الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع -الحوار المتمدن-

هاتف جنابي

2006 / 12 / 10
ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن



- بما أنني أكتب ، تقريبا، بملأ فمي، وأعبّرُ عما يجول في ذهني وخاطري بدون رقيب، فأنا حر إلى حد ما، لكنْ، ينبغي أن نتذكر هذه أل"لكنْ"، لأن أصل البلاء فيها. "لكنْ" في هذه الحالة تعني الكثير: ما ورثتُه أنا وأنت، وما ورثناه نحن من سلطة الدين ونفوذ السلطة وسطوة العادات والتقاليد، واستبداد الواحد بالآخر، وهذه الأيديولوجيا بتلك. ما الذي بقي لنا بعد وضع هذه أل"لكنْ"؟ فلنعد، من جديد من حيث ابتدأنا. يعني، من أين جاءت يا ترى إذن هذه الحرية المزعومة؟
- أوَهَبتنا إياها الغربة اللعينة، والمنفى اللعين، وبُعدنا عن حوزة أل"لكنْ"، أسَمَحَ لنا بهذا الحيز مجهودنا الفردي أوالجماعي كمتنورين تواقين لفعل شيء صحي، حتى لو دفعنا مجهودنا إلى المجهول: إلى منعنا من السفر، زجّنا في المعتقلات، في المقابر الجماعية، رشنا بمبيدات الحشرات، وتسميمنا بالكيمياويات، ورمينا في جب الحرمان، في المنفى، أو تمزيق أجسادنا بالأحزمة الناسفة، والمفخخات وجعلنا نحلم ونحلم حتى نهاية الأبدية، بأن مَنْ يقول: لا، لن يموت أو يُفصل من وظيفته أو يجوع أو يعامل كطريدة أو مواطن من الدرجة الثانية والثالثة. كل ذلك قابل للأخذ والرد، لجعله مثار تأمل في زمن يتقهقر إلى الوراء. تساؤلاتنا هذه وأجوبتنا الوهمية ظاهريا، الواقعية فعلا وحقيقة، لم يكنْ لها مبرر لو كنا جماعة حرة، وأفرادا أحرارا، لو لم تكن حواشي"لكنْ" هي المتحكمة في حياتنا ونفوسنا وعلاقتنا بالسلطة والدين والمجتمع، وعلاقتنا بعضنا ببعض، بل حتى بأنفسنا، وعلاقتنا بالثقافة والحضارة. ما يتحكم بنا هو السطحي والهامشي والجاهلي والتأويل المنحرف الفاسد لتراثنا. تتحكم بنا القشور لا اللب.
- المجتمع الذي ما يزال ينظر(ونحن في مستهل القرن الحادي والعشرين) إلى المرأة على أنها محض عورة، لا يسمح لها بالسفر والتنقل إلا مع وكيلها الذكري، لا يمكن أن يمنح الآخر حريته. الممارسات التي تسمح بنسف أو محاربة الفعاليات والمراكز الثقافية وأماكن التلسية، كالسينما والمسرح والأندية والمقاهي، مثلا، لا تمنح الحرية. المجتمع الذي يسيطر عليه شيخ العشيرة، وشرطي الأمن والمخبرون ومجندو "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، لا يمنح الحرية. الأنظمة التي لاتستند إلى إرادة الأغلبية، لا تمنح الحرية. ثقافة الطاعة الجماعية، لأي كان، ومهما كان، لا تمنح الحرية. وعليه فلا نعتقد بأن الممارسة السياسية، الدينية، والسلطوية السائدة في عالمنا العربي قادرة على خلق ثقافة التفكير التوليدي السليم والحوار الحقيقيين. هناك وصاية مركبة؛ على صعيد النسق السلطوي –الديني – الإجتماعي ونسق الطرف المعارض. نحن جميعا نفكر ونكتب ونتناقش في أجواء، أخيرها وأكثرها أملا، يشبه الحرية التي كانت متوفرة في بعض البلدان الأوروبية في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. وعليه فكيف تحترم المرأة، إذا كان الرجل ذاته في مجتمعه الذكوري غير محترم من قبل هذا الطرف أو ذاك؟ كيف يمكن أن تحترم الأقليات إذا كانت الأكثرية لا تحترم نفسها، ولا تعرف معنى أن يكون للإنسان الحق بالجهر بآرائه وأفكاره، وحق هذه الطائفة وتلك، وهذا المذهب وذاك- في نطاق "الأكثرية" ذاتها - بأن يمارس حقه في الحياة بدون رقيب، كيف إذا كانت هذه المجتمعات محكومة بالشعارات الفضفاضة الخادعة: من قومية ودينية ووحدوية وقبيلية، وهي لا تعير أهمية تذكر لحرية الرأي والرأي الآخر، خارج نطاق "ثقافة الطاعة الجماعية"؟ أقول: كيف يمكن لمن تربى في ظل هيمنة وتسلط هذا الحزب أو ذاك(حاكما أو معارضا) أن يكون مثالا للمرونة وللتسامح؟!
لايمكن تغيير المعادلة السائدة في عالمنا العربي اليوم القائمة على القوانين والدساتير البالية في قسم كبير منها، كما ولا يمكن أن تقوم أية نهضة ثقافية حقيقية، طالما بقيت السلطات بعيدة عن رقابة القانون ومحاسبة المجتمع؟ كيف للمجتمع محاسبة أنظمة لم يخترها، ومؤسسات وعقليات سلطوية- دينية- حزبية بالية؟
- لذا فالعلاقة القائمة اليوم بين الفئات المتحكمة والغالبية المكبلة، هي لقاء "السيد بعبده"، و"الإقطاعي بفلاحه". هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أصبحنا، وهنا يكمن حزننا وخيبة أملنا على السواء، نعيش في مجتمعات تعرضت لعملية غسيل أدمغة متواصلة، جعلتها مشلولة الإرادة بحيث أصبحت في كثير من الحالات تقوم بنفس الدور الذي يقوم به رقيب الحاكم والمفتي.
لذا فمن غير المنطقي أن نعول كثيرا على قوى المعارضة التقليدية. على القوى الديمقراطية والمتنورة أن تقوم بتجديد أنفسها قبل طلب تجديد المجتمع. في زمن الاستقطابات والتكتلات، من حقنا أن نرى صدى ذلك على صعيد نهوض حركات جديدة تماما أو حركات تبتعد عن ممارساتها التقليدية السابقة التي ساهمت بإضافة خيبات أخرى إلى تلك التي ملأت رؤوسنا وعيوننا وبطوننا بها الأنظمة المستبدة المتخلفة وفقهاء الظلام. بدون أن يكون هناك مثال أو أمثلة ملموسة وصادقة تحتذى لايمكننا الحديث عن نتائج مرجوة من قوى المعارضة. على أن قوى المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني تبقى ضرورية، رغم عجزها الواضح عن كسر شوكة القهر والاستبداد والتخلف في منطقتنا العربية. فلتنصور مجتمعاتنا بدون تلك القوى المعارضة بيسارها وديموقراطييها ولبرالييها ومعتدليها، حتى بطبعتها التقليدية المعهودة!
- من هنا يبدو تساؤل "الحوار المتمدن" عن دور الإعلام مشروعا للغاية. ويبدو لنا بأن "الحوار المتمدن" كمؤسسة إعلامية، رغم قصر عمرها الذي لايتعدى الخمس سنوات، قد قامت بدور ملموس في طرح وإثارة تساؤلات عديدة في مختلف المجالات التي تؤرقنا، رغم أنني كنت أتمنى أن تقل فيها مساحة الطرح التقليدي- الشعاراتي الذي تحكم في الحركات اليسارية والتيارات الديمقراطية إلى وقت قريب. مناسبة الذكرى الخامسة على تأسيس "الحوار المتمدن" تحفزنا لإعادة صياغة سؤال الإعلام في العالم العربي. وكيف أن السلطات العربية والمؤسسات شبه الرسمية بأموالها ونفوذها الأخطبوطي وبأساليب شيطانية وخبيثة قد استعادت تحكمها وهيمنتها على الكثير من مرافق وسائل الإعلام سواء في داخل البلدان العربية أو خارجها.
أية مؤسسة إعلامية لايمكن أن تفرض هيبتها، بدون دليل بيّن في الواقع العملي على سعة أفقها وعمق طرحها وحرصها على التجديد والبحث عن الحقيقة وتقديمها للناس. ولا نعتقد بأن شبح "الجزيرة" و"العربية" وهذه الصحيفة الحكومية أو الدينية غير المحايد، وهذه المؤسسة الرسمية أو شبهها وتلك، ببعيدة عن ذهن القاريء اللبيب.
لم يعد مطلوبا من وسائل الإعلام أن تعبر عن الحقيقة فقط، وإنما أن تبحث عن وسائل لتقديمها والدفاع عنها.
- من الملاحظ أن "الحوار المتمدن" قد شقت طريقها وسط مواقع مدعومة ماليا ومهنيا من قبل هذا الطرف أو ذاك، فالمنافسة قوية، لكن ما أن تنكشف الإطراف الممولة لها حتى يبدأ صوتها بالخفوت. ولربما الإستقلالية التي يمتلكها "الحوار المتمدن" تجعله أكثر مصداقية مما ذكرناه، على أننا نرى بأن مستقبل الحوار المتمدن يعتمد على مدى قدرته كمؤسسة على أن يكون منبرا حرا فعلا، منبرا يتحرك في إطار الفكر والممارسة النيرة، منبرا متنورا، يعتمد على تغليب مبدأ الشك لا اليقين، النقد المسؤول، حتى لو كان صارما أو ضد الذات، منبرا يقوم على أساس احترام كرامة الإنسان، واحترام الرأي والرأي الآخر، حتى لو كان متقاطعا مع التوجهات العامة التي يؤمن بها. وهنا ستكم قوة هذه المؤسسة، أية مؤسسة.
- قد لا نكون مغالين ومبالغين، إن قلنا: سيكون للإعلام دور خطير في عالمنا العربي داعيا، محرضا، ومغيرا. ستقوم وسائل الإعلام بما لم تستطع أن تقوم به الأحزاب التقليدية متسلطة ومعارضة على السواء، لأن البداية الحقيقية ستكون بتغيير عقلية الناس. سيكون للصورة دور أكبر، وسيكون للمواقع المتنورة المتطورة باستمرار دور أعظم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا