الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلم والتكنولوجيا في رواية -المانح- للكاتب لويس لوري، محمد عبد الكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2024 / 5 / 23
الادب والفن


العلم والتكنولوجيا في رواية "المانح" للكاتب لويس لوري


في رواية لويس لوري "المانح"، يلعب العلم والتكنولوجيا دورا حاسما في خلق المجتمع البائس الذي تم تصويره في القصة. تدور أحداث الرواية في مجتمع حيث يتم التحكم في جميع جوانب الحياة من قبل هيئة حاكمة تعرف باسم الحكماء. من خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة والأساليب العلمية الصارمة، تمكن الحكماء من محو أي شكل من أشكال الألم أو المعاناة أو الفردية لدى سكان المجتمع.

أحد أهم جوانب العلم والتكنولوجيا في "المانح" هو استخدام التقنيات النفسية للتحكم في عواطف وسلوك المواطنين. من خلال عملية "التشابه"، قضى الحكماء على جميع أشكال الصراع والاختلافات في المجتمع، مما يضمن الشعور بالاستقرار والنظام. ويتم تحقيق ذلك من خلال إعطاء الدواء اليومي الذي يقمع الدوافع العاطفية والرغبات، مما يؤدي إلى مجتمع يتم فيه تقدير الامتثال فوق كل شيء آخر.

جانب آخر مهم من العلوم والتكنولوجيا في الرواية هو استخدام أنظمة المراقبة المتقدمة لمراقبة أنشطة وتفاعلات المواطنين. ومن خلال استخدام الكاميرات وأجهزة المراقبة الأخرى، يتمكن الحكماء من الحفاظ على مراقبة مستمرة للسكان، مما يضمن الامتثال لقواعد وأنظمة المجتمع. يعمل هذا المستوى من المراقبة على تعزيز الشعور بالسيطرة والسلطة التي يتمتع بها الحكماء على المواطنين.

بالإضافة إلى ذلك، يلعب العلم والتكنولوجيا دورا رئيسيا في إنشاء وصيانة البيئة المادية للمجتمع. تصف الرواية المباني التي تم تصميمها وتشييدها بدقة لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة وتقليل النفايات. ومن خلال استخدام التقنيات الهندسية والمعمارية المتقدمة، يستطيع المجتمع العمل بسلاسة، مع تخصيص الموارد بطريقة دقيقة ومنضبطة.

علاوة على ذلك، يتم استخدام العلوم والتكنولوجيا أيضا للتحكم في البيئة الطبيعية في الرواية. من خلال استخدام الهندسة الوراثية وغيرها من الأساليب العلمية، تمكن الحكماء من القضاء على جميع أشكال الحياة البرية والنباتات من المجتمع، وخلق بيئة معقمة وخاضعة للرقابة. يؤكد هذا التلاعب بالطبيعة أيضا على موضوع السيطرة والامتثال الذي يتغلغل في المجتمع المصور في الرواية.

وبالإضافة إلى هذه الجوانب، يلعب العلم والتكنولوجيا أيضا دورا في التلاعب بالذاكرة والتاريخ في الرواية. من خلال استخدام أساليب المراقبة والمراقبة المتقدمة، يستطيع الحكماء قمع وتغيير ذكريات المواطنين، مما يضمن إخفاء التاريخ الحقيقي للمجتمع وتشويهه. يعمل هذا التلاعب بالذاكرة على تعزيز سيطرة الحكماء وسلطتهم، حيث يظل المواطنون جاهلين بالطبيعة الحقيقية لمجتمعهم.

علاوة على ذلك، يُستخدم العلم والتكنولوجيا أيضا في الرواية للتحكم في الإنجاب وبنية الأسرة. من خلال استخدام التقنيات الطبية المتقدمة، يستطيع الحكماء تحديد عدد وخصائص الأطفال المولودين في المجتمع، مما يضمن السماح فقط لأولئك الذين يعتبرون مناسبين بالإنجاب. تعمل هذه السيطرة على الإنجاب على تعزيز الشعور بالسيطرة والسلطة التي يتمتع بها الحكماء على المواطنين.

بالإضافة إلى ذلك، يلعب العلم والتكنولوجيا دورا في الحفاظ على النظام والانضباط في المجتمع. ومن خلال استخدام أنظمة المراقبة وأجهزة المراقبة المتقدمة، يتمكن الحكماء من اكتشاف ومعاقبة أي شكل من أشكال العصيان أو الانحراف عن القواعد. يعمل هذا التطبيق الصارم للسلطة على تعزيز الشعور بالسيطرة والامتثال الذي يميز المجتمع المصور في الرواية.

في الختام، يلعب العلم والتكنولوجيا دورا حاسما في تشكيل المجتمع البائس الذي تصوره رواية لويس لوري "المانح". من خلال استخدام التقنيات والأساليب المتقدمة، تمكن الحكماء من إنشاء مجتمع خالي من الألم والمعاناة والفردية، حيث يتم تقييم السيطرة والامتثال فوق كل شيء آخر. تعد الرواية بمثابة حكاية تحذيرية حول مخاطر التكنولوجيا غير الخاضعة للرقابة والعواقب المحتملة للتضحية بالحرية الفردية من أجل السيطرة والنظام.

لمزيد من المعلومات يمكن الاستمتاع بقراءة الرواية
Lois Lowry s novel "The Giver"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس


.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام




.. عشر سنوات على مهرجان سينما فلسطين في باريس