الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مامعنى أن تكون كاتبا اليوم ؟

محمد البوزيدي

2024 / 5 / 14
الادب والفن


يعيد انعقاد المعرض الدولي للكتاب كل سنة سؤالا عميقا وجوهريا لا يمل المهتمون عن طرحه كل لحظة وحين وهو :مامعنى أن تكون كاتبا ؟
وهل أصبح الكاتب كاتبا فعلا كما كان؟ أم أنه احتفظ بلقب أصبح شبهة لاعتبارات شتى ؟
لايمكن الجواب عن هذا السؤال المفتوح منذ مدة بعيدا عن تلمس موقع الكاتب اليوم في النسيج المجتمعي
فالكاتب أصبح مرادفا لوضعيات غريبة لم تكن معهودة عنه من قبل ...
فالبعض يراه أصبح عالة على المجتمع بحكم تراجع الوضع الاعتباري له، فلم يعد أحد يقرأ كما كان، ولم تعد تحليلاته للوضعية تجد صدى لها في أي نخبة كيفما كانت
كما أصبح الكاتب رمزا لوضعية بئيسة بحكم تيهانه وفقره الخاص، إذ يلجأ إلى محاولة بيع كتبه بكل الطرق في زمن أصبح البيع بعيدا عن المعرفة، لذلك تجده تائها بين دور النشر كالمتسول وانتظار "الصدقة "السنوية لوزارة الثقافة المتمثلة في دعم طبع الكتاب .
أصبح الكاتب "لئيما" متهما بالتواطؤ مع الرأسمال ، يبحر في خياله الواسع، ويبتعد عن طرح القضايا الهامة في المجتمع، فيدخل في سياق التبرير، فتاه عن الانخراط المجتمعي ولم يبق مثقفا عضويا... اذ أصبح واجهة لتمرير وتبرير وتقديم سياسات مجتمعية تضرب في الصميم. فكيف سيقرآ له الآخرون أو يقتنعوا بصواب تحليلات تبدو تائهة وخارجة عن السياق في رأي البعض..
أصبح الكاتب أحيانا واجهة ليافطات حزبية، لذلك يكون حاضرا في صفحات جرائد معينة أو إعلام محدد ،فيتم تغييبه حين تنتفي الحاجة ل"مقولاته" التي يصبغ بها جدران الصمت الرهيبة التي تهيمن على المجتمع .
من هنا أصبح الكاتب يقارب الفراغ، وحين تنضاف الوضعية السابقة لذاتية حربائية يصبح نكتة ومهزلة للتيهان والفراغ .
ترى أين الاشكال ؟ في رأيي الجواب يختصر في ثلاثة أمور متباينة ومتكاملة فيما بينها :
الأول : ذاتي فالكاتب الراهن /الحالي عجز عن التكيف مع ديناميات الوضع الراهن ، بل أصبح غريبا عنه ومازال يكافح لاستيعاب مضامينه ، ترى هل لعب صراع الأجيال دورا هاما في هذا السياق ؟ أم أن التفكير من البرج العاجي أسقط الكاتب في دائرة الإهمال ؟
لكن يبدو أن الأمر الثاني أدق وأعمق ،فقد دمرت وسائل التواصل الاجتماعي بما فرضته إيقاعاتها التي لا تتوقف من سياقات خاصة (ملء الفراغ / الأخبار / الصوت والصورة/ الخبر في الحين ..) كل حاجة لدى الجمهور للتفكير والفكر، فأصبحت الحاجة ماسة للألعاب والموسيقى والترفيه الذي خلق أجيالا تائهة لا تدري كينونتها ولا جوهرها ولا موقعها ،وحول الأجيال المخضرمة إلى غرباء على طاولة تعدد ضيوفها لكن مازال يجهل صاحبها ؟
والأمر الثالث هو أن توفر الكتاب الرقمي بسرعة وسهولة ويسر في الزمان والمكان خلق تخمة غريبة في الفكر. فقد كنا فيما مضى نبحث أو ننتظر صدور جريدة أو مجلة في يوم أو أسبوع محدد ،فطال العمر حتى نجدها بين هاتفنا ليلة الزمن الذي تحمله افتتاحية المطبوعة بشكل لا يصدق ،أو نعثر عليها في أرشيفات تتضخم يوما عن يوم في موسوعات ضخمة، فاختزل الزمان والمكان وتراكم كل شيء حتى فقد قيمته ونكهته التي كان مرتبطا بها .وحين فقدت قيمة المنتوج فكان طبيعيا أن يصبح صاحبها على قارعة الزمن الهارب .
ختاما لامفر للمجتمعات من كاتب يكون ضميرا جمعيا، صادحا ومعبرا عن آمال وآلام الساكنة بشكل أو بآخر ،لكن اليوم فقد المعنى بشكل مريع وانتصر عالم التكنولوجيا فأصبح الكل يعبر ويكتب ويحلل حتى صعب التمييز بين الكاتب وغيره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة


.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها




.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-


.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق




.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا