الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتقال من الفشل إلى الفشل جدًا

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2024 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يكون الفشل هو الخيار الوحيد نستمع إلى تلك الذريعة من رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بعد هزيمة حزب المحافظين الحاكم في الانتخابات المحلية، بعدم وجود هزيمة مكتملة الأركان! بيد أنه بعد تلك الانتخابات واختيار عمدة لندن من حزب العمال صادق خان، لم يعد هناك شيء اسمه مقعد آمن للمحافظين بعد الآن.
عدت إلى مساء نفس يوم التصويت في الانتخابات المحلية، عندما لمست الانطباع السائد بينما كبار السن يحثون خطاهم إلى المشاركة ولسان حالهم يقول، لن نسمح بمزيد من الفشل، فقد تحملنا ما يكفي من الجحود الحكومي لأوضاعنا المعيشية التي تزداد سوءًا، لدرجنا بتنا نراقب سعر زجاجة الحليب!
منطقتي لم تكن يومًا معقلا لحزب المحافظين وهي كذلك ليست لحزب العمال، وبقيت مخلصة للديمقراطيين الأحرار وهو الحزب الثالث في بريطانيا، إلا أن الانطباع العام لدى الناخبين كان يحمّل حزب المحافظين تفاقم الأحوال في البلاد. ولا ينتظر الحل من حزب العمال.
فوضى حزب المحافظين على مدى السنوات الـ 14 الماضية كانت بمثابة مسلسل تلفزيوني مأساوي حيث كل حلقة تجلب المزيد من الدراما النفسية والفضائح والوعود الكاذبة. هناك تكلفة حقيقية لذلك، يدفعها الشعب البريطاني كل يوم. ومما زاد من تلك التكلفة الموقف غير الاخلاقي من حرب الإبادة في غزة، فمع ملايين المتظاهرين في بريطانيا على مدار الشهور الماضية، وهم يرفضون القبول بأن آلاف الضحايا من الأطفال والنساء في غزة بصواريخ الغطرسة الإسرائيلية، مجرد أرقام بالنسبة لحكومة المحافظين. بينما زعم سوناك بأن تلك الاحتجاجات الداعمة لغزة في المدن البريطانية قد اختطفت من قبل المتطرفين! إلى أن حصل على الرد من الناخب البريطاني في انتخابات المجالس المحلية وعمدة لندن. وقد تأتي الضربة الأقسى في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
كذلك تعرّض المحافظون، لأسوأ انتكاسة لهم منذ أربعين عامًا، لكن هل هذا يعني أن المكاسب الكبيرة التي حققها حزب العمال بزعامة كير ستارمر، ستعيد إلى البريطانيين رفاهيتهم الحياتية؟
لا يبدو الأمر كذلك ومنذ أن استولى بوريس جونسون على مقود المركبة ثم أسقط البريطانيين في حفرة بريكست!
خذ ما قالته وزيرة الداخلية السابقة سويلا بريفرمان، أو وزيرة الحضيض وفق تعبير البريطانيين، التي طالبت سوناك بمزيد من الاندفاع نحو اليمين لاستعادة الناخبين.
كل الذي يحصل في بريطانيا ولسوناك، يعيد لنا الاحتمال القائم عندما يكون الفشل هو الخيار الوحيد، فعدم القدرة على معرفة موعد انتهاء اللعبة هو أمر يعاني منه السياسيون البريطانيون.
يتساءل الكاتب في صحيفة فايننشيال تايمز ستيفن بوش: ماذا ينبغي على الساسة أن يفعلوا عندما لا يتبقى لهم أي تحركات رابحة؟
نجد الجزء الأهم من الإجابة في تاريخ حزب المحافظين خلال السنوات الماضية، فالضرر الذي لحق بالحزب قبل أن يصبح سوناك رئيسا للوزراء، بدأ في “بارتي غيت” وهي فضيحة احتفال بوريس جونسون بينما كان البريطانيون يعانون من أشهر العزلة القاسية أثناء انتشار وباء كورونا، تلك الحفلة الشائنة حطمت مصداقية جونسون، ثم دمرت رئاسة الوزراء التي استمرت 49 يومًا لليز تروس سمعة حزب المحافظين فيما يتعلق بالكفاءة الاقتصادية. ورغم أن اختيارات سوناك أدت إلى تفاقم مأزق حزبه، فإن كل ما فعله المحافظين من تلقاء أنفسهم هو تحويل مشكلتهم من “سيئة حقًا، حقًا” إلى “سيئة حقًا، حقًا، حقًا” وفق ستيفن بوش.
ونظرًا لكل ذلك، فليس من الواضح تمامًا لماذا نسمع ونقرأ بشكل متكرر من أعضاء البرلمان المحافظين الذين يقولون إن الحزب يحتاج إلى “رؤية” لإنقاذه من الكارثة.
كانت رؤية سوناك الأخيرة تتمثل في إبعاد الحزب عن الأرض التي خاض عليها وفاز في الانتخابات الأخيرة، وهي كارثة. وكانت رؤيته السابقة أن يهزم تروس وهو سراب. وقبل ذلك، تخيل أن الدولة التي سئمت من شخصية جونسون تريد تغيير النهج.
آخر ما يحتاجه حزب المحافظين هو أن يبدأ سوناك في الحصول على رؤى مرة أخرى.
الشيء الوحيد الذي يمكن أن يغير حظوظ حزب المحافظين الآن ليس الرؤية، بل ترك الحكومة، مع أن البديل لن يكون أفضل بالنسبة للبريطانيين، وهذا ما اعترف به زعيم حزب العمال كير ستارمر بأن موقف الحزب من حرب غزة أضر به في الانتخابات المحلية.
إن النفور من الاعتراف بأن خطط سوناك قد أفشلت حزب المحافظين، هي سمة متجذرة داخل الحزب منذ زمن مارغريت تاتشر، بينما يعرض سوناك اليوم بضاعة الإنقاذ لبيعها مقابل سعر زهيد ولايقبل البريطانيون على شرائها.
ما ينطبق على زعيم حزب المحافظين ريتشي سوناك، هو بالضبط ما يسمى بـ “نظرية الاضطراب” التي تبدأ من الاضطرابات الخفيفة حتى تصل إلى المتطرفة، لكنها في واقع سوناك كمن يقود طائرة تكون فيها الاضطرابات الجوية سيئة للغاية لدرجة أن الطيار المتمرس يدرك حينها أن الهدف لم يعد في إكمال الرحلة، بل التوجه إلى أقرب مطار على أقرب أرض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو