الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماركس والعودة على بدء؟

عبدالامير الركابي

2024 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


معلوم ان ماركس قد رهن مستقبل المجتمعات البشرية بالبدء"المشاعي الابتدائي"، مع انه لاهو ولا احد غيره انتبه وقتها الى معنى ودلالة مثل هذا الافتراض المخالف للمعتمد من مفهوم تتابعي ترقوي للتاريخ المجتمعي، والغريب ان ماركس نفسه بدا جاهلا بدلالات فرضيته على مستوى القانون التاريخي بينما راح يركب للتاريخ ماقد اطلق عليه من مفهوم "المادية التاريخيه" مشفوعة بحتماياتها التي يوكلها لقانون نهائي، تتتابع بموجبه المراحل "التاريخيه" واقعا في فخ تعاكسية غير ممكنه، صنعه هو لنفسه مابين عودة الى بدء "مشاعي بدائي"، ومسارات مراحليه تتابعية ذاهبة صعدا نحو "مشاعية علمية"، من دون ان ينتبه الى كون قانونه هو قانون العودة الى وراء، بفعل الاسباب الصراعية الطبقية المديده، فاذا المستقبل النهائي، هو البدء الاول.
الذي تسبب في التوهمية الماركسية المشار اليها عدة مناحي اساسية، كلها عائدة لواقع موضوعي غير قابل للتخطي، مصدرها حدود الطاقة المتاحة للعقل على مستوى الادراكية، وبالاخص الادراكية المجتمعية، فماركس ارضوي جسدوي حاجاتي كما يركز هو وقت يريد تعيين محركات الكائن البشري الاساسية، وهو بناء عليه غير مؤهل ولاقادر على الخروج من نطاق وحدود الجسدوية الارضوية لدرجة اختراقها، لهذا تقف المجتمعية عنده ومعه بالحد الاقصى عند "المساواتيه المطلقة"، وهو غرض محدود وغير كاف، يبقي المجتمعية كما هي معدلة ومحسنة، رضوخا لحكم اعتقاد محدود بحدود القائم الذي لابعد له كاحتمال، مايعني احتمالية انطواء الظاهرة المجتمعية على مايتعدى القانون المساواتي المحدود بحدودها الراهنه المؤقته، الى الانتقالية مابعد مجتمعية.
ومما يزيد في مناحي التوهمية الماركسية، مايعتقده صاحب النظرية من احتمال او امكانية منسوبة "للطبقة" التي هي ليست كينونة بذاتها، ولايمكن ان تكون، فالمجتمع الطبقي هو نمطية وليدة اشتراطات بيئية/ بشرية بعينها، الطبقة احد عنصريها التكوينين، لامجال لضمان مسارها وعمل آلياتها بالفصل بين عنصريها، بل بتفاعليهما، بما لايجيز احلال احدهما محل النمطية اللتان هما منها، فلا "مجتمع اقطاعي"، والاقطاع هو نتاج كينونه مزدوجه، كما لامجتمعية عبودية او فلاحية بذاتها، وكذا الحال بالنسبة للبرجوازية والطبقة العاملة،فهما اما ازدواج فعال منه تتشكل الاليات النمطية المجتمعية بصنفها الطبقي، او لافعل مكتمل وربما انحلال، وهنا يتمثل الصراع الطبقي باعتباره خاصية مجتمعية لاطبقية احادية.
الاهم من كل هذا ان ماركس ساوى بين وسيلة الانتاج اليدوية والالية، فجعلهما امتدادا لبعضهما دورا وفعالية مع الاختلاف في درجة الديناميات، علما بان الانتاج اليدوي مختلف كليا عن الالي، فالاول هو جزء من النمطية المجتمعية الاولى، ومكون متناسب مع الفعل البيئي الجسدي، في حين ان الاله عنصر براني من نوع وخاصيات اخرى مختلفة، توجد لكي تغير البنية المجتمعية، ونحن هنا عند ( البيئة، الكائن البشري/ الالة) بينما ظلت المجتمعات قبل الاله نتاج وحدة ( البيئة/ الكائن البشري)، ان مجتمعية اخرى تبدا بالحلول محل الاولى بمجرد انبثاق الالة، ومع بدء الكائن البشري والطبقات باستعمال الوسيلة الجديدة مادة في الاصطراع، تذهب الى تغيير المجتمعات وصولا الى انهاء دور الطبقات، وفعاليتها سواء بانتاج قوى جديدة فاعلة في العملية الانتاجية، او بتحوير دور وسيلة الانتاج عبر الاصطراع الانقلابي المسلط على البنية الاجتماعية الاولى اليدوية ومتبقاياتها.
لايميز ماركس مع الحاقة وسيلة الانتاج الالية باليدوية بين وسيلة انتاج واخرى مختلفة نوعاعلى مستوى الفعل الانتاجي وطبيعته، وبالاخص وتحديدا بين نوعين من الانتاجية المناظرة للنمطية المجتمعية، الاولى اليدوية الجسدية الحاجاتية، والثانيه العقلية المتعدية للجسدية والمفارقة لها، وهو يظل غارقا فيما يستطيع التعرف عليه على مستوى الانماط المجتمعية الحاجاتيه لاغير، مع وسائل الانتاج المطابقة لها، الارضوية الجسدوية التي يعرفها، ولايستطيع ازاحة النقاب عن غيرها لعله يستلهم الفارق بين الحالتين، كمدخل لاجمالي الاختلاف الكلي الشامل المنطوية عليه حركة المجتمعات ووجودها الاصل، ومنتهاها المتعدي لكينونتها الراهنه.
هذا والمهم ان ماركس لايدرك ان المجتمعات ليست كلها مثل اوربا، "طبقية" وهو لايخطر على باله مطلقا وجود مجتمعات" لادولة احادية" اقر ب الى الشيوعية الدائمه، كما في امريكا قبل الغزو الابادي، وامريكا اللاتينيه، واستراليا، واجزاء من افريقيا، وتداخلات في اسيا، او مجتمعات دولة احادية مثل مصر او الصين مع تكلسها البنيوي، او مجتمعية الدولة الطبقية، وصولا الى المجتمعية الازدواجية الرافدينيه، فهو احادي النمطية، تسلطي، معني باكراه العالم على الخضوع لفرضية المجتمعية الطبقية وصراع الطبقات الاوربي، ولو انه استطاع او تسنت له الفرصة حتى يتعرف على تلونات اللوحة المجتمعية، ومن ثم التفاعلية التاريخيه الموافقه لها والناتجه عنها، لما ذهب الى ماذهب اليه من تعميمات تبسيطية حملتها ضمن ظروف مؤاتيه، اشتراطات امتازت بغلبة النمطية الاوربية متحت وقع الانقلاب الالي وبداياته الاولى، وماترتب عليها من صعود الديناميه المجتمعية الطبقية الاعلى داخل صنفها.
يمكن لابل من الجدير وضع ماركس ونظريته وماقد فعله ضمن حماة الانقلاب الالي المصنعي الغابر، في باب التمهيد الختامي الانتهائي قبل اكتشاف الازدواج المجتمعي والياته ومستقراته الختامية، بالوقوع على الحقيقة اللاارضوية الارضوية، باعتبار الاولى هي التبلورية الاساس المجتمعية، الذاهبة من الصيغة اللاارضوية الاولى غير القابلة للتحقق في حينه وساعته بسبب النقص المادي والاعقالي المواكب لحضورها وانطلاق تعبيريتها مافوق الارضوية، بالصيغة الاولى المناسبة لحالة عدم التحقق الابتدائي، بانتظار سياقات التفاعلية المجتمعية اليدوية الطويلة، وصولا الى الانقلابية العقلية في وسيلة الانتاج، وانبثاق الاله وتحولاتها، من المصنعية الى التكنولوجية الانتاجوية الحالية، الى التكنولوجيا العليا العقلية التحولية، الوشيكه الحضور، بما يعني ان المجتمعات بالاحرى هي تاريخيا عودة على بدء، من اللاارضوية البدائية، الى اللاارضوية العقلية التحولية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص