الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين – نقد بعض أطروحات ماركسيِّي الدّول الإمبريالية

الطاهر المعز

2024 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


يدعو بعض من يصفون أنفسهم بالإشتراكيين والشيوعيين في البلدان الإمبريالية إلى "دولة اشتراكية واحدة" تجمع الفلسطينيين والمُستوطنين الصهاينة أو إلى بناء "اتحاد الدّول الإشتراكية بالشرق الأوسط"، ولا أحد يعرف ما هي حُدُود هذا "الشرق الأوسط" لكن من المُؤكّد إن هذا الطرح يعتبر الكيان الصهيوني طرفًا كامل الحقوق في هذا الإتحاد المزعوم، واتنطلق مثل هذه الأطروحات من مقولة كارل ماركس "ياعمال العالم اتحدو" التي أضاف لها لينين "ياعمال العالم وياشعوبه المُضْطَهَدَة اتحدوا"، لكن طبيعة الكيان الصهيوني ككيان غاصب، وكمنظومة استعمارية استيطانية تُلْغِي أي إمكانية للتعايش معه...

لم تبلغ نسبة الأراضي التي يمتلكها اليهود 5% من مساحة فلسطين سنة 1948، واستولى جهاز الدّولة الصهيوني على المصارف والأراضي وممتلكات الفلسطينيين الذين تم طردهم من أراضيهم أو تهجيرهم من وطنهم، دون تعويض، وتم توزيع العقارات الفلسطينية على السكان اليهود، وكان ما لا يقل عن 30% من المُستوطنين يحتلون منازل الفلسطينيين، سنة 1954، وقدرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة قيمة ما سرقه الصهاينة من محلاّت الفلسطينيين سنة 1948 بأكثر من خمسة مليار دولار بالعملة الحالية، ويعيش حوالي 95% من "الإسرائيليين اليهود" على الأراضي المسروقة من الفلسطينيين وفي منازل بنيت على أنقاض القرى الفلسطينية وفي منازل أولئك الذين طردوا خلال النكبة سنة 1948، وقدرت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قيمة البضائع المسروقة بأكثر من 5 مليار دولار بالعملة الحالية، وتشير مصادر المنظمات الصهيونية إلى تحويل نحو خمسة مليارات دولارا سنويا من تبرعات الجمعيات الصهيونية اليهودية والتعويضات الألمانية، بالإضافة إلى الدّعم الأمريكي المباشر، ويتميز الكيان الصهيوني بدوره الوظيفي كقاعدة ومَحْمِيّة امبريالية، وتمارس جميع مؤسساته الميز، بما فيها اتحاد النقابات العمالية ( "هستدروت" الذي يمتلك مؤسسات وأسهم في العديد من الشركات الحكومية والخاصة) الذي ينظم هذا الفصل بين العُمال وبين السكان الأصليين والمُستوطنين، منذ 1920، وإقامة فصل اقتصادي لمنع تشغيل العمال العرب الفلسطينيين لدى أرباب عمل يهود، ومنع بيع المنتجات الفلسطينية، وهي إحدى الآليات التي اعتمدتها الحركة الصهيونية لاجتذاب المُستعمِرِين المُسْتَوطنين، ودعم الهجرة اليهودية الأوروبية إلى فلسطين، حيث يمكن للحركة الصهيونية (وتضم اتحاد نقابات هستدروت) توفير ظروف معيشية أفضل من تلك التي يعيشها السكان العرب الفلسطينيون المجاورون...

كشف بعض مؤسسي "ماتسبن" ( حركة اليسار الصهيوني خلال نهاية ستينيات وبداية سبعينيات القرن العشرين) هذا الوضع الذي يعيشه الفلسطينيون، من بينهم موشيه ماشوفر وأكيفا أور، في كتابهما "الطابع الطبقي لإسرائيل"، الذي نشر سنة 1969، كما حلّلت المناضلة الأمريكية دافنا ثير (نشأت في فلسطين المحتلة) في كتابها "ما مشكلة الطبقة العاملة الإسرائيلية؟" الذي نُشر سنة 2018، تأثير التطورات في السياق الدولي على الاقتصاد الصهيوني، حيث يحصل العمال والموظفون في الكيان الصهيوني على جزء من "مزايا" احتلال فلسطين، ولذلك لا يمكنهم معارضة الإحتلال الذي يستفيدون منه، لتصبح "الطبقة العاملة الإسرائيلية" متواطئة وتُدافع عن مصالحها التي انجرّت عن مُصادرة أراضي وممتلكات الشعب الفلسطيني، ولا يحتوي تاريخ الكيان الصهيوني وطبقته العاملة على مثال واحد لتحدي منظومة الإحتلال بل على العكس فهي جزء من هذه المنظومة، منذ ما قبل قيام دولة الإحتلال، وهي ملتزمة أيديولوجياً بالمشروع الإستعماري الإستيطاني وتستفيد من استغلال واضطهاد العمال والفلاحين والحرفيين الفلسطينيين، وبالتالي لا مصلحة لها في دعم نضالات الشعب الفلسطيني ولا نضالات التحرر في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، بحكم مستوى ظروف عيشها المادية، الناتجة عن دورها في منظومة الإستعمار الإستيطاني، وبالتالي ليس لديها مصلحة موضوعية في الدفاع عن أبسط الحقوق ومن بينها المساواة في الحقوق مع الفلسطينيين.

لا يُمْكن التّعامل مع الكيان الصهيوني، دون التّذكير بخصوصياته في كافة المجالات، ومنها المجال الإقتصادي والمجال السياسي، فهو يتميّز بعَسْكَرَة الإقتصاد، لكي يتمكّن المجتمع الإستيطاني وجهاز دولته من تأدِيَة دَوْرٍ مُهَيْمن في الوطن العربي، وخصوصًا في المَشْرق، بدعم من القوى الإمبريالية المُهَيْمِنَة على مستوى الكوكب (خصوصًا الإمبرياليتين الأمريكية والأوروبية) التي تضخ الإستثمارات والمُساعدات والقُرُوض المُيسّرة والمنح، وضخّت الولايات المتحدة مبالغ هامة من "المُساعدات الطّارئة" في الإقتصاد الصهيوني لإنقاذه من الأزمات، فضلاً عن أموال التبرعات التي يجمعها الصهاينة من اليهود ومن الرأسماليين في جميع أنحاء العالم بعنوان "تبرعات خَيْرِيّة" مَعْفِيّة من الضّرائب، ويمكن إدراجها كذلك في بَنْد الدّعم الإمبريالي، لأنها تتم تحت إشراف وزارة الخزانة الأميركية والمصرف المركزي الأوروبي، وهو دعم للمجتمع الإستعماري الإستيطاني ويتم إعادة توزيع هذا الدّعم (ربما بشكل غير متكافئ) على المُسْتَوْطِنِين لضمان تمتع العمال المُستوطنين بمستوى معيشي أعلى بكثير من الفلسطينيين أو العمال في الدول العربية المجاورة لفلسطين، إضافة إلى المساعدات الخارجية العسكرية التي تُمَكّن الكيان الصهيوني من التّفَوُّق على الجُيُوش العربية مُجتَمِعَة، وتتمثّل عسكرة الحياة السياسية والإقتصادية كذلك في تطوير صناعة الأسلحة والتكنولوجيا الدّقيقة، بدعم مباشر من الشركات العابرة للقارات ذات المَنْشَأ الأمريكي،



لا يمكن للعمال الصهاينة – الذين يستفيدون مادّيًّا من المشروع الاستعماري الإستيطاني الصهيوني ومن دَعْم القوى الإمبريالية – أن يُصْبِحُوا حلفاء للشعب الفلسطيني أو للعمال الفلسطينيين...

تَمَيّز الوضع، منذ خروج مصر من الجبهة المُقاومة للصهيونية وتطبيع العلاقات بين النظام المصري ثم الأردني وكذلك قيادة منظمة التحرير مع الكيان الصهيوني، بزيادة حدّة الهيمنة الصهيونية، وخصوصًا منذ التطبيع العلني للأنظمة المَلَكِيّة العربية، من المغرب إلى الإمارات، وأصبح الكيان الصهيوني يستغل الثروات (المحروقات) الفلسطينية بدون رادع، بل أصبحت دُوَيْلات الخليج تعتبر الكيان الصهيوني حليفًا عسكريا وسياسيا واقتصاديا، ما يُعقِّدُ مُهمّة المقاومة الفلسطينية والعربية، ويُؤَكّد إن جبهة الأعداء تتكون من ثلاثة أضْلاع: العدو الصهيوني والقوى الإمبريالية والأنظمة الرجعية العربية...

المراجع

Moshe Machover et Akiva Orr (founding members of Matzpen ) : « The Class character of Israel » publié en 1969

Daphna Thier (American activist who grew up in occupied Palestine ) « What’s the matter with the israeli working class ? » - 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون