الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحفاظ على المال العام تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (17/اتحادية/2023) الصادر بتاريخ 8/3/2023 والقرار (213/اتحادية/2021) الصادر بتاريخ 9/2/202 بالمقارنة مع قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ 13/4/2018 في قضية المؤسسة العامة لقصر شامبور(ETABLISSEMENT PBLIC D DOMAINE NATIONAL DE CHAMBORD)

عباس مجيد شبيب
باحث قانوني

(Abbas M. Alshemery)

2024 / 5 / 16
دراسات وابحاث قانونية


تضمن قرار المحكمة الاتحادية العليا بالرقم(17/اتحادية/2023) الحكم بعدم دستوريته احكام المادة (25) مكرر من قانون بيع وايجار أموال الدولة رقم(21) لسنة 2013 المعدل بالقانون(21) لسنة 2016 والتي نصت على (لوزير المالية بيع او ايجار الأراضي الزراعية التي تقع خارج حدود محرمات الطرق المقطوع عنها الحصة المائية بدون مزايدة علنية وعلى وزير الزراعة رفع يد الإصلاح الزراعي عن تلك الأراضي وتسجيل بدلات البيع والإيجار إيراداً نهائيا لخزينة الدولة على ان تراعى حقوق الارتفاق).
وتضمن قرار مجلس الدولة الفرنسي في قضية المؤسسة العامة لقصر شامبور على انه لا يحق لها ان تطلب تعويض عن استخدام شركة (Les Brasseries Kronebourg) لصور القصر بوصفه ملكا عاما ومن ثم تكون ملزمة بدفع تعويض عن ذلك وأصدرت المجلس قرارا بان (بالتالي، مع ذلك، لا يجوز للسلطة الإدارية، بغياب حكم تشريعي مخالف، أن تبت في المسؤولية التي يمكن أن تكون مترتبة على الشخص تجاه شخص عام، حيث أن هذا الإجراء التعويضي يندرج ضمن اختصاص السلطة القضائية. يجب أن يحل السبب القانوني البحت هذا محل السبب المعتمد في القرار المطعون فيه، والذي يبرر قانونياً منطوقه في ما يتعلق باللوائح الاستطراديه المقدمة من قبل المؤسسة العامة لملك شامبور العام établissement public du domaine national de Chambord ) ولغرض الوقوف على ما تضمنه القرارين كل من قرار المحكمة الاتحادية العليا أولا ثم المقارنة بقرار مجلس الدولة الفرنسي نسجل الاتي :
اولاً: اقام عضو مجلس النواب الدعوى للطعن بأحكام المادة (25) من قانون بيع ايجار أموال الدولة رقم(21) لسنة 2013 التي نصت على (لوزير المالية بيع او ايجار الأراضي الزراعية التي تقع خارج حدود محرمات الطرق المقطوع عنها الحصة المائية بدون مزايدة علنية وعلى وزير الزراعة رفع يد الإصلاح الزراعي عن تلك الأراضي وتسجيل بدلات البيع والإيجار إيراداً نهائيا لخزينة الدولة على ان تراعى حقوق الارتفاق.) ، والتي جرى النص عليها بموجب تعديل القانون انفا بالقانون رقم (21) لسنة 2016 وبين النائب ان هذا النص يرتب استغلال لأموال الدولة ومن ثم الحصول عليها بثمن بخس فضلاً عن مخالفته لأحكام المادة(14) من الدستور التي تتضمن النص على(العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الراي الاقتصادي او الاجتماعي ).
= اما بشان قرار مجلس الدولة الفرنسي فأنه صدر بعد الطعن الي تقدمت به شركة (Les Brasseries Kronebourg) (يتبيّن من مستندات الملف المقدّم إلى قضاة الأساس أن شركة Les Brasseries Kronenbourg التقطت، في بداية عام 2010، صوراً لقصر شامبور Château de Chambord ، وهو يندرج ضمن الملك العقاري العام للدولة بهدف استخدام صورة هذا القصر كجزء من حملة دعائية للبيرة "1664". في رسالة مؤرخة في 19 نيسان/أبريل 2010، أبلغ المدير العام للمؤسسة العامة لقصر شامبور établissement public du domaine national de Chambord الشركة أن استخدام صورة قصر شامبورد لأغراض الإعلان التجاري يشكل استخداماً خاصاً للملك العام يبرر دفع مقابل مالي.)، وقد ردت طلبات مؤسسة قصر شامبورد لأن استخدام المال العام جائز لكن في حال صدور قرار من الادارة يقيد استخدام هذا الحق فانه يجب التقيد بذلك.
ثانياً: ولغرض الوقوف على حيثيات ما تضمنه قرار المحكمة الاتحادية العليا فضلاً عما تضمنه قرار مجلس الدولة الفرنسي نرى دراسته ذلك بالإشارة الى القرارين لغرض الوقوف على موقف القضاء الدستوري العراقي والقضاء الإداري الفرنسي من حماية المال العام ونبدأ بقرار المحكمة الاتحادية العليا ثم قرار مجلس الدولة الفرنسي.
عليه فأننا نشير الى ان المال العام اما يكون حقاً يمكن الانتفاع به وفق الشريعة الإسلامية للجميع او لمجموعة معينة، ومن ثم فأن الاسلام يضع معيار المنفعة العامة للمسلمين او مجموعة منهم ، اما ما يستخدمه الناس بصورة خاصة فانه لا يعد مال عام ، وحدد القانون المدني العراق المال العام بالنص بأحكام المادة (71) من القانون رقم(40) لسنة 1951 بالنص على (1- تعتبر اموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة او للأشخاص المعنوية والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل او بمقتضى القانون) وبين القانون بأحكام المادة (65) من بان (المال كل حق له قيمة مادية)، عليه فأن القانون العراقي بين ان المال العام يعد كذلك اذاً كان مملوكاً للدولة او اشخاص القانون العام ، وان يكون مخصص للمنفعة العامة بالفعل او بمقتضى القانون ، سواء كانت عقارات او اموال منقولة سواء كانت مخصصة للمنفعة العامة او لتسيير المرفق العام ، سيما ان الأموال العامة قد تكون بطبيعتها مخصصة لانتفاع العامة ، ولذلك فأن الإدارة تكون ملزمة بتمكين الجمهور من الانتفاع من المال العام ونشير الى ان المشرع لعراقي ضمن القانون وسائل لحماية المال العام سواء كانت بالدستور او القانون ، ومنها نص الدستور بأحكام المادة ( 27) التي نصت على (أولاً :للأموال العامة حُرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن .ثانياً :تنظم بقانون الاحكام الخاصة بحفظ املاك الدولة وادارتها وشروط التصرف فيها والحدود التي لا يجوز فيها النزول عن شيء من هذه الاموال .) ، و كذلك الحماية في القانون المدني بموجب احكام المادة (71/2) بالنص على (وهذه الاموال لا يجوز التصرف فیھا او الحجر علیھا او تملكھا بالتقادم) ، وكذلك نظم القانون الحماية الجنائية للأموال العامة ، كما في قانون العقوبات العراقي رقم(111) لسنة 1969 وفق احكام المواد(352) و(353) وغيرها من الاحكام الأخرى في القوانين، وهنا يجب بيان ان المشرع الدستوري اشار الى مفهوم الاموال العامة ، ولم يشر الى أموال الدولة بصورة عامة أي انه النص الدستوري إشار الى الأموال العامة ثم بين أموال الدولة والتي هي بطبيعتها أموال عامة للدولة والخاصة لها ثم بين ان حمايتها واجب على كل مواطن و موقف غير واضح اذ ان هذه ليست مهمة المواطن انما مهمة الدولة .
اما بشأن مجلس الدولة الفرنسي فأن موقف القضاء الإداري الفرنسي، فأنه بين بأن حماية المال العام يجب ان تكون من خلال القانون اومن خلال قيام السلطة المختصة بإصدار تشريع يحدد الانتفاع بهذا المال العام، لأن النظام القانوني الفرنسي يرى بان المال العام هو ما تملكه الدولة والأشخاص المعنوية العامة فضلاُ عن ان تكون مخصصه للمنفعة العامة وهو ما اتفق عليه الفقه الفرنسي ويرى الفقيه (هوريو) انه يجب يخصص المال العام للمنفعة العامة وبقرار من الإدارة.
اذ ان قرار مجلس الدولة الفرنسي تضمن النص على (في المادة L. 621-42 من قانون التراث، على إمكانية قيام مديري الأملاك الوطنية بإخضاع لإذن مسبق، الاستخدام لأغراض تجارية لصورة المباني التي تشكل هذه الأملاك،) وان القانون صدر لاحقاً لاستخدام صور القصر بموجب القانون (قانون 7 تموز/يوليو 2016 المتعلق بحرية الإبداع والعمارة والتراث).
رابعاً: تضمن قرار المحكمة الاتحادية العليا الغاء النص القانوني مدار البحث لأنه لم يتضمن حماية للمال العام فقد يؤدي الى بيع الأموال العامة من دون ان يمكن الاخرين من التنافس للحصول على عليه وفق الأصول، وان ذلك يعني عدم المساواة بالانتفاع به من جهة ومن جهة أخرى فأن الدولة قد لا تحصل على أفضل عائد من بيعه.
اما بشأن قرار مجلس الدولة الفرنسي ومن خلال حيثياته فأنه بنفس المعنى بان القانون يحمي المال العام وفي حال قيام الإدارة بسن تشريع يتضمن هذه الحماية فان التعويض ينهض هنا، سيما وان مجلس الدولة الفرنسي استقرت احكامه آرائه على انه لا يوجد ما يمنع من تقييد استعمال المال العام طالما يوجد نص بشأن ذلك.

سادساً: قد تقوم بعض الأنظمة المستبدة بعد اصدار تشريعات لحماية المال العام لأنها تسعى الى حماية النظام السياسي قبل حماية المال العام، ولذلك فأنها تشترك مع الاخرين بالاستيلاء على المال العام، وفي اغلب الأنظمة القانونية فأنها تقوم بحماية المال العام من خلال فرض جزاءات مدنية كالتعويض، بخلاف الانظمة الاشتراكية التي تشدد على فرض جزاءات مشددة لان لكل دولة يجب ان تسعى لحماية الأموال العامة لغرض القيام بمهامها بما يؤدي الى اشباع الحاجات العامة ولذلك فأنها تسعى لوضع حماية مدنية وجنائية في تشريعاتها والدولة فضلا عن الأموال العامة فأنها لها مال خاص تديره كما يدير القطاع الخاص أمواله ، اذن المال العام هو المرافق العامة المملوكة للدولة او التي تساهم الدولة في ملكيتها والمال العام لا يمكن الا ان يكون تحت هذا المسمى كما في الطرق العامة .
اما بشان مجلس الدولة الفرنسي واما معايير تمييز المال العام فأن الفقه اوجد اكثر من معيار في فرنسا منها تخصيص المال لاستخدام الجمهور او تخصيصه للمرفق العام وتخصيصه للمنفعة العامة وهو مما يتفق عليه اغلب الفقه في فرنسا أي ان الدومين العام هو ما يخصص للمنفعة العامة ، ومن ثم فأن الإدارة اذا ما رأت أهمية المال العام بعد تخصيصه ، فأنها تقوم بحمايته من خلال السلطة التقديرية التي تملكها ، وهنا ما نبحثه لاحقاً من خلال قرار مجلس الدولة الفرنسي موضع بحثنا مع قرار المحكمة الاتحادية العليا وان الافكار السابقة بشان المال العام من اشتراط كونه قابل للتملك أصبحت غير سائدة الان، وبعد التطورات التي حدث سيما في المحال الاقتصادي ، سيما مع توسع الشركات ومنها الشركات المتعددة الجنسية والتي أصبحت لديها القدرة على تملك اكبر الاصول العقارية فان ها المعيار لا يمكن الركون اليه.
عليه فان من المتفق عليه حالياً في الفقه او التشريع بشأن معيار المال العام هو المنفعة العامة فبدون ذلك لا يمكن تحديد المنفعة العامة ومن ثم فان المال الخاص إذا كان يخصص للمنفعة العامة، فانه يجب ان يتملكه شخص معنوي عام، ومن ثم تخصيصه للمنفعة العامة حيت يطلق عليه مصطلح المال العام ويتمتع بالحماية ومنها الحماية المدنية.
عليه فأن قرار مجلس الدولة الفرنسي تضمن الاتي (لا يجوز للسلطة الإدارية، بغياب حكم تشريعي مخالف، أن تبت في المسؤولية التي يمكن أن تكون مترتبة على الشخص تجاه شخص عام).
سابعاً: ان الدولة يجب ان تلتزم بحماية المال من الاعتداء عليه ويمكن القول بان قرار المحكمة سعت الى الغاء النص الطعون به طالما انها رأت انه بذلك يمكن حمايته، اما مجلس الدولة الفرنسي فأنه بين بحيثيات القرار ان حماية المال من التعدي عيه يحتم عليها اتخاذ القرار المناسب وفي حل وجود قرار من الادارة يحظر استخدام ا صور القصر فأنه يمكن طلب التعويض كنوع من الحماية من التعدي على المال العام ومن ثم حق الأشخاص الإدارية من حماية الأموال العامة.
ثامناً: لعل ما يمكن ان نستخلصه من قرار المحكمة الاتحادية العليا وقرار مجلس الدولة الفرنسي أهمية الحفاظ على المال العام، فضلاً عن أهمية قيام المشرع العراقي بتنفيذ احمام المادة(27) من الدستور وإصدار قانون ينظم الأموال. د. عباس مجيد الشمري/باحث قانوني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل العربية: الدبابات الإسرائيلية تطلق قذائفها تجاه النازح


.. أخبار الصباح | إسرائيل قد تصبح على القائمة السوداء للأمم الم




.. كيربي: لا نؤيد فرض عقوبات على محكمة الجنايات الدولية في حال


.. رقعة | المواصي تزدحم بخيام النازحين من رفح




.. رفح.. إسرائيل تواصل قصف خيام النازحين | #غرفة_الأخبار