الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


‏-شياطين العالم- يجتمعون في مدريد نهاية الشهر الجاري!‏ نادي بيلدربيرغ يختار العاصمة الإسبانية لعقد مؤتمره السري السنوي:‏ ‏ هل يحّذر أم يوافق على قرار إسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين؟

نظمي يوسف سلسع
(Nazmi Yousef Salsaa)

2024 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


سيتوافد إلى مدريد في الفترة من 30 مايو إلى 2 يونيو نحو 120 إلى 150 ‏شخصية من أكثر الشخصيات العالمية قوةً ونفوذاً، من القادة السياسيين والمسؤولين ‏الحكوميين والخبراء في الصناعة والمالية والإعلام والأوساط الأكاديمية. هؤلاء يمثلون ‏أقوى النخب العالمية، وأغلبهم من أمريكا الشمالية وكندا وغرب أوروبا، وذلك لحضور ‏مؤتمرهم السنوي السري.‏
لقد صدرت العديد من الكتب والدراسات والأبحاث التي وصفت المجموعة أو ‏المنظمة، نادي بيلدربيرغ، بأنه "حكومة العالم الخفية" أو حتى "شياطين العالم ‏الرأسمالي". وفي أولى اجتماعاته، ناقش النادي مواضيع مثل تحديد الموقف من "الاتحاد ‏السوفياتي والشيوعية"، ومستقبل "المستعمرات الأوروبية"، وحركة "الاندماج ‏الأوروبي"، وتشكيل "مجموعة الدفاع الأوروبية" (التي فقدت مفعولها لاحقًا في ظل ‏حلف شمال الأطلسي).‏
في الواقع، لا يمكن اعتبار هذه المجموعة العالمية السرية حكومة أو مجلسًا أو حتى ‏منظمة سياسية، حيث لا يوجد لها هيكل تنظيمي إداري. لهذا، أُطلق عليها "المجموعة" أو ‏‏"النادي"، وهي تضم زعماء سياسيين ورأسماليين دوليين يجتمعون بعيداً عن الأعين في ‏منتصف كل عام لوضع السياسات العالمية، بحسب ما يذهب إليه أصحاب "نظرية ‏المؤامرة".‏
لقد تأكد الآن موعد ومكان انعقاد الاجتماع والمؤتمر في مدريد، ولم يتسرب بعد ‏مقر الاجتماع ولا جدول الأعمال ولا حتى المواضيع التي ستناقش، وكذلك الأسماء ‏والشخصيات المشاركة. لذلك سنقتصر على تناول الموضوع من جانب واحد: هل يحمل ‏انعقاد هذا الاجتماع في العاصمة مدريد أي رمز أو هدف خاص بالنسبة لإسبانيا؟
إن انعقاد هذا الاجتماع السنوي للعام 2024 في مدريد هو للمرة الثالثة التي تجري ‏فيها اجتماعات "النادي" في إسبانيا، حيث عقد المؤتمر الأول عام 1989 في مدينة لا ‏توخا بإقليم غاليثيا، والثاني عام 2010 في سيتجيس بإقليم كتالونيا.‏
دون شك، يبدو أن "النادي" ينوي التدخل بشكل مباشر في الحياة السياسية العامة ‏بإسبانيا. وقد ترددت – وعلى ذمة مصادر مطلعة – أن هناك توصيات وتداخلات في ‏إسبانيا تشمل:‏
‏-‏ الحث على إقامة علاقات دبلوماسية بين إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ‏وتنظيم زيارة الرئيس الأمريكي أيزنهاور إلى مدريد عام 1955.‏
‏-‏ لعب "النادي" دوراً هاماً خلال المرحلة الانتقالية بعد وفاة الجنرال فرانكو، وحتى ‏ساهم في المحاولة الانقلابية عام 1981 لإنهاء حزب الوسط الديمقراطي والحياة ‏السياسية لأول رئيس حكومة ديمقراطي منتخب بإسبانيا، أدلفوا سواريس، بسبب ‏اعترافه بمنظمة التحرير الفلسطينية واستقباله للرئيس ياسر عرفات عام 1979 ‏بمدريد.‏
هناك تداخلات أخرى، ولكن السؤال يطرح نفسه: هل يمكن القول إن انعقاد هذا ‏المؤتمر والاجتماع في مدريد بمثابة رسالة للرئيس بيدرو سانشيس حول إشكالية قرار ‏الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟ هل يحذّر "النادي" من هذا القرار أم أنه، وربما، قد تم ‏الاتفاق عليه؟
السيد سانشيس يُعتبر "الشاب المدلل" لنخبة مجموعة بيلدربيرغ، حيث تم استضافته ‏ودعوته لحضور المؤتمر السنوي الذي عقد في فندق إنترالبين تيرول بالنمسا منتصف ‏يونيو عام 2015، وتم اختياره وتأهيله لقيادة الحكم في إسبانيا.‏
جاء هذا الاختيار بعد رفض حزب الشعب اليميني الحاكم آنذاك ورئيسه ماريانو ‏راخوي توصية "النادي" بإجراء تغيير شامل لقيادة الحزب واختيار وجوه جديدة شابة ‏لتواصل مسيرة الحكم والتصدي لليسار الشاب الذي كان يشق طريقه بسرعة إلى حكم ‏البلاد.‏
في 25 مايو 2014 جرت انتخابات البرلمان الأوروبي، حيث فاز حزب يساري جديد ‏على الساحة الإسبانية من جيل الشباب، حاز على خمس مقاعد، وهو حزب بوديموس – ‏الذي يعني "نستطيع". وبعد ثلاثة أيام، انعقد مؤتمر نادي بيلدربيرغ السنوي الـ 62 في ‏كوبنهاغن، حيث فرضت ظاهرة نجاح شباب بوديموس نفسها على جدول أعمال المؤتمر. ‏حسب ما ذكرت صحيفة كونفيدنثيال ديجتال الإسبانية، استدعى المؤتمر وزير الخارجية ‏الإسباني آنذاك خوسيه مانويل مارغاييو، ليحمل توصية المؤتمر إلى إسبانيا، على أهمية ‏وضرورة إجراء التغيير بوجوه جديدة شابة لوقف صعود اليسار الشاب.‏
وبالفعل، بدأ التغيير من أعلى هرم الدولة، حيث تنازل الملك خوان كارلوس لابنه ‏فيليبي، وتم إجراء تغييرات على قيادات الأحزاب الإسبانية. لكن التغيير توقف عند رفض ‏السيد ماريانو راخوي وحزب الشعب الحاكم هذه التوصية باعتبار أن الحزب يتمتع ‏بالأغلبية البرلمانية. ويقال إن السيد راخوي استثنى حامل توصية النادي، أي الوزير ‏مارغاييو، من المشاركة في حكومته الجديدة.‏
نتيجة لذلك، اندلعت فضائح الفساد التي كُشف النقاب عنها داخل حزب الشعب. ومن ‏المؤكد أن مصدرها كان نادي بيلدربيرغ. بدأت الفضائح تتوالى منذ ذلك الحين حتى سقوط ‏الحكومة والحزب، ولم يُستثنَ أحد من قيادات الحزب تقريباً. الجميع دخل قفص الاتهام، ‏وبعضهم أصبح داخل السجن والباقي تحت التحقيق والمراقبة، بهدف "تأديب" الرئيس ‏راخوي والحزب الحاكم الذي لم يمتثل لتوصيات النادي. مقابل ذلك، كان هناك تلميع ‏وتقديم وتبني حزب يميني شاب صاعد هو حزب ثيودادانوس – "مواطنون"، على رأسه ‏الشاب ألبرت ريبيرا، ليكون بديلاً لحزب الشعب الحاكم. غير أن هذا الحزب لم يتمكن من ‏تولي الأمور، مما كان لابد من التعاون مع الحزب الاشتراكي، وهذا ما كان فتم اختيار ‏الشاب بيدرو سانشيس.‏
ويمكن القول إن خطة النادي باختيار الشاب بيدرو سانشيس قد نجحت، إذ تم تفتيت ‏اليسار إلى عدة أحزاب وفتح باب المشاركة في الحكم، ومن ثم تم استئصال نواتها الحيوية ‏التي تمثلها – بوديموس – وأُبعدت خارج الحكم. وأصبحت أحزاب اليسار تتنافس بين ‏بعضها البعض.‏
وعودة إلى طرح التساؤل حول أهداف انعقاد المؤتمر في مدريد: هل يعني أيضًا أن ‏‏"النادي" أراد بعقد الاجتماع تكريم بيدرو سانشيس وترسيخ أركان حكومته بعد تراجعه ‏عن الاستقالة؟ أم أنه رسالة تحذير حول قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟ أم أن هناك ‏اتفاقًا وموافقة على هذا القرار؟
قد لا نستغرب الاتفاق، فكما يقول المثل العربي: "لعل الخير يكمن في الشر!".‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لهذا الجهد
صباح كنجي ( 2024 / 5 / 16 - 11:47 )
معلومات مهمة وتحليل عميق شكرا لهذا الجهد

اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن