الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما لون العناق يا أمي ؟

روزا سيناترا

2024 / 5 / 9
الادب والفن


أحمر؟
أصفر؟
أخضر؟
مثل ألوان الشارة الضوئية
أم مثل الحب شفافٌ ويضحك؟

ما شكلُ العناقِ يا أمي؟
أهو حيّ يرزق ..
يشربُ الماءَ حينَ يعطش؟
يقضمُ تفاحةً حينَ يجوع ؟
وينامُ في سريرهِ مغمضَ العينين
أم أنه بلا ضلوعٍ
مثلُ نافذةٍ على البحر؟

ما رائحةُ العناقِ يا أمي؟
أهو منعشٌ كضحكةِ فتاةٍ
وسط مقهى كله رجال؟
أم منفرٌ مثلُ خوفٍ يمشي أعرجاً
على سكة حديد؟
لقد قابلتُ البارحة شراباً احمرَ غليظ البنية كان يقهقه بصوتٍ عالٍ وينادي عليّ بأعلى صوته:
تعالي.. تعالي
أنا دافئ وستموتين فيّ
لقد صدّقتُهُ يا امي، فشفتاه كانتا جميلتين جداً،
لكنني استيقظتُ في الصباح وكأسي فارغة
كنتُ أعرفُ انه خائنٌ مثل كل “الخفيفين”..
يا لي من سخيفة
كيف لم الحظ الخزانة البيضاءَ ذات الملمس الناعم،
لقد كادت ان تمشي على رجلٍ واحدة وهي تناديني من بعيد..
أفروديت..تعالي..تعالي
أما انا فقد كنتُ انظر اليها،أغمزُها وأقولُ:
“بعيدة عن شواربك”
أريدُ عناقاً بحجمِ السّماء وأنت ذات قامة قصيرة لا تطالُ أوجاعي..

أتعلمين يا أمي أن تغريداً سميناً وقف هذا الصباح فوق حبل غسيلي؟
كان يدّعي أنه عناق وأني لن افلتَ من قبضته “والسما زرقا”..
لم أخف،
لكنني صرتُ اخلعُ الروب الأزرقَ وأجلسُ جوار الشرفة..
رشفةٌ لي ورشفةٌ له
قبلةٌ لي وقبلةٌ له
هكذا يبدأ الصباحُ وردي الوجنتين..
او هكذا ظننت..

ما.. ما طعمُ العناقِ يا أمي؟
أهو حلو مثل قبلة؟
أم غني النكهات مثل الموسيقى؟
إنه من المضحكِ حقاً انني توقفتُ عن مشاهدة “جودي ابوت” مثلما كنتِ تريدينِ دوماً،
ولكنني ما زلتُ اكتبُ الرسائلَ التي لا تصل لأحد
يا امي..
هيا اخبريني..
كيف تحملُ الشجرة ايادٍ عديدة ولا تعانقُ إلا السماء
يا أمي انا احب السماء
ولكني لا اريدُ ان اكونَ شجرة !
أنا احب الروج الوردي وطلاءَ الأظافر الأحمر والعطرَ عند طرفَ الرسغين
وهاتان اليدان اجملُ من ان تتحولا لخشبتين تقفُ عليهما العصافير
أصلاً انا لا اصلحُ لمهمةِ “فزاعةٍ في الحقل”
كل العصافير ستنقرني قُبلاً،
ثم بالله عليكِ يا امي..
هل رأيتِ فزّاعةً جميلةً وتبكي؟

يا امي..
ما شكلُ العناق يا امي؟
أحقاً كما يقولون إن ريشَهُ ابيض وعنقه طويلة وأنه ناعمٌ أكثر من قصيدة؟
لقد علمتني الغناءَ والاحتفاظَ بالسكاكر للذين أحبهم،
علمتني ترك شَعري للريح وقلتِ: إن الريحَ تحبّ الأراجيح الوثيرة ولكنكِ لم تعلميني
كيف يكون الله سعيداً بوحدته !
حسناً..
لديّ من عسل الروح ثلثان
ثلثٌ لمريمَ
وثلثٌ لكِ
ارجوكما يا امي
خبأنهُ لي
فذات ليلة..
ستتوقفُ اصابعي عن اللعب
وسأعودُ إلى إحداكما
بثوبٍ ابيض ابيض
وطعنات كثيرة..

ولكن..
ما طعم “العناق” يا امي؟
حسناً لا تخبريني
سأغمضُ عينيّ
وأروي لي “حكايةَ قبل النوم”
وسأنسى..
سأنسى..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عوام في بحر الكلام -الأغاني المظلومة في مسيرة الشاعر إسماعيل


.. عوام في بحر الكلام - قصة حياة الشاعر الكبير إسماعيل الحبروك




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: الأسطورة الخالدة الأغ


.. عوام في بحر الكلام - ما قاله الكاتب الصحفي منير مطاوع عن الش




.. عوام في بحر الكلام - المناصب التي وصل لها الشاعر إسماعيل الح