الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس سياسية 158

آرام كربيت

2024 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


مؤسسة تكوين الفكر العربي، برزت في الأونة الاخيرة في مصر، تضم نخبة من الكتاب والمفكرين العرب.
العنوان بحد ذاته فيه إشكالية، يحتاج إلى إعادة النظر في هذا التعريف بطريقة أقرب إلى الانفتاح كبديل عن ما ورد.
فمفهوم المؤسسة يشير إلى مرجع مؤسساتي، أي حكومي، إلى عمل بيروقراطي، فيه تراتبية، وهذا يتنافى مع الفكر وقيم الفكر. لأن الفكر يجب أن يكون حرًا، منفتحًا، غير خاضع لأي وصي عليه، أن يكون ابن الحياة والمستقبل.
ثم جاء التحديد الثاني أن هذا الفكر يختص بالفكر العربي، وهذا أكبر غلط، لأن الفكر لا يمكن تأطيره، أو تحديد مساراته وأبعاده.
يفضل أن يكون الفكر جزء من الفكر العالمي حتى لو كان له صبغة محلية، لأن الفكر العربي المعاصر لا يتناقض أو يتنافى مع الفكر في اندونيسيا أو المغرب أو فرنسا أو تركيا أو أرمينيا.
الفكر العالمي هو نهر الحياة الواسع، روافده تتلاقى في البحار والمحيطات، ويشذب نفسه بنفسه خلال مسيرته الطويلة.
هذه المؤسسة تمولها الحكومة المصرية، بالتأكيد سيكون هناك وصايا على المفكرين، سيتم الدعم للذين لديهم قناعات متقاربة مع نهج الدولة المصرية الاستبدادية.
على الجانب الأخر، هناك المشايخ، وتوابعهم، بدأوا في الهجوم عليهم مثل المرات السابقة، دون فهم أو معرفة، يتحججون بالثوابت الدينية، وأن هؤلاء المفكرين يستهدفون الدين الإسلامي تحديدًا، وأن هذا التكوين هو هجوم على الإسلام، على الدين الحنيف.
يا مسلمين، لماذا تخافون على دينكم، ألستم مكلفين بنشر دينكم من قبل الله؟
وهل يخاف المؤمن على عقيدته وهو متسلح بالله، ولماذا؟
معقول أنكم لا تثقون بدينكمه، تخافون عليه أن يسرقه بعض الكتاب منكم؟ بمجرد أن قدموا أنفسهم؟
أليس دينكم قد قام قبل ألف وخمسمائة سنة، إذًا لماذا لا تثقون بأنفسكم وبدينكم، وبدلا من أخذ مسافة من الأخر، وتعدون العدة للرد الفكر بالفكر والرأي بالراي ودون هيجان، أنما بالعقل.
أليس الدين فكر ومبادئ وقناعات، إذًا لماذا ترجمون تكوين بكل ما لكم من قوة وكأنه عدو غريب جاء إليكم من خارجكم.
حاججوهم، الفكرة بالفكرة والرأي بالرأي وبهدوء ودون مغالاة حتى تصلوا غلى شاطئ الأمان.
دائمًا تأخذون موقع الضعيف المأسور المهزوم، وكأن هذا الأخر مهمته نسفكم؟

زمن الحضارات انتهى. نحن في عصر الرأسمالية. النظام الرأسمالي، وانتهى معه زمن الهويات الحية أو القاتلة أو الميتة.
الرأسمالية نظام، بنية، له رأس وقاعدة وأطراف.
تستطيع دولة ما أن ترتقي وتصعد في داخل هذه البنية، من دولة طرفية إلى دولة مركزية والعكس صحيح.
وعمليًا، حدثت تحولات هائلة في بنية النظام، بمعنى أصبح النظام أهليلجي، مثل خيوط النت، تموضع الدول كله يدور معًا لتدوير النظام ومصالحه.
ويكذب صموئيل هنتنغتون، ويسود وجهه، عندما قال أن الحضارة الغربية تتعرض للهجوم من سبع حضارات، الإسلام أولهم.
إنه يكذب، لأننا في زمن النظام، بمعنى تجاوزنا الحضارات، وانتقلنا نقلة نوعية إلى البنية، التي تمتد وتلتف على مستوى الكرة الارضية كلها، وفي داخلها وعلى سطحها نتحرك بخطوات واسعة، نصعد أو نهبط.
مقولة صموئيل هنتنغتون عنصرية ظالمة، غرضها سياسي، تسويق خدمة مصالح النظام.
وانتهى زمن الدولة الوطنية، وزمن الأيديولوجية، وبدأ زمن السلعة.

الذي يحكم هذا العالم هو ذلك الامبراطور الذي يراه الجميع عاريًا، بيد أنهم يتظاهرون بالعماء، بمعنى، ذهب بصر قلوبهم، ولم يهتدِوا إلى خير
كانوا يرددون:
ـ ما أجمله، إنه يرتدي أزهى الثياب.

صدقًا أن الندب والشكوى جزء من سيكولوجية الإنسان المقهور.
هذا الندب ضرورة وحاجة، دائمًا الكسلان يحب أن يرمي أوساخه وأمراضه النفسية على الأخرين، يعفي نفسه، يزيحها أو يبرءها من المسؤولية، يزيلها عن كاهله ويرميها على غيره، ثم يبكي ويندب على مصيره.
الإنسان المقهور ولد عاجزًا في بيئة عاجزة ثقافيًا، أنتجت كائن خاضع مهزوم، سلبي، مستسلم لأقداره، لا يملك القدرة على الخروج عن الوصايا المرسومة له.
إنه كائن بائس، ضعيف، يقبل بالقليل القليل، غير متمرد وليس في باله أن يكون في حال أفضل.

ماذا نحن فاعلون لو أن العرب انتصروا على إسرائيل؟
هل العرب مهيئون للعيش دون عدو، دون إسرائيل؟
كما هو معلوم أن وجودها، وجود العدو، أعطانا التوازن النفسي والروحي، وأبعد عنّا هم البناء والتغيير.
من سيكون العدو البديل عنها فيما إذا أزيلت من الخارطة؟
ما هو النظام الذي سيحكم هذه البلاد المترامية الأطراف، الجرداء ثقافيًا وسياسيًا؟
هل سيكون الشيخ بسام جرار أو محمد العريفي أو الشيخ المهندس عبد الدايم الكحيل؟
لقد رمينا كل أمراضنا وتخلفنا وهزائمنا على وجود إسرائيل بيننا، وارتاح ضميرنا من هم المعاناة، نحن نتراجع إلى الوراء وهذه الأخيرة تتقدم في كل مجالات الحياة، لماذا؟
بنظرة بسيطة إلى مدننا العربية، وعواصمنا، ونقارنها بمدن إسرائيل، سنعرف أننا نعيش في الأرياف القديمة، لا ماء ولا كهرباء ولا نظافة في الشوارع، ولا حريات ولا قانون ولا حق ولا خبز.
أين الخلل، فينا أم في وجود إسرائيل؟
ألم يكن وجودها في فلسطين حافزًا لنا، أن نغير ما في أنفسنا من جهل وبؤس ومرض، أن تدفعنا للتغير في التغيير؟
ونقول دائمًا أن البداوة تستطيع أن تهزم من يقف في طريقها، مثل غبار الصحراء، لكن يمكن إيقاف هذا التوز بزراعة الأشجار الخضراء الرشيقة.
ولدت إسرائيل فاسدة، هذا الكلام لا غبار عليه، مع هذا يحترمها العرب، وحافظوا على حدودها وحموها من الانهيار، وهزموا أمامها في كل حروبهم معها.
مشكلتنا مع أنفسنا، سؤالنا مشروع، في حال انهارت اسرائيل ماذا نحن فاعلون

أغلب مجتمعاتنا البشرية أو لنقل كلها، خرجت من فم وجذر الأسطورة والخرافة، وما زالت، الهند، الصين، الباكستان وإيران وأفغانستان والعرب والغرب كله.
التقدم الهائل الذي نشهده في هذا العالم لا يعمي عنّا انه كاذب، أنه خارج، أي أنه تقدم في المجال اللإنساني، تقدم ليس محايدًا، أنه فاعل في ترسيخ الأسطورة وابتعاد الإنسان عن وجوده وذاته.
صنعته الضرورة والحاجة. إن التقدم في الجانب التقني، مستقل عن الإنسان وفاعل فيه، له أغراضه وأهدافه وسياساته.
التقانة هي تدمير ممنهج للإنسان، إسطورة التقانة مكملة للإسطورة الدينية والثقافية، تبعد، بله أبعدت الإنسان عن تكوينه الأولي له، حولته إلى شيء، عبد يركض وراء الجزرة المعلقة في العصا على ظهر الحمار الراكض إلى الأمام دون وعي منه أنها يركض وراء السراب.
الإسطورة والخرافة والتقانة والأديان، يدًا بيد مع السلطة، مع النخب الفاعلة، عملت ومع زالت تعمل على انزياح الإنسان عن همه الإنساني، وخلق كائن مغيب عن ذاته، كائن هلامي موجود وغير موجود.
مع زال الإنسان خارج، خارج وعيه، لا يدرك الضرورة ولا الحرية. وإن تغييبه عن وعيه هو بفعل فاعل.

أقسى شيء في الحياة أن يسقط أحد الأصدقاء من عينك وقلبك.
وتتمنى من كل قلبك لو أنك لم تعرف عنه ما عرفته.
الوجع وحده لا يكفي ولا يفي الألم حقه.
الذكاء معجزة، ألم بحد ذاته عندما يخترق ثنايا الذات والآخر، ويكشف العري القابع أمامه على مسافة صغيرة منه.
يا ليتني لم أعرف ما عرفته.
كنت أتمنى من كل قلبي لو أنك بقيت بعيدًا، وردة، بقعة ضوء خافت في عرش الكون أو فراشة في العتمة.

الغربة ليست الثقافة وحدها أو المكان وحده أو اللغة أو السحنة أو الناس والوجوه والقيم والأفكار. إنه انقلاب كامل في حياة الفرد على كل المستويات، النفسية والعقلية والروحية.
يلهث الغريب وراء المجهول، دون وعي منه، في محاولة القبض على المكان والزمن، بيد أنه لا يمسك إلا الريح والفراغ.
إنه في حالة ضياع، إنعدام وزن، وتوازن، مسيج بالقلق والخوف والتوجس.
إنه عائم، يحاول التماسك عبر اجترار الذكريات عن وطن، عن أرض وسماء، سور أفراحه وآلامه وأماله، عشقه وبوحه الجميل.
حتى الحيطان في الغربة، تتحول إلى صدى، ترتد عليه، لا تقبل أن تسمع همسات أو هسهسات وجعه أو شهقات أنفاسه.
مع هذا، فإن تيار الحياة الجارف يأخذ الجميع في عباءته، ولا يلوي على شيء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه