الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل دشن البراعم عودة الحركة الكردية إلى السياسة ؟!

دارا كيلو

2003 / 6 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

      يمكن تسمية الفترة الماضية ,والممتدة لحوالي أربعين عام , من عمر الحركة الكردية في سوريا بالمرحلة الحزبية, نظرا لافتقادها , لأسباب ذاتية وموضوعية مختلفة, لفعاليات يمكن أن نطلق عليها فعاليات سياسية حقيقية , مع عدم إنكار بعض الإستثناءات هنا أو هناك. وأقصد بالفعالية السياسية: أن السياسة هي شأن يتعلق بتنظيم حيز عام يخص مجموعة أو كل أفراد المجتمع , هذا التنظيم وطبيعته وطبيعة علاقته بمكوناته وتغيره وتحوله من فترة لأخرى يفترض أنها شأن من لهم علاقة بهذا الحيز ,  وإذا كان هؤلاء كل أو جل أفراد المجتمع , فإن طبيعة هذه العلاقة وتغيرها وتغييرها  لا بد أن تكون شأنا عاما نسبيا وذو طابع علني ,في الوضعية الطبيعية. أي أن السياسة هي ممارسة اجتماعية ذات طابع عام وعلني , وبالتالي فإن ممارسة أي فعل سياسي تتطلب العلنية وإضفاء العمومية عليه , مع الأخذ ببعض الخصوصيات لحالات هنا وهناك ضمن الإطار العام, وبالتالي يمكن أن تشتغل فئات عديدة على قضية سياسية واحدة , بدون أن تفقد استقلاليتها, أي أن حساب الإنجاز يكون لهدف سياسي.
      خلال الفترة الماضية انشغلت الحركة الكردية بعمل ذو طابع حزبي فرض عليها من خارجها, ولبسته هي بسبب المدرسة الفكرية الإيديولوجية التي انتمت إليها في عمومها. فقد صادرت الحكومة السياسة من المجتمع وحصرته في دوائر تضيق متصاعدة بداء من الحزب القائد وباتجاه الأعلى, وفرضت وبالقوة والإقصاء على الآخرين عدم الاقتراب من الخطوط الحمراء التي رسمت حول  ممارسة هذه الفعالية المجتمعية . وخضعت الحركة الكردية لمعادلة القوة تلك وانكفأت إلى العمل السري,  لكن كان هناك عامل آخر ذاتي دفع الحركة الكردية في هذا الاتجاه , وجعلها تتواطأ معه باطنيا , هذا العامل هو التأثر بالنمط اللنينيني الستاليني للتنظيم الحزبي ذو الطابع السري الحديدي المؤامراتي. وبذلك تحول العمل السياسي الكردي, وغيره,  إلى عمل ذو طابع تنظيمي مؤامراتي يدور ضمن الأطر الحزبية, ممكنات الإنجاز فيه شبه معدومة على الصعيد الفعل السياسي , بل على العكس تحول ذلك إلى مرض ينهش في جسد الحركة .   
       إن التضييق الحكومي  ونمط التنظيم اللينيني الستاليني  كانا السبب في توجه الحركة إلى القيام بفعاليات كانت تقتصر ,مع بعض الاستثناء فيما يخص نوروز مثلا , على بعض النشرات والندوات والبيانات ذات الطابع السري والمؤامرات فيما يخص العلاقة بين التنظيمات وضمن إطار التنظيم الواحد . وبالتالي فإن طبيعة العمل كانت ذات طابع انكفائي , يتوجه بالدرجة الأولى إلى جمهور الأحزاب, وثانيا الجمهور الخاص بالحزب, ليتقلص فيما بعد بالتوجه إلى الجمهور الحزبي. أي أنه بغياب الفعل السياسي في الشارع , انكفأت التنظيمات الكردية للاشتغال على داخلها لكي تنتهي وبسلسلة من الانشقاقات" الإنشطارات" التنظيمية ,إلى تنظيمات عديدة وفعل معدوم .
         في الفلسفة الهيغلية وحدة وصراع المتناقضات تؤدي إلى التطور أو أيجاد ظواهر وحالات جديدة على أنقاض القديمة , وهذا كان يمكن أن يحدث في مسيرة الحركة الكردية في الفترة الماضية, لو أنها مارست عملا سياسيا , بمعنى أن التفاعل:  حزبي لا حزبي أو  سلطة معارضة أو كردي عربي ......الخ, كان يمكن أن يؤدي إلى إنجاز ما ولو بسيط,  إلا أن انكفاء فعالية الحركة الكردية إلى التفاعل الحزبي الحزبي, أدى إلى سيطرة الركود على هذه الفعالية, وهذا الركود شكل الأرضية الخصبة للتراجع بانشغال الحركة بصراعاتها الحزبية وانشقاقاتها, والوصول إلى حالة تشبه الاستعصاء .
      مثلا عند القيام بأي عمل يخص قضية معينة تتطلب تحركا من الحركة , وسواء كانت الاستجابة على مستوى التنظيم الواحد أو العمل الجماعي   فالحساب الأول هو كم سيكسب التنظيم ,وفي حالات كثيرة رأس التنظيم, من نقاط "قوة" بالمقارنة مع نظرائه في الحركة , ويتم إجراء مساومة طويلة مملة ورخيصة لتوزيع الأدوار "النقاط" , وبذلك يبتلع التنظيم القضية , وقد لا يأتي الفعل وإن أتى يكون هزيلا , أشبه باللافعل. وهذا ما حدث خلال انتخابات مجلس الشعب الأخيرة عندما حاولت الحركة الكردية أن تسجل نقاطا بتحقيق إجماع ما, هذا الإجماع كان مثيرا للسخرية , وربما القرف, وأرجو أن أعذر على استخدام هذه الكلمة  , وكانت العملية  أقرب إلى النكتة التي تتداول عن الطبيب الذي يخرج من غرفة العمليات ليخبر أهل المريض أن العملية نجحت لكن المريض مات.وعلى مستوى التحركات المنفردة, على مستوى الحزب الواحد , فإنها وإن أتت في بعض الحالات بمبادرات مفيدة , لكنها كانت ترتب وتنفذ بطريقة حزبية,  أي بحساب نقاط الحزب قبل القضية , وهذا كان يفقدها الكثير من فائدتها وقيمتها , وفي نفس الوقت كانت الأطراف الأخرى تبذل جهودا محمومة للطعن بها وتفريغها من مضمونها, وهذا ما حدث مثلا مع مبادرة "يكيتي" بالتظاهر أمام البرلمان , و مع غيرها .  
     والحدث الأخير تظاهر الطفولة الكردية , والقضية هنا بحاجة لقلم أديب ليعبر بها عن المشاعر التي يمكن أن يحملها الكردي تجاه هؤلاء البراعم وما تمثله حالتهم, ونظرا لأنني لست أديبا أريد أن أشير إلى أهمية دلالة هذه  التظاهرة  في مسار الحركة الكردية السورية , مع عدم تجاهل أن الحدث يأتي في سياق سوري إقليمي دولي . اعتقد أن هذا الحدث ربما كان يؤشر لبداية عودة الحركة الكردية السورية لممارسة الفعل السياسي بعد أن حرمت منه طوعا وكرها , الحركة الكردية خرجت من الأقبية والممرات السرية والصدور إلى الشارع إلى العلن حيث ساحة ومجال الفعل السياسي ومن ثم الإنجاز السياسي . فقد لوحظ على هذا النشاط المزايا التالية :أولا , تم الإعلان عنه قبل عدة أيام . ثانيا, اشتركت فيه أربعة تنظيمات كردية . ثالثا , الأطراف غير المشاركة لم تحاول الطعن في هذا النشاط , حسب معلوماتي , وإنما حاولت تبرير عدم مشاركتها  . النقاط الثلاثة تبدو لي حتى الآن مؤشرا على جديد ما , فهل براعم الكرد تؤشر لربيع ..................أسمح لنفسي باستراحة من التفاؤل !!!!.


 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا