الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثبات سلوك الرأسمالية الاستعمارية!

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2024 / 5 / 14
القضية الفلسطينية


لا حرج في القول أن الحرب التي اشتعلت في السابع من أكتوبر 2023 في قطاع غزة عكست بشكل أوضح أبعاد القضية الفلسطينية دوليا و عالميا ، بماهي سيرورة استعمار و استيطان بادرت إليهما في نهاية القرن التاسع عشر حملات جديدة "من حملات الفرنجة أو الصليبية " ، بحجة استحقاق " ورثة الحضارة " استرداد البلاد التي كانت مهدا لها . لقد أعادت هذه الحرب إلى الأذهان مفهومية هذا الصراع بما هو ليس محصورا في فلسطين بين المستوطنين الأوروبيين و سكانها الأصليين و بأن الوساطات و الصفقات التي ينجر إليها بعض الحكام في فلسطين و غير فلسطين ،أملا بالحد من الأطماع "الحضارية الإفرنجية " ، لا سيما إذا تواصلت على المنوال الذي انتهجه الهنود الحمر في أميركا الشمالية ، ستفضي على الأرجح إلى نفس النتائج التي حصل عليها هؤلاء .
لقد ظهر بشكل لا لُبس فيه ،منذ السابع من أكتوبر 2023 ، ان دور الولايات المتحدة الأميركية و الدول التابعة لها في الإتحاد الأوروبي ، في السيرورة الاستعمارية ـ الاستيطانية ، المسماة " إسرائيلية " ، لا يقتصر في الحقيقة على تقديم الدعم المادي و الإمداد العسكري ، و إنما يتعدى ذلك فيلامس حدود الانخراط الفعلي فيها و الاستعداد له على ضوء معطيات المراقبة القريبة للميدان .
و لكن اللافت للنظر في هذا المشهد " الفلسطيني" أننا نلاحظ فيه مؤشرات تدل على أنه صار "معولما " أو " مكوكبا " ، يتمثل ذلك في أن أصداءه ترددت في كثير من البلدان ، و في البلدان الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية على و جه الخصوص ، حيث اضطرت سلطات الحكم أمام التناقض الذي ظهر بينها من جهة و بين جيل الشباب ، لا سيما طلاب الجامعات ، إلى الكشف عن طبيعتها التي استطاعت سترها ، بعد الحرب العالمية الثانية و" الاستقلالات " الشكلية " ، التي منحت للمستعمرات ، فبدا أن هذه الطبيعة لم تتبدل كثيرا .
و ما يثير الدهشة لحد الذهول هو أن " ثبات المميزات " إذا جاز التعبير ،في السلوك العنصري و السياسات العدائية ، مقرونا بالتقدم التقني الهائل في مجالات الإعلام و الدعاية و وسائل الإلغاء للوجود ماديا و معنويا ، يبطن قدرات خيالية على تنفيذ خطط لا يمكننا نظريا التكهن بنتائجها . و بالتالي لن نغوص هنا في سيناريوهات " استباقية " ، فنقتضب لنقول ان الحرب الدائرة في قطاع غزة رسخت قناعتنا بصحة رأي شاعر المارتنيك إيميه سيزير عن احتمالية ارتكاب النظام السياسي الرأسمالي من جديد ، جرائم إبادة عرقية كتلك التي و قعت في أوروبا نفسها في الحروب التي دارت على أرضها وبين شعوبها ، و لكن ضد شعوب غير أوروبية !
لا نجازف بالكلام أن العنصرية تتفشى في الراهن في المجتمعات الأوروبية بأوجه ملموسة و ظاهرة ، فهي تتجسد على سبيل المثال بالمضايقات في العمل و في المجتمع يتعرض لها المواطنون من أصول أجنبية و التي تنعكس تقبيحا و تشهيرا في الإعلام و المساجلات السياسية الداخلية و في المواقف من الأحداث العالمية حيث تقاس الأمور بمكيالين تحيّزا لتغذية الكراهية أحيانا ضدهم .
خذ إليك المواجهات و الانتفاضات التي تقع في فلسطين نتيجة الاحتلال و ردة فعل الذين يعيشون تحت وطأته ، حيث تبدأ المسألة بتوصيف الفعل ، و هو غالبا ما يكون توصيفا مجاف للحقيقة بغية إنتاج حملة إعلامية و دعائية تبريرا للاحتلال ، يتحمل تبعاتها المواطنون المتحدرون من مهاجرين .
فعلى هامش الصدامات المستمرة في قطاع غزة و غيرها من البلدان المجاورة لفلسطين ، منعت بين الفينة و الفينة في العديد من البلدان الاوروبية ، التظاهرات المنددة بالمجازر الجماعية ، و الأعلام الفلسطينية ، أضف إلى المضايقات الشرطية و الإحالات على المحاكم الجزائية المتكررة بتهم مثل " تبرير الإرهاب ، و الاعتراض على السردية الرسمية " التي تتبنى دائما ، السردية الإسرائيلية الملفقة .
فما يخشى منه المواطنون ذوو الأصول الأجنبية في الواقع هو أن تسوء الأوضاع الاجتماعية ، وتزداد الميول لرفض الاختلاف في الشكل و التعبير ، عندها سيكون الفصل العنصري غير مستبعد بطرق قديمة معروفة و مجربة وبطرق جديدة ، نسمع أنها تطبق في معسكرات ، في ظلام الليل و تحت أشعة الشمس ، على اليابسة و في عرض البحر و في الأجواء أيضا ، بعد التخدير أو من دون تخدير ، لان فصل من لا وطن بدل له مؤلم جدا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن