الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سكتانة : الحركة والتاريخ - الحلقة الأولى

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2024 / 5 / 18
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


1 ـ تقديـــــــم

تشكل جبال الأطلس الصغير والكبير سكتانة، مركزا هاما للتجمعات السكنية للأمازيغ، قبائل إنتاون، أونزين، إمديدن، إلمغارطين، زاكمزن، أسكاون، تيفنوت، إوزيون، أيت سمك، وأيت وكاز… ، ويسود بالمنطقة نمط إنتاج شبيه بالإقطاعي، عبر استغلال الأراضي الخصبة، المسقية بضفاف وادي زاكموزن وروافده، وديان أسكاون، تفنوت وإوزيون، والأراضي البورية الصالحة للزراعة والرعي، واستغلال غابات أركان، العرعر، البلوط... والغطاء النباتي وأساسه الشيح، وتشتمل المزارع على أشجار الزيتون، اللوز، الجوز، مختلف الفواكه، زراعة الزعفران، الشعير، الذرة والخضر...
ويشكل الرعي وتربية المواشي خاصة الغنم والماعز الأطلسي، إلى جانب الزراعة الدعامة الأساسية للاقتصاد، ويعتبر الصيد نشاطا مهما لما توفره الغابات من حيوان وطير، ويشكل فيها نمر الأطلس سيدها، إلى حدود الثلاثينات من القرن 20. وكان قادة القبائل يمارسون هواية الصيد، ويقال أن الشهيد الشيخ محند أعبد الله قائد سكتانة يملك ستين كلب صيد.
وتحتوي سكتانة على خزانين مائيين هامين : جبل سروا بعلو يبلغ 3304م وجبل توبقال 4165م الذي يحتوي على بحيرة إفني عمقها أزيد من 800م، مما يجعل المنطقة مجالا فلاحيا حيويا وموردا أساسيا للمياه، إلا أن هذه المؤهلات الاقتصادية الفائلة، لم يتم استثمارها لصالح الفلاحين الفقراء، الذين يتم استغلالهم لتنمية الرأسمال المالي، وخاصة المرأة الفلاحة التي تكدح دون أدنى أجر، في ظل شروط الحياة المادية شبيهة بالعبودية الإقطاعية، ويتم استغلالها في صناعة النسيج خاصة الزرابي. وتشكل الحرف المستوى الثالث للاقتصاد خاصة بعد استغلال الفضة مناجم زكندر بأسكاون منذ عهد المزحدين. (1)
كان لسقوط الدولة السعدية في القرن 17، أثر كبير في سقوط سوس في صراع دائمة مع السلطة المركزية بمكناس، مما له أثر كبير على الصراعات بين القبائل بسكتانة، التي عملت على قمع الثورات التي أشعلها قبائل الأمازيع. واستمر الصراع لأزيد من نصف قرن من الحروب ضد هذه الثورات، من طرف السلطان إسماعيل العلوي وكانت تارودانت مسرحا لها ضد ابنه محمد.
وعرفت قبائل سوس استقلالا نسبيا عن السلطة المركزية، في ظل الحكم الذاتي لأرستوقراطية شيوخ القبائل الأمازيغية ومنها قبائل سكتانة، في صراعها في اتجاه إعادة بناء الدولة السعدية. وعلى المستوى الثقافي نشأ صراع كبير بين علماء سوس المتشبثين بالدولة السعدية وعلماء فاس الموالين للدولة المركزية بمكناس، في ظل سيطرة أروستقراطية النبلاء بالمدينة في اتجاه بناء الدولة العلوية، وبرز هذا الصراع في مرحلة تأسيس الحركة الوطنية بالمدن خاصة بين مراكش وفاس، ولعب العلامة المختار السيوسي دورا هاما في إذكاء هذا الصراع. (2)
وتعتبر سكتانة الركيزة الأساسية للثورة على السلطة المركزية بمكناس، خاصة عبر زاوية ابن ويسعدن التي شاركت في عدة حروب في مرحلة السعديين، وكذا في مواجهة سلطة الكلاوي في 1918، ولا غرابة أن نراها تلعب دورا هاما في مرحلة مقاومة الاستعمار في بداية القرن 20، بقيادة الشهيد الشيخ محند اعبد الله، الذي سيطر على قلعة تالوين مركز سلطة القبيلة بسكتانة، بعد إخضاع جميع قبائل في نهاية القرن 19، ولم يتم إخضاع سكتانة إلا بعد خضوع بعض شيوخ قبائل سكتانة لسلطة الباشا الكلاوي بمراكش، و تم فصل سكتانة عن سوس بعد اعتقال قائدها الشهيد الشيخ محند واغتياله بسجن تازرت قرية الكلاوي في 1905، تمهيدا لدخول الاستعمار الفرنسي في 1932. (3)

2 ـ الحكم الذاتي للقبائل بسكتانة

فبل سيطرة الاستعمار على السلطة المركزية بتحالف مع الإقطاع خاصة الكلاوي بمراكش، تشكل القبيلة الركيزة الأساسية لحياة الفرد والجماعة بسكتانة، لكونها المحدد الأساسي للهوية الفردية والجماعية في الصراع بين القبائل، التي لا يمكن للفرد أن يحيا خارجا عنها، حيث تعرف القبائل صراعات وحروبا من أجل الدفاع مصالحها، خاصة أثناء النزاعات التي تنشب حول الحدود، الأراضي الرعوية والجماعية، وتعرف في أغلب الأحيان حروبا دائمة، خاصة في مواسم المحاصيل الزراعية، كما تعرف تضامنا خاصة عندما يكون العدو مشتركا.
وتطور هذا التضامن إلى مستوى بناء تحالفات القبائل بسوس المتجلية في حلفي "تاحكات" و"تاكوزولت"، اللذان يمثلان شبه حزبين سياسيين متصارعين حول السلطة بسوس في القرن 19، وتتم السيطرة على سلطة الحكم الذاتي من طرف القبيلة القوية وتخضع لها جميع القبائل الموالية لها، بالولاء لسلطة قائد القبيلة "أمغار" الذي يتزعم القبيلة في الحروب، ويملك القوة الاقتصادية، العسكرية والسياسية، وتطور هذا التحالف القبلي إلى حد بناء دول أمازيغية عظمى : المرابطين، الموحدين، المرينيين والسعديين من طرف أروستقراطية شيوخ القبائل، بعد سقوط الدول الأمازيغية قبل الإسلام وآخرها دولة غماة بجبال الأطلس الكبير، التي انطلق منها تأسيس إمبراطورية المرابطين لاحتلال مراكش في القرن 10م، وبناء أول قاعدة عسكرية في تنمل بالأطلس الكبير من طرف العالم والاستراتيجي القائد محمد بن عبد الله الأرغني المعروف بابن تومرت للسيطرة على مراكش وبناء إمبراطورية الموحدين، ولعبت سكتانة دورا هاما في بناء هذه الدول لكون قبائلها تسيطر على الطرق التجارية بين مراكش والصحراء عبر توبقال وسيروا.

1 ـ عبد الواحد المراكشي، المعجب في تلخيص أخبار المغرب.
2 و3 ـ المختار السوسي، من خلال جزولة الجزء 3، المعسول الجزأين 10 و19.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يهمين اليمين المتطرف على البرلمان الأوروبي؟ وماذا يغير؟


.. غزة: آلاف الإسرائيليين يطالبون بالموافقة على مقترح الهدنة وا




.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط