الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احدب بغداد

ليث فائز الايوبي

2024 / 5 / 11
الادب والفن


شخصيات المسرحية


الرجل الكهل
مرجانه
القيصر
السندباد
مجموعة الحراس
الوزير
الحارس 1
الحارس 2
الحارس 3
الشاعر
خلف الاحمر
المطرب
الجواري
العازفين
الحائك
جندي


المشهد الاول


صوت صادر من وراء الستار ، يتضح شيئا فشيئا ثم سرعان ما يظهر صاحبه على المسرح ، رجل كهل يرتدي عباءة ويعتمر عمامة ، يحمل مكنسة كبيرة الحجم ينحني لتنظيف ارضية القصر بكل هدوء وهو يروي :
عندي لكم حكايه
ليس لها نهايه
في سالف الزمانْ
والعصر والاوانْ

كانت هناك تله
هاجعة مطله
على مياه دجله

يحتار في اوصافها الخيالْ
يغار من دلالها الاطفالْ

كانت هناك طفله
جميلة كالفله
يدعونها بغدادْ

تحوم في سمائها اللقالقْ
فجرا بلا ميعادْ

ذات صباح خرج الاطفال كالجرادْ
منتظرين عودة القبطان سندبادْ

وكانتْ المدينه
تنام كل يوم
في وداعهمْ حزينه
لأنهم عادوا بلا سفينه ..!
( يعاود جرف ما يعترضه من اوساخ غير مرئية امامه مواصلا حكايته وهو ينظر للجمهور )
وكان يا ما كانْ
في سالف الزمانْ
كان هناك حائك
يدعى ابا يقظانْ

جاء الى بغدادْ .
يحمل اكياسا من الرمادْ .
لبيعها بأفحش الاسعار
للعبادْ .
وشاعت الاخبارْ .
بانه ينسج ثوبا
لايرى في الليل والنهارْ .
يجعل من يمسه
او يرتديه
خارج المدارْ .
كالطيف لا تدركه الابصارْ .
( يخرج الرجل صاحب المكنسة على اطراف اصابعه من جهة
ويختفي حين يسمع صوت صهيل خيول قادمة من بعيد )

تدخل مرجانه من الجهة المقابلة وهي ترش الماء في باحة القصر
يفاجئها القيصر داخلا وهو يصفق بمرح وتفاؤل :

اظهرن يا جَواري
اشرقن يا اقماري
عدن الى جِواري
لا ينفع التواري

( صمت .. يلتفت يمينا ويسارا )

سعادُ .. يا نوالْ
كُفّا عن الدلالْ

زمردٌ .. عفراءْ
لا وقت للحياءْ

عبيرُ .. يا سمرْ
من سرق القمرْ ؟
( متسائلا ) مرجانه .. مرجانه
مرجانه ( تلتفت بخوف ) : السمع والطاعه
القيصر ( بدهشة ) : مالكِ ملتاعه .. ؟
اين الجواري .. اين غلماني
مرجانه : يا سيدي عفوك .. ما ادراني ؟!
القيصر ( بغضب ) : هل مادت الارض بهم
قولي .. اجيبيني لماذا الصمت يا مرجانه ..؟
مرجانه ( مطأكأة رأسها ): زجّ بهم في السجن يا مولاي
بتهمة الخيانه ..!
القيصر (صارخا) : من امر الزجّ بهم في السجن يا حرّاسْ
يظهر الحراس تباعا وهم يشكلون دائرة تحيط بالقيصر وبصوت واحد : جنابكم اوعز ..
القيصر ( مقاطعا ) : لا مجرد التباسْ ..
( متسائلا ) وما هي التهمة قولوا لي .. بلا تبريرْ
الحراس بصوت واحد : بتهمة الاعداد لانقلابْ .. في ساحة التحريرْ
( صمت )

تختفي مرجانه
ويعود الحراس الى اماكنهم خلف الجدران ويعود الهدوء الى الصالة

القيصر : ( يرتجف )
ما ابرد القصر وما اوحشهُ
اكاد كالطائر يبكي عشهُ
مواجها الجمهور : تصوروا ..
يحزنني نسيان ما اصدرهُ
في الليل من اوامرْ .

سرعان ما اصحو وبين
قبضتي يسقط عنق طائرْ !

يتجه صوب قفص فارغ معلق وبابه مفتوحة يغلق الباب ويعود
يرتفع صدى صوت موسيقى حزينة
يدور القيصر حول نفسه مثل اسد مطعون :

اريد ان اغتسل الليلة من همومي
ان اختلي بالقمر المنشق عن نجومي
اريد ان انام ان انام ان انامْ
اكره ان اصغي الى اجنحة الحمامْ
( آمرا )
يا حرسْ يا حرسْ يا حرسْ
هاتوا الي صهوة الفرسْ

لأمتطيه سابحا فوق بساط الريحْ
اريد ان اريح اشباحي واستريحْ !

اصداء عاصفة شديدة آتية من بعيد ترتج لها الجدران
ترتفع بعدها اصوات هتافات واحتجاجات تقترب شيئا فشيئا
يدخل الوزير ، ينحني امام القيصر

القيصر: ( يوجه كلامه للوزير متسائلا ) اسمعُ صوت بكاء حادْ
( باستغراب ) قل لي .. ماذا حلّ ببغدادْ ...؟!
الوزير : ( بخبث ) لاشيء هناك .... مدينتنا
تنعم دوما بالاعيادْ
القيصر : ( مرهفا سمعه ) ما هذا الصوت .. اجيبوني
صوت نداءات تدعوني
الوزير : ( مصطنعا رباطة الجأش ) يا مولانا نمْ وتنّعمْ
القيصر ( يرد ) كيف انام ورائحة الدمْ ؟
تجعل اوصالي تتألمْ
( يسأل الجدران وهو يدور حول نفسه )
ما هذا الصوت .. اجيبوني
صوت هتافات تهجوني

الوزير : ( مبررا ) نهر ما غيّر مجراه
صوب قصورك بالاكراه
القيصر : ( آمرا ) القوا القبض عليه وجيئوا
بالنهر امامي لأراه ..
اصوات متداخلة تهتف
يا الله
يا الله
يا الله

ستار












المشهد الثاني


بقعة ضوء مسلطة على الرجل الكهل وهو يواصل سرد الحكايه

وكان يا ما كانْ
يا ساده يا كرامْ
ليل بلا ظلامْ
الشمس تخفي نورها
عنه لكي تنامْ
هيهات ان تنامْ !

يختفي الرجل .. ظلام تام
يسلط الضوء مجددا على القيصر جالسا تحت مروحة من ريش النعام في قصره
وهو محاط بعدد من الحراس المدججين بالسيوف
القيصر : ( مخاطبا احد الحراس ) اين مسّلي قصر الخُلدْ ؟
الحارس 1 : مولاي تعرض للجلدْ
القيصر : والعراف .. اجب اين العرافْ ؟
الحارس 1 : اغتيل بأمر السيافْ
القيصر : من اصدر امر الاعدامْ ؟
الحارس 2 : جاريةٌ تدعى الهامْ ..
القيصر : ( متذكرا ) الهام .. الهام
لا اتذكر هذا الاسمْ
اين القزمْ ؟
الحارس 3 وهو يعرض امام القيصر قارورة : قيل تجرع هذا السمْ
القيصر : هل مات
الحارس 3 : بلى
القيصر : جيئوني بالشاعر حالا
يدخل الشاعر بصحبة الحارس 3 وكأنه كان يقف خلف الباب : مولاي جناب القيصرْ
القيصر : نادي لي خلف الاحمرْ
يخرج الشاعر ويدخل خلف الاحمر ينحني بادب : عبدك مُرني يا مولاي
القيصر : اريد ان تستدرج النابغة الجعدي نحو مجلسي
ارغب ان يرسمني في شعره كالريح فوق فَرَسي
ينحني خلف الاحمر بادب ويخرج
القيصر ( ينادي ) :
جيئوني بمغني القصرْ
كي يصدحْ باغاني النصرْ
يدخل المطرب مع بعض الجواري
والعازفين وهم يترنمون باغنية بغدادية قديمة
***
القيصر بعد دقائق يشعر بالملل
يأمر المطرب وفرقته باشارة من يده بالخروج حالا
يدخل الحارس والقيصر منشغل بتقليب بعض الاوراق التي امامه
الحارس 2 : يا عالي الجنابْ
عبدك خلف البابْ
جئنا كما امرتنا
بحائك الثيابْ ..
القيصر : دعوه حتى انتهي
من جردة الحسابْ

( بعد فترة وجيزة ينادي ) :
نادوا الحائك .. اين الحائكْ
الحائك ( يطل بوجهه من وراء الستار ) : يا ويلي .. أتراني هالكْ ؟!
يدخل الحائك جاثيا امام كرسي القيصر مقبلا الارض بين يديه
في هذه الاثناء يدخل الوزير ويجلس على يمين القيصر
القيصر محدقا بالحائك : أصحيحٌ ما قالوا عنك ..؟
الحائك : كوضوح الشمس ولا شك
القيصر : ابوسعكَ ان تنسج ثوباً
لا يبصره الانس ولا الجنْ ؟!

الحائك ( يقف على قدميه وهو يؤدي حركاته البهلوانية لجذب اهتمام القيصر ) :
اناملي يا سيدي تحوكْ
ثوبا اذا ارتديته في الحال لن يروكْ
القيصر ( باستنكار ) : من الذي يا صاح لن يراني ..؟
الحائك : مولاي مبغضوكْ
القيصر : ويحك ماذا قلتْ ؟
الا تخاف الموتْ ؟!
يا جند قيدوه
الحائك : يا سيدي
القيصر ( زاعقا ) : اياك ان تفوه
القيصر : خذوه من امامي
خذوه من امامي ..
يحيط به عدد من الحراس ويسوقوه خارجا
( يتمطى بكسل ويتثاءب ) كم اشتهي العودة
كي اغط في منامي
الوزير ( معتقدا انها اشارة لصرفه ) : مولاي هل تأذن لي
القيصر ( يمد انامله بكسل وهو يرمقه بكآبة ) : اريد ان تدلك لي اناملي
يتناولها الوزير بكل لهفة شاعرا بالسعادة لهذه الحظوة التي قدمها نحوه القيصر
الحائك ( مستغيثا من بعيد) : يا سيدي اصغ الى كلامي
ارجوك ان تصغ الى كلامي
انت معي اراك في احلامي
القيصر ( يلتفت باستغراب ساحبا انامله ) تراني في احلامك !
القيصر مشيرا للحراس لاعادته بين يديه :
ادنوه مني لارى
يمثل الحائك امامه
ماذا رأيت يا ترى
كن صادقا
وكن امامي حذرا
الحائك : رايت يا سيدي
مدينة لا ترتدي ثيابها
طيورها ميتة
تسقط من قبابها
ترابها مشتعل كالجمرْ
وماؤها يهدر فرط الحرْ
القيصر : يا صاح .. هذا شعرْ
تجيد نظم الشعرْ ؟!
( هامسا ) اسمع
اعد علي دونما تلميحْ
ما قلته لي اطلب التوضيحْ

الحائك : موهبتي يا صاحب السعاده
تفوق ما قالوه بل زياده
اناملي بوسعها ان تصنع العجائبْ
مواهبي
القيصر واقفا ويقف الوزير على الفور : وان ظهرتَ كاذبْ
الحائك : ( متملقا ) خذ عنقي يا سيدي رهينه
واترك لك الشراع والسفينه
القيصر : جميل .. ستدخل امتحاني
اياك ان تسقط في رهاني
الحائك : ما دمت في حمايتكْ
رهن صدى اشارتكْ

القيصر بعيون مرعبة :
انظر
.. ان كنت على حقْ
برهن لي عن هذا الصدقْ
واذا ثبت العكس تماما
ستنال جزاءك والشنقْ .
الحائك : انا رهن اشارة مولاي
هل ابدأ عملي مولاي ؟
القيصر ( يخطو بضع خطوات تاركا الوزير يضرب اخماسا باسداس) :
طلباتك ستلبى حالا
فاكسوني لازيد جمالا
انسجْ لي ثوبا لن يبقي
في وطني الزاهر محتالا
يحني الحائك رأسه
........... فترة صمت ....
( آمرا ) : يا حائك الثيابْ
الحائك : امرك لي مجابْ
القيصر : ابدأ فورا نفذ امري
سيكون جناحك في قصري
ماذا عندك من طلباتْ
ستلبى لك في لحظاتْ

ووزيري سينفذ امرك
انى شئت بلا كلماتْ
( ينحني الوزير )
الحائك : امر جنابك لن يتأخرْ
عاش القيصر .. عاش القيصرْ
ينصرف الحائك خارجا باشارة من القيصر مرفوع الرأس
( القيصر وهو ينظر الى رجاله ضاحكا وبنبرة تهديد )
سأرى .. سأرى من في قصري
يعمل ضدي .. يعصي امري
القيصر : ( مخاطبا الوزير ) عليك ان تتابع الحائك يا وزيرْ
يوما بيوم دونما تأخيرْ
وزير القيصر ( ينحني ): امرك يا مولاي







المشهد الثالث


صالة كبيرة مخصصة لعمل الحائك ، الذي تفرغ تماما لنسج ثوب القيصر وحوله حشد من كبار رجال الدولة .. يخاطبهم باستعلاء واضح .
الحائك :
اطلب منكم دونما تقاعسْ
ان تجلبوا الكنوز والنفائسْ
يطأطؤون رؤوسهم علامة الاذعان ويخرجون جميعهم باستثناء الحائك الذي يتظاهر بالعمل على نوله الغير مرئي وخيوطه الخفية الغير مرئية ايضا ، ويتقاطر رجال حاشية القيصر تباعا الى مكان عمله وهم يحملون صناديق مليئة بالذهب والجواهر واقمشة الحرير النادرة ويبدون استغرابهم من عدم رؤية أي ثوب امامهم لكنهم يسارعون الى اقناع انفسهم برؤية الثوب وهم يتظاهرون بالاعجاب .. وكلما تكرر مجيء أي من الجنود حاملا الكنوز والنفائس حتى ياخذها الحائك ويضعها في داخل الطاقية فرحا مستبشرا اما هم فيتصرفون بمنتهى الاحترام دون ان يعلنوا ما يدور في اذهانهم من شكوك خوفا من العقاب .
بعد ساعات يطل احد الجنود امام الحائك وهو منهمك في عمله رافعا المقص
جندي : يا سيدي .. الوزير في طريقه اليك
الحائك ( يتظاهر انه لم يسمع : ارجوك ان تمسك هذا الثوب بيديك
الجندي : ( بدهشه وهو لا يرى أي ثوب مترددا )
الحائك : اراك لم تلحظْ .. ما نسجت يداي ؟
اهدأ فلن اشي .. ان جاءنا مولاي
سرك في بئرْ
لن افشي السرْ
الجندي : (يتظاهر بمسك طرف القماش مبديا اعجابه بعمل الحائك )
بلى بلى ما اروعه .. بل انه في غاية الجمالْ
اياك ان تخطيء في القص .. او الاهمالْ

يتقاطر الحراس تباعا وهم يتظاهرون برؤية ثوب القيصر ، مبدين اعجابهم الشديد ، ويكلمون بعضهم البعض مبينين مكامن الروعة والابداع الفني في الثوب وهم يلمسونه بكل حرص خوفا عليه من التلوث ، ويصفرون

وزير القيصر : ( داخلا مع اثنين من حراسه مبديا استغرابه امام حركات الحائك والجندي وهو يرى صاحبنا الحائك منهمكا في حياكة ثوب القيصر الغير منظور )
الحائك ( مرحبا بالوزير ) : شرفتَ معاليك مقامي .. هل راقك ثوب السلطان
وزير القيصر : ما اجمل هذا القفطان .. ما اروعه يا فنانْ ( محدثا نفسه وهو يدعك عينيه من اثر الدهشة والهلع على منصبه ومستقبله ) واخجلي ااكون غبيا .. ام لعب الخمر بعينيا ( يهز رأسه وكانه في كابوس ) او انني وا عجبي .. لا استحق منصبي
الحائك : ( بخبث ) شرّفتَ مقامي بخطاكْ
صف لي ما رأتا عيناك
الا ترى الثوب وما حواه

وزير القيصر : ( وكانه قد عاد اليه وعيه ) بلى .. بلى اراه
ينظر باتجاه الحارسين اللذين يرافقانه فيصابان بالهلع وهما يتظاهران ايضا بالاعجاب
الحارس 1 : اكمامه رائعة في منتهى الروعه
الحارس 2 : ياقته شاخصة كأنها قلعه
وزير القيصر : ( بحماس ) يا ايها الحائك عاشتْ يدكمْ
من سحر ما رأيته اغبطكمْ
ارسلني القيصر كي اشاهدْ
ثيابه وكنت خير شاهدْ

الحائك : متى سيأتي القيصرْ
الوزير : دقائق لا اكثرْ

الجميع بدون استثناء يقفون امام تحفة الحائك المحتال ، وهم يمثلون اعلى درجات الاعجاب ، وكل منهم يتحايل لكي لا يعرف من يقف بجانبه انه لا يرى اي اثر للثوب وانطلت عليهم حيلة الحائك الدجال .
و في هذه الاثناء يطل القيصر وهو يدخل كالطاووس مع حاشيته ولكنه سرعان ما يقف مبهوتا امام الحقيقة المخزية متسائلا مع نفسه
القيصر : ( باحباط شديد ) ماذا ارى .. ماذا ارى
يا خيبتي مما جرى ؟!
( يفرك عينيه وهو يكلم نفسه) اياك ان تظهرَ ما تراه
دعها تمرّ تحتكَ المياه
وزير القيصر ( منافقا ):

طوبى لثوب انت ترديه
من فخره يكاد ان يتيه
القيصر : ( متظاهرا بالابتهاج وهو يغزر الوزير شزرا ) شكرا جزيلا ايها الوزيرْ
اخجلني اطراؤك المثيرْ


يبدي القيصر فرحته بالثوب ، طالبا من الوزير متابعة عمل الحائك على مدار الساعة ريثما ينتهي من عمله ، وينصرف ومن بعده يغادر الوزير موجها بعض الاوامر الى الحراس مؤكدا على ضرورة تلبية كل طلبات الحائك وتذليل اي صعوبة تعترض عمله . ينحنون له باحترام .
الشاطر حسن يتسلل الى خشبة المسرح بكل خفة مخترقا حاجز الحراس ، قافزا باتجاه الثوب المزعوم بكل جرأة امام اعين الحراس واستغرابهم ، ويدوسه بقدميه امعانا بالاهانة ، بينما يقف الحائك مذهولا من هول الصدمة وهو يتظاهر برفع اطراف الثوب عن الارض ، مظهرا حزنه عليه وهو يرغي ويزبد معترضا ..
الحائك : ويحك من انت وما تريدْ ؟
الشاطر حسن : شاطر هذا البلد السعيدْ
الحائك : اياك ان تطال هذا الثوب يا بليدْ
الشاطر حسن : لن تنطلي الحيلة من جديدْ
يحاول للمرة الثانية ان يهجم على الحائك وثوبه الغير مرئي
بينما يقف الحراس متأهبين للانقضاض على الشاطر حسن ، حابسين انفاسهم مترقبين
ما سيحدث من عقوبات قاسية ربما تطالهم حين يطلّع القيصر على هذا الفعل الشائن
الحارس 1 موجها كلامه للشاطر حسن : ويحك اياك والاقترابْ
الحائك ( مستعيدا شجاعته ) هيا ارفعوا في وجهه الحرابْ
لا تتركوه يختفي القوا عليه القبض يا شبابْ
لن يسكت القيصر .. ( منتحبا ) هاكم انظروا ما حل بالثيابْ
الحارس 3 ( مخاطبا الشاطر حسن ) : ألا تخف ويلك من عقابنا ..؟
الشاطر حسن : الموت مكتوب على رقابنا
يجثو الحائك نادبا وهو يأمر اثنين من الحراس ان يمسكوا الثوب من طرفيه
لتصليح ما يمكن تصليحه من اضرار وهو ينادي
يا سيدي القيصر .. يا سيدي القيصرْ
اجب ندائي الثوب قد دمر
( موجها كلامه للحراس ) :
كونوا شهودا ايها الرجالْ
من اعتدى ينال ما ينالْ
الشاطر حسن : قفْ أرني ثوبك ( مخاطبا احد الحراس ) هل تراه ؟
لنْ نشتري الحيلة بالاكراه
يحيط الحراس بالشاطر حسن للقبض عليه
الحائك : من انت كي تسدي لنا النصيحه ..؟
لم يبق الا السوس والنطيحه ..
الشاطر حسن : لست سوى ملفق محتالْ
مهرج يمشي على الحبالْ
الحائك ( بلطف وهو يهمس باذنه جانبا ) :
ان لم تحل دربك عن دربي
كنْ ساعدي الايمن او قربي
سوف ترى منيّ ما يسرك
فلا تضيّع عامدا تعبي ..
الشاطر حسن : لن تشتري صمتي باغرائكْ
لن يلتقي رأيي بآرائكْ
ان لم تعدْ فورا الى رشدكْ
فانتظر الصفع على خدكْ
الحائك : اياك يا شاطر والتطاولْ
نصائحي تبدو بغير طائلْ
الشاطر حسن : ما بيننا واد من الخصامْ
لن يكتسي ودا ولا وئامْ
الحائك ( بحقد ) : لن اشتفي الا بعتذيبكْ
الشاطر حسن : قضيتي كشف الاعيبكْ
الحائك : سوف نرى من يكسب الجوله
لقد اهنت حائك الدوله !
( مخاطبا الحراس )
خذوه يا حراس للسجنِ
وانْ نجا فحلقوا ذقني !

يختفون












المشهد الرابع



القيصر جالسا في قصره

القيصر ( للحراس ) :
جيئوا به مقيدا
باثقل الاغلالْ
هنا امامي صاغرا
وماثلا في الحالْ
يقبل الحراس وفي قبضتم الشاطر حسن مقيدا بالحبال
القيصر: يخاطب الشاطر حسن بصوت زاجر
كيف تجرأت على المساسْ
بثوبي المشغول بالالماسْ
قل لي متى رميته بالطين
تحت اعين الحراسْ ..؟
قل لي متى مزقته ..؟
الشاطر حسن : مولاي هذا كذب
ليس له اساسْ

مولاي هذا حائك محتالْ
مهرج .. يمشي على الحبالْ
القيصر : اين الدليل يا فتى ..؟
اياك واستعمال ما قيل وما يقالْ
الشاطر حسن : مولاي اني ناصح
لا ابتغي من كل هذا مالْ
القيصر : ادنُ اذن .. ستمتحنْ
وانْ ظهرت كاذبا ستدفع الثمنْ
الشاطر حسن : مولاي اني جاد
القيصر : ما اسمك ؟
الشاطر حسن : سندباد
يدور بينهما حديث هامس غير مسموع
لا يصل الى اسماع الحراس المحيطين بهما
وفجأة يوجه امرا
القيصر : زجوه في السجنْ
بمنتهى السريه
وانتظروا اوامري العليّه
يساق الشاطر الحسن الى السجن برفقة الحارس

بعد قليل يدخل الحائك مع مجموعة من الحراس وهم يتظاهرون بحمل الثوب المزعوم ، بكل حيطة وحذر ، خوفا عليه من ملامسة الارض ، حابسين انفاسهم من نظرات القيصر الماتهبة .

القيصر : احسنت صنعا ايها الحائكْ
قررت ان اسعى لاثرائك
ثوبك هذا زاد من علمي
بما يدور وانتهى همي
سارتدي الثوب ولن احمي
من لا يرى زيّا على جسمي
يحيط به اعوانه من كل جهة وهم يحاولون نزع ملابسه الخارجية ليبقى واقفا بالسروال الطويل والفانيلة منتظرا ريثما يساعدونه على ارتداء ثوبه الهوائي الجديد متظاهرا بادخال يديه اولا عبر الاكمام وهو يستشعر لدونة الحرير وبرودته

القيصر للوزير الذي يبدو عليه الخوف وهو يرتجف : الا ترى ما ارتدي ؟
الوزير : بلى بلى يا سيدي
القيصر : كيف ترى الاردان
الوزير : تبرق كالمرجان
القيصر : وياقتي
الوزير : زهو وعنفوان
القيصر : ما انعم الحريرْ
يا ايها الوزيرْ
الوزير : الثوب يا مولاي
كنز بلا نظيرْ
من فرط اعجابي به
اكاد ان اطيرْ
الحائك للوزير : يا حضرة الوزيرْ
ارجوك لا تطيرْ
الا ترى نعومة الكشميرْ
الوزير : بلى بلى اراه
رباه كم مثيرْ
القيصر : يا ايها الحراس .. يا ايها الحراسْ
اريد ان اخرج .. ان اسير بين الناسْ
الحراس : سمعا لكم وطاعة
يا مانح الشجاعة
سنفرش الدروبْ
بالورد والقلوبْ

فجأة يغير القيصر رأيه ويخلع الثوب ويناوله الى احد الحراس الذي قف مذهولا امام تصرف القيصر ..
القيصر يخاطب الحائك متظاهرا بالرضا عنه
القيصر : افرحتني ولم تخيّب مطلقا ظني
سترتدي الثوب اذن نيابة عني
الحائك : ( معتذرا ) عفوا معاذ الله لا جرؤ
ان المس المرجان واللؤلؤ

بعد شعوره ان الامر بت فيه ولا يمكن الرجوع عنه ، يتعرى الحائك من ملابسه ويقف مرتجفا من البرد بسرواله الداخلي وامام الجميع
يبدو مغلوبا على امره ، وهو يحاول عدم اظهار ارتباكه وتوتره .. متظاهرا بانه سيرتدي الثوب
القيصر ( مشجعا ) : هيا ارتديه .. افتحوا الازرارْ
الحائك ( مكلما نفسه ) : امري اليه الواحد القهارْ
ويلي اذا اكتشفتُ ، ياللعارْ
اين ادير الوجه .. والانظارْ
تحوطني .. سترك يا ستارْ
الحائك ( يتملق للقيصر وهو يعرض ثوبه ) رأيك يا مولاي
القيصر : جوهرة .. بل تحفة تستلفت الابصارْ
يتظاهر الوزير بتعديل الثوب على جسم الحائك والحائك
يحاول ان يبدو طبيعيا وتصدر منه بعض الاصوات والآهات
التي تبين احساسه بنعومة الحرير الذي يرتديه
يسير الحائك عاريا بملابسه الداخلية والجنود خلفه يتظاهرون بحمل اطراف ثوبه المزعوم خارجين الى الشارع

في الخارج تعلو اصداء هتافات مدوية
القيصر : نادوا الي شاطر الشطّارْ
يطل الشاطر حسن بكل حماس امام القيصر
القيصر : بوركت يا فارس يا مغوارْ
بقوة الاصرار ياشاطرْ
انقلب السحر على الساحرْ
اصغِ الي جيدا
قررت ان تدير امر شرطتي
وان تزيل الظلم عن رعيتي
فهذه الارض لنا
ليس لمن يخدعنا
الشاطر حسن : السمع والطاعة يا مولاي
سيّرتُ في خدمتكم خطاي
وهنا تتعالى اصوات الجماهير خارج القصر وهي تلاحق الحائك العاري
وتلقنه درسا لن ينساه ، ويطأطيء جميع الحاشية داخل القصر رؤوسهم وهم يخفون ارتباكهم من الخجل .

ستار


يمنع التصرف بالنص المسرحي ، الا بعد استحصال موافقة المؤلف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_