الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس ثقافية وسياسية 164

آرام كربيت

2024 / 5 / 10
الادب والفن


السياسية والدولة
السياسة لا تمنح الناس الحرية كما يظنون، بل العكس هو الصحيح، أنها تؤطرهم ضمن مجموعة منظمة، تتناسق، وتنتظم في جهاز أسمه الدولة.
وهذه الأخيرة، تعيد تكوينهم، قولبتهم، أي أفرغهم في قالب كي يضفي عليهم شكلًا وأبعادا محددة، أي إعادة إنتاجهم ضمن قوانينها وأنظمتها ودستورها، ليتحولوا إلى صيصان مدجنة.
لهذا ففهم الحرية من منظور سياسي يجب أن يكون معرفيًا، والعمل على تطوير أدوات البحث لتحسين شروط وجود الناس، وعيشهم بأقل الخسائر.
في النظام الرأسمالي لا يوجد ثورة حقيقية عليه من خارجه، ولا عليه من داخله.
الثورات عليه تطوروه، تطور أدواته عمله، وتدفعه للسير إلى الأمام، بسبب افتقاد الواقع للبيئة أو البنية المفهومية أو المعرفية للتمرد عليه، ولعجز الواقع العملي أو الموضوعي على إنتاج واقع جديد يتغلب عليه.
وكل من طرح فكرة الخروج عن النظام أو على النظام مني بالهزائم الكارثية، سواء كان ماركس أو لينين أو بليخانوف أو كاوتسكي، أو غيرهم.
كل ما فعلته الثورات عبر التاريخ/ التغيير/ أنها حسنت أو نكصت شروط القوى الفاعلة فيه، أي النخبة، ليس إلا.

الفراشة
الفراشة التي كانت في يدي لم تتحمل الرقة والجمال الذي كانت تتمتع بهما، حاولت الإمساك بها قبل أن تهجرني، وتبتعد، بيد أنها فضلت الاحتراق في النار.
إراة الموت كان أقوى لديها.
رأيت جسدها المحترق يذبل ويذوب ويتلاشى في يدي. حضنت ما تبقى منها إلى أن غاب كل شيء وتناثر في الفضاء والضوء.
وقفت وحدي في وسط الطريق، التفت حولي، بكيت بحرقة على قدرة الحياة والزمن على تغييب الجمال الذي خلقه وبدده في لحظة سريعة وعابرة

تساؤل
يتساءل الأصدقاء:
لماذا لا نهتم بالزعماء الغربيين عندما نراهم وجهًا لوجه، ونحن بينهم، نعيش في كنفهم، بينما يأخذنا الحماس والتصفق والرقص لزعماءنا عندما نراهم، وبسببهم هربنا من بلادنا، من ظلمهم واضطهادهم لنا، ولجاءنا إلى بلاد الغرب؟
السؤال مشروع ومهم، ويمكننا الرد على ذلك، لأننا نرى في الزعيم، الملك أو الرئيس، الحاكم على أنه ممثل الله على الأرض، لأنه نتاج المقدس المعشعش في عقولنا منذ آلاف السنين، لم يخرج منّا أبدًا، لا في الليل ولا في النهار، لا في الحلم ولا في الواقع.
عندما نكون في بلادنا يأتينا الله بعباءته القديمة، نسجد له في سرنا وفي العلن، وعندما نعود إلى الغرب، نخلع العباءة، نرميها خلفنا مؤقتًا، بيد أن العين تبقى مسمرة عليه، عندما نعود إلى غربتنا.

التوجيه
التوجيه الذي يسبق الفعل، هو قمع، بداية خضوع. هذا التوجيه ليس نابعًا من ذاتك، جاءك من سلطة أعلى، ردعك، منعك أن تقدم على شيء تحبه وتريده.
حولك هذا التوجيه إلى عبد ممتثل للأوامر، قتل فيك، في ذاتك الإرادة الحرة الخيرة والرفض.
تبدأ حياتك بكتل هائلة من القمع، لا تسرق، لا تكذب، لا تزني.
قرار قتلك بدأ بأمر، أنت مقتول، أنت لا حر، قتلوا البراءة والجمال والحرية في داخلك، وحولوك إلى مجرد منفذ أو عبد، لا مشكلة.
بدأت حياتك كآلة، كشيء، كمنفذ لسلوك عام مسبق الصنع، أن تمتثل لرغبات الأخر، للماضي السحيق، كجزء من أوامر تخترق النفس البشرية منذ أول بصمة له في هذه الحياة.
عندما تموت رغباتك الطبيعية وتتحول إلى جزء من رغباتك الأخرين، إلى قانون ومؤسسة نافذة تكون قد مت.
عندما تعلم أبنك، طفلك السلوك القويم، في ذات الوقت، تحوله إلى تابع، تقتل فيه حرية أخذ القرار.
أبنك الجميل، جميل من خارجه، بيد أنه مدجن، عالي الأخلاق من خارجه، هذا الجميل، ليس إلا كائن مسكين لا حول له ولا قوة
أيها الكائن السعيد، أنت عبد سعيد.

الحرية الممأسسة
الحرية الممأسسة لا تعني إلا استلابًا. ولا حرية عندما تكون تحت رقابة السلطة أو الدولة.
ومهما كان هناك علاقة بين الحرية والوعي، إلا أننا لا يمكن أن نتجاوز الواقع الذي يشدنا إلى تحت.
هل الحرية تعني الأنا الأعلى في صدام مع الطبيعة والآخرين؟
هل الحرية تعني الإنسان فقط، أم تعني الإنسان والطبيعة معًا؟
تكتمل الحرية عندما يساوي الإنسان الطبيعة بنفسه. والمدخل إلى الحرية يبدأ من حب الطبيعة واحترامها واحترام كائناتها؟
وإنه، كلما زاد الإنسان توحشًا زاد عبودية؟

إننا نتاجة ثقافة
إننا نتاج ثقافة متمركزة حول السلطة، بشدة، في بيئة حاضنة له، عمل المسار التاريخي على رفده وتشييده ودفعه للبقاء آلاف السنين.
إلى الأن لم نستطع تفكيك هذه الثقافة، ولا تليين مساراتها المعقدة والملتوية. ولم يستطع هذا العصر بكل غناه الاقتصادي والسياسي والثقافي والفكري أن يزحزحنا من موقعنا. هذه العطالة المعاصرة، نتاج عطالة المسار التاريخي لمنطقتنا، وتمركز السلطة حول الفرد، الأنا في أسوأ أشكاله.
الكثير منهم يتماهى مع الله أو الحاكم أو رئيس العشيرة أو القبلية أو القومية أو الدين، أو الملك إلى درجة الاندغام في ذات الأخرين دون رقابة ذاتية حسية أو معنوية أو حدود يحد من حركته.
يقول البعض منهم، أن نبيه موجود في الوجود قبل الوجود، أي أنه طائر يرفرف فوق الكون، يغني ويرقص ويسبح ويعشق ويمارس الموبقات الدنيوية المجسدة.
فما دام الجاهل يطير دون ضوابط، فهو قادر على خلق عوالم من خيال وسراب ووهم ويبثها في كل مكان.
وهذا حال كتل بشرية هائلة على هذه الأرض، ينشرون الخراب وينثرون التلوث والأمراض في الماء والسماء والأرض ويصفقون.

العلاقات الاجتماعية في عصرنا لها طابع سياسي
إن العلاقات في هذا العصر لها طابع سياسي بحت، والسمة الأبرز لها هو التنظيم. وأشكال التنظيم متعددة، أحزاب أو جميعات أو نوادي أو نقابات، أي، الذي يقبع تحت السياسي، لتبقى الأمور تحت تأثير السياسي الرئيسي وتمسكه بكل مفاصل الدولة.
ومن خلال انتظامك في أحد هذه الأشكال، يمكنك أن تكون قوة منظمة ضاغطة، تملي قناعاتك ومواقفك.
لهذا سعت الدول عبر التاريخ، بكل ما فيها من قوة وجهد على تفكيك التنظيم، وفكفكة العلاقات، المجتمع المدني، بين الناس سواء إنسانية أو اجتماعية أو سياسية لتنفرد بكل واحد على حدا وتمزقه.
اليهود منذ زمن بعيد استطاعوا أن ينظموا أنفسهم في علاقاتهم سياسية ومالية واجتماعية متماسكة، واشتغلوا بالتقية. وبعد أن تمكنوا فرضوا أنفسهم كثقل سياسي ومالي وسلطة، ببعد دولي على غيرهم، وربما الأرمن أيضاً إلى حد ما، وهذا ما يميزهما عن غيرهم.
وما يميزنا سلبًا عن غيرنا، كشرق أوسطيين، كرهنا للتنظيم. كرهنا في ترتيب علاقاتنا ببعضنا.
ولعب الاستبداد السياسي والاجتماعي دورًا كبيرًا في هذا المنحى، بعد أن حول علاقاتنا إلى علاقات مشوهة تسير تحت الوحل.

كن أنت
لا تأخذ دور الضحيه، ستمتهن هذا الدور بل سترتديه، وسيصبح جزءا من تكوينك النفسي والعقلي، ولن تكف عن البكاء على نفسك، وستتماهى مع ذاتك المهزومة.
كن قويًا، ابتعد عن ردات الفعل، والحماقة.
النفس الإنسانية مثل الإناء املاءها بالروح الوثابة، بالغنى والفرح، بالحلم والأمل.
"عندما يأخذ الإنسان دور الضحيه. فأنه لايستطيع أن يأخذ زمام المبادرة، أو يخطو خطوة واحده إلى الأمام".

الفن
الفن يا ولدي يحتاج إلى بيئة خضراء، وأنهار وبحار وجبال وزهر وورد وأشجار وأعشاب تتلقف المطر من السماء وتحوله إلى حياة راعشة.
وإلى الإنسان المبدع الجميل الخلاق.
ـ ما تقوله جميل يا أبي. وماذا أيضًا؟
ـ يلتقط الفنان هذا الجمال وينحته في الصخر، وعلى الصخر يرسمه وينقشه ويدونه ويكتبه كإشارة على وجود الجمال، ومرور الإنسان على هذه البقعة من الأرض.
يحول الصخر إلى امرأة عارية، والشجر إلى آلهة والمكان إلى معابد ومسارح وأغنيات.
في الفن تتجمل الحياة وتخفف من الحمولة الوجودية الواقعة علينا.
من يحتقر الفن والموسيقى ليس ابن الحياة، إنه وحش في قلبه ذئب مفترس يتحين الوقت ليمزق من يقع تحت يديه.

الكرد
الأكراد ليس لهم تاريخ، التاريخ مرتبط بالدولة.
ولا تاريخ دون دولة.
كانوا عشائر وقبائل في الدول التي عاشوا في كنفها، لكنهم لم يبنوا لأنفسهم دولة مركزية.
أنهم موجودين على الأرض بملايين الناس، هذه حقيقة لا يمكن نكرانها، وهذه الملايين تستطيع أن تضع نصب عينيها ما تستطيع الحصول عليه.
المهم أن يرتق فكرهم إلى المستوى الذي يناسب الظروف الموضوعية في البلدان التي يعيشونها عليها.
ظروفهم الذاتية يجب أن تتناسب مع ظروفهم الموضوعية.

تطور الأديان
اعتقد أن تطور الأديان تناسق وتناغم مع تطور الدولة وتوحشها، وتوسعها ولحاجتها للقبض على الدولة والمجتمع بقبضة من حديد.
الأديان التي كانت تسمى وثنية لم يكن لها مركزية، انتماء مركزي.
تعدد الآلهة، وغياب الأب المركزي لم يكن في صالح الدولة الشمولية الاستبدادية المتطورة المحتاجة إلى السيطرة المباشرة والسريعة على آلاف الملفات والقضايا الشائكة.
مركزية السلطة وهجينها، الدولة، كان يحتاج إلى أيديولوجية يمنحها صك الغفران لكل ممارساتها القميئة، فالدولة دون أيديولوجية لا دولة، مجرد مجموع من قطع الطرق يقودها قاطع طريق، مجرم.
الأديان السماوية، بمركزية الإله المتوحش، منحت السلطة المبرر الاخلاقي للتوسع والسيطرة المطلقة على كل من يفكر في الخروج من تحت جناحيها أو عليها.
ولدى هذه الأديان السماوية مخالب مسمومة، أفكار مسمومة ترجم كل من يخالف توجهها وفكرها وسياساتها تحت بند كافر أو ملحد زنديق أو مهرطق أو غيره.
لم تأت الأديان السماوية من أجل الأخلاق أو الخير أو العبادة أو المحبة والعدالة أو الحرية، جاءت لنشر العبودية والذل والخضوع للسلطان الحاكم بأمره.
الإله الواحد يعني دكتاتور واحد، جلاد واحد.
من الممكن أن نستبدل الإله بأيديولوجيات أخرى، والأدلة على قفا من يشيل.

نحن رهينة الخداع
الكثير منّا رهينة الخداع الذاتي، يتصرف دون إدراك منه، إن ما يفعله قائم على إرضاء الآخر بدلاً من ذاته.
إنه يعمل من أجل أن يتلقى استحسان الآخرين وتصفيقهم، وعندما يشبع من هذه المظاهر الكاذبة المخادعة، يكتشف أن الرغبات لم تكن جزءً من رغبة داخلية أو حاجة تفرضها الغاية الذاتية، إنما حاجة خارجية.
أغلبنا يعيش هذا التشويش، بين إرضاء الغايات الحقيقية أو تلبية حاجات جنون العظمة القابع في أعماقنا.
الأصيل وحده هو الذي لا يهمه ربت الآخرين على كتفه، إنما العمل الجاد على تلبية قناعة داخلية أصيلة كامنة في داخله.

البطريرك
قابل البطريرك، حدثه عن عشقه وهواياته وحاجته للدراسة والبحث، وممارسة هذه الفنون وتطبيقها على الكنائس الأرمنية، وحاجته الماسة لإعارة بعض الكتاب من مكتبة المطرانية أو ما تقع تحت يديه لمدة عام.
شرح له عن الرسوم الموغلة في القدم على الجدران الخارجية والداخلية للمعابد والكاتدرائيات الوثنية واستمرارها وتداخلها في المسيحية.
وإن الفن علاقة استمرارية وتصاعدية بين الأنا والآخر. وعلاقة الرسم بالمسرح والنحت والموسيقى في قصور الملوك والأباطرة، وفي الملاعب الرياضية والمعابد.
وقفا وجهًا لوجه أمام الصمت على مسافة عدة أمتار من بحر فان، يستمتعان بمشاهد جبل فان والأكاليل الثلجية التي تغطي قمته، وصفاء الطبيعة وحرارة الشمس الربيعية.
دقق البطريرك في وجه خاجيك مليًا، ثم رفع رأسه، ومال عنه بعيدًا. ومد نظره باتجاه كنيسة فان، ونطق عدة كلمات:
ـ أكمل يا ولدي، أكمل، أنني أصغي السمع.
ـ شفغي يا نيافة البطريرك أن أرسخ هذا الجمال والبهاء على الأبنية الصلبة التي تتحمل قسوة الطبيعة، وتقلبات الزمن من زلازل وبرد وحر. أرغب في نحت بعض التماثيل للآلهة الذين كانوا في الزمن الغابر، والذي طواها الزمن.
باستغراب ودهشة، سأل:
ـ أين درست وتعلمت فن الرسم والنحت؟ كما ترى هذه المنطقة محروقة من قبل الحكومة. ولماذا الآلهة في الزمن الغابر؟ لدينا السيد المسيح ومريم العذراء تستطيع أن تنحت لهما تماثيل جميلة وتلونهما. وأوعدك أنني سأضعهما في كنيسة ايجميازين المنحوتة من صخرة واحدة. بارك الله فيك يا بني. ما زلت شابًا وسيمًا والحياة مفتوحة أمامك.
ـ نما هذا الحب في قلبي منذ الخطوات الأولى من حياتي. سافرت إلى ايطاليا لدراسة الفن، بيد أن أجواء الحرب العالمية أرخت بظلالها على هذه البلاد، لهذا عدت بسرعة قبل أن يتم استدعائي. جئت لزيارة أهلي في استانبول، وها أنا أنتظر علّ الحرب تتوقف. وأنتظر الوقت لأفتحه على مسارات كثيرة. سأرسم وأنحت في هذا الوقت، وفي المستقبل، سأخذ أعمالي وأذهب بهم إلى فلورانسا عاصمة الفن في إيطاليا.
ـ أنت رائع يا بني، بارك الله بك وبموهبتك. الموهبة عطاء من الله.
ـ إن الفن في دمي يا سيدنا، عشقه ولد مع عشقي للحياة. جئت إلى ديار بكر قبل أسبوعين في زيارة لبيت عمي وذهبت إلى ساسون في زيارة لخالتي ولباتمان لزيارة عمي مانوك.
في كنيستنا في مدينة باتمان، صنعنا منصة خاصة للآلات الموسيقية، وقف عليها صديقاي كربيس وانترانيك مرات كثيرة يعزفان على الآلات الوترية كالسنطور والتار. جلبنا إليها آلات القرع البرونزية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين قبل الميلاد. آلات العبادة صنعت من أجل أبعاد الشر والأرواح الشريرة من قبل الكهنة. ولدينا الكثير من الأشكال الخزفية على شكل قمع أو الشبه دائري، ربما لعبا بدور الدفوف.
شعر البطريرك بالغبطة والفرح بحضور خاجيك واهتماماته.
ـ وماذا لديك في هذه الفترة بالذات؟
ـ اتفقت مع القسيس زارا قبل أشهر على فتح مدرسة خاصة للأطفال الصغار. كما تعلم أن المسلمين لا يرسلون أطفالهم إلى المدارس لتعلم الفن والموسيقى والنحت في هذه المنطقة من العالم، لهذا أصبحت هذه المدرسة الخاصة خاصة بأطفالنا الأرمن.
ساعدني في تدريس فن الرسم والنحت الصديقان أنترانيك والعازف الموهوب كربيس. علمنا أطفالنا العزف على الآلات النفخية خاصة المزمار والناي القديم الذي يعود تاريخهما إلى الآلف الأول والثالث قبل الميلاد وارتباطه بالوعي الموسيقي للمجتمع في ذلك الوقت.
ـ والدودوك؟
ـ والدودوك. ولدينا مزامير اسطورية ذوات الأربع أبواق. والفيثارة، آلة العزف الوترية على شكل طاسة، وحزمة من مختلف الآلات الوترية كالكمان القديم الذي كان يحملها الجوالون الزجالون في رحيلهم، وأثناء قراءتهم للقصائد الدينية على المسارح أو في الهواء الطلق.
إننا نستنطق التاريخ، نستخرج منه ما هو المخبأ والدفين، ونعلم الصغار هذا الجمال النابع من الطبيعة، وعلاقته بالإنسان المحب للجمال والطبيعة والحياة.
علمناهم أن المجموعات الاساسية للآلات الموسيقية هي النفخ والنقر والوتر على درجة عالية من التطور في الزمن الوثني العظيم.
الآلة الموسيقية تطور نفسها بنفسها فتنتج آلات جديدة، وتقترب من شغف الإنسان في البحث عن الخلود.
إن الموسيقى والأغاني تعكس الحالة النفسية للناس وبناءهم الداخلي وحياتهم اليومية. إنها روح الناس في بقعة ما من هذه الأرض، وتتقاطع مع شعب آخر، تمشي معه وتأخذ بيده ويتواصلان بالخيال والوقائع والروح والطاقات الكامنة في النفس الإنسانية. إنها المحدد لنوع البشر ومدى التصاقهم بالحب والعطاء. كلما كان الشعب غنيًا بموسيقاه ورسومه ونحته كلما كان تاريخه أكثر وضوحًا وأكثر قربًا من الحقيقة والخلود.
من يكره الموسيقى والفن لا يحب الحياة. إن مجرى تطور الإنسان يمر من الفن وخاصة الموسيقى ودورها، ودور آلاتها التي تعزف على المسارح وتحكي عن اسطورة كل منطقة من العالم.
إن الأساطير هي روح البشر وحكاياتهم وأغانيهم ونمنماتهم التي رسموها على أحجار القبور والجدران الحجرية الصلبة، وعلى التماثيل وفي قلب الموسيقى.
إن استخدام آلات النفح والاصناج والدفوف والمزامير كانوا يستخدموا في الصيد وفي مراسيم الأعراس وعلى ظهر السفن وبالقرب من الأنهار العظيمة كدجلة والفرات، كمزمار القربة والدودوك والمصفار والناي.
مشروع عمل أدبي لن أكمله.

في النظام الراسمالي لا يوجد ثورة حقيقية عليه من خارجه، لافتقاد الواقع للبنية المفهومية أو المعرفية للخروج منه، ولعجز الواقع العملي في إنتاج واقع يتغلب عليه.
وكل من طرح فكرة الخروج من النظام أو على النظام مني بالهزيمة سواء ماركس أو لينين أو غيرهما.
كل ما فعلته التغييرات، الثورات، أنها حسنت أو نكصت شروط القوى الفاعلة فيه ليس إلا.
وكلنا أولاد الرأسمالية، نعمل ضمن قوانينها، قانون السوق، البيع والشراء على الضمير والذمم، وهي المنتج الحصري للحروب والفقر والقهر والأمراض النفسية والانقسام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
التحولات في الرأسمالية كامن في جوفها أو بنيتها، أنها تسير دون هدف، بيد أن تسير ضمن قانون الربح.
لا عودة إلى الوراء مهما كانت النتائج، أنها تتجه إلى الأمام، إلى أين هذا في حسابات القدر.

السيطرة
يميل الإنسان إلى السيطرة في هذه الحضارة البربرية، وأصبح لكل فرد فيها القدرة على ممارستها.
تعددت أنواع السيطرة في المجال العام والخاص، منها قيادة السيارة، الجرار، المال الذي في يديك، في إخضاع الأطفال، عندما يستمع إليك الناس بانبهار شديد.
في اللأيك أو الإعجاب الذي نضعه على صفحة الأخرين، في الكتابة، واختيار الأصدقاء في الفيس بوك والقبول بهم
أغلب الناس يحبون السوق لأنهم يشعرون بلذة السيطرة على المجال العام، في لحظة الشراء والانتقاء، عندما يرون وجه البائع المكسور والذليل إلى حين إتمام الصفقة والإنتهاء منها، والنشوة التي تسببها للشاري.
هناك لذات نرجسية وسادية في الكثير من مجالات الحياة نمارسها بلذة لذيذة دون أن ندري أو نرى.

البيئة
البيئة الاجتماعية التي نعيش فيها مريضة.
بيئة ترسخ الألم والتلذذ به في وجداننا، في عقلنا الباطن منذ الطفولة المبكرة للإنسان في بلادنا.
يتحول التلذذ بالألم إلى جزء من تكويننا النفسي والعقلي، ويستقر في كل مفاصل حياتنا سواء في علاقتنا بأنفسنا أو بالآخر.
وتأتي مسيرة الحياة بتناقضاتها وتنابذاتها وتجاذباتها لترسخ هذا الأمر في تكويننا نتيجة الحرمان العاطفي والجنسي.
وتأتي العادات والتقاليد والدين لتزيد الأمر سوءًا على سوء.
إن التلذذ بالألم وتسلله رويدًا رويدا إلى أعماقنا نتيجة الصدمات العاطفية والنفسية والاجتماعية، يستمر إلى أن يستقر ويتحول مع الأيام إلى كآبة فظيعة، ويصبح جزءًا من البناء العميق للنفس، لا يمكن أن يخرج إلا بصعوبة بالغة.
على المرء الانتباه لهذا الأمر، عليه أن يطرد الحزن والقلق من نفسه قبل أن يستقر في أعماقه ويتحول إلى مرض خطير يصعب معالجته.
الوعي بالمرض هو المدخل الأول للعلاج

حاجة المنطقة
ستحتاج المنطقة إلى عقود عديدة وربما إلى قرون لتتخلص من آرث الخميني النتن وصبيه الخامئني. ومن بقية الشلة كالسياستاني وحافظ الأسد وصدام وعائلة سعود والصبي نصر الله.
لقد تم ترييف المنطقة بالكامل وإعادتها إلى البداوة السياسية والاجتماعية بالمعنى السيء للكلمة على شاكلة جنكيز خان.
وأصبحوا الرموز الأكثر قذارة ضد الحريات السياسية والمدنية والمدينة والتطور التاريخي والطبيعي للمنطقة.
إن زراعة الطائفية المقيتة في المنطقة على أيديهم جرد شعوبنا من المسك على دفة التاريخ والحياة وتطورها.
إن الانقلابات التي حدثت خلال العقود السبعة الأخيرة أنهت المدينة في المنطقة وحولتها إلى حطام.
مخجل أن تصبح بيروت ماخورًا لحزب الله وحركة أمل، ومرتعًا لصبيانهم.
أننا بانتظار أن تصبح إسرائيل دولة دينية متزمتة ليكتمل العرس بالكامل. وقتها سنقول دقي يا مزيكة، الجوقة اكتملت.
كل شيء يسير إلى هناك، إلى التزمت بكل ألوانه وأشكاله.
ما حدث في بيروت مؤخرًا مؤشر خطير، ومؤلم على أننا نتجه إلى ذلك الحطام

العالم ليس ضدنا
بالعموم. ننطلق من مقولة أن العالم كله ضدنا. لقد زرع نظام البعث في اذهاننا أن العالم كله يتأمر علينا ويحيك الخيوط والدسائس ضدنا. في الوقت الذي كان ينسج خيوطا من تحت الطاولة مع هؤلاء الذين يتكلم عنهم، كالولايات المتحدة وغيرها.
نحتاج إلى وقت طويل حتى ننظف ذاكرتنا من الكذب والمقولات الفضفاضة التي ليس لها رصيد على أرض الواقع.
نحن بحاجة للاعتدال في التفكير والتصرف والرؤئ. وان نخاطب الدول والمؤسسات من زاوية المصالح والمنفعة وليس من باب العواطف والكلمات الفارغة.
ويجب ان لا ننسى ان السياسة فن المتغير والمعطيات المتبدلة. وتتبدل حسب قدرة كل طرف على معرفة كيف يدير سياسته ويقدم الحلول والمبادرات الناجحة للوصول الى الهدف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضبط الفنان عباس أبو الحسن بعد اصطدام سيارته بسيدتين في الشيخ


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 20 مايو 2024




.. عوام في بحر الكلام -الأغاني المظلومة في مسيرة الشاعر إسماعيل


.. عوام في بحر الكلام - قصة حياة الشاعر الكبير إسماعيل الحبروك




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: الأسطورة الخالدة الأغ