الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المحكمة الاتحادية العليا مختصة بإصدار القرارات الولائية (الاوامر على العرائض)؟

سالم روضان الموسوي

2024 / 5 / 16
دراسات وابحاث قانونية


1. أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها الولائي العدد 126/اتحادية / ولائي/2024 في 7/5/2024 الذي قضت فيه وقف تنفيذ البند ثانياً من المادة (2) من نظالم تسجيل قوائم الناخبين في انتخابات برلمان إقليم كردستان، وبناء على هذا القرار الذي له حجية وملزم للسلطات كافة على وفق احكام المادة (94) من الدستور، واتباعا لما ورد فيه قررت مفوضية الانتخابات بتاريخ 7/5/2024 تعليق العمل بالبند ثانياً من المادة (2) انفة الذكر،
ثم حصل طعن بقرار المفوضية أعلاه امام الهيئة القضائية للانتخابات في مجلس القضاء الأعلى، فأصدرت قرارها العدد 354/الهيئة القضائية للانتخابات/2024 في 16/5/2024 وقضت فيه بنقض قرار مجلس المفوضين الذي علق العمل بالبند (ثانيا) من المادة (2) من نظام تسجيل قوائم الناخبين، وجاء في أسباب النقض ان قرار المحكمة الاتحادية الولائي العدد 126/اتحادية / ولائي/2024 في 7/5/2024 قد صدر من محكمة غير مختصة ويكون قراراً معدوماً وعلى وفق ما ورد في السطر الأخير من الصفحة الثانية من قرار الهيئة القضائية أعلاه،
2. مناقشة الأسباب: في هذه الجزئية الفقهية من عرض المناقشة سيكون مقتصراً على السبب الرئيسي للنقض الذي اعتبر قرار المحكمة الاتحادية العليا المذكور انفاً معدوما، وعلى وفق الاتي:
أ. ان انعدام الاحكام هو اجتهاد قضائي لم يرد فيه نص في القانون، وانما الفقه والقضاء تولى تعريف القرار المعدوم وكتب في ذلك العديد من فقها القانون الخاص والمختصين في فقه المرافعات المدنية ومنهم احمد أبو الوفا والمستشار أنور طلبة وغيرهم، والجميع بما فيهم فقهاء وشراح القانون العراقي قد عرفوا القرار المعدوم بانه القرار الذي يصدر من محكمة غير مختصة بالنظر في موضوع القرار او الحكم، او من قاضٍ لا يملك الصلاحية القضائية،
وحيث ان الهيئة القضائية قد أسست قرارها بان المحكمة الاتحادية العليا غير مختصة بالنظر في طلب اصدار الامر الولائي تجاه البند (ثانيا) من المادة (2) من نظام تسجيل قوائم الناخبين، لان هذا من الاختصاصات الحصرية لمجلس المفوضين وقراره يخضع للطعن امام الهيئة القضائية للانتخابات، وبذلك وجدت تلك الهيئة ان المحكمة الاتحادية العليا قد تجاوزت اختصاصها المحدد في الدستور، لان الدعوى لم تتضمن الطعن بعدم دستورية قانون مفوضية الانتخابات،
كما اعتبرت ان مدة الطعن قد فات أوان اقامتها قبل ستة اشهر من موعد الانتخابات والذي ورد في المادة (23) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2022 ،
3. عدم اختصاص المحكمة الاتحادية العليا: ان قرار المحكمة الاتحادية العليا لم يكن حكماً فاصلاً في النزاع المعروض عليها ، وانما كان قراراً ولائياً على عريضة قدمها المدعي، والمحكمة الاتحادية العليا أصدرته بالاستناد الى نص المادة (151) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل ، وعند امعان النظر في هذا الاختصاص نجد ان المادة (141/2) من قانون المرافعات المدنية قد اجازت لمحكمة الموضوع ان تصدر قراراً بصفة مستعجلة تبعاً للدعوى المقامة امامها ، وليس بصفة اصلية وعلى وفق الاتي (تختص محكمة الموضوع بنظر هذه المسائل اذا رفعت اليها بطريق التبعية اثناء السير في دعوى الموضوع)
وحيث ان المحكمة الاتحادية تنظر في الدعوى العدد 126/اتحادية/2024 فإنها أصدرت ذلك القرار الولائي تبعاً لتلك الدعوى، وبذلك تكون مختصة بإصدار هذا القرار ، لأنها لم تصدره بشكل مستقل وانما تبعاً لدعوى تنظرها، ويشير شراح قانون المرافعات المدنية الى ان الشرط الجوهري لاختصاص محكمة الموضوع في الأمور المستعجلة وفي اصدار القرار الولائي هو قيام دعوى موضوعية تنظرها تلك المحكمة (عبدالرحمن علام ، شرح قانون المرافعات، ج3، ص14)
لذلك فان الاختصاص منعقد للمحكمة الاتحادية العليا في اصدار القرار الولائي، ويكون القرار صحيح من جهة الاختصاص، ومن ثم لا يمكن الحكم عليه بالانعدام،
4. كما لوحظ ان الهيئة القضائية للانتخابات قد نعت على القرار الولائي بانه صدر في دعوى لم تكن تتعلق بالطعن بدستورية قانون المفوضية للانتخابات ، ومن ثم لا يجوز اصدار مثل هذا الامر الولائي، وارى ان اصل الدعوى التي تنظرها المحكمة الاتحادية العليا والذي صدر الامر الولائي تبعاً لها يتعلق بطلب الطعن بعدم دستورية نص البند (ثانياً) من المادة (2) من نظام تسجيل قوائم الناخبين، وهذا من اختصاص المحكمة الاتحادية العليا لان الدعوى هي من الدعاوى الدستورية الذي يدخل في اختصاص المحكمة الاتحادية العليا الوارد في الفقرة (1) من المادة (93) من الدستور التي جاء فيها (الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة)
وحيث ان الطعن انصب على نظام فانه يدخل في نطاق الاختصاص النوعي للمحكمة الاتحادية العليا، ومن ثم القرار الولائي يكون صحيحاً باعتباره صادر من المحكمة المختصة وهي محكمة الموضوع، حيث ان النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا اعتبر قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل هو المكمل ما لم يرد به نص في قانون المحكمة الاتحادية العليا او النظام الداخلي وعلى وفق احكام المادة (50) التي جاء فيها (تطبيق أحكام قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة1969 المعدل و قانون الإثبات رقم (107) لسنة 1979 المعدل أو أي قانون آخر يحل محلهما في ما لم يرد فيه نص في هذا النظام)، فضلا عن المادة (1) من قانون المرافعات التي جاء فيها (يكون هذا القانون هو المرجع لكافة قوانين المرافعات والاجراءات اذا لم يكن فيها نص يتعارض معه صراحة) وهذا لا يحتاج الى برهنة او ادلة اقناعية وانما من المسلمات،
5. كما لوحظ ان الهيئة القضائية للانتخابات أسست قرارها على سببٍ اخر يتمثل بالنطاق الزمني لإقامة الدعوى الأصلية التي صدر القرار الولائي تبعاً لها، حيث ورد ذلك في قرارها العدد 354/الهيئة القضائية للانتخابات/2024 في 16/5/2024، وهذا القول هو إقرار بان للمحكمة الاتحادية صلاحية النظر في الدعوى الاصلية من حيث الموضوع، الا ان الهيئة القضائية ترى بان موعد اقامتها قد فات اوانه، لان المادة (23) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا يمنع إقامة أي دعوى تتعلق بقانون الانتخابات قبل ستة اشهر من موعد الانتخابات،
والملاحظ على الدعوى التي تنظرها المحكمة الاتحادية بانها لا تتعلق بقانون الانتخابات، لان نص تلك المادة أشار صراحة الى قانون الانتخابات والنصوص الواردة فيه، بينما الطعن كان على نظام وليس على قانون، فضلاً عن ذلك، فان المنع ورد حصراً بالطعن بقانون الانتخابات وان قوانين الانتخابات وردت حصراً في قانون الانتخابات مجلس النواب والمحافظات رقم 12 لسنة 2018 المعدل ، وكذلك قانون المجلس الوطني لكوردستان العراق رقم 1 لسنة 1992 المعدل، ولم يرد على أي قانون اخر او نظام او تعليمات مما يقع ضمن الاختصاص النوعي للمحكمة الاتحادية لنظر في الطعن بعدم دستوريتها، ولا يجوز افتراض نص اخر لجعله ضمن النطاق الزمني للمنع من إقامة الدعوى، حيث لا يجوز الاجتهاد قبالة النص ، كما أنه جاء محدداً بقانون بعينه ومسمى (قانون الانتخابات)، قد يكون هناك فسحة للاجتهاد لو كان النص يشير الى العملية الانتخابية وليس الى قانون الانتخابات ، الا ان النص كان واضحاً وبيناً لا لبس فيه,
الخلاصة:
أرى ان المحكمة الاتحادية العليا لها الصلاحية القانونية والولاية القضائية لإصدار قرار ولائي تبعاً لدعوى تنظرها موضوعاً، وان القرار الولائي محل النظر في قرار الهيئة القضائية للانتخابات كان صحيحاً ولا يجوز ان يسمى معدوماً، حيث ان تلك القرارات الولائية ليس بحكم قضائي فاصلة في الدعوى وإنما هي من الأعمال القضائية التي تباشرها المحكمة عرضاً عند النظر في اصل الدعوى من جهة الموضوع وتكون هذه الأوامر القضائية اقرب إلى أعمال الإدارة القضائية للدعوى و أطلق عليها اسم الأعمال الولائية (القاضي عبد الرحمن العلام ـ مرجع سابق ـ ص 124) ، وتعد القرارات المتخذة في الاوامر الولائية مؤقتة تصدر بدون خصومة في الحالات التي يصح فيها اصدار الامر بدون دعوة الخصم وسماعه (الدكتور عبده جميل غصوب ـ الوجيز في قانون الاجراءات المدنية دراسة مقارنة ـ منشورات المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع في بيروت ـ ط1 عام 2010 ـ ص 492)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا


.. الأمم المتحدة تكرم -رئيسي-.. وأميركا تقاطع الجلسة




.. تفاصيل مقترح بايدن من تبادل الأسرى حتى إعمار غزة


.. شاهد: أحداث شغب في ملعب صوفيا الوطني في بلغاريا: إصابة 3 من




.. أبو حمزة: الطريق الوحيد لاستعادة الأسرى هو الانسحاب من غزة