الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقييم بانفعالية كاسرة

محمد العرجوني
كاتب

(Mohammed El Arjouni)

2024 / 5 / 22
الادب والفن


أ*+*+*+
الانتقادات التي تابعتها على وسائل الإعلام حول إقبال اليافعين على رواية "خوف"، للكاتب الشاب السعودي أسامة مسلم، تشبه إلى حد قريب انتقادات الأستاذ للتلميذ. إنها انتقادات تبدو موجهة من قبل "أساتذة"، "عارفين" بعالم الأدب. فلم يترددوا في إلصاق ما تحدث عنه ادورنو في كتابه médiocratie، بهذا النوع من الكتابة التي عرفت إقبالا كبيرا بالمعرض الدولي للكتاب بالرباط، لا يختلف عن ذلك الإقبال الذي عرفته كذلك في معرض القاهرة. لم يتردد "العارفون إذن في إخراج مصطلح" التفاهة"، خاصة وأن هذه الكتابة أصبحت معروفة وسط اليافعين بفضل الإشهار "التيكتوكي" المصنف كوسيلة تشيع التفاهة لاستخدامه من قبل جيل" روتيني اليومي". هكذا إذن، اجتمعت بالنسبة لهؤلاء "العارفين"، حتى لا نقول" بوعروف"، عناصر "التفاهة". وهو الشيء نفسه الذي قيل منذ سنة بالضبط، حينما خرجت الشابة الجزائرية من المواقع الإلكترونية إلى الواقع بروايتها : captive، أمام يافعي باريس، حيث تدافع محبو روايتها هذه أمام إحدى مكتبات fnac المعروفة. من يتذكرها الآن؟ وهو ما قد يحدث أيضا مع الشاب السعودي.
لكن لا بد أن نتساءل: هل الذوق مسألة مطلقة؟ حتى يقف "بوعروف" عند ما اجتره نقلا وحفظا ولو عن ما يسمى "بأمهات الكتب"؟ لهذا في نظري، على هذا "الأستاذ"، "بوعروف"، إذا أراد أن يحافظ على هبته هذه، أن يراجع "منهجية تدريسه"، بل وحتى" منهاج" التدريس، عوض أن يلقي اللوم على"التلميذ". فإذا كان هو يعتبر نفسه شاعرا أو روائيا يسير (إذا كان متواضعا) على نهج كتاب "أمهات الكتب"، وذلك طبعا ذوقه ويحترم، او يعتبر نفسه قامة مثلهم (بدون أدنى تواضع)، عليه أن يتفهم الوضع، وأن الذوق خاضع لعدة متغيرات. فلو فعل وحاول مراجعة نفسه، سوف يجد بأنه متجاوز، تقنيا أولا، حيث لا يتقن فن "التيكتوك" الذي يسمح لمن يتقنه بالقيام بالإشهار للتأثير على "التلميذ". وهنا حسب بعض المعلومات، فالأمر يرجع فيه الفضل في التعريف بهذا الكاتب لمؤثر مغربي الذي قام بالإشهار له منذ مدة، وهو ما يؤشر على اجتهاد في فن التسويق الذي يجهله "الأستاذ"، ولكن يتفاعل معه جيدا" التلميذ"، الذي بدوره يعتبر قريبا من "التكتكة" أو أي وسيلة اتصال، أكثر من" الأستاذ" الذي مازال في سبات بين أحضان "أمهات الكتب"، تماما كما يفعل اليتيم وهو مستلق على قبر أمه، في غياب تام عن فن التسويق، منتظرا أن يقام سوق عكاظ. وهذا دليل على أنه لم يعِ ما يحدث من متغيرات، ناتجة عن تسارع رهيب في التكنولوجيا والعلم وبطبيعة الحال، متغيرات تمس أيضا المجتمع والفرد.
ما حدث مع هذا الكاتب الذي يقال عنه من قبل البعض من بين البوعروف، بأنه قادم من "الربع الخالي"، حدث أيضا مع تلك الشابة الجزائرية، التي دخلت باريس من بابها الواسع.
لنتساءل إذن: هل يجب الحكم على هذا النوع من الإنتاج الخيالي فقط انطلاقا من نمط روائع الكتاب الكبار؟ هل المرجعيات جامدة إلى هذا الحد؟ فإذا كان الأمر كذلك، فالواقع مع الأسف لا ينصف من يسلكون مسار هؤلاء الكتاب الكبار، وإذا فعل، فقد ينطبق على عدد ضئيل جدا. وهو ما يديم عدم الاهتمام بهم من قبل كل شرائح المجتمع، وخاصة اليافعين منهم. وهكذا يظل هؤلاء المحظوظون، يخاطبون نخبة النخبة. إذن لا بد من الاهتمام باليافعين لتهييئهم للحاق بهذه النخبة. وفي اعتقادي، هذا ما يحصل مع هؤلاء الكتاب الشباب الذين استطاعوا من خلال كتاباتهم التي تعتمد على الخيال في جانبه العلمي وربما النفسي أيضا، حيث استطاعوا استمالة اليافعين بذكاء نحو الكتاب، أي القراءة التي يشتكي المجتمع من غيابها. وعلى هؤلاء "الأساتذة" أن يتمعنوا جيدا فيما جاء في هذه الرواية:
"هُناك من يصفني بالمُتحرر، وهذا إقرار من الواصف بأني كُنت مُستعبداً لشيء لا زال هو عبداً له، وهناك من يرى أن في أفكاري خطر كبير على الجيل الصاعد، وكأن هذا الجيل خُلق ليصعد على سلم مبادئه فقط. حرية التفكير جزء لا يتجزأ من حرية التعبير: لذلك كانت هذه الرواية ضمن مجموعة الخيال العلمي، فهي بذلك ستكسب قبولاً أكثر كونها مُصنفة كمجرد أضغاث أفكار".
لهذا، على "الكتاب الأساتذة" أن يتحلوا بأخلاق التربية التي تعتمد على النقد الذاتي أولا، ثم على التقويم الهادئ عوض إخراج مخالب التقييم بانفعالية كاسرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس


.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام




.. عشر سنوات على مهرجان سينما فلسطين في باريس