الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البنيان المرصوص

خالد بطراوي

2024 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


في التاسع من آيار من كل عام تحتفل البشرية جمعاء بيوم النصر على النازية عام 1945، ويكتسي هذا الاحتفال نكهته وذكرياته الخاصة لدى الدول التي كانت تشكل الاتحاد السوفياتي والتي كان لها الدور ألأكبر في تحقيق هذا الانتصار ومن بينها روسيا وأوكرانيا حيث تدور بينهما حاليا هذه الحرب المدمرة.
ولكن هل إنتهت الفاشية؟
كي نتفق على الخلاصة، لا بد لنا أن نتفق أولا على جملة من الأمور.
بداية لا بد لنا أن نتفق على أن الفاشية كانت محصلة تراكمية تاريخية كمية ونوعية (سيئة) لما سبقها من الأفكار والفلسفة التي تنطلق منها البرجوازية بأعلى مراحلها ألا وهي الإمبريالية.
ولا بد لنا أيضا ان نتفق على أن جلّ النزاعات والحروب والأعمال العدائية تنطلق بالأساس من المصالح الاقتصادية هديا بمقولة " السياسة تعبير مكثف عن الاقتصاد" والتي أضفت اليها عبارة " والحرب تعبير مكثف عن السياسة".
ومن المعروف تاريخيا بأنه وفي أعقاب اندحار النازية نشأت دول المجموعة الإشتراكية بقيادة الاتحاد السوفياتي - التي شئنا أم أبينا - أحدثت توازنا وعملية إستقطاب بين قطبين ... القطب (أو المعسكر) الشرقي المناصر بدرجات متفاوتة لحركات التحرر الوطني والقطب الغربي (أو المعكسر الغربي) المناصر للامبريالية وأشكال البرجوازية المتعددة.
وبالطبع نشأ بين القطبين ما عرف بالحرب الباردة، التي جرى خلالها بعض المناوشات ومنها دور الاتحاد السوفياتي في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ونصرة المعسكر الشرقي لنظام الحكم في تشيلي بقيادة الطبيب سلفادور أللندي وما سمي بالمساعدة الأممية للاتحاد السوفياتي لافغانستان وغيرها من مظاهر الحرب غير الباردة.
وفي أعقاب اندحار النازية، كان لا بد للامبريالية أن تعيد حساباتها تصديا للمد الثوري وإنتعاش حركات التحرر، فتخلصت من الآستعمار القديم المتمثل في السيطرة الفعلية على بلاد ما سمي "بالعالم الثالث" ومنحها إستقلالا شكليا كان بمثابة "العظمة التي منحت لقوى التحرر" مع إحتفاظها بالشكل الاستعمار الجديد ألا وهو دعم الرجعيات الحاكمة وتسليحها وتدعيم أجهزتها الأمنية لقمع شعوبها.
في المقابل دعم المعسكر الاشتراكي حركات التحرر لدرجة وصلت الى التبعية عند البعض على نمط مقولة " إن أمطرت في موسكو ... بتحملوا الشماسي في بلادكم" مع توجيه الاتهام الى اليساريين بالالحاد والترويج على أنهم يمارسون الفاحشة مع شقيقاتهم، ولاحقا تم حصار الدارسين في الدول الاشتراكية أولا بتخفيض درجاتهم العلمية ( من ماجستير الى بكالوريوس) وما زال ذلك دارجا الى يومنا هذا، وثانيا بتفويت الفرص عليهم للعمل في القطاعين العام والخاص حيث كان يتوجب عليهم الحصول على موافقة الجهات الأمنية، وغيرها من الأجراءات، رغم أن نسبة كبيرة من بينهم هم من البعثات الحكومية الرسمية لدولهم الى الدول الاشتراكية.
ولا بد لنا أيضا ان نتفق أن دول المنظومة الاشتراكية كانت تعمل أيضا لتحقيق مصالحها وترتهن بأوامر الاتحاد السوفياتي "الحبر الأعظم" ودعمت إنشاء كيانات تتبع الامبريالية، فكان الاتحاد السوفياتي وفي أعقاب إندحار النازية قد سيّر قوافله الجوية العسكرية الى مجموعات الاحتلال الصهيونية التي تحمل الدبابات الالمانية المسيطر عليها، وأيضا فإنه – أي الاتحاد السوفياتي – كان الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة التي إعترفت بقيام "دولة إسرائيل".
ولا بد لنا من الإعتراف أيضا أنه وعلى الرغم من أن وكالة تاس الروسية كانت "مخولة بأن تصرح" إلا أن ماكنة روتشيلد الصهيونية الاعلامية نجحت – والى يومنا هذا – في وسائل إعلامها المعادية للشعوب.
وفي محصلة ذلك كله، تمكنت الامبريالية وبسبب ظروف ذاتية وموضعية في الدول الاشتراكية من إحداث الإختراق التاريخي من خلال رئيس الاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف "خرباتشوف" الذي "خربش" خارطة العالم السياسية من خلال سياسته المتمثلة " بالشفافية – غلاسنوست" و " الاصلاح – بيريسترويكا" لدرجة إنهار معها الاتحاد السوفياتي و"فرطت المسبحة" فإنهارت مجموعة الدول الاشتراكية وتراجعت معها حركات وقوى التحرر العالمية وبالذات الأحزاب "حملة الشماسي".
وبانهيار مجموعة الدول الاشتراكية تحول النظام العالمي من نظام القطبين الى نظام القطب الواحد وإزدهرت اكثر فأكثر الامبريالية وتغطرست الرجعيات الحاكمة وإزداد قمعها لشعوبها وتفرعنت " إذ لم تجد من يردها"، ودأبت الامبريالية على تنفيس الشعوب من خلال إستبدال حرسها القديم بحرسها الجديد وخير مثال على ذلك ما سمي جزافا بالربيع العربي.
وخلاصة القول، إن اتفقنا على ذلك كله، وعلى هدي بديهية الطاقة التي تقول " الطاقة لا تفنى ولا تستحدث ولكن تتحول من شكل الى آخر"، فإن الفاشية ؟أيضا لا تفنى ولا تستحدث وتتحول من شكل الى آخر، طالما بقي النظام العالمي على ما هو عليه الان.
وبالقياس على ما تقدم، ينبغي لنا أن لا نرى أي حدث في العالم أو في هذه البقعة الجغرافية أو تلك بمعزل عن الاطار العالمي العام، فحركات التحرر هي منظومة متكاملة كما "البنيان يشد بعضه بعضا"، ألا فاشبكوا أصابع أيديكم وإلا إزداد تشتت شملكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد مصرع رئيسي.. هذه تحديات كبرى تواجه إيران ! | الأخبار


.. سر من أسرار محمود وبيسان.. كيف تطورت علاقتهم؟ ????




.. انتخابات مبكرة وإدارة انتقال مضطرب.. امتحان عسير ينتظر إيران


.. جنوب لبنان.. حزب الله ينعى 4 من عناصره ويهاجم مواقع إسرائيلي




.. إعصار الجنائية الدولية يعصف في إسرائيل | #التاسعة