الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساهمة الحزب الشيوعي اليوناني في اجتماع النشاط الشيوعي الاوروبي

النشاط الشيوعي الأوروبي

2024 / 5 / 18
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


مدريد، 11 مايو 2024

“استنتاجات تاريخية من تكتيكات الجبهات المناهضة للفاشية. نضال الشيوعيين المعاصر ضد الفاشية"

 
أيها الرفاق الأعزاء، 

في الأشهر القليلة الماضية، أثارت وسائل الإعلام البرجوازية الأوروبية جدلا، حيث قدرت أن الأداء الانتخابي للقوى القومية وحتى الفاشية سوف يرتفع بسرعة كبيرة في الانتخابات المقبلة. وهكذا، فإن مختلف الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية البرجوازية في دول الاتحاد الأوروبي، كما هو الحال في ألمانيا، ودول أخرى، تدعو إلى دعم السياسات "المؤيدة لأوروبا والتقدمية" في الانتخابات الأوروبية المقبلة، من أجل كبح جماح صعود اليمين المتطرف والفاشية! 

نفاقهم صارخ! من خلال دعمهم أيضًا، تم في السنوات الأخيرة في العديد من الدول الأوروبية، مثل دول البلطيق وبولندا والمجر وبلغاريا وأوكرانيا، هدم المعالم الأثرية المناهضة للفاشية وإقامة نصب تذكارية لقوات اس اس النازية. تم حظر الاحزاب و الرموز الشيوعية، بينما أعيدت كتابة التاريخ بما يناسب الرأسماليين، أي «الرعاة» الرئيسيين للفاشية عبر التاريخ والعالم. 

علاوة على ذلك، ظل مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي، لسنوات عديدة، ينشرون معاداة الشيوعية في سلسلة من القرارات، سعياً إلى مساواة الشيوعية بالفاشية - وهو الأمر الذي يبرئ الفاشية فعلياً. في الواقع، حاول الاتحاد الأوروبي محو يوم انتصار الشعوب على الفاشية، 9 مايو، من خلال تسميته "يوم أوروبا".

علاوة على ذلك، بينما تدور الحرب الإمبريالية في أوكرانيا، هناك قوى تستخدم"النضال ضد الفاشية" وسياسة "الجبهات المناهضة للفاشية" للمؤتمر السابع للكومنترن لإخفاء الأسباب الحقيقية للحرب عن أعين الناس. ويحدث هذا في الوقت الذي تقاتل فيه كتيبة آزوف النازية الجديدة، التي يقدمها زعماء الاتحاد الأوروبي على أنها مدافعة عن الحرية والديمقراطية ،تقاتل من أجل أوكرانيا، وجماعات النازيين الجدد مثل "روسيتش" Rusich و من "الفيلق الإمبراطوري الروسي"، الذين يتم تقديمهم على أنهم مدافعون عن قيم "العالم الروسي"، يقاتلون من أجل روسيا.

وبالنظر إلى كل ما سبق، فإن القضية التي نناقشها اليوم ذات أهمية خاصة. إن اجتماع اليوم للنشاط الشيوعي الأوروبي يتيح لنا الفرصة لتسليط الضوء على بعض الاستنتاجات المفيدة – في رأينا – التي توصل إليها الحزب الشيوعي اليوناني من خلال دراسة التاريخ، وكذلك لتقديم بعض جوانب التجربة المعاصرة وتقييمات النضال ضد الفاشية: 
 
1. إن ذكرى التاسع من مايو، التي أحيينا ذكراها مؤخرًا، مرور 79 عامًا على نهاية الحرب العالمية الثانية، ليست "يوم الاتحاد الأوروبي"، كما حاول ممثلو صرح الاتحاد الأوروبي الرجعي بشكل غير تاريخي ترسيخه في السنوات الماضية. إنه يوم نصر الشعوب العظيم على الفاشية، الملحمة العظيمة للجيش الأحمر السوفييتي وشعبه، وكذلك حركات المقاومة في أوروبا، مع الدور الطليعي والحاسم للأحزاب الشيوعية.
 
2. يشيد الشيوعيون بكل من قاتل بالسلاح ،إلى كل من ضحى وعذب وسجن ونفي؛ إلى كل أولئك الذين ناضلوا بكل الطرق ضد المحور الإمبريالي النازي الفاشي المكون من ألمانيا وإيطاليا واليابان وحلفائهم. يفتخر الحزب الشيوعي اليوناني بكونه الروح وشريان الحياة والتوجيه للنضال البطولي لجبهة التحرير الوطني (EAM)، وجيش التحرير الشعبي اليوناني (ELAS)، ومنظمة الشباب الهيلينية المتحدة (EPON) وغيرها من المنظمات التابعة الى جبهة التحرير الوطني (EAM). وكذلك للآلاف من أعضائه الذين كتبوا بعملهم البطولي وتضحياتهم بعضًا من أروع الصفحات في تاريخه وساهموا في النتيجة المنتصرة للحرب.
 
3. حقيقة أن الاتحاد السوفييتي و قوى الانصار حاربوا الفاشية لا تغير من حقيقة أن الحرب العالمية الثانية، مثل الحرب العالمية الأولى، كانت حربًا إمبريالية. لقد كانت ذروة المنافسة الإمبريالية لإعادة تقسيم الأسواق ومناطق النفوذ، والتي اشتدت في ظل ظروف الأزمة الرأسمالية. عندما لا يمكن حل تناقضات الاحتكارات، التي تتصادم حول ربحيتها، من خلال تسويات هشة في إطار "السلام" الإمبريالي، فيجب حلها بالحرب.

إن الرحم الذي ولدت الحربين العالميتين الأولى والثانية، والحروب التي اندلعت في العقود التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا في أوكرانيا والشرق الأوسط، هو في الواقع نفسه. وهذا الرحم هو علاقات الإنتاج الرأسمالية، النظام الرأسمالي في مرحلته الإمبريالية. وفي هذا الإطار، تستخدم الطبقات البرجوازية أيضًا القوى القومية وحتى الفاشية في خططها الحربية، كما نرى مع أولئك الذين يحنون إلى بانديرا وكتائب آزوف في أوكرانيا، أو “المدرسة السياسية العليا” للفيلسوف الفاشي إيفان إيلين. ، التي أنشئت مؤخرا في إحدى الجامعات الحكومية الكبيرة في العاصمة الروسية.  
 
4. لقد كانت الحرب العالمية الثانية عادلة فقط من جانب الاتحاد السوفييتي، الذي كان يناضل من أجل الدفاع عن السلطة الاشتراكية العمالية، وإلى جانب حركات المقاومة التي تناضل ضد الاحتلال الفاشي، من أجل بقاء وازدهار شعوبها. .

لقد كانت الحرب غير عادلة وإمبريالية بالنسبة لبريطانيا والولايات المتحدة والقوى التي تتحمل المسؤولية في ظهور الفاشية وانتشارها في ألمانيا، لأنها كانت تهدف إلى الحفاظ على المكانة التي حصلت عليها و توسيعها في النظام الإمبريالي بفضل انتصارها في الحرب العالمية الأولى. ومن ناحية أخرى، كانت الحرب إمبريالية وغير عادلة بالنسبة للمحور الفاشي، لأنها كانت تهدف إلى قلب موازين القوى التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى. كان كلا التحالفين الإمبرياليين المتنافسين يتنافسان لتأمين أرباحهما ومصالحهما الجيوسياسية. وكلاهما مذنب بارتكاب جرائم كبرى ضد الإنسانية. على سبيل المثال، كان المحور الفاشي يقود مسيرة عمليات الإعدام الجماعية والتطهير، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا قصفتا أيضًا مدينة دريسدن، واستخدمتا الأسلحة النووية في هيروشيما وناجازاكي، ليس من باب الضرورة العسكرية ولكن كتحذير للاتحاد السوفييتي، سعيًا لفرض خططهم السياسية الخاصة بشأن تطورات ما بعد الحرب.

إن الاستنتاج بأن الحرب كانت غير عادلة بالنسبة لجميع القوى البرجوازية التي شاركت في الحرب العالمية الثانية يجب أن يتم استيعابه بالكامل بين صفوف الحركة الشيوعية العالمية! وهذا له أهمية خاصة اليوم، عندما ترتدي مختلف القوى البرجوازية عباءة "معاداة الفاشية" وتحاول إخفاء أهدافها المفترسة الحقيقية في الحرب الإمبريالية؛ في هذه الحرب التي يصطدم فيها المحور الإمبريالي الأوروبي الأطلسي (الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي) مع المحور الإمبريالي الأوراسي الذي يتشكل بين الصين وروسيا وحلفائهم، باستخدام البرجوازية الأوكرانية (التي بررت تاريخياً المتعاونين الأوكرانيين مع النازيين) كرأس حربة لها.
 
5. الفاشية هي أحد الأشكال السياسية للسلطة الرأسمالية. في أعقاب الحرب العالمية الأولى وتحت تأثير ثورة أكتوبر الاشتراكية المنتصرة، واجهت البرجوازية الألمانية والإيطالية حركة شيوعية وعمالية شعبية متنامية تحدت سلطتها من خلال ثورة 1918-1919 في ألمانيا و احتلال العمال الجماعي لمصانع الشمال الإيطالي في إيطاليا خلال فترة Biennio Rosso (البينية الحمراء) في 1918-1920. وفي الوقت نفسه، سعت البرجوازية الألمانية، التي كانت من بين أكبر الخاسرين في الحرب السابقة، والبرجوازية الإيطالية، التي اعتقدت أنه على الرغم من انتصارها، فقد ظلمتها تقاسم الغنائم الإمبريالية بعد الحرب، سعت إلى التحرك و تحدي توازنات القوى الإمبريالية. في ظل هذه الظروف، اختارت الفاشية-النازية باعتبارها الشكل الأنسب لسلطتها السياسية لقمع العدو الطبقي في الداخل وشن الحرب مع الدول الرأسمالية الأخرى في الخارج.

إن الاختلاف الرئيسي الذي يميز الشكل الفاشي للسلطة الرأسمالية هو الاصطفاف النشط والجماهيري للقوى الشعبية خلف الخطط الرجعية للسلطة الرأسمالية. لم يكن ذلك ضروريا بالنسبة للمنتصرين في الحرب السابقة، لأنهم، بفضل الأرباح الإمبريالية الفائقة، تمكنوا من تأمين موافقة القوى العمالية الشعبية على السلطة الرأسمالية من خلال إقامة تحالفات مع الطبقات الوسطى وشراء الأرستقراطية العمالية.

ولا توجد أي تباين آخر على الإطلاق. لا يمكن إرجاع خصوصيات الفاشية والنازية فقط إلى وقف الإجراءات البرلمانية، وهي سمة موجودة في جميع الأنظمة الديكتاتورية البرجوازية. ويزداد الأمر سوءًا منذ ظهور الفاشية والنازية من خلال البرلمانات البرجوازية. ولا يمكن العثور على الجوهر الخاص للفاشية – النازية في القمع غير المسبوق للحركات العمالية الشعبية والشيوعية، وهو أمر شائع ليس فقط في الديكتاتوريات البرجوازية ولكن أيضًا في الأنظمة البرلمانية.

ودعونا نتذكر أنه خلال تاريخه الممتد لـ 105 سنوات، واجه الحزب الشيوعي اليوناني اضطهادا رهيبا من قبل الأنظمة البرجوازية، التي كانت أحيانا دكتاتورية وأحيانا في شكل ديمقراطية برلمانية. ولتوضيح ذلك، أنشأ نظام ميتاكساس الدكتاتوري في اليونان عام 1939 ما سمى بالادارة المؤقتة للحزب الشيوعي اليوناني، المؤلفة من مخبرين، سعياً إلى توجيه ضربة للحزب الشيوعي اليوناني، في حين أن مادورو، الديمقراطي الاشتراكي، يتحدث اليوم باسم "اشتراكية القرن الحادي والعشرون"، يهاجم الحزب الشيوعي الفنزويلي (PCV) وقام ببناء حزب شيوعي فنزويلي مزيف، والذي تعترف به الدولة البرجوازية رسميًا.

كما لا يمكن اعتبار استغلال الشعوب الأخرى سمة خاصة للفاشية والنازية، لأن التقليد البرلماني لفرنسا وإنجلترا كان الوجه الآخر للاستعمار. وحتى العنصرية التي تميز النازية، وليس الفاشية، ليست حصرًا للأنظمة الفاشية والنازية فقط. كانت أيديولوجية "تحضر " الأجناس الدنيا هي العباءة الأيديولوجية للاستعمار، وحتى بعد الحرب، حافظت العديد من الدول الرأسمالية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وخاصة بريطانيا العظمى، على علاقات وثيقة مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

تظهر السمات المشتركة للفاشية مع الأشكال السياسية الأخرى أن النضال ضد الفاشية يظل غير مكتمل ما لم يهدف إلى النضال من أجل الإطاحة بالسلطة الرأسمالية.
 
6. اعتمد المؤتمر السابع للأممية الشيوعية استراتيجية الجبهات الشعبية المناهضة للفاشية، التي طالبت، قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها، بالحكم في إطار الرأسمالية، في الفترة الأولى كوسيلة للدفاع ضد صعود الفاشية وفي الثانية كشكل من أشكال الانتقال إلى السلطة العمالية.

قبل الحرب، سعت الأحزاب الشيوعية عبر "الجبهات" إلى التعاون مع القوى السياسية الاشتراكية الديمقراطية، وحتى مع القوى الديمقراطية البرجوازية، بهدف عزل القوى البرجوازية الفاشية ومنع هيمنتها في كل بلد. وفي الوقت نفسه، كانت معظم الأحزاب الشيوعية في ذلك الوقت تركز على النضال حصريا ضد الفاشية، وبالتالي لم توجه هجومها ضد القوى البرجوازية والدول الرأسمالية المشاركة في الحرب و التي شاركت في استغلال الطبقة العاملة ، لكنهم ثبتوا أيضًا في وعي العمال والشعب أن هؤلاء مناهضون للفاشية. علاوة على ذلك، بينما كانت الحرب مشتعلة، سعى الحزب الشيوعي إلى تعاون ما بعد الحرب – حتى تشكيل حكومات– مع هذه القوى. وهكذا لم تتمكن الأحزاب الشيوعية من ربط النضال التحرري المسلح ضد الفاشية بالنضال من أجل انتصار السلطة العمالية.

ومن الأمثلة المميزة على ذلك بلدنا، اليونان، التي تم تحريرها من القوات النازية قبل 80 عاما، وذلك بفضل الانتصارات الرائعة التي حققها الجيش الأحمر، فضلا عن المساهمة التي لا يمكن تعويضها للمقاومة المسلحة وحركة التحرير المناهضة للفاشية ومنظماتها مثل جبهة التحرير الوطني (EAM)، وجيش التحرير الشعبي اليوناني (ELAS) والعديد من منظمات المقاومة المسلحة الأخرى، التي تشكلت بمبادرة من الحزب الشيوعي اليوناني. ومع ذلك، وعلى الرغم من حركة المقاومة الجماهيرية والمسلحة الرائعة هذه، وحقيقة أنه خلال فترة التحرير، في أكتوبر 1944، تشكلت ظروف الوضع الثوري في اليونان، أي الظروف التي اهتزت فيها السلطة البرجوازية، مع انتشار ازمة اقتصادية وسياسية عامة ومع ضعف عمل آليات القمع ومؤسسات الحكم التي كانت لدى البرجوازية في اليونان، لم تتمكن الحركة العمالية الشعبية من الانتصار . وقد حدث هذا لأن حزبنا فشل في تطوير التحرر المسلح والكفاح ضد الفاشية إلى ثورة اشتراكية بطريقة واعية ومخططة؛ وبدلا من ذلك، ظل متعلقا بخط الوحدة الوطنية وتشكيل حكومة القوى المناهضة للفاشية. وهكذا أعطت البرجوازية (التي تغلبت على صراعاتها القديمة بين الموالين لبريطانيا والموالين لألمانيا في مواجهة الخوف من فقدان سلطتها) وحلفائها الأنجلوأمريكيين الفرصة لشن هجوم سياسي عسكري شامل ضد الحزب الشيوعي اليوناني و الحركة العمالية من أجل تعزيز السلطة البرجوازية المهتزة بالفعل. وفي سياق هذا الهجوم، لم تتردد ما سمى بالقوى الديمقراطية البرجوازية في الاستعانة بالمتعاونين النازيين السابقين. إن النضال البطولي الذي دام ثلاث سنوات للجيش الديمقراطي اليوناني (DSE) لم يتمكن من إحباط هذا المخطط .

لكن حتى في تلك البلدان الأوروبية حيث أدت سياسة الجبهات المناهضة للفاشية إلى مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومات الائتلافية بعد الحرب، فإن هذا التوجه ليس فقط لم يحقق الانتقال إلى السلطة العمالية، بل تم استخدامه أيضًا لضمان تأييد معظم طليعة القوى العمالية الشعبية حتى تم توطيد السلطة الرأسمالية. بعد ذلك، طردت الأحزاب الشيوعية من جميع الحكومات. 
 
7. من المهم أن نرى لماذا اليوم في جميع أنحاء أوروبا، وفي بعض الحالات خارجها، يلجأ النظام البرجوازي إلى مثل هذه "العكازات" القومية والعنصرية والفاشية للوقوف على قدميه مرة أخرى. وهذا أمر لا يمكن إنكاره، حيث أن الدعم المالي لهذه القوى من قبل أجزاء من رأس المال ، و من قبل اجهزته القمعية، مثل الشرطة والقوات المسلحة، وترويج و وصف هذه القوى على أنها "مناهضة للنظام" من قبل وسائل الإعلام البرجوازية الكبيرة تتكشف أمام أعيننا.

ويصبح من الواضح أن كل برجوازية تستغل مثل هذه القوى باعتبارها أتباعا للنظام وكرأس حربة ضد الحركة العمالية الشعبية. إن الفكرة السائدة في صفوف الحركة الشيوعية العالمية، بأن الفاشية "تصدرها" الولايات المتحدة، والتي توصف بأنها قوة فاشية أو مؤيدة للفاشية، هي فكرة خاطئة تماما ولا أساس لها من الصحة.
 
8. هنا أيضاً، يجب أن نشير إلى أن الحزب الشيوعي اليوناني، من خلال دراسته لتاريخ الكومنترن، قدّر ان تقسيم دول النظام الإمبريالي العالمي إلى "فاشية"/"مؤيدة للحرب" و"ديمقراطية"/"مؤيدة للسلام" الذي كان سائدا في صفوف الكومنترن قبل الحرب العالمية الثانية كان خاطئا ومضرا. واليوم تعود بعض القوى في صفوف الحركة الشيوعية العالمية إلى هذا الانقسام الزائف الذي يحجب الطبيعة الطبقية للأنظمة البرجوازية وسبب ظهور وتقوية التيار الفاشي الكامن في الرأسمالية الاحتكارية نفسها وفي خدمة المصالح الرأسمالية في كل بلد. لقد استخلص الحزب الشيوعي اليوناني دروساً من التاريخ، وهو لا يتفق مع هذا النهج المتمثل في تقسيم القوى الإمبريالية إلى قوى "سيئة" ("فاشية" و"فاشية جديدة") وقوى "صالحة"، و بالطبع، مع الدعوات لتشكيل " "جبهات مناهضة للفاشية" بتوجهات غير طبقية ، أي تحالفات دون معايير طبقية اجتماعية ولكن مع كل "التقدميين والشرفاء"، كما يدعونا البعض اليها. مثل هذه التوجهات والدعوات تقود الحركة الشيوعية والطبقة العاملة إلى نزع سلاحها والتخلي عن مهمتهم التاريخية وإلى صياغة خط مفترض للخلاص من الإمبريالية بواسطة "القوى الفاشية". وفي الوقت نفسه، فإنه يقدم ذريعة لما يسمى بالقوى الديمقراطية والبرجوازية المؤيدة للسلام.
 
9. لتبرير النهج المشوه المذكور أعلاه، تكثر التكهنات حول تعريف الفاشية الذي قدمه ج. ديميتروف في مؤتمر الكومنترن السابع على أنها "ديكتاتورية إرهابية مكشوفة لأكثر العناصر رجعية وشوفينية وإمبريالية في رأس المال المالي" . نحن نعتقد أن المؤتمر السابع قد فصل بشكل مطلق بين "سلطة" رأس المال المالي ومصالح رأس المال الصناعي. وبالمثل، فقد فصل بشكل مطلق بين الدول الرأسمالية الفاشية والديمقراطية. ونتيجة لهذا الفصل، ارتقى تحالف الحركة العمالية والشيوعية مع جزء من القوى والدول البرجوازية إلى مستوى أيديولوجي، و اضعف الاستعداد الطبقي ضد الطبقة المعادية، كما رأينا سابقا.

واليوم، يتجاهل بعض الذين يشيرون إلى هذا التعريف للفاشية بشكل انتقائي حقيقة أن الأممية الشيوعية، قبل هذا التعريف للفاشية، قد أعطت تعريفًا آخر في برنامجها (1928)، حيث أشارت، من بين أمور أخرى، إلى أنه "في ظل ظروف خاصة معينة" "في ظل الظروف التاريخية، فإن تطور الهجوم البرجوازي الإمبريالي الرجعي يتخذ شكل الفاشية"، في حين تم عرض ملامح الفاشية بالتفصيل في القرار بشأن الوضع الأممي الصادر عن المؤتمر السادس للأممية الشيوعية (1928). كما يتم تجاهل أن تعريف ديميتروف المعروف عام 1935 تم تقديمه في ظل ظروف تاريخية أخرى، عندما كانت القوى الإمبريالية تخطط لتفكيك الدولة الاشتراكية الوحيدة في العالم، بينما كان الاتحاد السوفييتي، من جانبه، يحاول إحداث شرخ بين القوى الإمبريالية والاستفادة من تناقضاتها. لذلك يتم استخدام هذا التعريف بشكل منفصل عن الظروف التاريخية التي أدت إلى ظهوره ويتم نقله بطريقة ميكانيكية وغير علمية إلى الظروف الحالية، حيث لا يوجد اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية والوضع الذي تطور في الصين لا يتوافق بأي حال من الأحوال مع مبادئ الاشتراكية. . نحن نتحدث عن قوة عظمى رأسمالية تتنافس مع الولايات المتحدة على التفوق في النظام الإمبريالي الدولي.  
 
10. إن الطريق لظهور وتطور الأشكال الفاشية، في الماضي و الحاضر ، لم يتم تمهيده من قبل القوى اليمينية فحسب، بل أيضا من قبل قوى الاشتراكية الديمقراطية، التي تدعم نظرية "التطرفين " غير التاريخية، التماثل غير المقبول للشيوعية بالفاشية. وبهذه الطريقة، فإنها لا تسعى فقط إلى تبرئة الرأسمالية من جرائم الفاشية النازية، بل أيضًا إلى نسبها إلى الحركة الشيوعية، القوة الوحيدة التي حاربت ضدها دائمًا بالتضحية بالنفس.

علاوة على ذلك، فإن خيبة أمل القوى الشعبية ذات المعيار السياسي المنخفض تجاه وعود الأحزاب اليمينية والديمقراطية الاشتراكية في الحكومة، في ظل ظروف عدم وجود أحزاب شيوعية قوية ونضالات عمالية عظيمة، تدفع الى النهوض السياسي للأحزاب القومية والعنصرية وحتى القوى الفاشية. ويصبح هذا واضحا بشكل خاص في ظروف التدمير الواسع النطاق للطبقات الدنيا والمتوسطة في مرحلة الأزمة الرأسمالية، وزيادة الفقر والبطالة وتآكل الأحزاب البرلمانية البرجوازية. عندها تقوم البرجوازية باستخدام الأحزاب النازية كمواقع أمامية لخدمة مصالحها. إنها تستغل تصرفات النازيين الذين، بقوميتهم المتطرفة و"تضامنهم" المزعوم، ألقوا شباكهم لاستمالة القوى الشعبية، والعاطلين عن العمل، والطبقات البرجوازية الصغيرة المدمرة.
 
11. اليوم، فتح الطريق أمام القوى الفاشية و اعادة تاهيلها أيضا بواسطة القوى "الشيوعية" الانتهازية التي، باسم "استعادة سيادة البلاد" التي يهددها الاتحاد الأوروبي، كما هو الحال في إيطاليا، أو “صد الفاشية المصدرة من قبل الولايات المتحدة”، كما هو الحال في روسيا، تتحدث أو تتعاون مع القوى الميالة للفاشية.
 
12. في العقود الماضية، واجه الحزب الشيوعي اليوناني، وما زال يواجه، مختلف التشكيلات الفاشية، التي تستغل الأيديولوجية الإجرامية القومية والقومية الاشتراكية لتغطية أعمالها القاتلة ضد المهاجرين والنقابيين والمناضلين الشيوعيين وغيرهم. إحدى هذه الحالات كانت "الفجر الذهبي" الفاشية، التي حاولت إعادة تقديم تكتيكات "فرق الاعتداء" النازية واستبدال أفعالها بالنشاط السياسي. نحن نتحدث عن مجموعة فاشية، بعد سقوط الدكتاتورية العسكرية في السبعينيات، حافظت على اتصالات مع أعضائها القياديين ومع الجماعات اليمينية المتطرفة القومية الأخرى، وزرعت معاداة مبتذلة للشيوعية و العنصرية والكراهية للحركة العمالية. لقد اكتسبوا علاقات قوية داخل الجيش والشرطة والمخابرات، وشاركوا في هجمات بلطجية، حيث قاموا بوضع عبوات ناسفة ضد مكاتب الحزب الشيوعي اليوناني والأحزاب الأخرى ومنظمات الشباب، في المكتبات ودور السينما، على سبيل المثال، حيث عرضت الأفلام السوفييتية والمناهضة للفاشية. وفي الثمانينات، بدأت منظمة الفجر الذهبي العمل بطريقة أكثر تنظيمًا، حيث قامت في كثير من الأحيان بتنفيذ هجمات او البلطجة، على المهاجرين والطلاب على سبيل المثال. مع بداية الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العميقة في الفترة 2008-2009، تم جلب الفجر الذهبي من الهوامش إلى المقدمة. تسببت الإجراءات المتتالية المناهضة للشعب التي اتخذتها مختلف الحكومات في تغير كبير في النظام السياسي البرجوازي، سواء في الديمقراطية الاجتماعية، مع صعود حزب سيريزا وسقوط حزب الباسوك، أو في اليمين المتطرف. 

استغل حزب الفجر الذهبي النازي عواقب الأزمة للوصول إلى الطبقات الوسطى التي تضررت من الأزمة، وكذلك إلى القسم الفقير من الطبقة العاملة، التي لم تقيم علاقات قوية مع النقابات العمالية المنظمة ذات التوجه الطبقي و الحركة النقابية . ومع ذلك، فإن انتقالها من الهوامش إلى مركز المشهد السياسي لم يكن ممكنا دون دعم قطاعات قوية من البرجوازية وأجهزة الدولة. لقد تم تقديم الفجر الذهبي للشعب على أنه "قوة مناهضة للنظام"، تحارب "علل" المجتمع وتريد الأفضل للشعب. وفي مظاهرات "الساخطين" ظهرت شعارات رجعية روجت لها وسائل الإعلام البرجوازية بقوة، مثل "اطردوا الأحزاب" أو "اطردوا النقابات"، مما وفر الغطاء السياسي للفجر الذهبي. وهكذا، استغل النظام البرجوازي الفجر الذهبي من أجل صد قوى النضال الطبقي المنظم ودعم أهداف البرجوازية بقوة، على حساب العمال، على سبيل المثال من خلال مواقف ضد الإضرابات، لمزيد من تخفيض الأجور، وإلغاء العقود بحيث يمكن، حسب زعمهم مثلا، "إقناع مالكي السفن ببناء سفنهم في اليونان". وقد وجد ممثلو الفجر الذهبي مكانا لهم بسهولة في مناقشات الإعلام البرجوازي وشكلوا مجموعة برلمانية. ومن خلال الهجمات العنيفة ضد النقابيين وكوادر الحزب الشيوعي اليوناني، ومع قتل المهاجرين، حاول الحزب ترسيخ نفسه باعتباره القبضة الحديدية للنظام البرجوازي، وفي ذلك الوقت، حافظ حزب الفجر الذهبي على قنوات اتصال مع الأحزاب البرجوازية الأخرى والجهات الفاعلة المحلية. 

كشف الحزب الشيوعي اليوناني عن دوره ،و عزله مع التشكيلات الفاشية الأخرى، عن الحركة النقابية والأنشطة السياسية، في نفس الوقت الذي حافظت فيه الأحزاب البرجوازية الأخرى على موقف برجوازي كما ينبغي من "المعايير البرلمانية" تجاهها. ومن السمات المميزة أن عمدة باتراس الشيوعي رفض منح أماكن للدعاية قبل الانتخابية لحزب الفجر الذهبي النازي. وقد تمت محاكمته، ولكن في ظل تضامن الشعب، تمت تبرئة العمدة الشيوعي في المحكمة. في العديد من المناسبات العامة منع الشيوعيون حضور ممثلي الفجر الذهبي.

أثار مقتل الموسيقي المناهض للفاشية بافلوس فيساس، والهجمات الإجرامية ضد المهاجرين والنقابيين الشيوعيين، موجة مقاومة شعبية كبيرة، خنقت هذه العصابة الفاشية في الوقت الحالي وأدت إلى سجن قادتها. ومن المثير للاهتمام أنه تحت مسؤولية جميع الحكومات البرجوازية، بما في ذلك حكومة سيريزا "اليسارية"، مرت 7 سنوات بين اعتقال قتلة الفجر الذهبي ومحاكمتهم وإدانتهم. وقد ساهم النضال الشعبي الحاسم، وفي مقدمته الشيوعيون، في إدانة المجرمين النازيين. سلط الحزب الشيوعي اليوناني ومحامو النقابيين الشيوعيين، في محاكمة الفجر الذهبي، الضوء على الدور النازي والمؤيد للنظام الذي قامت به منظمة الفجر الذهبي، فضلاً عن حقيقة أن النشاط الإجرامي لهذه المنظمة نتج على وجه التحديد عن أيديولوجيتها النازية الإجرامية. ومع ذلك، فإننا ندرك جيداً أنه ما دام النظام الرأسمالي، الذي هو رحم هذه التشكيلات ، موجوداً، فإننا لم ننتهي من الفاشية. كما أشار د. كوتسومبا، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، "الشيء الرئيسي هو أن يقتلع الشعب الشر من جذوره، من خلال الإطاحة بالنظام الذي يفقس بيضة الافعى، أي النازية والفاشية".

أيها الرفاق الأعزاء،
خلص الحزب الشيوعي اليوناني إلى أن النضال ضد الفاشية، من أجل الدفاع عن حقوق العمال والإنجازات الشعبية، لا ينفصل عن النضال ضد الاحتكارات، وضد الاستغلال الرأسمالي وسلطتهم. ويجب على الحزب الشيوعي ألا ينزلق تحت أي ظرف من الظروف إلى التحالف مع القوى البرجوازية والانتهازية باسم "معاداة فاشية" شكلية وغير حقيقية. وعلى حد تعبير بريشت: "أولئك الذين هم ضد الفاشية دون أن يكونوا ضد الرأسمالية، والذين يندبون الهمجية التي تأتي من البربرية، هم مثل الناس الذين يرغبون في أكل لحم العجل دون ذبح العجل. يريدون أن يأكلوا العجل، لكنهم يكرهون منظر الدم. ويشعرون بالرضا بسهولة إذا غسل الجزار يديه قبل وزن اللحم. إنهم ليسوا ضد علاقات الملكية التي توّلد الهمجية؛ إنهم فقط ضد الهمجية نفسها. إنهم يرفعون أصواتهم ضد الهمجية، ويفعلون ذلك في البلدان التي تسود فيها علاقات الملكية نفسها تمامًا، ولكن حيث يغسل الجزارون أيديهم قبل وزن اللحوم. "

هذا هو السبب وراء التزام الحزب الشيوعي بهدف السلطة العمالية، وبالنضال من أجل حشد قوى التحالف الاجتماعي للطبقة العاملة والشرائح الشعبية الأخرى في المناطق الحضرية والريفية في نضال لا يكل مناهض للاحتكار ومناهض للرأسمالية. بهذه الطريقة فقط يمكن تعزيز المعارضة العمالية الشعبية للسلطة البرجوازية وتعزيز منظور نضال الشعب من أجل الإطاحة بالهمجية الرأسمالية وبناء المجتمع الاشتراكي الشيوعي الجديد.

اليوم بشكل خاص، عندما تواجه الشعوب احتدام المنافسة بين الإمبريالية، وتشتعل أجزاء مختلفة من العالم حول كيفية تقسيم الإمبرياليين للثروة الطبيعية، وقوة العمل، وطرق نقل السلع، وحصص السوق، ومواطئ قدمهم الجيوسياسية، يجب ان يكون لدينا جبهة واضحة ضد طرفي "معاداة الفاشية" الزائفة والنظام الرأسمالي الذي يولد الفاشية والحرب.

يجب على الشعب أن ينهض! 

يجب عليه النزول إلى شوارع النضال، مع الشيوعيين في المقدمة!

من اجل إرسال رسالة مناهضة للحرب ومعادية للإمبريالية في الانتخابات الأوروبية، ضد الاتحاد الأوروبي للحرب، من خلال دعم الأحزاب الشيوعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال