الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رائية الدكتور حسن جاد في الأزهر : دراسة أسلوبية إحصائية

صبري فوزي أبوحسين

2024 / 5 / 22
الادب والفن


إلى القصيدة:

هذه القصيدة نشرت في ديوان شاعرنا(حسن جاد) بعنوان(الأزهر في عيده الألفي مارس 1983م)، وقد تدرج شاعرنا في إبداعها، فعاش معها غير مرة، كتبها أول مرة بداية عام 1952م، قبيل ثورة يوليو، حيث يقترب العيد الألفي الهجري للأزهر في حدود عام 1362هـ، وكانت أقل من ثلاثين بيتًا، ثم أعاد كتابتها مرة أخرى في العيد الميلادي الألفي للأزهر، الذي كان بعد ذلك الزمن بحوالي ثلاثين عامًا، فوصلت إلى شكلها النهائي (أربعة وثمانون بيتًا)؛ فهي إذن قصيدة طويلة من حيث زمنها الإبداعي، إنها بالتعبير السلفي القديم: حولية محككة منقحة، عاش معها مبدعها واستدعاها غير مرة، وألقاها في غير حفل، ومن ثم فالقصد الإبداعي متوفر فيها، والصنعة ستكون بادية فيها مهيمنة عليها.

هذه الخريدة الأزهرية المدحية الفخرية التاريخية، الجامعة بين الوصف والتحليل والنقد، عدتها أربعة وثمانون بيتًا، وجاءت على نسق البحر الكامل التام، مصرعة المطلع، قافيتها مطلقة بالضم، مكونة من الراء رويًّا، والواو الناشئة عن إشباع ضمة الروي وصلاً، مما يجعلها شبيهة إلى حد كبير برائية أحمد شوقي عن الأزهر وشيوخه، التي مطلعها:

قم في فم الدنيا وحي الأزهرا وانثر على سمع الزمان الجوهرا

وجاء البناء الفكري لخريدة أستاذنا حسن جاد مكونًا من:

- (المقدمة):

في أحد عشر بيتًا، تكشف عن مكانة الأزهر وموازنة بينه وبين الهرم. يقول في مطلعها:

أرأيتَ كيف طوى القرونَ الأزهرُ وأدالَ عُمرَ الدهرِ وهْوَ مُعَمّرُ

- (صلب الموضوع):

وذلك في اثنين وستين بيتًا، من البيت الثاني عشر حتى البيت الرابع والسبعين، ويدور حول فكرة: الأزهر بين ماضٍ مشرق شريف، وحاضر ممزق أسيف.

- (الختام):

وذلك في تسعة أبيات، من البيت الخامس والسبعين حتى البيت الرابع والثمانين، وفيه بيان لعلاقة الشاعر الصادقة بالأزهر الشريف باعتباره شاعره الأول الصادع، ولسانه الأعلى الساطع في زمنه، وكذا العلاقة الأزلية بين أزهرنا ومصرنا:

يكفيكَ أنَّكَ أنتَ مصرُ ومجدُها يومَ الفَخارِ وأنَّ مصرَ الأزهرُ

ويهيمن على الشاعر فيها الموازنة بين الأزهر الماضي والأزهر المعاصر في زمن الشاعر، ومن ثم جاءت هذه الرائية في هذين القسمين الكبيرين .

وقد قُدِّر لهذه الرائية أن تحلل من خلال منهج (الأسلوبية الإحصائية)، لنجمع بين التنظير والتطبيق في الدراسة: التنظير من خلال مفردة تجربة الدكتور سعد مصلوح في الأسلوبية الإحصائية بهذا المقرر (النقد الأدبي الحديث)، والتطبيق من خلال هذه المفردة ، فكانت هذه الرؤية :

أولاً: تطبيق معادلة بوزيمان:
--------------------

بإحصاء الأفعال الصريحة المتصرفة الدالة في الرائية نجد أنها (170)مائة وسبعون فعلاً. أما الصفاد في الرائية وضمنها الأحوال فقد بلغت خمسين وصفًا وحالاً، وبيانها على النحو الآتي:

- النسبة الإجمالية للأفعال إلى الصفات في القصيدة كلها هي:

(ن ف ص): 170÷50=4،3، والمدى بينهما (120).

وواضح هنا أن نسبة الأفعال إلى الصفات إجماليًّا أعلى، وتزيد عن ثلاثة أضعاف، والدليل هذا المدى الكبير بين الأفعال والصفات لصالح الأفعال؛ مما يدل على أن النزعة العاطفية الوجدانية غالبة مهيمنة، ويشير إلى عاطفة صادقة ثابتة مستمرة في النص كله.

- النسبة التفصيلية للأفعال إلى الصفات في القصيدة كلها، تكون وتتحقق وتتبين إذا قسمنا القصيدة إلى مقطعين كبيرين:

- القسم الأول عن (الأزهر في زمنه الماضي)، أو بمعنى آخر(الأزهر التاريخي)، وهو من البيت الأول حتى البيت الثامن والخمسين.


(ن ف ص): 84÷22=8،3، والمدى بينهما (62).

- القسم الثاني عن(الأزهر الحاضر) أو (الأزهر الواقعي) أو (الأزهر المعاصر أو المعاش) وهو من البيت التاسع والخمسين حتى آخر القصيدة.

(ن ف ص): 86÷28=7،3، والمدى بينهما (58).

والملاحظ في الموازنة بين الإحصاءين أن(ن ف ص) في القسم الأول أكبر بنسبة قليلة(1%)، من القسم الثاني، وكذا المدى بينهما(62-58=2) ؛ وذلك لأن المقطع الثاني اشتمل على سرد قصصي وجدال فكري لأنه يحكي مشاهد من الواقع الأزهري، ويناقش سلبيات في التعليم الجامعي الأزهري، وهذا يناسبه التعبير بالوصف.

ثانيًا:دلالة التعبير الفعلي في الرائية:
--------------------
بناء على ثنائية الماضي والحاضر المهيمنة على الشاعر في رائيته، نلحظ أن الزمن حاضر في كل القصيدة بدءًا ووسطًا وختامًا. ولعل الإحصاء الآتي للأفعال في الرائية ويزيدها بيانًا ويعطينا رؤية أدق لها وفيها:

الإحصاء الإجمالي للأفعال:

مجموع الأفعال إحصاء الأفعال الماضية نسبتها المئوية إحصاء الأفعال المضارعة نسبتها المئوية

[178]فعلاً [80]ماضيًا 8،44% [98]مضارعًا 2،55%

الإحصاء التفصيلي للأفعال:

1- إحصاء الأفعال في القسم الأول:

مجموع الأفعال في القسم الأول إحصاء الأفعال الماضية نسبتها المئوية إحصاء الأفعال المضارعة نسبتها المئوية

[84]فعلاً، بنسة 2،47% [46]ماضيًا 8،54% [38]مضارعًا 2،45%

2- إحصاء الأفعال في القسم الثاني:

مجموع الأفعال في القسم الثاني إحصاء الأفعال الماضية نسبتها المئوية إحصاء الأفعال المضارعة نسبتها المئوية

[94]فعلاً، بنسة 8،52% [34]ماضيًا 2،36% [60]مضارعًا 8،63%

وقراءة هذه الجداول الإحصائية تعطينا دلالة على حضور التعبير الفعلي في كل أبيات النص، وتنوعه بين ماض وحاضر فقط، مع غلبة المضارع على الماضي بفارق يصل(10%). وهذا يدل على أن الشاعر منفعل بحاضر الأزهر ومهموم بواقعه، ومتابع عصره، لكنه غير مستشرف لمستقبل الأزهر، ولا مقدم رؤية إصلاحية لما ينبغي أن يكون عليه الأزهر في قادم أيامه!

و يتضح لنا أن الصيغة الفعلية في القسم الثاني من القصيدة زادت عن القسم الأول بعشرة أفعال، بنسبة(10%)، وذلك لأنه القسم المعني بواقع التعليم الأزهر وتعديد ما فيه من سلبيات، وما يجب علينا نحن الأزهريين من أعمال وسلوكيات لتلافي هذا السلبيات.

كما يلاحظ أن عدد الأفعال المضارعة (94 فعلاً) أعلى من عدد الأفعال الماضية(84 فعلاً)، وهذا يدل على حضورية الشاعر وواقعيته، وعنايته الذاتية بالأزهر الحاي، وهذه نزعة إيجابية هادفة بناءة تحسب للشاعر، ويدل عليها ويقررها قول الشاعر في ختام القصيدة:

يا أزهر الماضي وكم في النفس من ذكرى يؤججها أسًى وتحسرُ

عذرًا إذا شط اليراع فأنت من يعفو إذا شط اليراع ويعذرُ

إلى أن يقول:

نفثات أشجان زحمن مشاعري ومن الشجون مقيد ومحرر

أشدو وفي عيني وبين جوانحي دمع يجول ومهجة تتفطر

لكنني في عيدك الألفي لا أنسى الرجاء فرب كسر يجبر

مهما نظمت لك الوفاء وصغته درا فإني في الوفاء مقصر

إن(حسن جاد) عاشق لـ(الأزهر الماضي) رافض أو منتقص لـ(الأزهر المعاصر في زمنه!) ومن ثم جاء معجمه الشعري مكونًا من ألفاظ وعبارات تمجيدية تفخيمية في المقطع الأول من النص، أما المعجم الشعري للمقطع الثاني فجاء انتقاديًّا وانتقاصيًّا لأنه يعرض لحال الأزهر الذي عاصره وعاشه شاعرنا، رحمه الله تعالى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس


.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام




.. عشر سنوات على مهرجان سينما فلسطين في باريس