الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يدعم الذكاء الاصطناعي الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية، محمد عبد الكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2024 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


كيف يدعم الذكاء الاصطناعي الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية


أصبح الذكاء الاصطناعي أداة قوية على نحو متزايد في أيدي الأنظمة الاستبدادية، حيث يوفر وسيلة لقمع المعارضة، ومراقبة المواطنين، والحفاظ على السيطرة على السكان. في السنوات الأخيرة، استخدمت العديد من البلدان تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز سلطتها وخنق المعارضة السياسية. يستكشف هذا المقال النماذج المختلفة التي يدعم فيها الذكاء الاصطناعي الديكتاتوريات، ويسلط الضوء على الطرق التي تستخدم بها هذه التقنيات لتقويض الديمقراطية وحقوق الإنسان.

أحد النماذج الرئيسية التي يدعم فيها الذكاء الاصطناعي الديكتاتوريات هو مراقبة المواطنين. تستخدم الأنظمة الاستبدادية أنظمة مراقبة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتتبع تحركات الأفراد واتصالاتهم وأنشطتهم عبر الإنترنت. ومن خلال جمع كميات هائلة من البيانات عن مواطنيها، تستطيع هذه الأنظمة تحديد واستهداف التهديدات المتصورة لسلطتها، مثل النشطاء والصحفيين والمعارضين السياسيين. وتخلق هذه المراقبة المنتشرة ثقافة الخوف والرقابة الذاتية، حيث يكون الأفراد على وعي دائم بالعين الساهرة للحكومة.

بالإضافة إلى المراقبة، تستخدم الأنظمة الدكتاتورية الذكاء الاصطناعي أيضا للتحكم في تدفق المعلومات والتلاعب بالرأي العام. ومن خلال تصفية المحتوى وفلترته عبر الإنترنت ومراقبته خوارزميا، يمكن للأنظمة الاستبدادية تشكيل الخطاب الذي يتعرض له المواطنون، وقمع الأصوات المعارضة وتعزيز الدعاية المؤيدة للحكومة. غالبا ما يتم إجبار منصات وسائل التواصل الاجتماعي والمنافذ الإخبارية على الامتثال لمطالب الحكومة، مما يزيد من تأثير النظام على الخطاب العام. ويعمل هذا التلاعب بالمعلومات على تعزيز قبضة النظام على السلطة وتقويض مبادئ حرية التعبير والصحافة المستقلة.

الطريقة الأخرى التي يدعم بها الذكاء الاصطناعي الديكتاتوريات هي من خلال استخدام أنظمة الشرطة التنبؤية وأنظمة الائتمان الاجتماعي. ومن خلال تحليل البيانات المتعلقة بسلوك الأفراد وتفاعلاتهم الاجتماعية، يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي إنشاء ملفات تعريف تصنف المواطنين باعتبارهم تهديد محتمل أو مؤيدين مخلصين للنظام. وقد يواجه أولئك الذين يعتبرون تخريبيين زيادة في المراقبة أو المضايقة أو حتى الاحتجاز، في حين أن أولئك الذين يعتبرون ملتزمين قد يحصلون على معاملة تفضيلية أو مكافآت. ويخلق نظام السيطرة الاجتماعية هذا انقساما صارخا بين المواطنين الذين يلتزمون بخط الدولة وأولئك الذين يتحدونها، مما يزيد من ترسيخ سلطة النظام وإدامة ثقافة الخوف والامتثال.

علاوة على ذلك، تستخدم الأنظمة الديكتاتورية تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد لأتمتة عمليات صنع القرار وتعزيز كفاءة الحكم. ومن خلال نشر الخوارزميات لتحليل البيانات وتقديم توصيات سياسية، يمكن للأنظمة الاستبدادية أن تركز السيطرة وتمارس التأثير على جوانب مختلفة من المجتمع، من التخطيط الاقتصادي إلى برامج الرعاية الاجتماعية. هذا النهج المركزي في الحكم يمكّن النظام من الحفاظ على قبضة محكمة على السلطة وقمع المعارضة، حيث يتم اتخاذ القرارات بناء على أولويات النظام بدلا من احتياجات ورغبات الشعب. وهذا يؤدي إلى مزيد من تآكل مبادئ الديمقراطية والمساءلة، حيث تتركز السلطة في أيدي عدد قليل من النخب الحاكمة.

يتم استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الديكتاتوريات لتعزيز جهودها الدعائية والتلاعب بالرأي العام. ومن خلال استخدام الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والحسابات المزيفة لنشر المعلومات المضللة وزرع الفتنة على الإنترنت، يمكن للأنظمة الاستبدادية تشكيل الخطاب لصالحها وتشويه سمعة أصوات المعارضة. يمكن لهذه الحملات الدعائية الآلية أن تعمل على تضخيم رسالة النظام مع إسكات المعارضة، مما يخلق واقعا مشوها يتم فيه تهميش وجهات النظر المعارضة وتشويه سمعتها. ويعمل هذا التلاعب بالرأي العام على تعزيز قبضة النظام على السلطة وتقويض مصداقية المؤسسات والعمليات الديمقراطية.

كما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الديكتاتوريات لقمع المعارضة السياسية من خلال الرقابة الآلية والإشراف على المحتوى. ومن خلال نشر الخوارزميات لمسح وتصفية المحتوى عبر الإنترنت، يمكن للأنظمة الاستبدادية تحديد وإزالة المنشورات التي تنتقد النظام أو تروج لوجهات نظر معارضة بسرعة. تعمل هذه الرقابة الآلية على خنق حرية التعبير والخطاب السياسي، مما يخلق بيئة يتم فيها تثبيط الأفراد عن التحدث علنا ضد النظام خوفا من الانتقام. ويعمل هذا القمع للمعارضة على تعزيز سلطة النظام وقمع أي تحديات لحكمه، مما يزيد من ترسيخ سلطته وتقويض المبادئ الديمقراطية.

و تستخدم الأنظمة الديكتاتورية تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد ومراقبة أنشطة المنشقين السياسيين وجماعات المعارضة. ومن خلال تتبع اتصالات الأفراد وحركاتهم وتفاعلاتهم الاجتماعية، يمكن لأنظمة المراقبة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أن تحدد التهديدات المتصورة للنظام وتستهدفهم بالمضايقة أو الترهيب أو حتى الاعتقال. وتخلق هذه المراقبة المنتشرة مناخا من الخوف وانعدام الثقة. كل هذه المعلومات تجعل من التشكيك في نزاهة أنظمة الذكاء الصناعي أمرا طبيعيا ومحتملا ، بل تحول إلى أداة طيعة ومفيدة في يد الأنظمة الدكتاتورية والشمولية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن