الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بروين اعتصامي - ملكة الشعراء

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2024 / 5 / 9
الادب والفن


نشأت بروين اعتصامي، شاعرة إيران الّتي اشتهرت بلقب "ملكّة الشعراء"، في كنف عائلة مثقّفة، حيث تعرّفت منذ صغرها على أفكار الثورة الدستورية والشخصيات الثقافية البارزة. نهلَت بروين معارفها الأدبية من والدها، الشاعر والمترجم ميرزا يوسف اعتصامي، ومن كبار علماء اللغة العربية والفارسية، مثل علي أكبر دهخدا ومحمد تقي بهار. برزت مواهب بروين الاستثنائية في سنّ مبكرة، خاصّة في نظم القصائد القصيرة الجميلة والدقيقة، مستفيدة من ثقافتها الواسعة واطّلاعها على الكتب المترجمة التي كان والدها ينقلها من اللغات الأجنبية (اليونانية، الرومانية، التركية، العربية).
ولدت بروين اعتصامي، واسمهًا الحقيقيّ رخشنده اعتصامي، في مدينة تبريز الإيرانية في السابع عشر من مارس عام 1907، وهي الابنة الوحيدة للشاعر ميرزا يوسف اعتصامي. انتقلت بروين مع عائلتها إلى العاصمة طهران وهي طفلة، حيث تلقت تعليمها في الأدب الفارسي والعربي تحت إشراف والدها. كما استفادت بروين من تعاليم كبار العلماء الذين كانوا يتوافدون على منزل والدها، ممّا أثرى ثقافتها وصقل مواهبها الأدبية.
اكتشفت مواهب بروين الشعرية منذ سنّ الثامنة، خاصّة في نظم القصائد القصيرة المبتكرة. تميّزت بروين بقدرتها الفريدة على استيعاب المعاني العميقة والتعبير عنها بأسلوبٍ مُتقنٍ ولغةٍ غنيةٍ بالصور البيانية.
شكّلت طفولة بروين في ظلّ عائلة مثقّفة وتعرّفها على أفكار الثورة الدستورية روافدَ أساسيةً لشخصيتها ونضجها الفكريّ. كما لعبت الصحف والمجلات الأدبية التي كانت رائجةً في تلك الفترة دورًا مهمًا في تشكيل وعي بروين واهتماماتها، خاصّةً فيما يتعلّق بقضايا حقوق المرأة والعدالة الاجتماعية.
تُعدّ بروين اعتصامي من أبرز شاعرات إيران في القرن العشرين. تميّزت بروين بأسلوبها الشعريّ الفريد الذي يمزج بين الأصالة والمعاصرة، وبقدرتها على التعبير عن مشاعرها وأفكارها بعمقٍ وإتقان. تركت بروين إرثًا أدبيًا غنيًا يُخلّد ذكراها كرمزٍ ثقافيٍّ مضيءٍ في تاريخ إيران.

تميّزت بروين اعتصامي بأسلوبٍ شعريٍّ فريدٍ يمزج بين الأصالة والمعاصرة. حرصت بروين على إيجاد صوتها الخاصّ، متجنّبةً التقليد والتّكرار. سعت بروين جاهدةً للتعبير عن مشاعرها وأفكارها بصدقٍ وإخلاصٍ، مستخدمةً لغةً غنيةً وصورًا بيانيةً مُبتكرة.
تقول بروين عن نفسها إنّها "وجدت طريقها الخاصّ". تميّز شعرها بصدقِ التعبير وعمقِ المعنى، ممّا جعلها تتربّع على عرش الشعر النسائيّ في إيران. حرصت بروين على تجنب استخدام كلمات الآخرين في أعمالها، واعتمدت بشكلٍ أساسيّ على أفكارها ومشاعرها الخاصّة. حتّى في القصائد التي تبدو وكأنّها ترجمةٌ أو اقتباسٌ من شعرٍ أجنبيّ، تُضفي بروين لمستها الخاصّة وتُعبّر عن أفكارها بطريقةٍ فريدةٍ لا تدع مجالًا للشكّ في أصالةِ إبداعها.
تميّز شعر بروين أيضًا من الناحية اللغوية والفنية. يقول الأستاذ محمد قزويني: "إنّ الجانب اللافت للانتباه في شعر السيّدة بروين اعتصامي هو أبعاده اللغوية والفنية. فجميعنا يعلم أنّ شعرها ليس فطريًا، بل هو نتاج سنواتٍ من الدراسة والتعلّم والتواصل مع العلماء والمثقّفين. ونظرًا للظروف الاجتماعية التي كانت سائدةً في إيران آنذاك، كان من الصعب على النساء تحقيق مثل هذا المستوى من الإتقان."
تتميّز بروين بقدرتها الفريدة على التعبير عن الأفكار الجديدة بطريقةٍ مُقنعةٍ وجذّابة، مستخدمةً الأشكال التقليدية للشعر الفارسيّ. وتنوّعت موضوعات شعرها لتشمل مختلف جوانب الحياة، كأنّه حديقةٌ غنّاءٌ تُنعش الروح وتُلامس المشاعر. لا يقتصر شعر بروين على وصفِ الأحداث أو التعبير عن مشاعرها الشخصية، بل يتعدّى ذلك ليشملُ قضايا أخلاقية واجتماعية هامّة. فهو شعرٌ يهدف إلى تهذيب النفس وتنمية القيم الإنسانية، ويُعبّر عن مشاعر الحبّ والعاطفة، والذكاء، والسعي، والعمل.

تُعدّ بروين اعتصامي من أبرز شاعرات إيران في القرن العشرين. تميّزت بروين بأسلوبها الشعريّ الفريد الذي يمزج بين الأصالة والمعاصرة، وبقدرتها على التعبير عن مشاعرها وأفكارها بعمقٍ وإتقان. تركت بروين إرثًا أدبيًا غنيًا يُخلّد ذكراها كرمزٍ ثقافيٍّ مضيءٍ في تاريخ إيران.

دورُ الأبّ المحوريّ في نجاح بروين اعتصامي
لم يكن تفوّق "ملكّة الشعراء"، وليدَ موهبةٍ فذّةٍ فحسب، بل كان نتاجَ تضافرِ عواملَ عديدةٍ، أهمّها:
• استعدادها الفطريّ: تميّزت بروين منذ صغرها بذكاءٍ استثنائيٍّ وموهبةٍ شعريةٍ فريدةٍ.
• تربيةُ والدها: لعب والدها، الشاعرُ والمترجمُ ميرزا يوسف اعتصامي، دورًا محوريًا في تنميةِ مواهبِ ابنتهِ وتوجيهِها نحوَ دربِ الإبداعِ الأدبيّ. ففي زمنٍ كانت فيهِ فرصُ التّعليمِ مُغلقةً أمامَ النساءِ في إيران، حرصَ ميرزا يوسف على توفيرِ أفضلِ تعليمٍ لابنتهِ، ممّا مكّنها من تطويرِ مهاراتها اللغويةِ والأدبيةِ واكتسابِ المعارفِ والثقافاتِ المُتنوّعةِ.
• دعمُ العائلةِ والمجتمعِ: حظيت بروين بدعمٍ كبيرٍ من عائلتها ومجتمعها، ممّا ساعدها على التغلّبِ على الصعوباتِ التي واجهتها في طريقها نحوَ النجاحِ.

دورُ بروين في التّوعيةِ بقضايا المرأةِ:
لم تقتصرْ إنجازاتُ بروين اعتصامي على المجالِ الأدبيّ فحسب، بل تعدّتْ ذلك لتشملَ قضايا المرأةِ والعدالةِ الاجتماعيةِ. فقد كانت بروين من أوائلِ النّساءِ الّلواتي دافعنَ عن حقّ المرأةِ في التّعليمِ والعملِ والمشاركةِ في الحياةِ العامةِ.
تُظهرُ أقوالُ بروين وكتاباتها إيمانها العميقِ بأهميةِ دورِ المرأةِ في المجتمعِ. ففي خطابٍ لها بعنوانِ "المرأةُ والتاريخ"، ألقتْهُ في حفلِ تخرّجها من المدرسةِ الأمريكيةِ للبناتِ في طهران عامَ ١٩٢٤، عبّرت بروين عن إيمانها بحقّ المرأةِ في الحريةِ والمساواةِ، وشدّدتْ على أهميةِ التّعليمِ كعاملٍ أساسيٍّ في تحسينِ أوضاعِ المرأةِ في الشرقِ.
تأثير والدها، يوسف اعتصامي:
كان والد پروین، يوسف اعتصامي، شاعرًا ومترجمًا بارزًا في إيران. لعبت أعمال والده، وخاصة ترجماته، دورًا هامًا في تشكيل أفكار پروین حول قضايا المرأة. اهتم اعتصامي بترجمة النصوص المتعلقة بحقوق المرأة من اللغات التركية والعربية والفرنسية. نشر اعتصامي مجلة اسمها "بهار" خصصها لنشر ترجماته ونصوصه حول قضايا المرأة. ضمنت مجلة "بهار" مقالات تدعو إلى تحسين وضع المرأة وتعليمها، مثل مقال "رأي جول سيمون: الإصلاح الحقيقي" ومقال "اختراعات المرأة".
البيئة الثقافية:

نشأت پروین في بيئة ثقافية غنية شجعت على القراءة والكتابة. كانت عائلتها مهتمة بالشعر والأدب، مما أثر على اهتمامات پروین الأدبية. عاشت پروین في فترة شهدت تحولات اجتماعية وثقافية هامة في إيران، بما في ذلك حركة المطالبة بحقوق المرأة. تأثرت پروین بهذه التحولات وجعلتها موضوعًا رئيسيًا في كتاباتها.

تجسّدتْ أفكارُ بروين حولَ المرأةِ بوضوحٍ في شعرها، حيثُ خصّصتْ العديدَ من قصائدها للتّعبيرِ عن معاناةِ المرأةِ الشرقيةِ وحلمها بالحريةِ والعدالةِ.
ففي قصيدةِ "نهالُ الأُمنيةِ"، الّتي ألقتْها بروين في حفلِ تخرّجها، عبّرتْ عن إيمانها بقدرةِ المرأةِ على تحقيقِ أحلامها وتغييرِ واقعها من خلالِ التّعليمِ والعملِ.
لم يلقَ هذا الشّعرُ قبولًا من قبلِ المجتمعِ المحافظِ في ذلك الوقتِ، ممّا دفعَ والدها إلى الامتناعِ عن نشرهِ في الدّيوانِ الأوّلِ من أشعارِ بروين.
تُعدّ بروين اعتصامي رمزًا هامًا للنّضالِ من أجلِ حقوقِ المرأةِ في إيرانِ. فقد ساهمتْ إبداعاتُها الأدبيةُ وأفكارُها التّنويريةُ في دفعِ عجلةِ التّغييرِ الاجتماعيّ وتحسينِ أوضاعِ المرأةِ في بلادها.

حلم بروين بتوفير التعليم للجميع

لم تقتصرْ أفكارُ بروين اعتصامي على التّعبيرِ عن مشاعرِ المرأةِ وأحلامها فحسب، بل تعدّتْ ذلك لتشملَ قضايا التعليمَ والعدالةَ الاجتماعيةَ. فقد كانت بروين من أشدّ الدّاعمينَ لحقّ الجميعِ في التّعليمِ، بغضّ النظرِ عن الجنسِ أو الطبقةِ الاجتماعيةِ.
تُعبّرُ قصيدةُ بروين "المرأةُ في إيران" عن رؤيتها المثاليةِ لمجتمعٍ عادلٍ يتساوى فيهِ الجميعُ في حقّهم في التّعليمِ والمعرفةِ. وتُصوّرُ بروين في هذه القصيدةِ واقعَ المرأةِ الإيرانيةِ في ذلك الوقتِ، حيثُ كانت تُحرمُ من أبسطِ الحقوقِ، بما في ذلك حقّها في التّعليمِ. كما ترى بروين أنّ جهلَ المرأةِ هو أحدُ الأسبابِ الرئيسةِ لمعاناتها، وأنّ التّعليمَ هو السبيلُ الوحيدُ لتحريرِها من قيودِ التّخلّفِ والظلمِ.

تُؤكّدُ بروين على دورِ المرأةِ المحوريّ في بناءِ المجتمعِ، فهي الرّكيزةُ الأساسيةُ لتربيةِ الأجيالِ القادمةِ وغرسِ القيمِ والمبادئِ السّليمةِ في نفوسِهم. وتُشبّهُ بروين المرأةَ بالمعلّمةِ الّتي تُنيرُ دروبَ الحياةِ وتُنشرُ الحبّ والخيرَ في العالمِ.
وتُشدّدُ بروين على أهميةِ المساواةِ بينَ الرّجلِ والمرأةِ، فكلاهما متساوٍ في إنسانيّتهِ وكرامتهِ، ولا يمكنُ تحقيقُ التقدّمِ والازدهارِ إلاّ من خلالِ تعاونهما وتكاملهما.
عايشتْ بروين بنفسها قيودَ المجتمعِ على المرأةِ في ذلك الوقتِ. فقد واجهتْ معارضةَ والدها لنشرِ ديوانِ شعرها قبلَ زواجها، خوفًا من أن يُسيءَ المجتمعُ فهمَ نواياها.
تُعدّ بروين اعتصامي رمزًا هامًا للنّضالِ من أجلِ حقوقِ المرأةِ والعدالةِ الاجتماعيةِ في إيرانِ. فقد ساهمتْ إبداعاتُها الأدبيةُ وأفكارُها التّنويريةُ في دفعِ عجلةِ التّغييرِ الاجتماعيّ وتحسينِ أوضاعِ المرأةِ في بلادها.

تأثير العوامل السياسية والاجتماعية على شعر بروين اعتصامي:
عاشت بروين اعتصامي خلال فترة عصيبة من تاريخ إيران، تميزت بتغيرات سياسية واجتماعية عميقة. وقد انعكست هذه الأحداث على شعرها بشكل واضح، حيث تناولت العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية التي شغلت بال الشعب الإيراني في تلك الحقبة.
• الثورة الدستورية: شهدت بروين اعتصامي ثورة 1905-1911، والتي أدت إلى تأسيس برلمان (مجلس) وإرساء دستور.
o انعكست مشاعر الأمل والتفاؤل التي رافقت الثورة في بعض قصائدها، مثل قصيدة "بهار آزادی" (ربيع الحرية).
o لكن سرعان ما تحولت مشاعرها إلى خيبة أمل عندما واجهت الثورة العديد من التحديات، مثل التدخل الأجنبي والانقلابات العسكرية.
o عكست قصائدها مثل "گریه وطن" (بكاء الوطن) و"ایران من" ( إيران بلادي) قلقها على مستقبل بلادها.
• الاستبداد والفساد: عانت إيران من فترات طويلة من الاستبداد والفساد، خاصةً خلال حكم رضا شاه.
o انتقدت بروين اعتصامي هذه الممارسات في العديد من قصائدها، مثل "شاهنامه" (ملحمة الملوك) و"ظلم ظالم" (ظلم الظالم).
o دعت إلى العدالة والمساواة، ونادت بحقوق الإنسان، خاصةً حقوق المرأة.
• التحديث والتغريب: سعى رضا شاه إلى تحديث إيران من خلال إصلاحات اجتماعية واقتصادية، لكن هذه الإصلاحات رافقتها ظاهرة التغريب، حيث تم الترويج للقيم والثقافة الغربية على حساب القيم والتقاليد الإيرانية.
o انتقدت بروين اعتصامي بعض مظاهر التغريب، مثل تقليد الأجانب في الملبس والسلوك، في قصائد مثل "تقلید فرنگی" (تقليد الأجانب).
o لكنها دعت أيضًا إلى الانفتاح على العالم الخارجي والاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي، مع الحفاظ على الهوية الثقافية الإيرانية.
تأثير شعر بروين اعتصامي:
• لعب شعر بروين اعتصامي دورًا هامًا في توعية الشعب الإيراني بالقضايا الاجتماعية والسياسية، ونشر أفكار التنوير والعدالة والمساواة.
• ألهمت قصائدها العديد من الإيرانيين، خاصةً النساء، للمطالبة بحقوقهم والدفاع عن مصالحهم.
• لا تزال قصائدها تُقرأ وتُدرس حتى يومنا هذا، وتُعتبر من أهم الأعمال الأدبية في تاريخ إيران الحديث.

أيتها الزهرة، ماذا جنيتِ في حديقة الورود؟
سوى اللوم، والعتاب، والشوك، والعذاب؟
ويا ياقوتة القلب رغم كل اشراقتك
ماذا رأيت سوى الحبس، أيها الطائر الأسير؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل


.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة




.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس


.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا




.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ