الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عرض كتاب السيرة الذاتية لهيلينا شيهان
الطاهر المعز
2024 / 5 / 15مواضيع وابحاث سياسية
"حتى نسقط: الحياة لمسافات طويلة على اليسار" (مجلة المراجعة الشهرية 2023)
Helena Sheehan’s autobiography “Until We Fall: Long Distance Life on the Left” (Monthly Review Press 2023)
المؤلفة هيلينا شيهان هي مناضلة يسارية أمريكية وأستاذة فخرية، دَرّست فلسفة العلوم وتاريخ الأفكار والدراسات الإعلامية في جامعة مدينة دبلن (إيرلندا)، ونشرت العديد من الدّراسات عن الفلسفة والسياسة والثقافة، ومن بينها " الماركسية وفلسفة العلوم" ، و "موجة سيريزا" ( في اليونان) ، و "التنقل في روح العصر" .
يُعْتَبَرُ كتاب "حتى نسقط: الحياة لمسافات طويلة على اليسار" (مجلة المراجعة الشهرية – مونثلي ريفيو - 2023) سيرة ذاتية للمؤلفة، يُرَكّز على بعض الأحداث التاريخية العالمية التي عاشتها أو شاركت في مسارها، وأهم هذه الأحداث: تأثيرات أو نتائج انهيار الإتحاد السوفيتي السابق مثل انهيار الاتجاهات التقدمية واليسار الإجتماعي في أوروبا وأمريكا، وانتعاش اليمين المتطرف والنيوليبرالية ( بدأ ذلك قبل حوالي عقد من انهيار الإتحاد السوفييتي) وانتعاش الأحزاب والقوى اليمينية الإستعمارية والعنصرية، المُتحرّرة من كل القُيُود، بدعم مباشر من تيارات الرأسمالية النيوليبرالية...
على صعيد السياسات الخارجية، لم تنته الحرب الباردة بل عَزّزت الولايات المتحدة حلف شمال الأطلسي الذي تضاعف عدد أعضائه، وتعزّز العداء ضد روسيا والصين، ليس باعتبارهما نِظامَيْن "شيوعِيّيْن" بل باعتبارهما منافِسَيْن رأسمالِيَّيْن، للنّفوذ الإقتصادي الأمريكي المُتراجع، وتحاول الإمبريالية الأمريكية تعويض الهيمنة الإقتصادية بالهيمنة العسكرية، أو ما سُمِّيَ "عَسْكَرَة الدّبلوماسية والسياسات الخارجية"، للمحافظة على النظام العالمي أحادي القطب، في مواجهة ما تطرحه الصين وروسيا والمُتمثّل في إنشاء عالم رأسمالي متعدّد الأقطاب، وفي ظل انهيار تجمعات دُول "الأطْراف" مثل مجموعة عدم الإنحياز أو مجموعة السّبع والسبعين، ونشأت تجمعات أخرى أقل طموحًا مثل بريكس التي تضم الدّول مرتفعة أو متوسطة الدّخل وليس الدّول الفقيرة...
فَرَضَ وُجُود الإتحاد السوفييتي بعض التنازلات من قِبَل الرأسمالية لصالح الأُجَراء والعُمّال والفُقراء، بهدف المحافظة على السّلم الإجتماعي وإِبْعادِهم العُمّال والفقراء عن الفكر الإشتراكي، وأدّى تفكك الاتحاد السوفييتي إلى انهيار الأحزاب "التّحريفية" التي كانت تدعم مواقف الإتحاد السوفييتي "ظالمًا أو مظلومًا" وإلى تخبّط وإحباط العديد من الفئات والمنظمات وإلى خسائر فادحة على مستوى المكتسبات الإجتماعية، وعلى مستوى الحماية الإجتماعية وعُقُود العمل والرعاية الصحّية ومجانية التعليم الخ، وانتشرت الإتجاهات الرجعية تحت مُسمّيات مختلفة، منها تيار "الوضعية" أو "ما بعد الحداثة" والتّركيز على سياسات "الهوية" وتعمل على تعزيز الانقسام الاجتماعي وإهمال أُسُس التحليل الطبقي، ما أدّى إلى التحول نحو اليمين في مجالات السياسة والفكر والثقافة، بالتوازي مع اتساع الفجوة في الدخل والثروة بين القلة المزدهرة وأغلبية المجتمعات والشعوب، داخل كل بلد وعلى مستوى الكوكب...
أعلنت هيلينا شيهان إن تحليلاتها تنطلق من الفكر الإشتراكي وكتابات كارل ماركس لفهم الأحداث التاريخية العالمية خلال العقود الأربعة الماضية، وأهمها انهيار الإتحاد السوفييتي وصعود الرأسمالية بنسختها النيوليبرالية على مستوى العالم أو ما تُسمّيها "الثورة الرأسمالية المضادة"، وتَوَسُّع حلف شمال الأطلسي شرقاً وما ولّدتْهُ هذه الموضعية من صراعات مُسَلَّحَة وتهديد بالحرب النووية الحرارية...
لم تكتفِ "هيلينا شيهان" بالتحليل النّظَري والكتابة، فهي مناضلة ثورية ناضلت ضد نظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا، وتأسف لاستبداله "بالرأسمالية العنصرية" حيث لم يُؤَدّ انهيار نظام الميز العنصري إلى بناء نظام بديل مُؤَسّس على "العدالة الاجتماعية"، وتعتبر هيلينا شيهان إن من واجبها نقد الأخطاء لتلافيها في نضالات وتجارب المستقبل
يُعتبر كتاب " حتى نسقط: الحياة على مسافة طويلة على اليسار" مُكمّلاً لكتابها " الإبحار في روح العصر: قصة الحرب الباردة، واليسار الجديد، والجمهورية الأيرلندية، والشيوعية الدولية" المنشور سنة 2019 (Navigating the Zeitgeist: A Story of the Cold War, the New Left, Irish Republicanism, and International Communism ) الذي تناول موضوع الحرب الباردة في أمريكا خلال خمسينيات القرن العشرين، واليسار الجديد خلال عقد الستينيات، والحركات الاجتماعية والأحزاب الشيوعية في أوروبا خلال سبعينيات القرن العشرين، ويتمثل القاسم المشترك للكتابَيْن في دراسة التغييرات الكبيرة في مجالات الفكر السياسي والثقافة بدءًا من عقد الثمانينيات حيث نقدت المؤلفة بعض رموز الفكر الإشتراكي الذين التَقَتْهُم في بريطانيا واليونان والمكسيك والولايات المتحدة (موطنها) وأيرلندا، حيث تُدرّس، وقدّمت، من خلال تحليلاتها، العديد من الحُجَج المُقنِعة لدحض التيارات الفكرية السائدة، وخاصة الوضعية وما بعد الحداثة، وتفوق التحليل الإشتراكي، ضمن المنهج الذي اختارته (كفيلسوفة وباحثة ومناضلة) في "متابعة وجهات نظر المهزومين في عالم تسود فيه روايات الانتصار للمنتصرين، خصوصًا عندما يموت القديم ولا يمكن أن يولد الجديد، عندما تكون الرأسمالية منحلة ولكنها لا تزال مهيمنة..."
هيلينا شيهان هي مثقفة ثورية ( مُثقّفة عُضْوية على رأس أنطونيو غرامشي) ساهمت في نشر الفكر التقدمي وانخرطت بشكل مباشر لعقود من الزمن في الصراعات السياسية والإجتماعية الدائرة في معظم أنحاء العالم، وكانت حاضرة في الخطوط الأمامية كمشارك ومراقب ذكي، لأنها تعتقد "إن وجود اليسار الاشتراكي وحده هو الذي يضيء العالم ويمنحه الأمل".
أهدَتْ دراساتها وبحوثها لأولئك الذين انهارت قُواهم إثر التغييرات التي لم يكونوا يتوقعونها والتي أعقبت انهيار جدار برلين، وتهدف بعث الأمل بعدما لاحظت (بمناسبة حكم اليسار في اليونان ) "إن اليسار كثيراً ما يكرر أخطاء كان يمكن تجنبها من خلال التعلم من التجارب والهزائم السابقة"، لذا فهي تُؤكّد "إن الحياة التي تستحق العيش ليست فقط الحياة المدروسة، بل حياة النضال والتضامن مع الآخرين، من خلال الرفقة وحب العالم... أنا لم أتوقّف عن الحُلْم حتى عندما بدا أن البديل الاشتراكي قد انتهى إلى الأبد..."
تأثرت هيلينا شيهان بجيل من الشيوعيين الذين ساهموا في النضال العالمي من أجل الاشتراكية بالتحليل وبالإلتزام والانخراط في تغيير العالم والثبات في وجه الهزيمة التي فرضتها الرأسمالية المنتصرة، والمُشاركة في إعادة تشكيل عالم ما بعد انهيار الإتحاد السوفييتي والصّمود ضد الرأسمالية النيوليبرالية التي تقودها الولايات المتحدة، في ظل تدهور وضع حركات التحرير الوطني والطّبقي (الإجتماعي) والنضال الدّؤوب من أجل تأمين مستقبل متحرر يتجاوز طغيان رأس المال والمنطق المدمر للرأسمالية العالمية.
نشرت هيلينا شيهان دراسة قيّمة عن تطور أداء ائتلاف سيريزا (اليونان) الذي تمكن برنامجه المناهض لسياسات التقشف من الحصول على أغلبية أصوات النّاخبين، ولكنه نفّذ برنامجًا يمينيا معاديا لمصالح العُمّال والمُتقاعدين والفُقراء، وخضَعت حكومة إئتلاف اليسار إلى شروط الدّائنين (صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي والمُفَوّضية الأوروبية)، في حين لم تستفد أغلبية الشعب اليوناني، وفي مقدّمتهم ناخبو "سيريزا"، من هذه القروض التي أدّت إلى إفلاس اليونان وإلى انتشار البطالة والفقر...
ترتكز هيلينا شيهان بعمق على الفلسفة والنظرية الماركسية، لفهم التاريخ المعاصر، ولتُحلّلَ ما حصل في اليونان، من صُعود ثم استسلام قيادة سيريزا التي أثْبَتَتْ عن ضُعْف استيعابها للنظرية الثورية وعن انتهازيتها في الممارسة العملية، واتّسمت تلك القيادة بعدم الصّدق الفكري والسياسي، ما أدّى إلى انهيار ذلك الإئتلاف واستسلامه، وخيانة الثّقة التي نالها من جمهور العُمّال والكادحين والفُقراء والمُتقاعدين، أي أغلبية الشعب اليوناني، وبذلك "تحولت سُلْطَة ائتلاف سيريزا من أفق الأمل إلى دوامة اليأس" وأعلنت هيلينا شيهان : "يجب أن نتعلم من الهزيمة حتى نتمكن من العمل بشكل أفضل في المستقبل"
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فولكسفاغن على خطى كوداك؟| الأخبار
.. هل ينجح الرئيس الأميركي القادم في إنهاء حروب العالم؟ | #بزنس
.. الإعلام الإسرائيلي يناقش الخسائر التي تكبدها الجيش خلال الحر
.. نافذة من أمريكا.. أيام قليلة قبل تحديد هوية الساكن الجديد لل
.. مواجهة قوية في قرعة ربع نهائي كأس الرابطة الإنكليزية