الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-تكوين- ولعنة العقل العربي الاسلامي

أمين بن سعيد

2024 / 5 / 16
كتابات ساخرة


من يحكم مصر؟ أو من أين تُستمد مرجعية الحكم؟ ولتبسيط الوصول إلى الإجابة، ولسنا في حاجة للبرهنة على أن مصر دولة دكتاتورية، نسأل: ما الذي لا نستطيع نقده في مصر؟ والسؤال يصدق على كل مكان على سطح الأرض: إذا أردت أن تعرف من يحكم، ابحث عما/ عمن لا تستطيع نقده.
خمس مؤسسات تحكم الشعب المصري بالحديد والنار: 1- الإسلام، 2- العروبة، 3- فلسطين، 4-العسكر، 5- المسيحية.
الإسلام: يحكم المؤسسات الأربع، وهو الابن والتوءم للعروبة، وهو والعروبة أنجبا فلسطين، وفي الثلاثي الأخير من الحمل دخل اليسار على الخط.
العروبة: هوية أغلب أفراد الشعب المصري، وتقول النظرية أن المصريين أغلبهم مسلمون عرب وأقلهم مسيحيون أقباط، والتقسيم أصله الدين، وإن استعمل كل المصريين اللغة العربية. أي غالبية وافدة من شبه الجزيرة العربية، غزت وغنمت أرضا وشعبا قبطيا مسيحيا. يختلف وضع مصر عن بقية دول شمال أفريقيا حيث تكون اللغة لا الدين هي من تحدد الأصول العرقية الهوياتية، لكن أصول الثقافة نفسها والأصل هو الحاكم وإن اختلفت بعض الفروع.
فلسطين: بقرة حلوب، قصتها تشبه قصة عمر بن العاص وبقرته، لكنها بقرة غير محلية يحلبها الجميع أي الثلاثة الذين أنجبوها، تحلب في مصر وفي كل البلدان العربية الإسلامية. وأيضا يحلبها بطريقة غير مباشرة قلة عرفوا أصل القصة لكنهم قرروا حلب بقرة أخرى تدعى إسرائيل.
العسكر: مؤسسة إسلامية عربية، ليس مؤسسة قبطية مسيحية، هو ببساطة خميس القبيلة، وبما أن القبيلة عربية مسلمة، لذلك لا يمكن أن يعلو فيها شأن ذمي ومولى. هو خميس يحمي القبيلة والدين وقريبا سيحرر فلسطين. قصة الولاء للأرض والشعب والوطن قد توجد عند الصغار، أما الأكابر فولاؤهم لمصالحهم ومشاريعهم واقتصادهم هم لا اقتصاد البلد وشعبه، لكن الكبار والصغار يحملون نفس الثقافة، وأغلبهم سيصلون في القدس قريبا.
المسيحية: قبيلة لم تعرف الحداثة، تحكم أفرادها، ولتستطيع مواصلة ذلك ترضى باضطهاد الأربعة لها.
تستطيع نقد المسيحية في مصر، بل تستطيع حتى قتل المسيحيين وحرق قراهم وتدمير كنائسهم، وقانون ازدراء الأديان لا يخصها بل هو تقريبا لا ينفذ إلا في منتقدي الإسلام، وإن وقع ونفذ في أحد من القبيلة العربية الاسلامية فيكون ذلك "تعزيرا لا حدا" وتمويها واستغفالا للعقول حتى يقال أن القانون يطبق على الجميع.
لا أحد يستطيع انتقاد الإسلام الرسمي الذي يحميه الأزهر، لا من خارج ولا من داخل الحظيرة الإسلامية، ولنا في سحل حسن شحاته الشيعي خير دليل. أما ما وقع من ترك بعض الملحدين واللادينيين يتكلمون على السوشيال ميديا فذلك كان مجرد صفقة إخوانية مرحلية لتصدير صورة براقة للغرب لا أكثر ولا أقل.
لا أحد يستطيع التشكيك في عروبة المصريين، وكون مصر قلب العروبة وأزهرها حامي حمى الدين، يجعل العاملين في هذا الحقل أصوات نشاز ولا تأثير لأطروحاتهم ولا أمل لها وإن تُرك بعضهم يتكلم لكن دون أن يُسمع وإن سُمح للآخر أن ينشر لكن دون أن يُقرأ.
لا أحد يستطيع مراجعة قضية فلسطين، إن تجرأ أحد وفعل فإنه لا يقتل جسديا لكنه يخون وربما أعدم اجتماعيا ومهنيا واعلاميا... إن لم يقع ذلك عليه، فإنه لا نتيجة سيرجوها من شعب عجنت طينته بإسلامه وعروبته وفلسطينه.
نقد العسكر خط أحمر لا نرى المصريين يتجرؤون عليه، وباستثناء كلام قلة على النات لا تأثير لها في الوعي الجمعي، لا نرى منابر إعلامية يتكلم فيها عن العسكر وممتلكاته ومشاريعه.
كل هذه المؤسسات الداخلية تشبه كل منها مافيا تحكم، وهذه المافيا يستحيل أن تتنازل عن مميزاتها وسلطاتها، وإن لوحظ على إحداها تنازلا ما فإنه لا يمكن فهمه في إطار تحديث أو تطوير أو نهضة بل في إطار محافظتها على مصالحها، وهنا الآلهة تكون في عون الماركسيين للبحث عن الطبقة الحاكمة والكشف عن ملامحها وخصوصياتها..
عمالة النظام المصري لأمريكا جلي، عمالته للخليج وانبطاحه لإسرائيل واضح، وربما من الأخيرين يمكن أن نفهم قصة "تكوين".
من الأساليب المعروفة لإقصاء المعارضة اختراقها، معارضة مخترقة هي معارضة يظهر عليها المعارضة لكنها لا خوف منها على النظام. إذا كانت هذه القاعدة تحكم كل دول العالم وعلى رأسها الدول الغربية "الديمقراطية" فهل ستشذ مصر؟
مصر الدولة الدينية العسكرية، ترعى مؤسسة هدفها تنوير الشعب المصري ولم لا كل الشعوب التي تستعمل معها نفس اللغة؟ وبدعم إماراتي... الإمارات المشيخة راعية الإهاب والخراب تدعم مشروعا تنويريا في مصر؟
أترجم، مصر الدولة العسكرية الدينية، شعب سبب بلائه الأزهر والعسكر، يحكمه العسكر والأزهر ومشتقاتهما المذكورة سابقا، يزكي جنراله الحاكم العسكري أبو زبيبة مشروعا تنويرا؟ وبأموال مشيخة داعمة راعية مصدرة للإرهاب والجهل؟
لو كانت "تكوين" فيها ذرة تنوير حقيقي لأعدمها الجنرال أبو زبيبة، ولما مولتها المشيخة. هل يعقل أن تمول المشيخة ويرعى الجنرال شيئا ما هدفه سحب البساط من تحت أقدامهم؟ مافيا تبيع المخدرات قد تنشئ مراكز علاج للتمويه لكنها لن تسمح بفكر حقيقي هدفه القضاء على الإدمان وتجريمه وتحريمه في العقول قبل القوانين. هل يعقل أن أسمح بفكر أو تيار ليس سيهدد مصالحي فحسب بل سيقضي علي؟ هل يصعب الفهم أني إن سمحت بشيء ما فيستحيل أن يهددني وحتما سيكون في جيبي وتحت إمرتي؟
المعارضة المخترقة المسيطر عليها، هي سلاح الحاكم المستبد للضحك على المحكومين، للتنفيس عن سخطهم وللتمويه على الرأي العام العالمي. هذه المعارضة خائنة للمشاريع التحررية الحقيقية لأنها تقصي الثوريين والتنويريين الحقيقيين وتأخذ أمكنتهم، هذه المعارضة المزيفة عميلة للحاكم المستبد، وإن غاب ذلك على أصحاب النوايا الطيبة ممن ينتمون إليها.
هؤلاء، ليسوا تنويريين فحسب، بل سيكونون الفكر، سيخلقونه من جديد، وأي فكر؟ الفكر العربي الإسلامي! وهذا الفكر أصله والحاكم عليه وكل مرجعياته وتراثه قال الله قال الرسول.
سؤال رقم 1: هل تظنون أن فاطمة ناعوت وإسلام بحيري وألفة يوسف ويوسف زيدان يعرفون حقيقة الإسلام؟
سؤال رقم 2: هل هذه الأسماء لو كانت موجودة اليوم كانت ستشارك في مؤسسة التكوين؟ بيومي قنديل، خليل عبد الكريم وسيد القمني؟
قد يقول قائل، مصر اليوم ظلام دامس، وأي شمعة مهما كانت عيوبها، ستكون حتما صالحة وستساهم في التغيير ولو بذرة. والجواب بسيط: ربما، لكن لا يجب أن ينسى ما معنى معارضة مخترقة.
التنوير الحقيقي طب، والطب يلزمه طبيب، لا شبه طبيب ولا ممرض ولا مشعوذ. الوحيد الذي يشخص هو الطبيب لأنه القادر الوحيد بحكم معارفه وخبراته. المعالج يجب أن يعرف المرض وإلا -ولا قيمة لنواياه الحسنة- ستكون نتائجه كارثية. أغلب جماعة "تكوين" لا يرقوا لمستوى عمال نظافة في مشفى، ويظنون أنفسهم أطباء، وليس قولا تعسفيا ولا كلام إنشاء: الطبيب هنا هو الذي يعرف حقيقة المرض فمن منهم يا ترى يعرف؟ لو كان أغلب هؤلاء يعرفون الحقيقة لذهبوا مباشرة إلى النص المؤسس ولقالوا بأي طريقة يرضونها أن المشكل فيه لا في تفاسيره وتطبيقاته من المؤمنين به، ولبحثوا عن مرجعية جديدة لأنهم لا ولن يهزموا التفسيرات السلفية التي يسندها كل التراث وآلاف الفقهاء من الأولين والآخرين. هؤلاء لا خير فيهم ول خير سيأتي منهم، لأنهم أولا لا يعرفون حقيقة أصول هذا الفكر العربي الإسلامي الذين يريدون تكوينه من جديد، لأنهم أصوليون ولن يشدوا عن فعل المعتزلة في مخالفيهم، لأنهم رضوا وسكتوا عن أبشع حكم تحالفت فيه أبشع الأصوليات والمافيات. لا أحد سيفتح فمه بكلمة عن الأسماء الثلاثة المذكورة وغيرها من شرفاء مصر، لأنها عرفت الحقيقة وتركت الدليل على ذلك بين طيات كتاباتها لأن السيف كان مسلطا على رقابها، أما هؤلاء فمن حقنا أن نقول وبصوت عال هؤلاء لعنة من لعنات الفكر العربي الإسلامي لا أكثر ولا أقل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي