الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحرية الأمريكية لا تستطيع بناء السفن

ماجد علاوي

2024 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


على الرغم من أن المقالة المرفقة تصب في حمى التصعيد الأمريكي الموجه ضد الصين وحمى العسكرة، إلا أنها تكشف جانبين مهمين، الأول، وقد ذكر عرضا عند اول منعطف في تغير التوازنات الدولية: (لقد تركت عقود من تراجع التصنيع وتقليص الحجم أمريكا بدون أحواض بناء السفن لبناء وصيانة أسطول... تكافح صناعة بناء السفن لجذب المواهب، وهي تخسر أمام مطاعم الوجبات السريعة التي تقدم رواتب ومزايا أفضل للموظفين المبتدئين)، وهو تعبير عن تشوه وعجز البنية الصناعية الأمريكية عن تغطية الاحياجات الحقيقية للمجتمع الأمريكي وعن تغطية متطلبات النظام العسكرية وغير العسكرية، بعد الخلل البنيوي الكبير بالتحول إلى مجتمع الخدمات المفرط وهجرة الغالبية العظمى من الصناعات الانتاجية الحقيقية، والعيش على موارد الرأسمالية المالية وسيادة الدولار، وهو اقتصاد زائف بدء تحسس مخاطره منذ رئاسة أوباما.
أما الجانب الآخر، وهو ما يخص منطقتنا، وله جانبان، الجانب الأول يبين الضربات الموجعة التي انزلها الحوثيون بالتواجد البحري الأمريكي (أصبح لدى البحرية الأمريكية الآن خصم يرد بإطلاق النار: الحوثيون اليمنيون... أستنفدت [البحرية الأمريكية] في يوم واحد في الصراع مع الحوثيين، عددا من صواريخ توماهوك الهجومية البرية أكثر مما اشترته في عام 2023 بأكمله... يمكن للحوثيين استبدال جميع المعدات التي دمرتها الهجمات الأمريكية بحمولة سفينتين فقط من إيران) وكشف الخلل الاسترتيجي للهيمنة الأمريكية المفترضة على البحار، وما سيترتب على ذلك من إعادة نظر عالمية في الكثير مما كان يعتبر من مسلمات القوة في الهيمنة الغربية. اما الجانب الآخر فهو كشف قصر النظر في استمرار الوجود العسكري الأمريكي المكثف في منطقتنا في ضوء مستجدات الصراع العالمي (قصر النظر في ترسيخ التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط)، وما سيعقب ذلك بالتأكيد من تراجع محتم في حسابات الأهمية الاسترتيجية للمنطقة والتواجد العسكري الأمريكي فيها أمام التحديات المتصاعدة أو التي ستتصاعد في مناطق الصراع المركزية في العالم.
هذه كلها من بركات معجزة طوفان الأقصى والصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية ودعم حلفائها./ ماجد علاوي



لقد تركت عقود من تراجع التصنيع وتقليص الحجم أمريكا بدون أحواض بناء السفن لبناء وصيانة أسطول.

بقلم جيل بارندولار، زميل أقدم في "أولويات الدفاع"، وماثيو سي ماي، باحث مشارك في "أولويات الدفاع".
فورن بوليسي/ ترجمة ماجد علاوي
١٧ أيار ٢٠٢٤

بعد عقود من الانجراف الاستراتيجي وإخفاقات الاستحواذ المكلفة، تبحر البحرية الأمريكية مباشرة في عاصفة لا يمكنها تجنبها. على الرغم من أن تشدق وزارة الدفاع بأنها تعتبر الصين "تحدي في سرعة التقدم" [تصميم الصين على تجاوز الولايات المتحدة م.ع]، فإن عقودا من تراجع التصنيع وفشل صانعي السياسات في تحديد الأولويات: هل هي الخدمات أوالتهديدات، تركت البحرية غير مجهزة لتحمل صراع مستمر عالي الكثافة في المحيط الهادئ. الولايات المتحدة غير قادرة على مواكبة بناء السفن الصينية وسوف تتخلف أكثر في السنوات المقبلة. أين سيترك ذلك البحرية الأمريكية ومعها المهمة الأكثر أهمية للسياسة الخارجية الأمريكية: ردع حرب في المحيط الهادئ؟
كما يتضح من طلب إقرار الميزانية الأخير لإدارة بايدن، فإن القيود المالية تجبر البحرية على خفض طلبات الشراء، وعلى تأخير برامج التحديث، وتقاعد السفن مبكرا. حيث تدعو ميزانية البحرية للسنة المالية 2025 إلى إيقاف تشغيل 19 سفينة - بما في ذلك ثلاث غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية وأربع طرادات صواريخ موجهة - مع شراء ست سفن جديدة فقط. إن النطاق الكامل لما حذر المحللون العسكريون منه منذ فترة طويلة من أنه سيكون "العشرينات الرهيبة" قد أصبح واضحا الآن: إن التحديث المكلف للثالوث النووي الأمريكي، وجهود التحديث المتزامنة للخدمات، والقيود التي يفرضها ارتفاع الديون الحكومية، تجبر البنتاغون على اتخاذ خيارات صعبة حول ما يمكنه وما لا يمكنه دفع ثمنه.
كما أن نقص القوى العاملة وقضايا سلسلة التوريد تحد من قدرة بناء السفن. ولا تزال القاعدة الصناعية الدفاعية تكافح للتعافي من تخفيضات الميزانية بعد الحرب الباردة التي قلصت بشكل كبير التصنيع الدفاعي الأمريكي. وتحتاج البحرية إلى المزيد من سعة أحواض بناء السفن، لكن العثور على عدد كاف من العمال المؤهلين للساحات لا يزال أكبر عائق أمام توسيع الإنتاج. وتكافح صناعة بناء السفن لجذب المواهب، وهي تخسر أمام مطاعم الوجبات السريعة التي تقدم رواتب ومزايا أفضل للموظفين المبتدئين. وفي الأخير، فإن ما يجب التغلب عليه هو نقص عمال اللحام، وليس الأدوات، إذا أرادت البحرية الأمريكية تنمية أسطولها.
بدلا من ذلك، فإن توقعات بناء السفن تزداد سوءا تدريجيا. ووجدت مراجعة داخلية أمر بها وزير البحرية كارلوس ديل تورو في شهر كانون الثاني أن البرامج الرئيسية، ويشمل ذلك الغواصات وحاملات الطائرات، تواجه تأخيرات طويلة. وحتى الفرقاطات من فئة كونستيليشن، التي توصف بأنها تبني لتصميم أوربي ثبتت صلاحيته، فإنها تأخرت لمدة ثلاث سنوات.
وكما أوضح المحلل الدفاعي ديفيد ألمان في مقالة حائزت على جائزة لمجلة "وقائع المعهد البحري الأمريكي"، فإن الولايات المتحدة ببساطة لا تستطيع الفوز في سباق السفن الحربية مع الصين. لقد سبق وأن تخلت الولايات المتحدة فعليا عن بناء السفن التجارية خلال إدارة ريغان بدعوى التجارة الحرة. وفي في العقود التي تلت ذلك، اساعدت الإعانات الحكومية السخية الاصين في الهيمنة على بناء السفن التجارية. وأدى طلب بكين بأن يكون القطاع مزدوج الاستخدام إلى صناعة يمكن أن تتحول إلى إنتاج وإصلاح السفن للجيش أثناء الصراعات، مثلما فعلت أحواض بناء السفن الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية. ويقدر مكتب المخابرات البحرية الأمريكي أن الصين لديها الآن قدرة أكبر بـ 232 مرة من قدرة الولايات المتحدة على بناء السفن. فقد قامت الصين ببناء ما يقرب من نصف السفن الجديدة في العالم في عام 2022، بينما أنتجت أحواض بناء السفن الأمريكية 0.13 في المائة من تلك السفن فقط.
إن إعادة بناء ترسانة الديمقراطية التي رسخت انتصار الولايات المتحدة في البحر قبل 80 عاما لن تحدث بين عشية وضحاها أو بثمن بخس - إنه مشروع أجيال. إن برنامج تحسين البنية التحتية لأحواض بناء السفن لمدة 20 عاما والذي يهدف إلى ترقية الأحواض الجافة والمرافق والمعدات سينتهي به الأمر إلى تجاوز التكلفة المتوقعة التي تزيد عن 21 مليار دولار. لكن الخطة تهدف فقط إلى تعظيم القدرة الصناعية الأمريكية الحالية ولن تفعل الكثير لسد الفجوة الهائلة في بناء السفن مع الصين. سيتطلب ذلك برنامج إعادة تشريعات مكافئة لسلسلة القوانين البحرية التي تم تمريرها بعد الحرب العالمية الأولى، والتي دعمت توسيع قاعدة صناعية قادرة في النهاية على إخراج الآلاف من الناقلات والمدمرات والغواصات والفرقاطات وسفن الشحن لأساطيل المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ.
بدأ صانعو السياسة في التطلع إلى الخارج بعد أن أدركوا أن أحواض بناء السفن الأمريكية مرهقة. وشجع ديل تورو الشركات الكورية الجنوبية على الاستثمار في الشحن البحري الأمريكي خلال زيارة قام بها هذا العام. من المرجح أن تبدأ اليابان في إجراء أعمال الإصلاح والصيانة على السفن الحربية الأمريكية قريبا. ووافقت الهند على القيام بذلك في العام الماضي. وستخفف هذه المبادرات من تراكم الصيانة المتزايد في المنشآت الأمريكية، لكن الأمر سيتطلب حصة كبيرة من قدرة أحواض بناء السفن اليابانية والكورية الجنوبية مجتمعة لتغيير التفاوت المتزايد بين حجم الأسطول الأمريكي والصيني في غرب المحيط الهادئ بشكل أساسي.
ليست كل السفن قابلة للمقارنة بالطبع. السفن الحربية الأمريكية أثقل وأكثر قدرة من السفن الصينية، على الرغم من أن ندرة الناقلات اللوجستية وقدرات النقل البحري هي مصدر قلق كبير. ومع ذلك، فإن العصر الحالي للحرب الصاروخية قد زاد من أهمية حجم الأسطول.
ما الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة للحفاظ على الردع التقليدي في المحيط الهادئ ومنع الحرب بدون ما يكفي من السفن لمضاهاة بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني؟ هناك شيئان كبيران في هذا الخصوص على الأقل: شراء الصواريخ وتقليص المهام.
أولا، لإدارة المخاطر على المدى القصير، تحتاج البحرية والخدمات الأخرى إلى شراء المزيد من الذخائر بسرعة - مع التركيز على الأسلحة والقدرات، وليس على المنصات التي تحملها.
جعلت الحرب الروسية الأوكرانية المخططين العسكريين يفكرون بشكل أقل في الصراعات القصيرة والسريعة، ويفكرون أكثر بالحروب الطويلة وحاجتهم الهائلة إلى العتاد. ما ينطبق على المخزونات المستنفدة من المدفعية البرية ينطبق أيضا على العديد من الأسلحة اللازمة لحرب في البحر. وجدت مناورة حربية عام 2023 أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والتي حظيت بدعاية كبيرة أن الولايات المتحدة ستنفد من كامل مخزونها من الصواريخ طويلة المدى المضادة للسفن خلال الأيام القليلة الأولى من الحرب على تايوان. إن تكثيف شراء وإنتاج هذه الذخائر، فضلا عن صواريخ الهجوم المشترك وصواريخ الهجوم البري وصواريخ هاربون، سيمكن القوة الجوية الأمريكية من المساعدة حتى في التغلب على الصعاب في المحيط الهادئ.
يمكن للأنظمة المضادة للسفن التي يديرها الجيش ومشاة البحرية أن تكمل أيضا القوة النارية للخدمات الأخرى. ومع ذلك، فإن نشر الصواريخ الأرضية سيتطلب موافقة الحلفاء. ولم يتطوع أي من الحلفاء الآسيويين للولايات المتحدة حتى الآن، لاستضافة بطاريات الصواريخ الأمريكية بشكل دائم، بسبب الحساسيات السياسية وحقيقة أن هذه الدول لديها بالفعل مثل هذه الأسلحة الخاصة بها.
يمكن للابتكار والإبداع أن يزيدا من القوة البحرية الأمريكية. وحث الكولونيل المتقاعد في مشاة البحرية الأمريكية تي إكس هامز، وهو زميل في جامعة الدفاع الوطني، البحرية على تحويل سفن الحاويات التجارية إلى سفن حربية قادرة على إطلاق الصواريخ، الأمر الذي من شأنه أن يضيف حجما هائلا من القوة النارية بسعر مناسب. ولا يحتاج "تجار الصواريخ" هؤلاء إلا إلى قوة بشرية أقل بكثير من السفن الحربية التقليدية، وهو اعتبار رئيسي بالنظر إلى كفاح البحرية لملء المآوي الموجودة.
يحتاج صانعو السياسات أيضا إلى اتخاذ خيارات صعبة والحد من عمليات الانتشار البحري. على الرغم من أن البحرية تتقلص، إلا أن مهامها ليست كذلك. إن الإيقاع التشغيلي المرتفع، ونقص القوى العاملة، والأسطول المتقادم يغذي أزمة في حالة الاستعداد وجاهزية التحرك التي تنهك البحارة والسفن.
تتطلب معالجة أزمة الاستعداد إلقاء نظرة فاحصة بدقة لتحديد أي من المهام هي ضرورية لأمن الولايات المتحدة وأيها ليست كذلك. وقد كتب نائب وزير الدفاع السابق روبرت وورك أن البحرية أمضت 30 عاما، منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، في إعطاء الأولوية لتواجدها على الصعيد العالمي على حساب الاستعداد للحرب. وتعزى حوادث السفن المميتة في المحيط الهادئ في عام 2017 التي شملت يو إس إس فيتزجيرالد ويو إس إس جون ماكين بشكل مباشر إلى هذا الهوس الذي لا يقاوم للتواجود العالمي، وفقا لمراجعة البحرية.
كما أن إعطاء الأولوية للتواجد العسكري البحري له عواقب أكثر دقة. فبعد 20 عاما من عمليات الانتشار المسلم به إلى حد كبير في الشرق الأوسط، أصبح لدى البحرية الأمريكية الآن خصم يرد بإطلاق النار: الحوثيون اليمنيون. لكن تزايد الخبرة في مجال الدفاع الصاروخي والطائرات بدون طيار يتفوق عليه في الأهمية الاستنزاف المؤدي للذخائر الدقيقة. ووفقا للجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، فإن البحرية، أستنفدت في يوم واحد في الصراع مع الحوثيين، عددا من صواريخ توماهوك الهجومية البرية أكثر مما اشترته في عام 2023 بأكمله. وفي الوقت نفسه، يمكن للحوثيين استبدال جميع المعدات التي دمرتها الهجمات الأمريكية بحمولة سفينتين فقط من إيران.
وتتضخم تكاليف الحفاظ على التواجد البحري العالمي من خلال حالة تجنيد البحرية وإدامتها. مشاكل التوظيف في الخدمة لا يمكن إنكارها. لقد أخفقت البحرية في تحقيق جميع أهداف التجنيد في عام 2023، وبعضها تصل نسبة اإخفاق إلى 35 بالمائة. وتتوقع الخدمة عجزا قدره 6,700 مجند هذا العام، وفقا لكبير ضباط شؤون الموظفين.
ومثلها مثل بقية القوات المكونة بالكامل من المتطوعين، فإن الرياح المعاكسة غير المسبوقة للتجنيد تعني أن نقص القوى العاملة سيظل يمثل تحديا مستمرا للبحرية. وفي ظل غياب أي تغيير في وتيرة التشغيل، سيعمل البحارة بمشقة أكبر، وسيتم انتشارهم بشكل متكرر أكثر، وسيتركون الخدمة بأعداد أكبر - مما يؤدي التهاوي المحقق لكل من الطاقم وللجاهزية .
لا يمكن للولايات المتحدة أن تضاهي حجم الأسطول الصيني على المدى القريب أو المتوسط. ويشهد لذلك تراجع التصنيع، والتموين السيئ، وقصر النظر في ترسيخ التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط. وبعد كل ما قيل، لا تزال البحرية الأمريكية تحتفظ بالعديد من المزايا المهمة في صراع محتمل مع الصين: هيمنة الغواصات، والحمولة الإجمالية، وتجربة الإبحار في محيطات العالم، والدعم من الحلفاء القادرين. إن الزيادة الكبيرة في مشتريات الذخائر ووضع حد لاستنزاف حالة الاستعداد للانتشار والتواجد في المسارح الثانوية، سيعزز تفوق البحرية خلال الذروة المحتملة لتحرك صيني بشأن تايوان خلال العقد المقبل. البديل قاتم. إذا فشل الردع التقليدي، فإنه يخاطر بهزيمة عسكرية للولايات المتحدة أو شيء أكثر خطورة: المواجهة النووية بين القوتين العظميين في العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بمشاركة نائب فرنسي.. مظاهرة حاشدة في مرسيليا الفرنسية نصرة ل


.. الدكتور خليل العناني: بايدن يعاني وما يحركه هي الحسابات الان




.. كيف يقلب الجهاز الأمني الإسرائيلي الا?علام الداخلي لصالحه؟


.. أوامر جديدة للاستخبارات البريطانية بشأن روسيا والصين وإيران




.. بن غفير: الصفقة الحالية متهور وتعني التخلي عن تدمير حماس.. و