الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الممثل ولحظة ألإيهام المسرحي

عبد الفتاح مرتضى

2003 / 6 / 30
الادب والفن


             

إنَّ أداء الممثل على المسرح يرتبط بلحظة ألأداء المسرحي ألإيهامي له ، وهنا تدخل عملية الصراع الداخلي بين الممثل – ألإنسان والممثل – الشخصية .. إنَّ لحظة التوتر الداخلي الحقيقية تبدأ قبيل دخول الممثل للخشبة ، حيث يبدأ الصراع المتواتر بينه وبين لحظة التقمص للدخول في عالم الشخصية ، وهي لحظة إنسلاخ مهمة وحساسة..فما بين شخصية الممثل والممثل الشخصية إختلافات وتناقضات في ألأهداف والوسائل تصل لحدود القطيعة الكلية بينهما ، إلاّ أن فعل ألإيهام يدخل كحافز أساسي للولوج في عالم الشخصية المسرحية ، وهو مفتاح النجاح وعدمه لشخصية الممثل..فبها يتحدد مستقبله ألآني ( المنظور ) واللاحق ، لذا فإن عملية ألإيهام التي تتطلب مهارة غير إعتيادية يؤديها ممثل الشخصية والتي تؤدي بإستمرارها لأشهر وسنوات عديدة الى إنسلاخ حقيقي بين واقع الممثل الشخصي بإتجاه واقع فعل الشخصيات المسرحية المؤداة..
إنّ إستمرارية العلاقة سواء كانت إيجابية أو سلبية مابين شخصية الممثل والشخصيات المسرحية التي يقوم بأدائها تؤثر بالتالي على كينونة الممثل وتُدخله في صراعٍ قاسٍ مع ذاته من جهة ومع محيطه الذي يعيش فيه من جهة ثانية ، وهذا التفاعل والصراع وإلإنسلاخ تؤدي بالتالي الى تولد شخصية جديدة تحمل تركيبات سايكلوجية متنوعة ومتعددة تعادل مدى التأثر بتلك الشخصيات المسرحية التي قام الممثل بأدائها ، وتخلق من هذا الممثل شخصية مُرَكّبة تتراكم فيها وعليها قيم وعادات وتقاليد وأفكار متعددة ، يضطر بعدها هذا الممثل الى ممارسة ألإيهام المسرحي في الواقع الحياتي الذي يعيشه ..
إنَّ لحظة ألإيهام المسرحي هي لحظة بدء الفعل على الخشبة ، سواء بدأت بالمنظر أو ألإضاءة أو بالصوت أو بتكوين تصويري يشتمل على كل عناصر الشكل المسرحي واضعاً فيه الممثل ، حيث أن أوّل لحظة تقع فيها عيني المشاهد على صورة الخشبة تبدأ معها زمن ألإفتراض المسرحي الموهوم..
إن العلاقة السببية بين لحظة ألأداء المسرحي وفعل الممثل التشخيصي هي لحظة تناقض كبيرة ، أولها لحظة إيهام كاذب وثانيها لحظة صدق حقيقي ، وهذا مايجعل فعل الممثل مُحَمَّلاً بصراعات متعددة سواء مع ذاته او مع الشخصية المؤداة او مع الشخصيات ألأخرى او احداث المسرحية نفسها..وهذا الفعل بحد ذاته يتطلب مهارة ووعي وإدراك غير إعتياديين لإحداث التفاعلات الدرامية المطلوبة في فعل ألأداء ألإيهامي المسرحي..
إن جماليات فعل الدراما هو في التحفّز لما هو مدرك او غير مدرك من قبل المتلقي.. ففي حين كون المتلقي لديه معرفة بما حدث او سيحدث ( سواء في قراءة سابقة للعرض ) ، فإن متابعته للعرض المسرحي – رغم معرفته بخباياه – يأتي من خلال فعلي التشويق وألإيهام المسرحيين.. وهذا مايجعل العديد من المتلقين يعيدون مشاهدة العروض المسرحية مراراً..وخلال العرض ، فإن فعل ألإيهام رغم تواجده في كل ثنايا العرض المسرحي يزيد من تشويق العرض ويضع الممثلين أمام إمتحان صعب وقاسٍ تؤثر بالتالي على شخصياتهم الحقيقية..
إن الصراع الداخلي مابين الممثل والشخصية لحظة ألإيهام تؤدي بالتالي الى صراع حقيقي مابين الممثل وذاته ، بين الممثل ومحيطه العائلي وألإجتماعي بل وحتى السياسي..ويمكن بإستمرار ألأعمال المسرحية وإزديادها وزيادة الوعي بماهية الدراما وفعلها أن تؤدي بالتالي الى تكوين جمهور حقيقي وواعي ومدرك لمجريات الحياة العامة والدخول في معترك الحياة السياسية وألإقتصادية وألإجتماعية لذلك البلد..وهذا مايجعل الدراما الحقيقية في خطر حقيقي خصوصاً في البلدان التي تتحكم بها أنظمة ديكتاتورية ترى في فعل الدراما خطر على وجودها..
إنَّ فعل ألإيهام هو فعل الكذب ، وهو مايجعل فعل الممثل صعب في التفاعل مع ألأفكار الحقيقية المتضمنة في النص وبين التخلص من ألإيهام..وهذا الصراع مابين الممثل وفعل ألإيهام لا ينتهي مادامت الدراما الحقيقية مستمرة ..


د.عبد الفتاح مرتضى

1998








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا