الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساهمة الحزب الشيوعي التركي : النضال ضد الفاشية في تركيا

النشاط الشيوعي الأوروبي

2024 / 5 / 20
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


11 مايو 2024 - مدريد

في تاريخ تركيا الحديثة، كان للحركة الفاشية والنضال ضد الفاشية تأثير كبير بشكل خاص خلال سنوات الحرب الباردة. تم تنظيم الفاشية في تركيا بشكل أساسي واستخدامها كقوة شبه عسكرية من قبل الطبقة الحاكمة والإمبريالية ضد الشيوعيين والثوريين والطبقة العاملة.



يمكن إرجاع تاريخ بداية تنظيم الأيديولوجية الفاشية في تركيا إلى سنوات الحرب العالمية الثانية. في هذه الفترة، عندما تم دمج الأفكار التركچية/العنصرية مع الإطار العام للأيديولوجية الفاشية الدولية، نظم الفاشيون الأتراك أنفسهم بدعم من النازيين. وعندما أصبحت هزيمة النازيين مؤكدة، سارعت الحكومة التركية بقلق إلى إخفاء دعمها السري للنازيين خلال الحرب وحاولت تخويف قادة الحركة الفاشية التركية، التي كانت متورطة في الدعم النازي، من خلال ما يسمى محاكمة 1944 العنصرية/الطورانية. إن قمع وشل الشيوعيين، وحرمان الطبقة العاملة من كل تنظيم ممكن منذ السنوات الأولى للجمهورية، حال دون انتشار النضال ضد الفاشية في ظل ظروف تجنبت فيها سلطة الحزب الواحد اتخاذ أي موقف علني من الحرب وظلت رسميا "محايدة". ظلت مناهضة الفاشية موقفًا سياسيًا كان يمثله إلى حد كبير المثقفون التقدميون في هذه الفترة. خلال سنوات الحرب، اكتسب العداء ضد الاتحاد السوفييتي، مركز النضال ضد الفاشية، قوة داخل الطبقة الحاكمة التركية، التي لعبت لعبة التوازن بين بريطانيا وألمانيا. بمجرد انتهاء الحرب، جعلت البرجوازية التركية التعاون مع الولايات المتحدة والعداء للسوفييت سياستها الرسمية. واغتناماً لذلك، أعطى الفاشيون الأتراك الإشارات الأولى لمهمتهم في المستقبل القريب من خلال مهاجمة مطبعة صحيفة تان، وهي صحيفة يسارية ومتعاطفة مع السوفييت، في 4 ديسمبر 1945.



ومن المعروف أنه بعد انضمام تركيا إلى حلف شمال الأطلسي في عام 1952، أصبحت بالكامل قاعدة أمامية للمعسكر الإمبريالي. ظهرت الحاجة إلى الحركة الفاشية كقوة ضاربة مناهضة للشيوعية في الستينيات، عندما كانت حركة الطبقة العاملة والقوى اليسارية في صعود. في هذه الفترة، حصنت الفاشية التركية نفسها من خلال الإسلاموية وحاولت الدعاية الدينية والقومية سد الطريق أمام اليسار بمحتوى مناهض للشيوعية. تم استخدام الاتحاد الوطني للطلاب الأتراك (MTTB)، وهو منظمة فاشية ينشط فيها الإسلاميون، كقوة في الشارع ضد الطلاب الثوريين في الفترة من 1969 إلى 1970 ونفذ مجازر مثل الأحد الدامي. وبالنظر إلى تنظيم الأحد الدامي ضد الشباب المحتجين على زيارة الأسطول الأمريكي السادس إلى تركيا، تصبح مهمة المنظمة واضحة.



في السبعينيات، نلاحظ إضفاء الطابع المؤسسي على الفاشية داخل حزب الحركة القومية (MHP) والذئاب الرمادية، كهيكل شبه عسكري. باعتبارها الفرع الشبابي للحركة الفاشية، تولت منظمة الذئاب الرمادية أيضًا تنظيم عمليات تهريب المخدرات والأسلحة. في هذه السنوات، نفذ حزب الحركة القومية، الذي أصبح الأداة الرئيسية للولايات المتحدة والغلاديو* ضد القوى الثورية، مذابح دامية وعمليات قتل سياسية منذ عام 1977 فصاعدًا. وتماشياً مع مهمتها، قامت بتوسيع قاعدتها بسرعة من خلال التحالف مع اليمينيين الأتراك. نظمت بشكل خاص الشباب الفقراء في الريف. أنشأ حزب الحركة القومية قطيعًا من القتلة باستخدام الشباب الذين تم تلقينهم أفكارًا دينية وعنصرية ضد الشيوعية. وكانت المجازر التي نُظمت ضد الشباب الثوري والمثقفين والمجتمع العلوي في الفترة ما بين 1978 و1980 في بهجلي إيفلر وبيازيد وجوروم ومرعش، بمثابة مقدمة لتغيير التوازنات السياسية في تركيا لصالح النظام الرأسمالي. لم تكن الحركة الثورية قادرة على التدخل بشكل فعال ضد الحركة الفاشية، التي تم تنظيمها وتمويلها مركزيا من قبل الطبقة الحاكمة. وكان هذا العجز يرتكز إلى حد كبير على استراتيجية "الانتقال التدريجي إلى الاشتراكية" (أي إعطاء الأولوية للتحول الديمقراطي و"استكمال الثورة البرجوازية" برنامجياً)، والتي أثرت على كافة قطاعات اليسار. الدعم الذي قدمه DISK (اتحاد نقابات العمال الثورية في تركيا) والقوى الثورية المختلفة لحزب الشعب الجمهوري CHP ضد حكومات الجبهة القومية في الانتخابات العامة عام 1977 كان نتيجة لهذه الإستراتيجية المرحلية.



علاوة على ذلك، فإن انفصال مناقشات الجبهة المتحدة للكومنترن عن سياقها التاريخي خلق أيضًا ضعفًا في النضال ضد الحركة الفاشية. خلال فترة كانت فيها الطبقة العاملة هي الأكثر تنظيما، واكتسب اليسار شرعية ساحقة في المجتمع، وكانت الأزمة الثورية هي الاشد في التاريخ الحديث، أضاع الثوريون في تركيا الوقت ونأوا بأنفسهم عن مهامهم الرئيسية من خلال التركيز على حرب ميدانية ضد قوة الشارع للنظام بدلا من الاستراتيجيات التي تهدف إلى الإطاحة بالنظام الرأسمالي ككل. وبسبب نقاط الضعف هذه لدى اليسار، عندما جاء انقلاب عام 1980، وافقت عليه قطاعات واسعة من المجتمع باعتباره تدخلاً مناسباً "لوقف اقتتال الأخوة".



كان الانقلاب الفاشي عام 1980 بمثابة ضربة جزئية للحركة الفاشية، لكن الحركة الفاشية المدنية استمرت في البقاء كاحتياط، وجاهزة للاستخدام في مخططات النظام الرأسمالي الشائنة. ومن ناحية أخرى، كانت البرجوازية التركية تستعد لهجوم واسع النطاق، وبالتالي كان لا بد من تدمير منظمات اليسار والطبقة العاملة بالكامل. و لعلمهم بأن القمع والعنف لن يكونا كافيين لتحقيق ذلك، جعل المجلس العسكري ما يسمى بالتوليف التركي الإسلامي أيديولوجية رسمية. ومن خلال فتح المجال أمام الإسلاموية والقومية، مهدوا الطريق لتنظيم الطوائف الدينية والمافيا القومية في المجالات الخالية من اليسار. منذ هذه الفترة، قامت مجموعة فتح الله غولن، التي كانت أقوى طائفة دينية، بتوسيع تنظيمها داخل الدولة ووسائلها لتراكم الثروة بسرعة. وبحلول التسعينيات، لم تكن المجاميع الفاشية من السبعينيات يديرون تهريب المخدرات والأسلحة في الدولة باعتبارهم مافيا قومية فحسب، بل تم الترحيب بهم أيضًا كأبطال لاغتيالهم المثقفين الأكراد نيابة عن الدولة.  



وبحلول نهاية التسعينيات، وصلت جرائم التنظيم الفاشي داخل الدولة إلى مستوى لا يمكن إخفاؤه عن الجمهور. وفي مواجهة التحول السياسي الذي احتاجه الرأسماليون الأتراك في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان الهيكل الحالي للحركة الفاشية عائقًا. كان لهذا التحول في السياسة، والذي وصفه الحزب الشيوعي التركي في ذلك الوقت بـ “الاستعادة”، أبعاد مثل قص اجنحة الحركة الفاشية مصحوبة بتدخلات سياسية من القوات المسلحة التركية، التي كانت لها تاريخيًا روابط عضوية مع الحركة الفاشية. كما تضمنت أيضًا تقليص معاداة الفاشية في المجتمع إلى موقف ليبرالي "مناهض للدولة" ونشاط المجتمع المدني، بالإضافة إلى عمليات الخصخصة التي قام بها حزب الحركة القومية MHP الذي زُعم أنه حزب "دولتي Statist ".



أما حزب العدالة والتنمية AKP، الذي حصل على دعم علني من المراكز الإمبريالية، فقد وصل إلى السلطة كاداة لهذا التحول في السياسة. ومرة أخرى، خلال حكم حزب العدالة والتنمية، أصيبت ردود الفعل المناهضة للفاشية في المجتمع بالشلل بسبب التأثير الليبرالي على اليسار. فالمجموعات داخل القوات المسلحة التركية والقضاء والبيروقراطية التي شكلت عقبات أمام تركيا الإسلامية والليبرالية الجديدة التي كان حزب العدالة والتنمية يهدف إلى تأسيسها، تم تطهيرها من خلال محاكمات سياسية تسمى أرغينيكون، وهو رمز تاريخي مرتبط بالعنصرية التركية. وفي الوقت نفسه، دعم اليسار الليبرالي والحركة الكردية حزب العدالة والتنمية باسم تطهير العناصر الفاشية داخل الدولة. لقد مهد اليسار الليبرالي، بدعمه الذي صيغ تحت شعار "ليس كافيًا ولكن نعم" للاستفتاء الدستوري لعام 2010، الطريق لاستبداد حزب العدالة والتنمية، والذي بدأ في عام 2015 وبلغ ذروته مع النظام الرئاسي في عام 2018. ولكن باستثناء الحزب الشيوعي، لم يتمكن أحد من كشف العلاقة التكافلية بين الفاشية والليبرالية. لقد فشل اليسار التركي في رؤية حقيقة بسيطة: فالمؤيدون الليبراليون السابقون لحزب العدالة والتنمية يطلقون عليه الآن لقب "الفاشي" لأن البرجوازية التركية تحتاج إلى سياسة جديدة. ولسوء الحظ، فإن اليسار التركي لا يتردد في الوقوف إلى جانب الليبراليين ضد "القصر" و"نظام الرجل الواحد".



ولضمان أن البرجوازية التركية قادرة على نهب موارد المجتمع وزيادة استغلال العمال بلا حدود، يواصل حزب العدالة والتنمية اليوم قمع المعارضة واتخاذ إجراءات فاشية. ومع ذلك، فإن النهج الذي ينظر ببساطة إلى حزب العدالة والتنمية من خلال هذه الممارسات الفاشية فقط، يشير إلى أن حزب العدالة والتنمية وطيب أردوغان هما مصدر كل المشاكل الكبرى في تركيا، يحجب الهيمنة الرأسمالية والدور الذي لعبه حزب العدالة والتنمية في تعزيزها والحفاظ عليها. ومن خلال اتباع نهج الاشتراكية الديمقراطية، يقول اليسار التركي للشعب إنه من الضروري التخلص من حزب العدالة والتنمية وطيب أردوغان أولاً، ولهذا السبب، فإنه يبرر المشاركة في جميع أنواع التحالفات غير المبدئية. منذ البداية، قال الحزب الشيوعي TKP أن حزب العدالة والتنمية هو قوة مضادة للثورة مصممة بشكل جيد وتدعمها الإمبريالية، وتهدف إلى تخليص الطبقة الرأسمالية من أعباء التراكم التاريخي للجمهورية مثل الدولتية والعلمانية. علاوة على ذلك، فإننا نزعم أنه من المستحيل تقييم هذا الحزب بشكل مستقل عن مخاوف البقاء وطموحات الربح والحسابات الدولية للطبقة الرأسمالية. وقد ناضل TKP ضد حزب العدالة والتنمية منذ البداية بهذا النهج الشامل.



في ظل ظروف الأزمة التي نمر بها في تركيا، نرى أن هناك نوعين من التوجه القومي آخذ في الصعود بينما يتسارع افقار العمال ويفقدون كل امل في المستقبل. نرى في TKP، الصعود القومي كأداة فعالة للطبقة الحاكمة ضد إمكانية إضعاف روابط الطبقة العاملة مع النظام الرأسمالي، و توجههم إلى الخيارات اليسارية. ويبرز حزب النصر (ظافر بارتيسي)، الذي يظهر كمنصة عداء للمهاجرين وأصبح يتمتع بشعبية كبيرة بين قطاعات معينة من الشباب، كأحد أعراض هذه الصورة. أدى تصاعد العداء للأكراد والمشاعر المعادية للمهاجرين بين العمال الأتراك، وانخراط العمال الأكراد في أيديولوجية وبرامج القومية الكردية مع قطع علاقاتهم مع تركيا إلى تقسيم الطبقة العاملة وإضعاف إمكاناتها الثورية. يعتبر حزب TKP أن من واجبه القيام بنضال فعال ضد هجمات رأس المال ضد الطبقة العاملة التي تخلق الأساس لصعود القومية. وفي مواجهة التأثير المتزايد للقومية على الطبقة العاملة والظروف الناشئة، والذي يمكن أن يصل إلى مذبحة على أساس عرقي، يبذل حزب TKP قصارى جهده لتعزيز السياسات الطبقية وإضفاء الشرعية على الشيوعية داخل الطبقة العاملة. وفي هذا السياق، فإن أهم تطورين في الفترة الأخيرة هما توسيع وتعزيز منظمات TKP، خاصة بعد زلزال 6 فبراير، في المدن التي يعيش فيها العمال الأكراد بشكل رئيسي وقدرته المتزايدة بسرعة على الدخول والتنظيم في أحياء الطبقة العاملة، والتي يشار إليها على أنها أحياء قومية محافظة ويُنظر إليها عادةً على أنها خزان اقتراع للأحزاب اليمينية. يلاحظ TKP أنه بعد الأزمة الاقتصادية الحادة في تركيا، هناك تآكل في الركائز الأيديولوجية للنظام الرأسمالي. ينظر جزء كبير من الطبقة العاملة إلى الأحزاب البرجوازية على أنها كيانات غير موثوقة وغير مبدئية، وتفتقر إلى التوجيه الواضح، وهم يصوتون على مضض لهذه الأحزاب. وفي دوامة الفقر والإقصاء، لوحظ أن العمال الذين تستغل الأحزاب الفاشية مشاعر الانتماء الوطني يتجهون بشكل خاص نحو TKP. إن الزيادة في عدد الأشخاص الذين يصفون أنفسهم بأنهم من أنصار حزب الحركة القومية السابقين والذين هم في صفوف الحزب الشيوعي اليوم ، مثيرة للاهتمام وذات مغزى.



بمبادرة من حزب TKP، {دشنت منصة بإسم }مجلس نواب الشعب التركي (THTM) في يناير الماضي كمنصة يجتمع فيها الاشتراكيون وأولئك الذين عرفوا أنفسهم بأنهم كماليين. إنها تعمل كوسيلة للتدخل لدى القطاعات الكمالية في المجتمع لجعلهم يفهمون ويقبلون واقع الصراع الطبقي. وقد رحب الجمهور باهتمام كبير بالتجمع الذي ضم مثقفين وصحفيين وفنانين معروفين في تركيا. إن THTM، التي يتم تنظيمها الآن في مناطق مختلفة، تعطي الأمل باعتبارها منظمة من شأنها كسر المواقف القومية مثل الكراهية تجاه الشعب الكردي، والتي ليست الدوائر الفكرية اليسارية الكمالية في تركيا محصنة ضدها أيضًا، كما تعمل على تعزيز السياسة الطبقية. 



رداً على المبادرة الليبرالية الناشئة حالياً حول الإجماع بين الحكومة والمعارضة، يتدخل الحزب الشيوعي التركي TKP في فئتين لهما حساسيات سياسية مختلفة: فمن ناحية، يسعى إلى إضعاف ردود الفعل القومية التركية داخل القطاعات الجمهورية والوطنية والعلمانية التي تميل إلى الاشتراكية. ومن ناحية أخرى، يسعى إلى إحياء التوجهات الجمهورية والاشتراكية في ردود أفعال العمال والشباب الكرد ضد قمع الدولة والرجعية والإفقار. وإدراكًا منه أن تأثير الأيديولوجية الفاشية على مختلف القطاعات الاجتماعية يمكن أن يتزايد بسبب الهجمات الرأسمالية الشديدة اليوم، يبذل حزب TKP جهودًا مكثفة لبناء هذه الحساسيات الاجتماعية على اسس طبقية وتحويلها إلى طاقة ثورية.

……


* {عملية غلاديو‏ هو الاسم الحركي لشبكة من المنظمات والتشكيلات شبه العسكرية السرية أُسست كطابور خامس لتنسيق عمليات مسلحة عملت بشكل وثيق مع حلف الناتو و وكالة المخابرات المركزية الاميركية والعديد من الأجهزة الاستخباراتية الأوروبية خلال فترة الحرب الباردة.}








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكي مدان بسوء السياقة ورخصته مسحوبة يشارك في جلسة محاكمته


.. ثوابيت مجهولة عند سفح برج إيفل في باريس • فرانس 24




.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. ولي العهد الكويتي يؤدي اليمين الدستورية نائبا للأمير | #مراس




.. تواصل وتيرة المعارك المحتدمة بين إسرائيل وحزب الله