الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس ثقافية ـ 176 ـ

آرام كربيت

2024 / 5 / 18
الادب والفن


حرب غزة
ما يحدث اليوم في غزة يذكرني بسنة 1967، لم يخسر النظام العربي، لقد عبر عن طبيعته.
ولن تخسر حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وإيران، ولن تخسر إسرائيل.
كل واحد يعبر عن طبيعته، وبنيته.
حركة التحرر الوطني لم تنجب إلا مستبدين أصلاء، كانوا اسوأ من المحتل.
العتب على أولئك الذين يصفقون بمناسبة ودون مناسبة، الذي يصفق دون أن يدري خيره من شره.
لم أكن أتخيل حجم الجهل الذي كنّا نعيش فيه، ولا زلنا نعيشه.
لم يتغير أي شيء منذ العام 1948، الانفعال ذاته، وتغييب العقل ذاته، وغياب الحكمة، والوعي ذاته.
نحن في زمن:
عليهم يا عرب، كل من يحمل مقلاعه ويتجه نحو الجبهة.
أعرف أنني أصدمكم، في عقولكم ونفوسكم، ليس هذا فحسب، بل أخذتم معكم شعوب لا تعرف لماذا تنتفض، وعلى ماذا تنتفض؟
المأساة أن هذا العقل المغيب، مستمتع بغيابه.

عن الأرمن
قلت وسأقول على الأرمن أن لا يعلموا أولادهم الحقد والكراهية لكل من تسبب في إبادتهم.
علموهم أن يفكروا، أن يلجأوا إلى العقل، إلى الثقافة، إلى العلم، أن يبنوا ويعمروا دون حقد أو كراهية.
الحقد هو مرض، وستورث هذا المرض لأولادك وأحفادك.
في الحقد ستضيع، ستعطل عقلك من التفكير، ستتحول إلى قاتل دون أن تقتل.
فكر كيف تأخذ حقك دون إطلاق رصاصة واحدة، كيف تنتصر لحقك، للمستقبل، أن تكون رائقًا وعيًا زمانك ومكانك، وأن لا تسمح لكائن من يكون أن يأخذك إلى ملعبه.
ملعبك هو العقل، الوعي بهذا العقل، الوعي بالوعي، والحرية والبناء السليم

المرأة المسلمة
أيتها المرأة المسلمة، أنت امرأة معاصرة شئت أم أبيت، ارتداءك الحجاب والثياب التقليدية لن يعفي عنك انتماءك إلى هذا العصر.
الأيفون الذي في جيبك يقول لك أنت ابنة الحداثة الغربية، وتفكيرك لا يشبه تفكير جدك أو جدتك.
وهذه الإشارات إلى الهوية لن تنفعك، ولن تعيدك إلى عصر الفتوحات والجواري والسبايا وسوق النخاسة.
أنت في عصر مختلف في كل شيء، في كل شيء، في سرير نومك أو طاولة طعامك أو في شكل القبلة الذي تمارسينها مع حبيبك في الخفاء أو العلن.
الطربوش الذي على رأسك لن يجعلك مسلمة كعائشة أو فاطمة أو غيرهن.
اليوم تقودين السيارة بدلًا من الجمل، والمكيف الذي في السيارة يبرد جسدك الجميل، يختلف عن الهودج الحار في أيام الصيف القاسية.
عودي إلى نفسك يا سيدتي الجميلة، كون أنت أنت، إنسانة منسجمة مع نفسها وعصرها، تمردي على زمننا العربي والإسلامي الكاذب، المراوغ، الخبيث الذي يكذب على نفسه في كل دقيقة وثانية.
تمردك على زمننا القبيح هو مفتاح المستقبل وحياتنا القادمة.

الناتو التجاري
الناتو التجاري، مفهوم جديد مطروح في الغرب بقوة، غايته عزل روسيا والصين عن الاقتصاد العالمي.
البارحة انسحبت شركة رينو الفرنسية بالكامل من السوق الروسية، ومطاعم ماكدونالد.
العولمة على ما يبدو في طريقها إلى النهاية، يرافقها انتهاء العولمة السياسي.
أننا على مفترق طرق، يبدو أن الولايات المتحدة لا تستطيع ان تبقى دولة دون هيمنة اقتصادية وسياسية وعسكرية على غيرها، لهذا ستنسحب من بعض الدول، وسيقتصر وجودها على دول محددة، كاليابان وكورية الجنوبية واستراليا ونيوزيلندا وكندا وأوروبا كلها وبريطانيا، وبعض الدول في أفريقيا وامريكا اللاتينية وآسيا، عمليًا لا اعرف من هي بقية الدول
يدعون أنهم دول ديمقراطية وهذه الديمقراطية لا تنسجم مع الدول الاستبدادية، صح النوم.
كتبت قبل عشر سنوات لا استبعد أن تعود بعض الدول إلى الفاشية إذا رأت أن مصالحها ستتضرر، وأن الفاشية لم تكن حالة فريدة من نوعها، أو عابرة أو طور مؤقت، أنها قابلة للحياة في أي زمن.
العالم تغير كثيرًا، رصاصة الرحمة بدأت مع خروج طائر العنقاء من تحت الرماد.
يبدو أن أغلب الشركات الأوروبية والأمريكية عليها أن تعود إلى بلادها أو تذهب إلى ملاجئ أخرى أمنة، كالهند وفيتنام والباكستان والبراويل لتعمل هناك.
أن ما يحدث هو ظاهرة خطيرة للغاية، ان ندخل في حرب باردة أكبر وأقسى من السابق، لعزل دول كبيرة وقوية، اعتبرتها الولايات المتحدة او كما صرح رئيس أركانها مع بدء الحرب بين روسيا واوكرانيا، أن هناك ثلاثة أقطاب عالمية كروسيا والصين والولايات المتحدة، تتصارع على المكانة، وأكد عليها كيسنجر.
وأكد أيضًا كيسنجر أنه على الولايات المتحدة أن تتفاوض مع روسيا ضعيفة بعد الحرب، بعد انهاكها عسكريًا لأطول مدة ممكنة في أوكرانيا.
هل ما يحدث هذه الأيام سببه دخول روسيا في أوكرانيا، أم أنها كان الشرارة المبيتة؟


أليست الحياة خرساء، يتحكم بها صناع القرار ، بصمتها، ويوظفوها كما يريدون، على أن الحقيقة الجزء الأعلى من الحياة؟

تفكيك الحقيقة
لا يمكننا إطلاق الحكم على الحقيقة دون تفكيكها:
ما المراد أو الغاية منها، وأين تذهب غلتها.
لا بد للحقيقة انصار من خارجها، يدركها القائمين عليها، بيد أن فضلاتها يلعقه الأغبياء والبسطاء والتائهين.
الحقيقة مصلحة، نقيضين منقسمين ضمن تيارين منفصلين عن بعضهما، يسيران على خطين متوازيين، لا يمكن كسرهما إلا بكسر أحدهما.
هذا التاريخ، تاريخ ملتوي، أنتج عاهات، وأمراض، واقع وظل، وما زال الظل متحكم في الواقع، ما يحدث من خيبات وأمراض هي زلة لسان الطبيعة المنتج لهما.
الطبيعة منقسمة على نفسها، تبقى عرجاء خامدة لا تكتشف إلا بالعمل الجاد والنفس الطويل.

زيلنسكي
زيلنسكي كمان أصبح لديه مريدين وانصار، وتلاميذ يتابعون خطاباته وبسماته وضحكاته وأرقه ووجعه وفرحه.
بل نذهب إلى أبعد من هذا، أصبح زيلنسكي ووزراءه، يهينون رؤوساء دول وحكومات، وله كلمة نافذة على الجميع، يقول لهم:
ـ يا شولتز، يا ماكرون، بايدن، جونسون، يا عباس بن فرناس، أنتم مقصرين، أرسلوا لنا أسلحة بسرعة.
يأتي الرد سريعًا، تأمر يا طويل العمر، طلبك مستجاب، وقهوتك مشروبة يا شيخ، يا طويل العمر.
ووفود تذهب ووفود تعود، وهناك من يطبطب على ملابسه وكتفه، وتحت.
يدرك هؤلاء الصبيان أن وراء زيلنسكي لوبي من جنسه، يوجهون خطاه، ويرفعون من شأنه، يقولون له:
ـ بهدلهم يا زيلنسكي، خليهم يعرفون من هو وراك، ذلهم، كما ذلونا قبل مليار سنة ضوئية ويمكن أكثر.
كما تعرف، ما زلنا نعاني من عقدة الاضطهاد، وسنبقى، لأنها ضرورة وواجب، إلى أن نشرب دماءهم جميعًا.
هؤلاء سيبقون يلحسون العسل الذي فينا إلى أن ينشفوا أو ننشف.

الحقيقة المطلقة
احتكار الحقيقة المطلقة، وضع بلادنا في الحجر الصحي، عزلنا عن الواقع الاجتماعي والسياسي الدولي إلى أن أصبحنا أكثر دول العالم تخلفًا وجهلًا وعزلة.
أنت تعتقد أن كتابك الأوحد ميزك عن الأخر، ومنحك قيمة ليست لك، هذه ظنونك وأمراضك، لأنك حشرت نفسك وعقلك في الماضي، وعزلت نفسك عن حركة الحياة وتطورها.
الحقيقة المطلقة كذبة كبيرة، عنصرية، انقسامية على الصعيد الاجتماعي والأخلاقي والنفسي والإنساني.
هذه المطلقات جوهرها نازي وفاشي، عدمي.
هذه الملكية للحقيقة المطلقة، إرهاب فكري ونفسي، إعلان حرب من جهة واحدة على الأخرين المختلفين مع أصحاب هذا الفهم الموتور.
إن إعطاء نفسك تميز، تمييز، فوقية، استعلاء، يعني انفصالك عن الواقع وحياة الناس والبشر، والجلوس في الأماكن البعيدة عن حركة التاريخ والمجتمع والسياسة.
الأصح يا مالك الحقيقة المطلقة، أنت كائن مريض، مشوه.

سبب فشل أعمالنا الأدبية.
إن السبب الأول لفشل أعمالنا الأدبية والفكرية والفنية أننا مقيدون، غير أحرار.
إن العقل الباطن لأغلبنا مقموع، مقيد، مسكون بأفكار ورؤى مختلفة عما يدور حولنا.
إننا نتاج تربية تفرض علينا أو تدعونا أن نبقى مكبلين في كل شؤون الحياة، من الجنس إلى الطعام إلى المرحاض أو في طريقة إدارتنا لحياتنا أو في طريقة الكتابة والقراءة والتفكير أو الزواج والطلاق.
أغلبنا مكون من مواد ثقافية صلبة، بيتون مسلح، لا يمكن هدمه او تكسيره، ولا يمكن الالتفاف عليه.
إن تكسير المنظومة الثقافية والفكرية السابقة على عصرنا، الذي جاء إلينا من التراث المتداخل:
ـ الإسلامي، العربي، الفارسي، العثماني، الكردي، الأفغاني، المسيحي، اليهودي الصابئة، الاسماعيلي، الأمازيغي، الصليبي، الآرامي والأشوري والأرمني وغيرهم كثر، تمنعنا من السير إلى الأمام وشق طريق المستقبل.
الرأسمالية بكل انتقالاتها القاسية وتحولاتها العميقة، لم تستطع أن تكسر هذا البيتون المسلح، فكيف سندخل العصر ونبني منظومة ثقافية فكرية حديثة تنسجم مع العصر وتحرر عقولنا من الجمود العقائدي والفكري والديني والقومي.
الشغل على الثقافة في كل المجالات هو الأهم، هو القادر على تكسير جميع الأصنام الماضوية بعد أن خذلتنا السياسة والسياسيون.

أغلب الروائيون
أغلب الروائيين، يهندسون النص قبل كتابته، بمعنى يعملون للنص كروكي، يرسمون عليه فكرتهم، تصوراتهم المسبقة، مثلما يعمل المهندس المعماري على رسم المخطط في المكتب، يوزع الغرف، الحمام المرحاض، الشرفة، هذا من داخل البناء، ثم يرسم الواجهة أو الديكور الخارجي، ثم يدخل المهندس المدني ليضع حساب الاساسات والأعمدة، ثم الذهاب إلى الورشة فالبناء.
برأي، أن الرواية ليست هندسة أو كتلة بيتونية صلبة، الرواية روح، لحم ودم وتنفس طبيعي، يجب أن تعيش في حيز واسع، يدخلها الهواء النظيف من عدة جوانب.
إن تتفضفض، تتحرر من ثقل الكاتب ورغباته، أن لا يحجمها ويقمعها، أن لا تبقى أسيرة أو محبوسه بين يديه.
إن لا يخطط لها أو يرسمها بدقة شديدة كأنه يرسم ديكور هندسي، كي لا تخرج منمطة، مقموعة، مقيدة، عليها أظافر الكاتب، مزاجه ورغباته في تسويق نفسه قبل أن يعطي الحياة للعمل.
يجب على الروائي أن يمنح الرواية حرية الحركة، أن تتنفس بحرية، تتنقل من حيز إلى أخر دون تنظيمها، فالحياة غير منظمة في حركيتها.

البنية النفسية
البنية النفسية الضعيفة لا يمكن أن تنتج مبدعًا أو منجزًا فكريًا أصيلًا.
كما أن البناء الاجتماعي المتخلف والضعيف من النادر أن ينتج مبدعًا، لأن الواقع الاجتماعي هو المحدد، هو الموضوعي، هو الأفراز الأول للنخبة المنتجة على صعيد الفكر والفن والأدب.
أغلب الكتاب والمثقفين العرب ليس لديهم استقلالًا ذاتيًا في قرارهم أو فكرهم أو رؤيتهم للحياة والمجتمع، ولا يعتمدون على أنفسهم في تسيير شؤونهم الفكرية والثقافة والإنسانية، نتيجة الخواء الداخلي الذي يعتريهم ولخوفهم من أنفسهم والآخرين، لعدم تمكنهم من القبض على أدواتهم الفكرية، ولأنهم يعومون على مجتمع يسبح في بحر الجهل، يشدهم إلى الأسفل دون أي قدرة على انهاضه
أغلبهم يخاف أن يتعرى أمام نفسه والأخرين وينكشف ويتحول إلى نكرة.
يتكئ أغلبهم على بعضهم من أجل أخذ الحماية والمساندة، بمعنى أنه كائن خائف وضعيف ولا يثق بنفسه لهذا يبحث عن اسم ما ليكون له جسرًا يصعد عليه إلى مواقع يظنها مهمة.
القسم الأكبر منهم يلجأ إلى الشللية والربت على الظهر ومسح الجوخ ونقل الكلام والدسائس من أجل أن يبقى رقمًا بين الأرقام.
لهذا فإن الثقافة العربية ستبقى عرجاء بغياب أقلام جريئة تعري الواقع والمجتمع. وتعري المتسيدين للثقافة، وتعري المثقفين العرب المرضى بجنون الذات المريضة.
المريض بجنون العظمة يحتاج إلى الشفاء من مرضه قبل أن يمنحنا ثقافة سوية، وانتماء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فايز الدويري: فيديو الأسير يثبت زيف الرواية الإسرائيلية


.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي




.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز