقيم ملك يهوذا مع بعض آنية بيت الله فجاء بها إلى شنعار إلى بيت إلهه وأدخل الآنية إلى خزانة بيت إلهه. – مكث يهوياقيم في السجن إلى أن جاء زمن، رفع فيه " أويلُ مردوخ ملك بابل في سنة تملكه رأس يهوياكين ملك يهوذا من السجن، وكلمه بخير وجعل كرسيه فوق كراسي الملوك الذين معه في بابل، وغير ثياب سجنه وكان يأكل دائماً الخبز أمامه كل أيام حياته، وظيفته وظيفة دائمة تعطى له من عند الملك أمر كل يوم بيومه كل أيام حياته "
وقبل رحيله، أصدر ملك بابل مرسوما يوزع فيه الأرض على طبقة
من " الشعب من الفقراء الذين لم يكن لهم شئ.. أرض يهوذا.. وكروماً وحقولاً " - ورحّل جماعات بدوية ونصف بدوية من أماكنها وأقطعهم أرضاً في بقاع عدة، ليثبتوا ويثمروا، ويعمروا.. وجلب معه شباناً ليكونوا جنوداً، وآخرين ليكونوا عمالاً في مشاريع بابل وتخوم بابل..
أردف الراوي: ولمّا كان نبوخذ نصر قد وضع نصب عينيه تنظيم مملكته على أسس جديدة، وإذابة الفوارق القائمة بين قبائلها ومناطقها، فأصدر جملة من القرارات التي من شأنها تمكين هذا النظام من التثبت في أرض الواقع، فقرر في المقام الأول اعتماد اللغة الآرامية كلغة رسمية على طول البلاد وعرضها، ثم عمد في المقام الثاني على تكوين نخب تمثل الملل والقبائل التابعة، لتكون العين الساهرة لحراسة المملكة وتنظيم شؤونها.. وهكذا طلب من مستشاريه انتقاء عدد من الفتيان من كل ملة وقبيلة لتدريسهم وتدريبهم..
ضمن هذا الإجراء - " أمر الملك أشتفر رئيس خصيانه بأن يحضر من بني إسرائيل ومن نسل الملك ومن الشرفاء فتياناً لا عيب فيهم حسان المنظر حاذقين في كل حكمة وعارفين معرفة وذوي فهم بالعلم والذين فيهم قوة على الوقوف في قصر الملك فيعلموهم كتابة الكلدانيين ولسانهم. وعين لهم الملك وظيفة كل يوم بيومه من أطايب الملك ومن خمر مشروبة لتربيتهم ثلاث سنين وعند نهاييتها يقفون أمام الملك. وكان من بينهم من بني عبران دانيال وحنينا وميشائيل وعزريا، فجعل لهم رئيس الخصيان أسماء فسمى دانيال بلطشاصر وحنينا شدرح وميشائيل ميشخ وعزريا عبد نغو..
استرسل الراوي: واضب هؤلاء الفتية مع غيرهم على الدراسة سنوات ثلاثة، وتعلموا علم التكوين البابلي وتاريخ بابل المعروف في مروية إينولامش، وما حل بها من كوارث وطوفان التي رواها جلجامش، ولقنهم تشريعات حموراني، والفلك والحساب والشعر. وبعد تخرجهم، تدرجوا في سلم خدمة السلطة، وأظهروا براعة وإخلاصاً في الإدارة وكان في مقدمتهم دانيال - " حينئذ عظّم الملك دانيال وأعطاه هدايا كثيرة وسلطه على كل ولاية بابل وجعله رئيس الشحن على جميع حكماء بابل، فطلب دانيال من الملك فوّلى شدرخ وميشخ وعبد نغو على أعمال ولاية بابل. أما دانيال فكان في باب الملك.."
استمر العزف على ذات الوتر، في عهد بيلشاصر خليفة نبوخذ نصر، إذ – " أمر بيلشاصر أن يلبسوا دانيال الأرجوان وقلادة من ذهب في عنقه "- وهذا أرفع وسام في الإمبراطورية قاطبةً، كما رفع من شأن دانيال وغدا - " متسلطاً ثالثاً في المملكة ".
توقف الراوي قليلاً، ليحبس أنفاسه وطفق يقول: " في تلك الليلة الاحتفالية قتل بيلشاصر ملك الكلدانيين،
فأخذ المملكة داريوس المادي وهو ابن أثنين وستين سنة " – وكان داريوس منظماً فطناً، فحافظ على كيان المملكة، بيد أنه قد أعاد تنظيمها، فولّى عليها "مئة وعشرين مرزباناً يكونون على المملكة كلها، وعلى هؤلاء ثلثة وزراء أحدهم دانيال "يراقبون هؤلاء المزراربة – الولاة - ويجمعون منهم الإتاوات.
قد تسألونني، كيف تسنّى لدانيال أن يتسلق لهذا المقام وقد كان على شأن وتعاون مع نظام بابل.. أجل، كان الرجل من البراعة بمكان، فحينما حضر داريوس، خرّ دانيال أمامه ساجداً، وله قائلاً: أنا في خدمتك يا سيدي، فما كنت غير عبد مأمور، ولك فيّ حاجة، فأنا عارف بشؤون المملكة، ولك مني عصارة خبرتي وتجربتي..
كان داريوس محنكاً، يفهم الرجال، فنظر إليه فرآه حسن المنظر، فطابت له نفسه، ومن ثمّ أستخدمه.. وخبره.. ووثق به، حتى أنه "
فكرّ" ذات مرّة " في أن يوليه على المملكة كلها "
ودارت الأيام دورتها، إلى أن جاء كورش إلى سلطة فارس. وقد سار في سياسته على درب سلفه، وأراد أن يبني قواعد ثابتة في أرجاء مملكته، ونظر في خريطتها فرأى أن المناطق الواقعة غرب الفرات تشكّل الجزء الحساس منها، لما فيها من الأراضي الخصيبة ومداخيل التجارة الدولية الوفيرة، ناهيكم عن كون شواطئ المتوسط تطل على الحلقة الأهم من بلاد العالم.. وتوجس شراً على مصيرها، فقرر إعادة تنظيمها وفق قواعد جديدة، ووجد أن خير السبل يتمثل في الاعتماد على لفيف من الأعوان، يختارهم من بين النخب المدربة المقيمة في بابل. وكان هؤلاء يعودون في منابتهم إلى كل البقاع.. جمعهم داريوس ووقف فيهم متكلماً: أيها الأعوان الأعزاء: استدعيتكم كي أروي لكم، ما حدث لي: في أمسي ترآى لي إلهي في منامي، وقال لي، إرسال فرق من أعوانك إلى البلاد الغربية، كي يديروا شؤون الولايات، فليذهب كل منكم إلى خاصته، ويصلي لإله، ويهيئ رحلته إلى منبت أرومته وجدوده، كي يقيم هناك لإدارة شؤون ملته، وسأرسل إلى " المزربان " القائم في أرض المكان لتقديم شتى أنواع الدعم لكم ولذويكم. وهكذا كان.
توقف الراوي هنية، ساحباً نفساً عميقاً من أرجيلته، مرسلاً بصرهإلى البعيد كأنما به قد أخذ يستعيد ذاكرة ما هربت من عاقلته.. وعدّل من جلسته، بعد أن استرد ما فات.. ونظر فيما حوله ووجد مستمعيه يرنون إليه بشوق ولهفة لاستكمال القصة، وقال:
كان من بين الجمع المستمع لكورش، عزرا، وهو تلميذ نابه ذو خيال، تتلمذ منذ حين على يد دانيال،
وأكتسب منه معارفه وطرائقه ومسالكه وفهلويته.. فقرر في نفسه شيئاً على درجة فائقة من الأهمية.. وهمس في قرارة نفسه: هيا يا عزرا فقد هبت رياحك فأغتنمها..
تجمعت فرق الأعوان في دارة السلطان ووزع عليهم كورش العطايا وزودهم بالمراسيم والفرسان. وسارت الركبان إلى هاتيك البلدان.. وكان لعزرا ما كان..
توقف الراوي، وقد أخذ التعب منه كل مأخذ، وقال لمستمعيه، هنا تنتهي هذه الحلقة، فإلى الحلقة الآتية، في الليلة القادمة.. - =(هل تختزل لنا هذه المروية، حقيقة ما جرى.. !!)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل


.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة




.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس


.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا




.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ