الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستخدام و توجيه إتهامات -معاداة السامية- و -تمجيد الارهاب أو الاعتذار عنه- في ميزان التقييم و المراجعات.

عبير سويكت

2024 / 5 / 19
حقوق الانسان


معاداة السامية ، تمجيد الارهاب أو الاعتذار عنه، من المواضيع المهمة التي أصبحت الآن تشغل الأوساط الشرقية و الاوروبية على حد سواء ، و كالعادة أنا أهتم بدراسة الفرد و المجموعة و التفاعلات المجتمعية حول المواقف المختلفة و المواضيع التفاعلية ، و قد قرأت مقالًا أثار إهتمامي لما وجدته فيه من شمولية تفاعلات و اراء و مواقف ذات أهمية لمًا خلقته من تباين وتوجهات معينة في الأوساط العربية والاسلامية و الأوروبية، مثل موقف السيد بأول فوست الذي تم تعريفه من خلفية صهيونية على حد التعريف و نقلًا عن حادثة الطيارة التى شغلت بعض الأوساط و قوله : "اتهمتني المضيفة صاحبة دبوس (فلسطين حرة) تهمة زائفة وادعتْ أنني قلت لها إذا كنتى تشجعين غزة فاذهبي إليها لتموتي هناك"!

كما كان سابقًا قد أنتشر فيديو له قبل هذه الحادثة يُعلق فيه على الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية وغيرها التي أندلعت دفاعًا عن غزة وساكنيها، يقول فيه السيد فوست باول : "يجب على كلِّ من يناصر الفلسطينيين أن يُشحن ويُنقل إلى معتقل غونتنامو ليُسجن مع الإرهابيين"! .

و يوضح كاتب المقال فيما معناه ان تهمة السامية أصبحت توجه لكل من يتعاطف او يدافع عن القضية الفلسطينية ، موضحًا :(" لا سامية هذا الاتهام المرعب الذى يخشى ان يتهم به اى انسان فى العالم من قبل اليهودية العالمية ليس من صنع العرب ، انها بضاعة الغرب الماكر وامريكا ولكنها ردت الى صدورنا دون ذنب جنيناه ").

مشددًا في ذات السياق ان مراكز البحث العلمى فى الجامعات والمؤسسات فى كل العالم العربى والاسلامى وكل مؤسسات البحث الحرة فى العالم التى نستطيع التواصل معها ، عليها تولى هذا الاتهام الخطير ( لا سامية ) ما يستحقه ، عليها ان تبحث وتعرف وترد هذا الاتهام الخطير الذى لا معنى له عن كل صادح بالحق فى هذا العالم .

مواصلاً : لاقيمة للانسانية ولا للحرية ولا للأمل فى الغد اذ كنا نخطوا الى الالفية الثالثة بعد الميلاد ونخشى قول الحق .

و المقال لا يمكن تلخيصه في بعض كلمات لما يحمله من محاور ذات أهمية إجتماعية ، لكنه يتطابق كذلك و حديث أخر رئيس وزراء شرعي للسودان الراحل الصادق المهدي ، الذي كان يحذر من ما أسماه "فزاعات الارهاب و معاداة السامية" التى تستخدم كسلاح يخرج من غِمده في وجه كل مدافع عن القضية الفلسطينية او معترض على ما يحدث في فلسطين إلا و توجه له تهمة الارهاب و معاداة السامية "على حد شرحه" لتخويفه و رده عن موقفه، و أقتبس هنا إشارة كاتب المقال نقلًا عن حديث السيد بأول فوست و قوله :("يجب على كلِّ من يناصر الفلسطينيين أن يُشحن ويُنقل إلى معتقل غونتنامو ليُسجن مع الإرهابيين"! ). و هنا ألمس تتطابق أنتقادات و احتجاجات كاتب المقال و حديث الصادق المهدي الذي لا ينفي تاريخ معاداة السامية في أوروبا و لكن ينتقد طريقة توجيه اتهامات معاداة السامية و الارهاب و استخدامها لغرض التخوين و التخويف و أداة لما وصفه "إسكات الأصوات المدافعة عن فلسطين"، موضحًا : (" كان التحرك الأمريكي ضد الإرهاب واسعا أدخل في تعريف الإرهاب بعض الدول المتحدية للنظام الدولي الأحادي الذي تقوده الولايات المتحدة، وأدخل في تعريف الإرهاب حركات تحرير مثل حركة التحرير الفلسطينية. هذا التعريف للإرهاب تطابق مع رأي القيادة الإسرائيلية واتفق عليه في لقاء الرئيس بوش والرئيس الإسرائيلي في فبراير 2002م.
كان برنامج شارون الأمني واضحا ولكنه اكتسب بعدا جديدا لتصفية المقاومة الفلسطينية تحت عنوان الحرب ضد الإرهاب، إن شارون سوف يركز على توسيع مفهوم الإرهاب لاستهداف حركة التحرير والدول المعادية ويحرص على دعم حركات المقاومة داخل الدول العربية إن وجدت مثلما هو الحال في السودان مثلا.
لقد اشتدت إجراءاته القمعية واشتدت في المقابل المقاومة واتسع تأييدها في الشارع العربي، الإسلامي، والمسيحي، بل الدولي.")، و في ذات الوقت يُذكر الصادق المهدي بأحداث 11 سبتمبر التى تلاه وضع مصطلح الارهاب و مكافحته وحرب أفغانستان قائلًا :
عندما وقعت أحداث 11/ 9 / 2001م المأسوية، كان عمر انتفاضة الأقصى عام من الزمان. الرسميون العرب والمسلمون وكذلك أغلبية المفكرين والمثقفين أدانوا الحدث وحزنوا للأرواح البريئة التي راحت ضحيته، وكثير من الحركيين نفوا أن تكون يد مسلمة هي التي صنعت الحدث. وآخرون اعتبروه جزاءا وفاقا لأمريكا على سياساتها الظالمة. عامة الناس في الشارع العربي الإسلامي اعتبروا الحدث بطولة واعتبروا أمريكا مستحقة لعقاب إلهي.
وفي 7 أكتوبر 2001م اندلعت حرب أفغانستان، كثير منا اعتبرها دفاعا مشروعا عن النفس. ولكن قسوة القصف، وإصابة الأهداف المدنية، ومعاملة الأسرى، وغيرها من العوامل الجالبة للعطف أثارت احتجاجا واسعا على أسلوب الحرب في الشارع العربي والإسلامي. بل حتى داخل أمريكا وأوروبا.

في ذات الشأن ، كنت قد أطلعت على مقالًا في صحيفة لوموند الفرنسية بعنوان (فهم المناطق الرمادية المحيطة بجريمة “الاعتذار عن الإرهاب" ) او بالاحرى تجميد الارهاب ، كمًا أستعرض المقال استجواب بعض السياسيين و النشطاء بتهمة تجميد الارهاب او الاعتذار عن الارهاب ، و كما قال الصادق المهدي ان مصطلح الاعتذار عن الارهاب المُنشأ في امريكا بي " المصطلح الفضفاض" و أحيانًا يستخدم لاغراض معينة و ضد جهات معينة على حد قوله، في ذات الصدد ركز مقال صحيفة لوموند الفرنسية على كيفية استخدام جريمة تمجيد الارهاب منذ هجوم 7 أكتوبر؟و توضيح ان بعض الناشطين و الحقوقيين لديهم تحفظات حول مصطلح الاعتذار عن الارهاب او تمجيد الارهاب ، و تفسير الآراء حول ذلك المصطلح حيث يقول برينجارث : نشعر بالقلق إزاء تطور تفسير النص: "في العادة، يجب أن تستهدف هذه الجريمة الحالات الأكثر خطورة، مثل تشجيع العمل الإرهابي. ونحن هنا ننتقد إلى حد ما الموقف الإسرائيلي الذي لا يشكل في حد ذاته اعتذاراً أو إضفاء الشرعية على هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. ».

كذلك عرض مقال لوموند جانبًا من تقرير منظمة العفو الدولية غير الحكومية، في تقريرها السنوي العالمي الصادر في 24 أبريل/نيسان، من مخاطر إعاقة حرية التعبير في فرنسا. وقول ناتالي جودار، مديرة فرع منظمة العفو الدولية في فرنسا: "لقد طالبنا منذ سنوات بإلغاء جرائم تمجيد الإرهاب هذه في القوانين".  يجب أن تقتصر حرية التعبير على مسائل التحريض على الكراهية، لكن الاعتذار عن الإرهاب جريمة يتم تعريفها بطريقة غامضة وذاتية للغاية، وبالتالي تمثل في حد ذاتها خطر انتهاك حرية التعبير.

و الجدير بالذكر ان من الانتقادات الرئيسية التي أثيرت بشأن استخدام جريمة تمجيد الإرهاب أو بالأحرى الاعتذار عن الارهاب متباينة مثل :

تقييد حرية التعبير، حيث يرى البعض أن استخدام جريمة تمجيد الإرهاب يمكن أن يكون بمثابة ذريعة لتقييد حرية التعبير وقمع الآراء المخالفة. ويجادلون بأن قوانين مكافحة الإرهاب يمكن تفسيرها على نطاق واسع وبشكل ذاتي، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الرقابة المفرطة وانتهاك الحقوق الأساسية.

الافتقار إلى الوضوح والتعريف الدقيق، كذلك كثيرًا ما يشير النقاد إلى عدم الوضوح والتعريف الدقيق للاعتذار عن الإرهاب. يمكن أن تكون المصطلحات المستخدمة في القوانين غامضة ومفتوحة للتفسير، مما قد يؤدي إلى إساءة الاستخدام واتخاذ قرارات تعسفية من قبل السلطات.

الأثر العكسي، كما يرى البعض أن قمع تمجيد الإرهاب أو الاعتذار عن الارهاب أخذًا بالشبهات أو التفسير المتباين يمكن أن يكون له أثر عكسي من خلال تأجيج الشعور بالتهميش والظلم. وقد يؤدي هذا إلى زيادة التطرف بدلاً من منع الإرهاب بشكل فعال.

الاستخدام السياسي، أيضًا كثيرا ما يشار إلى أن بعض الحكومات يمكن أن تستخدم جريمة تمجيد الإرهاب لأغراض سياسية، من خلال قمع المعارضة السياسية وإسكات الأصوات المعارضة. وهذا يثير مخاوف بشأن إساءة استخدام هذا القانون لتقييد حرية التعبير وقمع الحقوق الديمقراطية.

و يمكن قراءة الانتقادات على أنها ممارسة ديموقراطية تكشف عن وعي مجتمعي او عن حالة صحية او لفت الانتباه و تسليط الضوء على أهمية إحداث مراجعات لكن لا يعني التشكيك في ضرورة مكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأيديولوجية الإرهابية. ومع ذلك، يظل التأكيد على أهمية تحقيق التوازن بين الأمن العام وحماية الحقوق الأساسية، وتجنب إساءة الاستخدام وضمان تعريفات واضحة ودقيقة لتمجيد الإرهاب و معاداة السامية . و في هذا الصدد كنت قد أستمعت لحديث الصحفي الفرنسي من أصول جزائرية Karim Zeribi في قناة CNEWS و قوله ان معاداة السامية "ليست رأي و أنما جريمة" فمن يعتقد ان هناك معاداة سامية تعرض لها شخص ما عليه التوجه بفتح بلاغ جنائي و التقدم بشكوى قضائية حتى يفصل في الموضوع . حتى لا تترك اتهامات معاداة السامية في الهواء الطلق دون دليل او منطق او حجه منطقية تستند عليها.

و ختامًا ، من المهم ان أُذكر بان الوسط الفرنسي قد يكون يعيش حالة من تباين الآراء و أختلافها و لكن ذلك لا يمحي ان السلطات القضائية و الشرعية الفرنسية كانت و ما زالت هدفها من نص تلك القوانين منع انتشار الأيديولوجية الإرهابية وردع الأفراد عن التطرف أو الانضمام إلى الجماعات الإرهابية أو دعمها و أن تتناسق مجهودات فرنسا و تكمل الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب ومنع نشر الأفكار والخطابات المحرضة على العنف والإرهاب. لكن فرنسا ليست ضد جهات بعينها و هذا لا ينفي أهمية أحداث مراجعات و تقييم.

و فرنسا كدولة قانونية اذا وجدت ثغرات في بعض التشريعات المتعلقة بتمجيد الإرهاب هي قادرة على تحسينها بمرور الوقت استجابة للتحديات والتطورات في مجال مكافحة الإرهاب. لتكييف تشريعاتها لتعزيز قدرتها على منع وقمع أعمال الإرهاب والخطاب الذي يدعمها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | إعلام إسرائيلي: الحكومة وافقت على مقترح لوقف إط


.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري




.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان


.. إسرائيل وافقت على قبول 33 محتجزا حيا أو ميتا في المرحلة الأو




.. مظاهرات لعدة أيام ضد المهاجرين الجزائريين في جزر مايوركا الإ