الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جاموسة تتعاطى أدوية الإكتئاب

روزا سيناترا

2024 / 5 / 17
الادب والفن


المصابون بداء الدهشةِ أمثالي لا يرضون بالحلول الوسطية فإما السّماء كلّها وإما لا شيء، وحين نتعب لا نبحث عن الخبز والعسل ولا الليمونتشيللو بالثلج..
نبحث عن شهقات " الواو" في الأشياء كعناقٍ ليس من هذا العالم او مثل قراءة قصيدة ترفعنا نحو فضاءاتٍ جديدة وهذا وحده كافياً لنعترف بيننا وبين أنفسنا على الأقل أنه "ايه في أمل"..أكيد في أمل..

وفي فتراتٍ كثيرة بحثتُ "بسراج وفتيلة" عن كتبٍ شعرية لشعراء وشاعرات عرب كي أظلّ على قيد الدهشة والحياة وسط كل الغربة التي عشتها كي أشفى من الصباحات الباردة والوحدة التي كسرت عظامي لأن الشّعر يفتح لي دوماً كوّة في هذا الهواء الملوث الذي نعيشه ووحده قادرٌ على ان يمنحني كتفاً ووسادة وبإصبعٍ واحد يهديني سلاما ملفوفاً بأغنية..ووحده يُلبسني شالَ حرير لا يضايق نهدي ولا نَفَسي..ثم ماذا بحياتكن..ماذا تريد المرأة اكثر من شراع ؟

المؤلم انني لم أجد معظم كتب الاقلام الشابة الحديثة، بل لاحظت ان المكتبات العربية ودور النشر والتوزيع صارت حريصة أكثر على نشر الروايات وكتب التنمية البشرية، هذه الأخيرة التي أصدق تحفيزها المؤقت ولا اؤمن بتأثيرها على المدى الطويل فمثلها مثل من يدخن سيجارة حشيش، يعيش الحلم للحظات ثم يصفعه الواقع صفعة لئيمة !
وبمناسبة الصفعات..ألا تؤلمكم صفعات اليقظة مؤخراً ؟
أن نكتشف ان معظم التاريخ والنظريات العلمية وحتى كتب من ظنناهم "علماء" هي أيضاً مغلوطة ومزورة منذ ألف عام !
وأن كل المناهج الدراسية الراديكالية الغبية لم تعد تتناسب مع سرعة كل ما يجري؟ ولا مع عقولنا التي استخفوا بها دهوراً ؟ ولا مع هذا الجيل الذي يشرب المعلومة كنبتةٍ خارقة في أقل من ثانية ويجد الإجابة من عمو " جوجل" !
كذلك الذكاء الصناعي قد يجيبك عن كثير من الاسئلة ( في كثير منها أجوبة خاطئة وقمت بالتأكد من ذلك ببحث كامل بنفسي لأشهر طويلة، أي اننا لا نستطيع الإعتماد عليه كمرجع علمي أو أدبي) !
لكن لو افترضنا أنه صار قادراً على تأليف الروايات ..أجزم بل أقسم بعيوني انه لن يكون قادرا على كتابة قصيدة واحدة إلا على شاكلة "الحلزونة يما الحلزونة" !

ثم ألم يحن أوان تغيير المناهج الدراسية في كل العالم ؟ او على الأقل إدراج الشعر المدهش كمادة أساسية لتشافي القلب والروح ؟
بماذا ساعدتنا معادلات الحساب المهترئة التي لم نستخدمها مطلقا، بماذا أفادنا السيد فيثاغوروس ومثلثاته ونحن اصلا ندور في الدوائر، ما هي القيمة العظيمة التي تعلمناها في حصص الكيمياء بعد ان خرجنا لعالمٍ لا يحترم الأذكياء ولا المدهشين و يمجد ويدعم التفاهة والتافهين بل لم يذكر أحدهم أهم القواعد الكيميائية وهي أن درجة القلوية والحموضة في الجسم لها أكبر الأثر على الشفاء من أصعب الأمراض التي عرفتها البشرية (السرطان) .
مشكلة هذا العصر أنه رماديّ ويلبس نظارة سوداء ويريد ان يقنعنا نحن أصحاب الفساتين الملونة والصدر المفتوح والبابيونات الحمراء أن نصير مثله
ثوراً غاضباً او جاموسة تتعاطى أدوية الاكتئاب !

لذا ستجد ان معظم ألعاب الكمبيوتر هي ألعاب عنيفة ومعظم الأفلام إما أفلام جريمة وإما رعب وخوف ومقدمات لنهاية العالم ومعظم المكتبات ودور النشر تأتي لتطلق علينا الرصاصة الأخيرة بالروايات الطويلة وتنسى ان هنالك من هم مثلنا يسري في شرايينهم دم خفيف..
(ايه والله دمنا خفيف وما فينا نتحمل أنياب دراكولا وصراخ شرشبيل وقطته الغبية ولا شرشف ام علي الطويل ولا حتى زامور سيارة) !

وأتساءل احيانا أهي مشكلة الشعراء، ام طرق الترويج ام دور النشر حتى لا نحظى بهذا الدواء الخطير: الشعر المدهش ؟
ما الفائدة ان نعجب بقصيدة لشاعر/ة شاب/ة مثلاً ولا نجد كتبه او قصائده ؟
نعرف أنه اصدر مثلا خمس كتب ولم نجد له سوى واحداً ورقياً وحين نبحث عن البقية لا نجد حتى pdf ?
لماذا لا يصير الشّعر معروضاً للعامة كأي علبة فراولة او توت بريّ ؟

القصيدة عندي لا تؤكل إلا ورقية فعلاقتنا مع الشعر مختلفة، فيها من الحميمية ما يتجاوز علاقة الحب وفيها من القدسية ما يتجاوز خلوة الكتب السماوية لأنها تستطيع منحك ذراعاً لو شئت ووردة ان ذبلت، او كرمَ عنبٍ لو جعت..وهذا ما لا تقدر عليه كل الشاشات الغبية !
تخيلوا معي مثلاً لو ظل هاني نديم يكتب الشعر في بيته في النبك دون ان ينتشر بكل هذه الدهشة بين الشباب والصبايا.. (انا شخصيا كيف كنت رح بلّش صباحاتي يا الله ) !
ثم من قال ان علينا العثور على الشّاعر ونشر قصائده في كل مكان بعد موته فقط..لماذا لا نمجد هذه ال" واو" وهي تلبس قميصاً ابيض وترشّ قليلا من ال" توماس كوسمالا" وتدخل بيوت وحدتنا كي تطبع على نمشاتنا قبلة ؟

نعم الروايات مهمة لكن القصائد المدهشة ضرورة حياتية بل هي المرهم الوحيد الذي يمسح حزن سيدات الكرز أمثالي..
ثم بالله عليكم..
من أقنعكم بفكرة أننا جميعاً نفضل التهام الحياة بالشوكة والسكين؟
هنالك من هم مثلي..لشدة النهم المتوحش والجوع الدائم للحياة والمغامرات والدهشة والحب نتناول الحياة بغير تهذيب وإتيكيت زائف ولا نرتدي الجوارب الحريرية، بل هكذا نحن نتناول الحياة بنهم لا ينتهي حتى وان حملنا باليد الأولى علبةّ ملح وفي اليد الثانية ضمادة جروح وبين شفاهنا سيجارة..

نحن هكذا مجانين يا سادة !
أسعفونا بالشّعر فقط ونعدكم ان لا نتدخل بقضية ان كانت الارض كروسة أم مسطحة !
"نحنا بكل الأحوال بنشوفها كل يوم بكل الأشكال حتى بنلبسها أساور ذهبية وبنحطلا روج أحمر مرات وبنرشلا برفان..إيييييه وربي " !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_