الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البوصلة

خالد بطراوي

2024 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


ما الذي تريده الشعوب عموما والشعوب العربية خصوصا في هذه الحقبة الزمنية من تاريخها؟
فيما مضى، تمردت الشعوب على الظلم والطغيان والأنظمة الإجتماعية القائمة آنذاك كنظام العبودية والرق ثم الفلاحين والإقطاع. ثم عندما أطل عليها الإستعمار بشكله القديم وهو السيطرة المباشرة على الأرض والمقدرات والإحتلال، انقلبت الشعوب وحركات التحرر عليه وأخرجته من بلادها فيما يعرف بالإستقلال، لذلك نجد أن لكل بلد من بلاد العالم تقريبا يوما محددا يعتبر عطلة رسمية هو عيد الإستقلال. وعندما خرج الإستعمار القديم من "الباب" وعاد للشعوب من "الشباك" بحلته الجديدة المتمثلة في الإستعمار الجديد بالسيطرة على كل شأن من شؤون كل بلد دون التواجد الفعلي على الأرض اللهم بإستثناء القواعد العسكرية المقامة على أرض مستأجرة لسنوات طويلة بموجب عقود إيجارة تتجدد تلقائيا، كما وعاد "من الشباك" من خلال سيطرته على القيادة السياسية التي تدير دفة البلاد وتشكيلاتها المختلفة العسكرية والأمنية والدرك المكرسة لقمع الشعوب.
ومع تطور عجلة الإنتاج، تطورت وسائل الإنتاج وأفرزت علاقات إنتاج جديدة نجم عنها وجود الحاجة الملحة للنضال الطبقي دفاعا عن الطبقة العاملة وجمهور الكادحين، وجرى تأطير هذه الجهود في النقابات العمالية وأحزاب الطبقة العاملة التي كانت تعلن صراحة أن هدفها الأستراتيجي هو السيطرة على مقاليد الحكم وإعلاء شأن الطبقة العاملة وإحقاق حقها الطبيعي في التمتع بثروات بلادها وبثمرة جهدها المبذول في العمل والإنتاج.
أما تطور التكنولوجيا وثورة المعلوماتية وتطور وسائل الإنتاج المضطرد يوميا فقد أفرز علاقات إنتاج جديدة قصّرت – ولشديد الأسف – أحزاب وقوى الطبقة العاملة عن رؤيته بحركته ونموه ما أدى الى إبتعادها أكثر فأكثر عن الشعوب وتحولت الى أحزاب للنخبة رغم تكرارها المتواصل بأنها أحزاب الطبقة العاملة والكادحين.
إزدادت الصناعات الوافدة التي ولّدت أيضا عمالة وافدة لاوطنية، جلّ همها هو تحسين دخلها وضخ بعضا منه الى الأهل في بلد المنشأ، وبالتالي فإن قضايا البلد الأجتماعية والمجتمعية لا تعنيها وليست ضمن أولوياتها ولن تساهم فيها.
كما وإزدادت الصناعات التحويلية والتجمعية، فهي الاكثر ربحا للشركات الكبرى من أن تنشىْ في بلدان "العالم الثالث" أفرعا صناعية لها لتجميع - على سبيل المثال لا الحصر- سياراتها وتلفزيوناتها وثلاجاتها وغيرهم في هذه البلدان لرخص العمالة من ناحية وقلّة الضرائب نسبيا من ناحية أخرى، لدرجة شيوع مثلا مصطلح "التلفزيون ياباني تجميع الهند" أو ما شابه.
وقدما مع تطور التكنولوجيا وعصر المعلوماتية وعصر البلمرة وحاليا الذكاء الصناعي كان لا بد للإمبريالية إحكام سيطرتها على الدول وشعوبها وأحزابها، أولا من خلال إلحاقها بسمة العصر المعتمدة على قطاع الخدمات ( البنوك والإتصالات بشكل أساسي) وليس قطاع الإنتاج، وثانيا بإغراق الأسواق بالسلع الإستهلاكية المستوردة التي تنافس الإنتاج المحلي لدرجة أغلاق المصانع المحلية المنتجة لبعض السلع وثالثا بإغراق مواطني كل بلد بالمديونية للبنوك وشركات الأقراض بغية أن ينهض المواطن من الصباح وحتى المساء وهو يحمل هما واحدا وحيدا ألا وهو تأمين قسط المديونية الشهري طوال حياته كي لا تتضاعف الفوائد الإقراضية لدرجة أفقدت المواطن روح الدعابة والابتسامة، ورابعا "بأنجزة" الأحزاب في هذا البلد أو ذاك، من خلال تشجيع إستحداث منظمات غير حكومية تابعة له تردد مقولات الشفافية والنزاهة والحكم الرشيد وحقوق الانسان وفي السنوات الأخيرة "الجندرة" و " النوع الإجتماعي" لدرجة تشكل معها شريحة جديدة من طبقة البرجوازية الوسطى هي شريحة الـ (NGO’s).
وفي محصلة ذلك كله، ضاعت البوصلة، وضاعت الهوية الوطنية والطبقية وتاهت الأحزاب ولم تعد الظروف الذاتية ولا الموضوعية مناسبة لها كي تعلن أنها تنشد تغيير نظام الحكم بقدر ما تنادي بالمجتمع المدني وفصل السلطات وإستقلال القضاء وغير ذلك وهي محقة يما تطالب به لكن ذلك كله لا يرتقي الى طموحات الشعوب في التحرر والإنعتاق الوطني والطبقي والإستقلال الحقيقي وممارسة الحياة البرلمانية وتداول السلطة.
لكن، في خضّم ذلك كله، بقيت بوصلة واحدة راسخة لا تتزعزع ومحتفظة على ثباتها وتخشاها الأنظمة ألا وهي بوصلة القدس .... التي تشد الأنظار والإستعداد للتضحية لأجل فلسطين ولأجل القدس والتي تشكل كابحا لكثير من الأنظمة من الهرولة بوتائر سريعة للتطبيع مع الكيان، بل وحتى تلك الدول التي فعلت ذلك، فشلت فشلا ذريعا في أن ترغم شعوبها على التطبيع مع مواطني هذا الكيان الغاصب.
ثمة حاجة لحوارات دولية وقطرية ومحلية في كل بلد بخصوص مهام حركة التحرر في المرحلة الراهنة بعد تشخيص لأبرز مظاهرها وتجلياتها وإنعكاساتها، على الأقل لتجنب حالة التراجع التي نعيشه، فتشخيص المشكلة .... هو نصف الحل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من