الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امة اللاامة، اللادولة، واللانخبة/4

عبدالامير الركابي

2024 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


من بين ماتقدم تظهر بازائنا مسالة كبرى هي الاخرى مطموسة تحت طائلة الغلبة الارضوية واشتراطات الانتاجوية اليدوية، تلك هي المهمة او الدور المناط بموضع التبلور المجتمعي الاول في التاريخ، بعد ماقد حققه في حينه وعند لحظة الانتباه على الكون والعالم من ممكنات تصور ورؤية اعقالية ابتدائية للوجود، والمقصود هنا بالطبع ارض مابين النهرين بما هي موئل اللاارضوية الاولى، ومنطلق الافصاحية الازدواجية المطابقة للحقيقة الوجودية البشرية الانتقالية، من "الانسايوانيه" الى "الانسان"، ومن الكوكب الارضي المستقر المؤقت، الى الكون الاخر اللامرئي، بما يعني كوننا واقعا ووجودا، امام نمطية تصور وادراكية غير المتعارف عليها والتي تتداول وتظل غالبة لاسباب نابعة من قصوريات تكوينيه بشرية اعقالية، كماعلى مستوى الوسائل الانتاجية، ونوعها المتاح ابتداء، وحتى ما ليس ببعيد زمنيا.
ولم يعدم موضع الابتداء الاول اليوم من الاهتمام مايمكن اعتباره من قبيل اللزوم الاجباري امام واقع غير قابل للتجاهل او التغاضي من قبل "الاركولوجيا الانسايوانيه"، مع حزمة مفاهيمها ومنهجياتها الارضوية، فكان لهذا المكان ماهو جدير به، ومالايمكن اغفاله من اعادة نظر تنتهي الى التطويع لاعتبارات وممكنات النظر القصوري الارضوية، ومايوافق في الاطار العام، ثوابت مفترضة، مادتها الامم والكيانات، والدول ونمطية المجتمعات الاحادية الواحدية، وكلها مضادة كليا للحقيقة اللاارضوية الازدواجية السومرية البابلية الابراهيمه الاولى، مخالفة لالياتها ولاشتراطات تحققها الكوني غير المرهون بلحظة تاريخيه بعينها، وبالذات تلك الابتدائية التاسيسية الحدسية.
الاهم الذي ظل يتحكم بمنظور الاركولوجيا الانسايوانية، الاعتقاد الراسخ الذي يتملك الغرب وقتها بما خص التاريخ المجتمعي وموقعه منه، والاعتقاد الراسخ بان اوربا الالية هي القمة النهائية والمنتهى الطبيعي لحركة التاريخ، ماقد وضع الابتداء التأسيسي اصلا في موقع الادنى، وفي خانه العتبة الاولية البدائية، فافرغها من اية احتمالية خاصة يمكن ان تكون ذات دلالات كونية ومجتمعية شامله بعيدة المدى، قد تكون ماتزال تنتظر جولة او جولات اخرى تترافق مع النضج النوعي، الدال على ماهو غير موعى وغير مكشوف عنه النقاب، وهنا يقف الغرب دون الفصل الاهم من عملية البحث في التاريخ البشري، تلك الخاصة باحتمالات النوع المضمر غير المدرك، فلم يحدث في تاريخ البحث الاركولوجي الغربي ان جرى التمحيص في الكينونه الانطلاق كما هي، ومم قد وجدت، بل تم الذهاب خلاف مايقتضية الموقف من تفاعل مع الحال البدئي وخصوصياته التاسيسية، الى تكريس منظور الاحادية واسقاطها الافنائي على الاحتمالية اللاارضوية، بالاخص بما يتعلق بارض مابين النهرين ومنتجها التاريخي البدئي الضخم، الهائل والمتشعب، ما كان لابد افتراضا ان يثير المزيد من التوقف بحثا عن المنطويات والدلالات الممكنه، خارج السطحية الجهوزية المعتمده.
وقد تكون المقاربة النهرية الاخرى الشرق متوسطية التي درج الاركولوجيون على مقاربتها بالتوازي مع الحالة الرافدينيه، تلك العريقة هي الاخرى، كحضارة نهرواحد الارضوية النموذجية، متاتية عن التوافقية البيئية/ البشرية الكلية الاعلى، بحكم طواعية وسلاسة الدور النيلي في العملية الانتاجية والبناء المجتمعي، وحماية طبيعية توفرها الصحاري شرقا وغربا لوادي النيل وساكنيه، وماينجم عن ذلك من احادية دولة سكونية تكاد تكون خالية من التصارعية الذاتيه، ماقد اغرى بالمقارنه بين الحالتين المتعاكستين ضمنا، مع الميل التكويني البديهي للنمطية النيلية. ليس هذا وحسب، بل ولقد فات الاركولوجيون الارضويون الغربيون اليوم ان يحيطوا بالعملية المجتمعية الازدواجية مافوق الارضوية، تلك التي ميزت المنطقة وكانت موئلها واساسها المنطلق باتجاه العالم غربا وشرقا، بعد امتدادات التعبيرية اللاارضوية الابراهيمية الاولى في المجال الثلاثي الانماط، الازدواجي الرافديني، واحادي الدولة المصري، واحادي اللادولة الصحراوي الاحترابي، يضاف له المجال الساحلي الممتنع على التبلور الكياني الوطني.
وعلى اية حال فان هذا الجانب الهام الاساس في البنية المجتمعية غير ملاحظ، وظل كذلك الى اليوم، لافي الشرق المتوسطي موئلة ومنطلقه الاختراقي الكوني العالمي، بل على مستوى العالم ككل، تمسكا بالاحادية الارضوية وتكريسا لها كحقيقة توهمية مطلقة، تعاظمت وطاتها اليوم مع الانقلاب الالي وماقد نتج عنه من شحذ للقدرات والطاقة الديناميكية، طرات على الاليات المجتمعية، وسهلت غلبة وتوطد النموذج الغربي الحديث رسوخا.
لم يخلق الغرب الالة، بل هي تطور وانقلاب مجتمعي تاريخي عالمي، ناتج التفاعلية المجتمعية المديدة، انبثقت في الموضع المؤهل الاجدر بحسب الخبرة التاريحيه للتعامل معها بما هي، وبما تنطوي عليه من مترتبات، فالغرب الاوربي ليس موضع التاسيس البدئي، ولم يكن في الماضي ان لعب مثل هذا الدور، فضلا عن انه بالاحرى متلق للمنجز النهري الرافديني في المجالات التاسيسية المختلفة المعاد توطينها، فاذا انبثقت الالة في اوربا اليوم، فانها تظل كافتتاح كوكبي لاحق على اليدوية، تبدأ منتقصه على مستوى الادراكية والوعي الضروري بانتظار اكتمالها، مايضع البشرية امام طبعه اولى آلية افتتاحية منقوصة على مستويات رئيسية، اولها واهمها بعد كل الادعائية العلموية العقلانيه التقدمية، اكتشاف الحقيقة المجتمعية المضمرة، وهو ماكان على الغرب لزوما الاضطلاع به لولا قصوريته العقلية التكوينيه.
وهنا نقارب الجانب الفاصل والحاسم في التاريخ المجتمعي البشري، ذلك الذي يفرض الاجابه على سؤال غائب: هل التاريخ البشري تطورية سلمية ارتقائية تدرجية خيطية، ام هو عودة على بدء، التفاعلية التي تغمر مساره رجوع الاصل اتماما لما لم يتحقق عند الابتداء؟ وهنا يشخص لنا النوع ومترتباته ومايقتضيه من موجبات غير قابلة للتجاوز او التاجيل، فاللاارضوية لايمكن الافصاح عن دلالات وجودها وماهي منطوية عليه كحقيقة ابتداء وتعبير عن الحقيقة المجتمعية من قبل غيرها، وبالذات ماهو دونها ومن غير كينونتها من المجتمعات الاحادية، بما في ذلك اكثرها واعلاها ديناميات، المجتمعية الطبقية الاوربية، وان انبجست الالة بين تضاعيفه قبل ان تعم العالم وتصير المجتمعات بحسب كينونتها وتتفاعل مع الانتقالية التاريخيه الكبرى الجديده.
ولنتصور مدى وحجم الانقلابية الشامله في النظر والرؤية الادراكية البشرية مابين منطق ومنهجية العودة على بدء، مقابل المنطق التتابعي الصعودي الغالب المهيمن على العقل، وعلى الرؤية البشرية للوجود والتاريخ ومالاته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من