الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السينما والعقل في الايام الاخيرة لكانط

محمد احمد الغريب عبدربه

2024 / 5 / 19
الادب والفن


افتتاحية جادة
يهمهم كانط في بداية فيلم " الأيام الاخيرة لكانط"، مع رسام جاء لمقابلته لكي يصمم له بورتورية لأيمانويل كانط الفيلسوف الألماني الشهيرة، همهمات رسامه كانت حول تصميم سلم منزل كانطه، وعن تفاصيل هذا البورتورية الخاص به، ولكن كانط يسمع فقط، وفي المقابل عندما الرسام في عمله، همهم هو الاخر كانط مع نفسه، حول مرضه السعال، الذي يعاني، وعن خطط البشر في الاهتمام بالعقل، ومهارة الانتباه في الحياة، وسرد اكثر كانط بكل دقة علمية وطبية وثقافية معلومات حول القصبة الهوائية، وانفعالات البشر وطرق تفكيرهم.
هذه الافتتاحية عبرت عن عقلية كانط العلمية، وميله نحو التأمل، وحديث النفس حول الأفكار الذاتية والفلسفية والوجودية...
ورغم أن الفيلم يتناول الأيام الأخيرة في حياته، إلا أنها رسمت ملامح عامة أو مختصرة عن حياة كانط بشكل عام، وذلك بتفاصيل يومية، او روتينية، اعتاد عليها كانط، لا يغيرها، مثل اعتياده علي خادمه " لامي"، لمدة ثلاثين عاماً.
دقة الساعة وأخلاق حسنة
تتبعت المشاهد أيام كانط ولحظاته الحياتية في منزله، وأنثاء سيره في بعض الطرقات، وكانت هذه اللحظات مملة وكئيبة تعبر عن أيامه الأخيرة وعن ترتيبه العظيم في كل شئ وعن شخصية تميل إلي النظام في العمل وفي التفاصيل والتجريد في التفكير ودافع سلوكه والاحترام والصدق والوقار في مبادئه الأخلاقية، وايضا تعبر عن مزيد من الذوق وعدم العبثية أو العدمية، خاصة أن لديه هدف في الحياة، وهو منطلق الفيلم، حيث كانت ايامه الأخيرة، رغم أنه كان يبحث عن عصفور كان يشاهده، ونشيط في الذهن، فهناك أثر لأرهاصته نهايته، ولكن عقلانتيه وزانت بين النهاية، والاستمرار في الحياة دون عبثية .
ولعل أهل مدينته أو قريته، يضبطون أنشطتهم وتحركاتهم اليومية، وفقاً لمواعيد كانط التي يتحرك فيها في القرية لقضاء انشطته، وكان هذا تنظيماً جيداً لقضاء أعمالهم ومشاغلهم، كما ذكرنا فأن المشاهد تعبر عن أخلاق كانط، فهو يحترم المرأة ويقدر الوقت، ويقدر أهمل فصل تأثير السياسة عن الفلسفة، وجاء ذلك التوجه خلال حوار مع رفاقه، وجاء الحديث حول أهمية نقد قبول نابليون الحصول علي لقب الفيلسوف العام، وتوظيف ذلك في أمور حكمه.
أفكاره الفلسفية
تناول الفيلم الحديث قليلأ وضع افكار كانط، حيث ذكرت بعض المشاهد أنه فلسفة كانط انتشرت في دول أوربا ونالت تقدير واعجاب الكثيرين، ولكن صعوبة فهمها كان رد فعل طبيعي من جانب المتابيعن لها، وذلك لعمق أفكارها وتعقيدها ودقتها. وهناك ابهاد عقلانية تنويرية تطرق لها الفيلم، حيث سردت احدي المشاهد تعليقات سلبية لكانط علي الحياة في امريكا وقتها، ووصفها بأنها غير متحضرة، فهو معروف عنه الدعوة إلي التنوير والعقلانية والتحضر.
ووضحت أفكاره النقدية والعظيمة في الفيلم حيث أنه كان يعيش أخر ايامه هذه بحيوية ونشاط، رغم أحساسه بالعجز وكبر السن، وقد كان يشعر بقرب نهايته، فعندما كسر كوب زجاج، قام بجمع الأجزاء، ودفنها بنفسه في حفرة صغيرة بجانب منزله، ويدل لك علي فكره المنظم، وعقلانيته في كل نواحي حياته، ودقته المتناهية.
اخلاقيات العقل
نستشف من تفاصيل كانط في الفيلم، بعض الأخلاقات والتي جاءت في كتب، وهي صفة الاتزان وعدم الانزلاق وراء العاطفية الجياشة والالتزام بالعقل في الممارسات الأخلاقية، وعدم الاندفاع وراء اي شئ، وفكرة الواجب، واحترام الأخرين، وأخلاقيات المجتمع والسعي نحو حفظه واخلاقه، ومبادئ القانون.


تفاصيل يومية
عبر الفيلم أيضا عن ملامح حياته، التي اعتاد عليها، مثل بعض فترات التنزه اليومية، والجلوس مع الأصدقاء بشكل منتظم، والحديث البسيط مع الناس، ولكن بطريقة جادة ومفيدة في الحديث، وعلي الجانب الأسري، برز الفيلم اهتمام كانط بأسرته، مثل أخته، واهتمامه بشكل عام بالنواحي الاجتماعية، كما أنه حزن كثيراً علي فراق خادمه " لامي"، وعبر كانط بدقة عن فقدانه هذا بأنه فقد شئ عزيز عليه للغاية، حيث تركه "لامي" في أخير ايامه بعد خدمته ثلاثين عاما، ورغم ذلك عبر كانط عن حبه له، بأنه ساعده في منحه شهادة للسفر لأمريكا للتوظيف.
جماليات كانط
ونري أيضا أن منزله وتفاصيله كانت في غاية الجمال والتنيظم، وأنه يحب المناظر الطبيعية والجمال،فحزن لعدم رؤية عصفور كان يغرد أمام نافذته، فكانط رغم انشغالاته الفكرية والفلسفية في أخر ايامه إلا أنه كان يبحث عن المتعة والجمال، ويسعي لتذوق الحياة بكل بساطة وحيوية. وهناك دلالات حول جماليات كانط، تعلقت بتنظيم وجمال منزله، وايضا تنظيم ملبسه وهيئته بصفة دائمة، وطريقة سلوكه وحركته، كانت تدل علي جمال.
تعبيرات الصورة وصورة كانط
وجاء ايماءات وحركات كانط في الفيلم معبرة عن حياته وعن أفكاره ودون مبالغة واستطاعت لغة الفيلم المتعددة أن تعبر عن ذلك، فكانت لغة الفيلم صارمة وتوجه بالزهد في الادوات الفنية، وخاصة استخدام اللون الابيض والأسود، وصرامة ودقة الحوار، والسرد ورتابة المشاهد، وبطئ الحركة، كل ذلك عبر عن ما يدور في ذهن كانط وعقله، وتعبيراً عن أحساسيه وملامح شخصيته.


جاءت مشاهده مختصرة وضيقة الأفق وتتمحور حول الأيام الأخيرة قليلة جداً لكانط، وأيضاً حول حياته اليومية وتعبيراته ولم يتسع الفيلم لكثير من الأحداث والتحولات الدرامية الكبيرة حول موضوع الفيلم " كانط". فكان هدف الفيلم عرض حالة متعة الحياة وترقب الموت في فترة محددة وأخيرة في حياة كانط، فكانت المشاهد مركزة ودقيقة جداً، قد تصيب المشاهد بالملل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال


.. لتجنب المشكلات.. نصائح للرجال والنساء أثناء السواقة من الفنا




.. بطريقة كوميدية.. الفنان بدر صالح يوضح الفرق بين السواقة في د