الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باسم عبد الحميد حموي

قيس كاظم الجنابي

2024 / 5 / 18
الادب والفن


-1-
تعرفت على الاديب الراحل باسم عبد الحميد حمودي النعيمي (1937- 2024م)، اولاً من خلال كتابه (الوجه الثالث للمرآة) الذي حصلت عليه وقراته وهو يتناول كما سنرى، موجة العبث واللامعقول والتمرد في الادب والقصة العراقية بشكل خاص، واتذكر ان الكتاب مطبوع في مطبعة الديوانية ،ومازلت احتفظ بنسخة منه حتى الان بالرغم من عوادي الزمن على مكتبتي، وبعد ذلك حصلت على نسخة من كتابه الرائد في نقد السرد العراقي (في القصة العراقية) الصادر عام 1961م،وخلال التسعينات استذكرت معه هذا الكتاب، فطلب مني هذه النسخة، فاعتذرت له وقلت: انك ستأخذ هذه النسخة ولن تعيدها لي..، وكان بعض الأصدقاء حاضراً، فضحك من هذه المساومة النبيلة، وعلى ما أذكر اشتريت هذا النسخة من بائع الكتب اليهودي في شارع الرشيد مقابل مقهى المربعة، الذي كنت أجلس فيه وأقرأ القطعة المكتوبة على السلم الساعد اليها (مستعدون لبيع وشراء الكتب القديمة وبيعها)،والتي وجدت فيه اعداداً من المجلات العراقية القديمة، ومنها اقتنيت كل المجموعات القصصية القصيرة والروايات العراقية التي صارت موضوعاً لكتابي:(نصف قرن مع الرواية العراقية)،و(القصة العراقية القصيرة، أجيال وتاريخ) اللذين صدرا عن دار دجلة- ناشرون وموزعون، بالأردن (عمّان)، فحصلت على قصص عبدالمسيح وزير وأنور شاؤول وخالد الدرة ورواية صالح رشيد(عدنا الى الخان) الصادرة عام 1947م،وقصص(تثنية الاقاصيص) لصلاح الدين الناهي الصادرة عام 1952م، وقصص (في الغاب) لعبد الصمد خانقاه، الصادرة عام 1952م، أما مجموعة حمودي الأولى له (أنا عاطل) فلم اعثر عليها في حينه، لانه ترك كتابة القصة القصيرة الا نادراً واتجه صوب النقد، بعد ان عمل مدرسا للتاريخ في عدد من المتوسطات والثانويات، ثم انتدب للعمل في الإذاعة والتلفزيون، وصار يكتب السيناريو الإذاعي بشكل خاص.
وفي الثمانينات كنت في بديات ترددي على مجلة الأقلام فوجدت باسم حمودي سكرتيراً لتحريرها، وع رئيس تحريرها آنذاك الأستاذ الراحل طراد الكبيسي، ثم صار رئيساً لتحريرها، وما زلت اعد حمودي استاذي الأول في النقد القصصي مع الاستاذ الراحل عبد الجبار داود البصري في نقد الشعر الحديث ،حيث تولى الاثنان رئاسة تحرير مجلة "الأقلام".
بعد سفر طراد الكبيسي الى الخارج للعمل كملحق ثقافي، تولى حمودي رئاسة تحرير مجلة الأقلام، ثم بعد عودة الدكتور علي جعفر العلاق من الزمالة الدراسية، صار رئيساً لتحرير المجلة، وصار حمودي مجلة "التراث الشعبي، واحياناً مديراً لسكرتارية النشر والتعضيد في دار الشؤون الثقافية العامة مدة من الزمن ،كان هذا في مرحلة تولي الدكتور محسن جاسم الموسوي لمجلة "آفاق عربية" ثم ضمها الى دار الشؤون الثقافية العامة ونقلها الى موقع المجلة في سبع بكار، وبقيت فيها لحد الآن.
نشر باسم حمودي عدداً من الكتب النقدية صارت جزءا من الحركة الثقافية في العراق، وكانت مشاركته في الملتقى الأول للقصة العراقية الذي أقيم في مصيف صلاح الدين عام 1979م، من المشاركات المهمة وخصوصاً فتحه الحوار والبحث في موضوع القصة القصيرة جداً ،والتي مازال صدها قائماً، والتي ضمها الى كتابه "رحلة مع القصة العراقية"، لقد كان ناقداً واديباً دمث الاخلاق، حسن الظن بالآخرين، محباً للمعرفة والثقافة، وخلال توليه رئاسة تحرير مجلة "التراث الشعبي" حقق مؤتمراً حول التراث الشعبي عام 1987م، ساهمت فيه ببحثي (الأغاني الشعبية في التراث الشعبي في الشعر العراقي الحديث) الذي صار جزءاً من كتابي (التراث الشعبي في الشعر العراقي الحديث)، ثم إصداره عدداً خاصاً عن ألف ليلة وليلة، شاكت فيه بدراستي (حكاية السندباد وبناء الحكاية) صارت جزءاً من كتابي (شعرية الخيانة)،ومن خلاله تطورت علاقتي بالموروث الشعبي، وصار يكلفني ببعض الدراسات، وكانت اسهاماته عن السيرة الهلالية في كتابيه:" الزير سالم" ،و" الخفاجي عامر"، ثم كتابه "سحر الحقيقة".
-2-
كنت ألتقي باسم حمودي بشكل رسمي وطبيعي من دون علاقات متميزة، حتى التقيت زميلي الأستاذ أكرم عبود مهدي مدرس اللغة الإنجليزية في ثانوية الكرامة نحو عام 1990م، أو عام 1889م، وكان حينها منتدباً من الخدمة العسكرية، ثم تم تعيينه مدرساً في متوسطة القيروان، فذهبنا أنا وهو سوية بعد الظهر في سيارتي الى بيت المرحوم باسم في بغداد – الدورة- حي الميكانيك، وهناك التقينا بشفيق المهدي شقيق الأستاذ أكرم في بيت صهرهما على اختهما السيدة ام شهرزاد وعلي، وكان شفيق محدثاً ممتعاً، تحدث لنها عن مشاكساته في مدرسة ثانوية المسيب التي أكملت فيها دراستي المتوسطة والاعدادية، في ظل مدرائها الراحلين( ضياء الدين الخزرجي، وكريم مرزة، وعايد كصب الجنديل) وأساتذة أجلاء آخرين.
كان باسم يكتب السيناريو الإذاعي في التسعينات مع آخرين، وربما من دون ذكر اسمه ليتلقى أجراً يقيم به معايشة اسرته وضيوفه وهو المضياف الكريم، وهذا ما كان يفعله بعض الادباء؛ وهو الاديب المخضرم الذي عاش العهد الملكي والجمهوري، وهو الشيوعي البعثي وما بعدهما، فقد عمل في جريدة المدى بعد الاحتلال الأمريكي وبقي يتابع النشر والاتصال،وحين نشرت صورة غلاف كتابي (القصة العراقية القصيرة،أجيال وتاريخ) طلب مني نسخة فأعربت عن سروري بهذا الطلب، مرة سألته:
- علمت ان بعض اليوميات بعنوان(يوميات بعثي مستقيل)...!
ابتسم كعادته، وأجابني ؛ انه كان شيوعياً، وعندما استلم البعثيون السلطة عام 1963، صرت معه، فلما انقلب عليهم عبدالسلام عارف انقلبت عليهم وكتبته هذه اليوميات، فقلت له ما بها، قال: شتائم، ليبرئ نفسه منهم.
عمل باسم حمودي مدرسا للاجتماعيات، لانه مختص بالتاريخ، في الشنافية وعفك والدغارة .. وغيها. وهناك خلال عمله تزوج من زوجته ام علي حيث كان والدها موظفاً، والتي رحلت بوقت مبكر وتركت غصة في قلبه كلما استذكرها او ذكرها، مرة وبعد وفاتها اتصلت به لأطمئن على صحته فقال لي انه يقيم في بغداد، وكانت آخر زيارة لي في بيته بعد الاحتلال مباشرة، وكان معي ابني هاشم وكانت شحة في البنزين حتى انني توقفت اكثر من مرة بسبب رداءته.
يعد باسم واحداً من شكلوا ذاكرة القصة العراقية، ووحداً ممن شكلوا الذاكرة العراقية الشعبية والثقافية، من خلال ادارته لمجلة التراث الشعبي ومن خلال وجوده مديرا للنشر فيها ومن خلال علاقاته الشخصية وخلق الجميل.
توقف قلب باسم الكبير الذي سرد لنا الكثير من تاريخنا وتاريخه، وهو الحكاء الجميل والممتع، فقد تضمن كتابي (نصف قرن مع الرواية العراقية) إشارات وملاحظات عن رواية(حكاية السيد العراق) التي كتبها بشيء من المباشرة ضمن مشروع الرواية العراقية في التسعينات، لا يمكن حذف اسم باسم حمودي من ذاكرة القرن العشرين والواحد والعشرين؛ فقد واحداً من شهودهما الحاضرين دائماً.
تمتلك مؤلفات باسم حمودي أهمية تاريخية ووثائقية ونقدية من حيث الريادة في النقد بجانب وسائل ومصنفات نقدية مهمة مثل (الادب القصصي العراقي الحديث) لعبد القادر حسن امين ،وكتابي الدكتور عبد الاله أحمد (نشأة القصة وتطورها ..)،و(الادب القصصي في العراق بعد الحرب العالمية الثانية)،وكتب جعفر الخليلي (القصة العراقية قديما وحديثا)،وكتاب شجاع العاني (المرأة في القصة العراقية)،وكتابات عمر الطالب مثل (القصة القصيرة الحديثة في العراق)،و(الاتجاه الواقعي في الرواية العراقية) الصادر عام 1971م، وكتب مهمة في هذا الاطار.
-3-
لا يكفي ان نرثي أبا شهرزاد وعلي فقط، وانما نحتاج ان نستذكر في هذا الزمن الرديء شحة الوفاء ونضوب الذكريات وتشرذم العلاقات وتدنيها، فقد تسربت الذكريات من بين أصابع اليدين وظهر جيل جديد يحمل معه لعنة اوديب، يبحث عن طريق اكثر ذكاء لقتل الإباء، فنحن من خلاله ومن خلال ذكراه نحاول ان نبعد شبح الخوف والحنين، كل الذي أريد أن أقوله هو انك كنت نبيلاً معا حتى النخاع، وبقيت كذلك وليس أمامنا سوى هذه الكلمات التي نستذكرك بها والتي قد لا تجد نفعاً في عصر العولمة؛ فعصرنا الجديد عصر الصورة والتحولات الآبقة، حيث تتصدر الاخبار بصور قادة الأكاذيب وزعماء الظل وقادة الادعاء الفارغ.
تصدر كتابه الثاني (الوجه الثالث للمرآة) الصادر عام 1973م،أي بعد 13 عاما على صدور كتابه(في القصة العراقية)، تصدره اهداء جميل(الى زوجتي ..أم شهرزاد، التي لولاها لما ظهر هذا الكتاب) باسم.
هكذا من دون مقدمات ولا مقدمة للكتاب أصلاً، حيث كان الموضوع الأول فيع بعنوان (في طبيعة القصة) وهو يحمل الكثير من فكره وثقافته اليسارية، وقدرته على الاختصار، حيث انتقل من محمود احمد السيد الى عام 1958م، مروراً بنمو الطبقة العاملة ، وبتطور الوعي والكتابة القصصية في مصر والعراق، لقد حاول بيان الأسباب التي ساهمت في تطور الوعي والكتابة السردية في نمو الطبقة العملة وظهور الترجمات الحديثة من اللغات الأخرى، والتي الهمت السيد فكرة كتابة روايته (جلال خالد)، ثم توصل الى "ان عاملاً موضوعياً هاماً هو عامل القلق الحياتي الذي لا يتيح لكاتب العراقي ان ينتج اعمالاً ضخمة، فاستند القصاصون الى الاقصوصة كوسيلة تعبير سريعة ..آنية".[ص12]
كان قد جعل قلة وقت التفرغ سبباً من أسباب تخلف الكاتب العراقي عن الركب العربي بعد ان جعل الظروف الموضوعية المؤخرة للتصنيع التي مرت على هذه البلاد وغيرها من البلدان الخاضعة للاستعمار المباشر آنذاك.
احتوى الكتاب على موضوعات مهمة أبرزها:
- حول الرواية العراقية.
- الجماعية في الرواية العراقية.
- نماذج تجديدية.
- في اللا معقول.
- تأثير الوجودية على الاقصوصة العراقية.
- مختارات نقدية.
- البلد البعيد الذي تحب.
- أثر عبد الملك نوري.
- رغم كل شيء.
- رجلان على السلالم.
- الوشم.
- مرايا على الطريق.
وهكذا كانت اطلالة حمودي على القصة في هذا الكتاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو


.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها




.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في