الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة مصالح وليست مبادئ

محمد العرجوني
كاتب

(Mohammed El Arjouni)

2024 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


في الحديث عن السياسة، لا يمكن التغاضي عما توصل إليه الفيلسوف نيكولا ماكيافل بفضل تجاربه كديبلوماسي إيطالي في عصر النهضة حيث توصل إلى هذه الملاحظة المهمة: "في السياسة، نادرا ما يكون الخيار ما بين الخير والشر، لكن ما بين الأسوأ وأهون الشرين.". فكل نصائحه للأمير، إذا صح التعبير، برهنت عليها كل التجارب السابقة واللاحقة، وكأنه تمكن من فك شفرة سر الحياة في تدبير الشؤون بين الناس، حيث السياسة هي التدبير الأساسي الذي تعتمده التجمعات التي أسست ما يسمى بالدول، سواء داخلها أو فيما بينها. وهكذا أصبحت السياسة كاستراتيجية مبنية على علاقة تتم ما بين القوة والسلطة و التنافس و الاكتساحات، حيث المصلحة تطغى على كل الأخلاق والمبادئ التي قيل عنها بأنها إنسانية.
وما نعيشه حاليا من خلال سياسة كيان صهيوني مستعمر لفلسطين برعاية من الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، تنطبق عليه مقولة ماكيافل.
فمن جهة هناك مبدأ الأخلاق، أي الخير الذي يتمناه محبو السلام ومن يدافعون عن الفلسطينيين وعن حقهم في استرجاع بلدهم. وهو بطبيعة الحال إحساس كل الشعوب التي اطلعت بفضل وسائل الاتصال على الحقيقة التي كانت غائبة عنهم منذ 48. ما عدا من تم شحنهم بالشر. ومن جهة أخرى هناك السياسيون الغربيون وغيرهم الذين يغلبون المصلحة على المبادئ. وهنا لابد من الإشارة إلى أن الغرب وقع، كما دائما بسبب السياسة في تناقضات منذ ما سمي بعصر الأنوار. وما يلاحظ وهو أن الفكر الحر المدافع عن المبادئ والقيم الإنسانية، في تصادم دائم مع السياسة. وتظل السياسة تستميل المفكرين لصالحها. لهذا، حتى في بداية العصر التنويري، لاحظنا أن تلك الحقوق التي تحدث عنها كونها عالمية، لم تتعد حدود الغرب، بل عمقت مركزية الغرب. لهذا رأينا انتشار الظلم وانتشار الرق وتطور الاستعمار بسبب السياسيين، الذين استمالوا أغلب مفكري تلك الحقبة، بل وانخرطوا في تلك السياسة المهيمنة والمهينة للشعوب المغلوبة على أمرها، فتعرض من بين التنويريين الذين لم يخضعوا للسياسة، لكل أنواع القمع. ومن غير سرد تاريخي معروف بفضائحه ضد الهنود الحمر أو سكان استراليا الأولين، نقول بأن هذا القمع الذي يعبر عن تناقض السياسيين الغربيين، نعيشه حاليا مع القمع الذي يتعرض إليه كل مناصري القضية الفلسطينية في الغرب، وخاصة الطلبة في أمريكا. تناقض يعكس شر سياسة الولايات المتحدة، والغرب. هذا الغرب الذي يتخذ من مبدأ حقوق الإنسان عصا يهدد بها الدول التي في نظره، عن حق أو باطل، لا تحترمها، هو نفسه لا يحترم حق الاحتجاج السلمي للطلبة الذين يمثلون الخير، ما دام هو مالك العصا وليس هناك من  يهش عليه. الشر إذن هو المنتصر لدى مسؤولي الغرب، كما عبر عنه كل مترشح للرئاسة، خاصة داخل الحزبين الرئيسين، بالولايات المتحدة مثلا، مشجعين الكيان الصهيوني على جرائمه ضد شعب فلسطيني أعزل، غير آبهين بانتفاضة ومعارضة شعوبهم لسياستهم المبنية على الشر.
وأخيرا وجب الانتباه إلى أن انتفاضة الشعوب الغربية تعبير على وعي إنساني، عكس ما ذهب إليه الكاتب إريتش فراوم، إذا كان يقصد الشعوب، حينما اعتبر "الإنسان الحديث بمثابة آلة للإنتاج والاستهلاك" أي أنه بدون شعور. لكن ملاحظته تنطبق على السياسين. هم من تنطبق عليهم فكرة الآلة التي تشتغل حسب المصالح بدون شعور إنساني، لتؤكد ما ذهب إليه ماكيافيل..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هو محمد مخبر الذي سيتولى رئاسة إيران موقتا بعد وفاة رئيسي


.. فرق الإنقاذ تنقل جثامين الرئيس الإيراني ورفاقه من موقع تحطم




.. هل ستكون لدى النائب الأول للرئيس صلاحيات الرئيس رئيسي؟


.. مجلس صيانة الدستور: الرئيس المقبل سيتولى مهام الرئاسة لأربع




.. ماذا سيختل بغياب الرئيس رئيسي عن السلطة؟