الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقف الإجتماعي للشاعر

عبدالإله الياسري

2024 / 5 / 13
الادب والفن


طاب مساؤكم عزيزاتي أعرّائي. أحييكم أطيب تحيّة،وأشكر لكم تفضّلكم عليّ بهذا الحضور الكريم؛كما أشكر للجمعية العراقيـــة الكندية في أتاوا دعوتهـــا إياي ،لأتحـدّث إليكم في هذه الأمسية عن تجربتي الشعرية.ولاريب في أن الحديث عن تجربة شعرية جاوز عمرهــا نصف قرن أو أزيد ليس بالأمر الهيّن ولا السهل؛لكني سأختصر القول فيها،وأحصره في ارتبـاطي بالـواقـع،والتزامي بـحاضره،ورؤيتي في تغييره ..وأعني بالواقع البيئة العراقيّة التي ولدت فيها سنة خمسين وتسعمائــة وألف للميـــلاد، ونشأت فيها حتى أدركت معنى الحرية، فقاومت الترهيب والترغيب السلطويين اللذين أراداني في السبعينيــات من القرن الماضي أن أشارك الشعراء العبيد في جرعربات االسلطة المستبدة ،وأن أتخلّى بشعري عن كرامتي الإنسانيّة والوطنية وعن قيمتي الفنيّة.وحين بلغ سكين الإستبداد السلطوي حدّ العظم في وطني،اضطررت الى الهجــــرة القَسرية إلى المغرب الأقصى في سنة تسع وسبعين وتســعمائــــــة وآلف للميلاد،وزاولت التعليم هناك مدّة عشرة أعوام ثَمّ اضطررت إلى الهجرة القسرية ثانية حتّى استقرّ بي المقام في كندا.ومن باكورة شعري في غربتي واغترابي قولي في رسالة شعرية جوابية لأبي:
أبت الحنونْ.
لا لن أعودْ.
لا لن أعود الى القيودْ.
مزقت تذكرة الإيابْ.
لا لن أعود إلى اليبابْ.
وإلى السرابْ.
لا لن أعود لغربة تدعى وطنْ.
ولمخبر يدعي صديقْ.
لا لن أعود الى الكفنْ.
وإلى اللحودْ.
لا لن أعودْ.
لا يا أبي!
لاتخشينّ عليّ إن نضبت من النقد الجيوبْ.
لا لن أموتْ.
من فرط جوعْ
الموت في ذل الشعوبْ.
والموت في سم السكوتْ.
ولئن كان الواقــع العـراقي يعاني من التخلّف السـيـاسي والإجتـمـــاعي والديني وحتّى الإقتصــادي،وكنت محتجاً على تخلّفه كلّ الإحتجــاج؛فإني،على الرغم من تخلّفه واحتجاجي عليه، لم أتنكـر له البتة،بل بقيت مرتبطاً به داخل العـــراق وخارجــه ،وملتزماً بالعمــل الجادّ للنهوض بــه ،مهمـا كلّفني ذلـك العمـل من ثمن؛لأني لم أرَ غير الإرتباط به والإلتزام بحاضره من سبيل لتغيير مستقبله.وقد أعلنت هذه الرؤية في شعري تصريحاً وتلميحاً.ومما يدلّ على ارتباطي بمصير العراق قولي:
لو أسهو يوماً عن وطني .لو أنساهْ.
آه وطني آهٍ آهْ.
لم تبقَ سوى الذكرى منك ولم تبقَ سوى الآهْ.
آهٍ وطني آهٍ آه.
أو قولي:
أنا ابن المجد والشهــــداء فخرا** ببذل النفس للبيض الرقاقِ
أأغضي الطرف عن وطن تدمّى** بطعن جـاهــليّ لانشـقـــاقِ
أومما يدل على التزامي بحاضره لتغييره قولي:
تعبتُ ولـــــم يتعَبْ بأَعمـاقــيَ الحبُّ** وشـبتُ ولـــمْ يَبلـــغْ صباباتيَ الشيبُ
وأَشــغلَ جنحيَّ الزمــــانُ بغربــــــةٍ** ولم يَنشـغــــلْ عمَّن أُحـبُّ ليَ القلـــبُ
لئِنْ غيَّبتْني عن بــــلادي عصابــــةٌ** ففي كلِّ ليلٍ من حضوري بهـــا شُهبُ
بـــلاديْ بها جـذريْ ومائيْ وطينتي** وضوئيْ وإنّي من قطافٍ بهــــــا اللبُّ
إنْ ابتسمـتْ بِشـراً،فإنِّي شـفاهُهــا** وإنْ دمِعـتْ حـزنـاً،فـإنِّي لهــــــا هدبُ
يَسيــرُ معي النَّخــلُ الجميــلُ وظلُّـه** ويَجثو معي النَّهرانِ والطّينُ والعشبُ
وللسعفـــةِ الجــــرداءِ منِّيَ خضــرةٌ** وللطائـــرِ الظمآنِ من أَدمعيْ شــــربُ
وما كان بُعديْ بُعدَ مَن نَسيَ الهـوَى** ولكنّـــه بُعــدٌ يزيـــــدُ بــــــه القُـــربُ
فَديــتُ بنفسي بلـــــدةً لـــمْ تُعــــزَّنيْ** ولــمْ يَتّســعْ فيهـــا لعاشــقِهــا الدَّربُ
أُريـــدُ بهـــا شــربـاً وأَكوابُــهـــا دمٌ** وأَبغيْ بهـــا أَمْنـاً وأَحـلامُهـــــــا رعبُ
وأَنسَى لهــا ســمّاً وإنّــيْ صريعُـــه** وأَهوَى لها وصــــلاً وما بيننــــا حربُ
صُلبتُ بهــا أَلْفــاً ومــازالَ في دمي** حنيــنٌ لعينيهـــا يَطيـبُ بـــــــه الصَّلبُ
حبيبـــةُ قلبــي لا حبيبـــةَ بَعــدَهــــا** فِدَى حَبّةٍ من رملِها الشَّـــرقُ والغـربُ
كما أنني أعلنت في شعري قبولي بدفع الثمن الباهظ مقابل ذلك الإرتباط وذلك الإلتزام كقولي:
تعال وخذ ياجوع قمحــك من دمي ** ودعني أمت وحدي على رمح آلامي
وخلّ عــراق الحـزن يبتـلّ رملــــه ** وتخضرّ باليــــوم المذهّب أحــلامي
أنا المغــرم الهيمــان شعبي حبيبتي** وأنفاســـه لحني وعينــاه إلهـــامي
أوقولي:
تعال إذن نفتح شبابيك من دم ** تُنوِّر بيتاً فيه يختبئ الغيبُ
إذا أنا لم أُحرق ومثلي صاحبي** فمن ذا يضئ الدرب إن أظلم الدربُ
أوقولي:
إنني أخرج من غمد السكوتْ.
إنني أحمل قدّام الغيومْ.
لافتات المطرِ
ومرايا الشجر
فاقتلوني واقفا كالنخل في وجه الرياحْ.
واقفاً إني أموتْ.
أو كقولي:
أنا الأمطارْ
وشوق الأرض أوقاتي
أنا سقراط في الأشجارْ.
سأشرب صامتاً سمي
وأمنح مخلب الحجاج أرطالاً من اللحمِ
أنا المعلومْ
أنا الآتي
وسأترك الحديث عن الجانب الاقتصادي لأهله،وأقصر حديثي على ثالوث التخلّف العراقي أي السياسي والإجتماعي والديني الذي تتناقض صوره فيما بينها حزبياً وعشائرياً وطائفيّاً إلى درجة دموية بحيث يخرج بها الإنســـان من صفته الحضاريــــة التي تميــزه عن وحوش الغاب إلى صفته البدائيـة الهمجيــة.فالحاكم السياسي يقتل المعارض السياسي باسم الخيانة الوطنية،والرجل العشائري يقتل المرأة المتمردة على قيوده باسم الشرف والأخلاق،والمؤمن الديني يقتل المؤمن الدينيّ الآخر باسم الإيمان والدفاع عن المذهب.وقد انتقدت بشعري العقـل الجمعي لذلك العنف السلوكي في الصراع الداخلي .ومنه هذه الأبيات:
أعقارب مسمومــــــة أم ناسُ ** أم إنها الآثام والأرجــــــــاسُ
لم يشربوا غير الدماء ولم تقم** إلا على جثث لهم أعــــــراسُ
متوحشون فلاتغرك بسمــــــة ** إنسية أو يخدعنك لبــــــــاسُ
سحقا لقوم كالذئـــاب وهالـــك** من ليس بينهم له أضــــراسُ
فكأن سم الموت وسط كلامهـم** يجري وبين حروفه الأرماسُ
إني لأكفر بالإخوة زهرهـــــــا** ناب يعض وعرقها دســـاسُ
ألقى بي الرحمن وسط بهائـم ** جرباء لا طابت لها أنفـاسُ
وقد ابتلاني بالمصائــب غدوة** وأجل كل مصائبي الإحساسُ
عشرون ماتمّت فأذبلني الأسى**زهراً وأوشك أن يشيب الراسُ
غير أن هذه الصور المتناقضة مع بعضها إلى حدّ سفك الدمـــاء أحياناً؛ تتفق كلهــــا ضد النهج العلمي والوعي الوطني.ولاتتورّع من أن تتهم المفكّــر التنويري والمناضـــل الإجتمـــاعي بمختلف الإتهامات الجاهزة ومن أن تجوّعه أو تشرّده أو تقتله دون أن تبـالي بأهمية عقله النظري وفعله العملي في تطوير البـــلاد وتقدمهــا ومن تلميحي إلى المعاناة العامــة للمثقفين التنويريين في العراق قولي:
أدري وتدرين يابغــــداد كـــــم نغــم**حلو تلعثــم بين البـوم والحجـــــــرِ
أدري وتدرين كـم قيثــــــارة صلبت** أوتارها السمر في هم وفي كــــدرِ
أدري وتدرين كم شمس وكم شهب** مذبوحة الضوء قد راحت لمنحــدرِ
هاتي المرايــــا أرينا كيف أوجهنــا** أضحت صحارى دمــوع ذلة خــورِ
وكيــف ألقـتْ منـــارات أشـــعتهـــا** إلى الرماد ودبّ الصمت في الشررِ
خلي الحكايــة ســــكينــاً تجـزّ بنــا ** وزغــردي فغـدا لابــدّ مـن مطـــــرِ
ومن تلميحي إلى معاناتي الخاصة قولي:
أجرمتُ من فرط إِحساسي ومن فِكَري** وغـربتـــي بين قـــــومٍ لــيس كالبشـرِ
وتهمتي أَنّهـــــمْ نامُــــــوا وأَقلقَهـــمْ **ضوئي،وأَزعجهمْ من أَجلِهم سـهَـري
وتهمتي أَنَّ كلَّ الأَرضِ قـــــد لبِستْ ** صخراً،ومازال مُخضرَّاً لهم شـجـري
وتهـمـتي أَنّني أَجــريـتُ مـن قــلقـي** نهـــــراً،لأُنقذَهــمْ من قبضةِ الحجـَــرِ
وتهمتي أَنّني أَدعـــــــو الريـــاحَ إلَى** رمـادِهـم،وأَصبُّ الزيـتَ في الشَّــــررِ
إِذا يقولونَ:"مجنونٌ" فقـد صدقــــوا** فيما يقولونَ عن رعدي وعن مطري
وسلطة الدولة في العراق هي أوّل المسؤولين عن كل ذلك التخلّف المتداخـل نــسيجـــه سياسيا واجتماعيا ودينيّاً لأن زمام التشريع والتنفيذ بيدهــا.ولو كانت سلطـــة وطنيــــــة حقاً؛ لأصلحت الواقع المتخلّف ،وحسّنته لإسعاد الإنســـان العراقي؛لكنها سـلطة فساد واســتبــداد. .غايتها تناقض غاية الشعب فضلاً عن انها تابعة للأجنبي على الرغــم من الاستقــلال الشكلي. وعلى الشاعر العراقي في مثل هذه الحال أن يختار موقفاً من موقفين. إما أن يكون دميـــة بيـد الحاكم الفاسد والمستبد،ويشاركه في فساده واستبداده ضد شعبه وسيادة وطنه،وإما أن يكون إنسـانا وطنياً صادقاً يقــاوم ظالــم شعبه وخائن بلاده.ولكم كنت صريحاً باختيــــار الموقــف الإنسـاني والوطني من خلال شعري المناهض للحكام العراقيين كقولي:
بيننا والقادة الغر سيـــــاجُ ** لهم النفط وللشعب العجــــاجُ
كلهم صاروا ديوكــــاً معنـا ** ومع الديك الحقيقي دجـــــاجُ
نرجسيّــون طفيليــون.لــــم** ينضجوا.حمق مخانيث سماجُ
ليس تعنيهم ضحايـــا وطـن** ونزيفٌ له في الكون ارتجـاجُ
همّهم أن يقسموا الحبّ ولا** يتبقّى بين قلبيــــن امتـــــزاجُ
وادعوا الدين ولا دين لهــم**مالهم في جوهر الدين احتياجُ
كلهـم جانٍ فإن غـاب فمي** فلشعبي لم يغب فيه احتجـاجُ
وطني عرشي وفخـري أنـه** فوق رأسي أينما سافرت تاجُُ
أو قولي:
أصاروا الله متجـرة بســــوق** وخير الأنبيـاء ذوي ارتزاقِ
لقد باعوا العراق وهان حتى**لأخجل أن أقـول أنـا عـراقي
رأيت الشعــب مختلفـا ولكـن** على كره لهـم هو في وفـاقِ
لصوص إن أنظفهـــــم لقـذْر** وأحلاهــــم لمـرٌّ كـالزُعــــاقِ
ستكنسهم يد التاريــخ حتما ** ولايبقى لهم في الأرض باقي
ولاشك في أن من يختارالإنسانية والوطنية صادقاً في ظل هذا التخلّف الشامل سيشعر بالإغتراب بين أهله في وطنه الذي لم يعد وطناً إلا بالاسم ،بل صار قبراً يضم المواطن الحرّ بين أطباقه وهو مايزال حياً.ومهما تكن الغربة خارج الوطن،تكن أهون من الإغتـراب داخلـه.وقـد عبرت عن هـذا الشعـور المريــر في أغلب قصائــدي.ومن شعوري أني في مقبرة لا في وطن قولي:
تباً لحاليَ نسراً ليس ينجدني ** جنحي عليّ من الأشراك أكوامُ
قد صرت أبحث عن طهري بمقبرة** لكثر ماحاط بالأحياء آثامُ
وكقولي:
إني سـأرحــــل عن أرضي وجنتها**كرهاً وأبعد عن نخلي وأنهاري
قد طال صبري خفيضاً رهن مقبرة** فما انتظاري نسراً بين أحجـارِ
ومن شعوري بالإغتراب بين قومي داخل الوطن كقولي:
وليت همي كهم الناس مأدبة** وكنز مال وكرسيٌ وأربــــاحُ
يذوب بينهم قلبي وقد جلدوا** كما يذوب بعمق الليل مصباحُ
أكاد أبكي عليهم كلما ضحكوا** أكاد أضحك منهم كلما ناحوا.
وكقولي:
أنا الظمأ المهموم ألهث حامــلاً ** على ظهري المسبيّ تابوت أحــلامي
فـلا فـرسـي يعـدو فانقــذ رايـتي** ولاحربتي تردي ولاساعــــدي رامي
وهـاأنـا يـابغـــــداد جئتــــك ميتاً** قفي واخلطي الحناء بالمدمع الهامي
هبيني رصيفــاً تـستـكنّ حقائـبي** عليه فقد ماتت من السيـر أقــــدامي
أنا القمح والنخل العراقيّ أنحني** جفافاً وأهوي جانب الشاطئ الطامي
أنا القرية الخضـراء قحط أذلّني** فأطفـأت فانوسي وأخفيت إكــــرامي

وأحسب أنّ أساس كلّ هذا الخراب الذي ذكرت، بصوره السياسية والإجتماعية والدينية في العــراق ، يكمن في وضع المرأة فيه،لأهمية دورها في العطاء الإجتماعي.وبدلاً من أن تحتفي السلطة الذكورية في العراق بهذه الإنوثة الخلاقة المعطاء،وتساعدها علي نيل حريتها واستقلالها؛نراها ترهقها بقــيود العبوديــة والتبعيــة وتستهين بكرامتها وقيمتها الإجتماعية.ولعمري لا أكاد أرى إستهانة في الحيــاة أقسى من الإستهانة بالإمومة التي هي رمز الخصب والتجديد في المجتمع.ولقد أعظمت معنى الإمومة بشعري وأشدت به.ومن قولي في ذلك المعنى:
ياعالم السحـر ياجمـالاً** يصيح. حُسن يشدّ حسنا
ياأنت معنى الوجود لولا **ك لــم يكن فيـه أيّ معنى
ثوري نحطّم معاً قيـــوداً **غاصت عميقاً بنا وسجنا
أو قولي:
من نفح روحك هذا الطيب في طيني** كالله أنت وقـد أحسنت تكويني
سبحان نورك.روحي بعض خمرتــه** وبعض أكؤسه شـكلي وتزييني
إليّ صــدرك يـا ظـــلاً ألـــــوذ بـــــه** حباً لينسيني حقد السكاكيــنِ
هيآ لنهـــرب من سجن نمــوت بـــه** ذلا ونخلص من حكم السلاطينِ
وما إسراف أكثر الرجال بظلم نسائهم إلا دليل على عجزهم عن مواجهة سلطة الأقوى،وعلى رضوخهم لحكمه وطغيانه..ومهما يكن من شيء،فإنّ وضع المرأة في العراق وخصوصاً المسلمة هو مخالف لحقوقها المدنيّة ومخالف لحقوقها الشرعية أيضاً.
وكيف لايخالف وضعُها حقوقها المدنية وقد ميّزتها االسلطة الذكورية عن الرجل على أساس الجنس،ولم تقر المساواة بينهما في الحرية الشخصية الكاملة التي أصبحت تخصه هو وحده ولاتخصها هي. .ولكم دعوتها في شعري للثورة على ذلك التمييز لكي تتحرر من قيود العبودية والتبعية،.ومما يدل على تثويري إياها في هذا الميدان قولي:
ثوري على القيدِ في اللَّيلِ.ثوري أُقبّلْـكِ. ثوري أُعانقْـكِ.ثوري أَرينيْ جماحَ الخيولِ بعينيكِ.لستُ أُحبُّك تابعةً كالكلابْ.
ولستُ أُحبُّكِ عصفورةً مُفزَعهْ
تلوذُ بريشِ انحناءْ.
أُحبُّكِ عُريانةً في المساءْ.
تَشعِّينَ كالنَّجمةِ النائيهْ.
أَأَنتِ الإلهْ؟
يُميتُ،ويَبعثْ
سأُعلنُ رغم ذكوريّةِ الأنبياءْ،
سأُعلنُ:إِنَّ الإلهَ مؤنّثْ.
وإنّكِ كلِّي.
وفيكِ اندمجتُ،وفيَّ اندمجتِ
أَأَنتِ أَنا أَمْ أَنا هو أَنتِ؟
كلانا هو الله وحدَه.ما مِن إلهٍ سواهْ
وممايدل على إصراري على مساواتها قولي:
ولتكوني شريكتي** بصعود إلى الذرى
أنا طيـــر ولم أزل** فيك أرجو تحررا
أو قولي:
شاركيني ياابنة الكبت الهوى** ولنطفّئ بــــه فينا الحرقا
وأحبيـــني عميـــقـــاً إفعــلي **تجدي ردّي لفعــــل أعمقا
وليقــل عنـــك وعني جاهـــل** خالفا العرف وساءا خلقا
وكيف لايخالف وضعها حقوقها الشرعية أيضاً، وقد اتهمتها السلطــة الذكوريــة بنقصان العقل والدين خلافاً لنصوص التنزيــل والحديـث التي ساوت بينها والرجـل عقلياً ودينياً ،ولكـم أكدت بشعري آن المرأة ليست جسدا منفصلا لهدف بيولوجي وحسب ،وانما هي النصف البشــــــري والرجل هو النصف الآخر.والنصفان يلتقيان في وحدة الإنسان العقلية والنفسية والجسدية .ولقد عبرت عن مثل هذا المعنى بقولي:
أخرجيني من جنــــان أغلقت** كوّة الضــوء على كـــلّ فطيـــن
وإلى صدري هلمّي شـجــــراً** وإلى صـدرك عصفوراً خذيني
خوفــوك الأهــل مني وأنــــا ** منك باسم الدين أهلي خوّفـوني
فتعـالي نتعــانـــق قبــــلمـــــا** يتلاشى العمر في صمت المنون
وبناءً على نقصانها المزعوم ركّزت السلطة الذكورية على حجابها الشكلى الذي لــيس هو من الفرائض الشرعية بشئ ولم تلتفت تلك السلطة كثيراً إلى حجابها الجوهري الكامن في علمها وفي عملهــــا المؤكّدين في التنزيل والحديث؛ وهي تظن(أي السلطة الذكورية) أنّها بذلك الحجاب الشكلي تحمي المرأة من السوء. وكيفما يكن الحجاب الخارجي من دون وعي ومن دون علم وتربية،فإنه لايقي انفس المرأة من الرغبة إذا أمرت بالسوء.وقد أشرت في أبيات لي إلى هذا التناقض بين صورة الداخل الحقيقية وصورة الخارج غير الحقيقية بإزاء نقد الشكلية في الحجاب؛إذ قلت:
أريني غير همّـك بالحجــــابِ** فما أهوى القشور بلا لبـابِ
أتخفيـن الهـوى عبثـاً بثـوب ** وهل يخفى حريق بالثيـــابِ
وتبدين الوقار بخفـض صوت** وفي عينيك زلزال الشــبابِ
أتخشين الحســاب وأي شيء**جنيت لكي تساقي للحسـابِ
فلاتثــقي بمــا قــــالـــت رواة** بهم من غابة طبع الذئـــابِ
فما في الحب تخريــــب ولكن** رأيت بحقدنا كلّ الخـــــرابِ
فكم من زوجــــة زُفّت بعقـد ** وكان زواجها شبه اغتصابِ
أفكــــر ضد مملكتي وعرشي** على حكم الذكورة بانقـــلابِ
وأخيراً إنني أنادي بحرية المرأة" العراقية،لسببين.الأؤل هو أنها هي أسـاس البناء الإجتماعي في العـــراق الذي لايمكن أن يكون قوياً صحيحاً مالم تتحرر المرأة فيه من هيمنة ثالـوث سلطات التخلّف التي ذكرتها آنفاً.والآخـر هو آن حريتي أنا لا يكتمـل معناهــا من دون معنى حريتهـا هي..كيف يمكن لي أن أكـون حراً في وطني وأمي أو أختي أو بنتي أو حبيـبتي،مثلاً، تعيـش فيــه غيـر حرّة؟.كــيف؟إنّ حريتهنّ هي جزء لايتجزأ من حريتي الشخصيـــة التي هي جوهـــر حيـاتي،ومعنى وجـــودي .وما كان لكائن بشري أن يكون إنسانا ذا قيمة من دون حريته وحرية الآخرين الذي يعـيشــون معه.هذا وشكراً لكم جميعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*محاضرة ألقيت في 12 أيّار/ماي 2024م.بدعوة من الجمعية الكندية ــ العراقية في مدينة أوتاوا في كندا(Iraqi Canadian Society – Ottawa).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطريقة كوميدية.. الفنان بدر صالح يوضح الفرق بين السواقة في د


.. فايز الدويري: فيديو الأسير يثبت زيف الرواية الإسرائيلية




.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه