الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الطائفي والطائفية في الدولة الإسلامية -- الحلقة الثالثة --

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


" بينما كنت احرر هذه الدراسة ، كان عميل DGST يقرأ ما احرره . وما ان انتهيت ، واردت ارسالها الى الموقع Ahewar.org ، العميل البوليسي يقطع الكونكسيون حتى لا يتم الارسال . وسأضطر للخروج لإرسالها من مكان اخر .. الدولة البوليسية المزاجية الخارجة عن القانون ، تترأس ( مجلس حقوق الانسان ) بالأمم المتحدة ، وما ادراك من حقوق الانسان على نغمات الدولة المزاجية البوليسية المارقة – رحم الله حقوق الانسان " ..
ثانيا – الحاكمون والمحكومون :
انعكس التناقض بين الدولة الإسلامية المركزية ، وبين الكيانات المدنية ( القروية ) ، وتقاليدها التي استمرت بعد الإسلام ، في صراع اجتماعي آخر ، سرعان ما اندمج فيه ليكوّنا تيارا سياسيا يعارض السلطة المركزية للخلافة .
اعتمد الإسلام في نظريته السياسية ، على وحدة السلطة السياسية / الاقتصادية التي اتخذت شكلا محدّدا عد تطور نظام الخراج ، وذلك في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب . فقد اعتُبرت الأراضي الزراعية للأقاليم المغزُوّة ( غزو ) عنوة ملكاً للامة الإسلامية . أي مِلكاً للدولة الإسلامية التي أوكلت بدورها زراعة هذه الأراضي للفلاحين ، لقاء ضريبة مُعيّنة تسمى الخراج . ولما كان عائد الخراج يرجع من الناحية الشرعية على الأقل لمجموع الامة ، فقد قيد هذا النظام من دور الحاكمين في التلاعب بالأراضي الخراجية ، لكنه دفعهم من جانب اخر ، نحو تجميع المِلْكيات الخاصة ، واقامت المصانع والمؤسسات الإنتاجية الكبرى .
وقد اقترن بنظام الخراج ، تطور ديواوينية ( بيروقراطية ) واسعة النفوذ تتمتع بثقافة عالية ، ميّزتها عن العامة المسحوقة الجاهلة ( الرعايا في السلطة المزاجية المخزنية البوليسية ) ، فكان من المنطقي ان يسير المجتمع الإسلامي بعجلة تطورٍ ، افضت الى انقسامه ، الى معسكرين كبيرين هما الحاكمين والمحكومين ، او ما يسمى في الادب القديم بالخاصّة والعامّة . وهكذا نرى ان التركيبة السياسية / الاقتصادية للمجتمع الإسلامي ، قد حدّدت الطبقات الاجتماعية ، وكيّفت طبيعة الصراع الطبقي ، وأوْجدت الأسس الاجتماعية لظهور الانقسام الطائفي في فترات لاحقة ، باعتبار ان الطوائف تمثل شكلا من اشكال التكْوينات الطبقية .
ان هذه التشكيلة السياسية / الاقتصادية المعقّدة ، تجعل من المُتعذّر فهم المدارس المذهبية في الإسلام ، بالاقتصار على الاقاويل الفقهية والنظرية دون النظر الى الدلالات الاجتماعية التي تعبر عنها تلك المدارس ، والى الظروف التاريخية الخاصة ، التي أحاطت بظهور كل فئة من الفئات المذهبية ، ومدى علاقاتها بالدولة من ناحية ، وبالفئات المحكومة من ناحية أخرى .
وفي اطار هذا المنظور ، تبرز ظاهرة هامة في تاريخ البلاد الإسلامية ، وهي تمايز دين الحاكمين عن دين المحكومين ، واختلاف المذاهب الرسمية عن المذاهب الشعبية ، حتى انعكست القاعدة القديمة القائلة : " الناس على دين ملوكهم " الى نقيضها ، ونلاحظ هذا الحالة في العراق ابن حكم البعث ، ونراها في البحرين .. فسكان هذين القطرين هم على غير دين حكامهم في كثير من العصور .
فاذا تفحصنا تاريخ البلدان المجاورة ، للحالة العراقية اثناء حكم حزب البعث ، وحالة البحرين ، تبرز للعيان ظاهرة أساسية ، وهي ان تقلب الأديان والمذاهب فيها ، كان يجري تبعاً لتقلب الأنظمة الحاكمة او الاسر المالكة ، في حين نجد التقلبات السياسية تقود الى نتائج معاكسة في البحرين مثلا .. واذا شملنا المجتمعات الاوربية بهذه المقارنة التاريخية ، وجدنا ان انتشار المسيحية مثلا ، كان نتيجة قرار سياسي اتخذه بعض ملوك الروم لاعتناق دين المسيح ، وكذلك الحال بالنسبة لحركات الإصلاح الديني الاوربية في العصر الوسيط .
واذا عدنا الى المنطقة العربية والإسلامية ، واستعراضنا تاريخ ايران الطويل مثلا ، نلاحظ ان انتشار الأديان والمذاهب ، كان يتقرر في حالات كثيرة ، حسب ميل السلطة القائمة ، وكذلك الحال في مصر التي كانت احد اهم مراكز الدعوة المسيحية قبل الإسلام ، لكنها قبلت الدين الإسلامي واللغة القرآنية دون مقاومة تذكر .. وهي نفس الحالة يعكسها المذهب المالكي في المغرب .. بل سنجد في الفترة الإسلامية ، قامت في مصر اكبر دولة شيعية في تاريخ الإسلام : الدولة الفاطمية التي لم تزل آثارها العمرانية شاخصة للعيان " القاهرة ، جامع الازهر ، الاضرحة المقدسة .. الخ " . لكن المذهب الامامي سرعان ما اختفى من مصر مع تغلب صلاح الدين الايوبي ، وازالته للخلافة الفاطمية .
كذلك الحال في العهد الإسلامي ، كان مدى انتشار المذهب الشيعي ، يتناسب مع تزمت الحاكمين وتقريبهم للحنابلة واهل الحديث . وفي العهد العثماني نلاحظ ان كثيرا من العشائر والاسر السنية المرموقة تنتقل الى المذهب الشيعي استجارة بمراكز الشيعة في العراق هروبا من ظلم وجبروت الحكم العثماني السجلوقي .
وفي الوقت نفسه ، نرى بروز مظاهر التضامن بين اهل المذاهب والأديان المختلفة عند تعرض البلاد للاحتلال الأجنبي ، او عند قيام الثورات الشعبية الكبرى في القديم وفي الحديث .
ان هذه الظواهر غير المعتادة التي برزت على مرّ القرون ، تدل لا شك على ان الصراع الطائفي ، كان دائما تعبيرا عن صراع اجتماعي ، وانعكاسا لمقاومة شعبية ، ضد تسلط اجنبي ، او استبداد محلي بأشكال دينية او مذهبية ، تنسجم مع الأحوال السائدة في المجتمع والتقاليد الجارية بين الناس .
( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية تطوي صفحة البترودولار.. أميركا تواجه أبشع كوابيسها!


.. سلام أم استستلام.. بوتين وضع أوكرانيا أمام مفترق طرق| #التاس




.. السعودية والولايات المتحدة.. اتفاقية البترودولار| #التاسعة


.. المغرب.. مسيرة في مدينة طنجة نصرة لفلسطين




.. الدوحة.. معرض فني يجسد معاناة كبار السن الفلسطينيين في الحرب