الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم الأخلاق الماركسي ونعيم إيليا/ 2

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2024 / 5 / 23
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


أولاً. نظرية الأخلاق التطورية لا علاقة لها مطلقاً بالأخلاق ولا بمسببات التطور
يقول الاستاذ نعيم إيليا المحترم في تفسيره لمنشأ الأخلاق:
"والمرجَّحُ المختار المتعين ههنا أنّ النفس هي المنبع الذي تصدر منه الأخلاق. فتكون الأخلاق بهذا الترجيح، عند البحث فيها، قضيةً من قضايا علم الحياة. ودليل ذلك أن النظر إذا توجَّه إليها على ضوء نظرية التطور الداروينية المعروفة بتناولها بالتفسير العلمي مشكلاتِ الحياة البيولوجية للحيوان عامة مذ كانت الحياة خلية واحدة؛ وجد لها مناطاً بقانون حفظ النوع. وقد يُعبَّر عن هذا القانون بكلمة (حبّ الحياة). وهو حبّ ليس بإرادة البشر أنفسهم، بل بإرادة الحياة. وهي إرادة يجهلها البشر. فلا يعلمون لماذا يجب عليهم أن يحيوا.
إن قانون حفظ النوع من الاندثار، هو القانون الموكّل الجدير بتفسير وجود الأخلاق في النفس وصدورها عنها، تفسيراً إن لم يكن حاسماً، يكن أدنى إلى تفسير حقيقتها من سواه من القوانين العلمية، وأيضاً أدنى إلى تفسير حقيقتها من التأملات الفلسفية والدينية."
انتهى النص المقتبس.

مادامت مقدرة الكائن الحي على التكاثر وحفظ النوع هي المعيار المرجح للأخلاق حسب رأي الأستاذ نعيم إيليا المحترم في النص أعلاه، فإن البكتيريا هي أسرع وأكثر الكائنات الحية مقدرة على التكاثر، وبما يفوق القدرة التكاثرية للبشر بملايين الأضعاف. فمن المعلوم أن البكتيريا تتكاثر في المقام الأول عن طريق الانشطار الثنائي، وهي عملية لا جنسية تنقسم بموجبها خلية واحدة إلى خليتين. في ظل الظروف المثالية، قد تنقسم بعض الأنواع البكتيرية – مثل (clostridium perfringens) - كل 10-15 دقيقة، لتضاعف عددها خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة جداً. ومثلما يقول الأستاذ نعيم إيليا، فإن علم الحياة يُعبِّر عن هذا القانون بكلمة (حبّ الحياة). وهو حبّ ليس بإرادة البكتيريا نفسها، بل بإرادة الحياة. وهي إرادة تجهلها البكتيريا (وليس البشر أبداً)". إذاً، البكتيريا – وفق نظرية الأخلاق التطورية هذه - هي سامية الأخلاق لأنها تحب الحياة، ولا تعرف القتل والطمع والجرائم الجنسية وغيرها من الشرور الأخلاقية في المجتمعات البشرية، خصوصاً إذا ما علمنا أن أخلاقها التطورية السامية هذه هي التي تدفع نفوسها الحية لتوفير العناصر الغذائية اللازمة لاستمرار الحياة عن طريق تحويل المركبات الذائبة - مثل كبريتيد الهيدروجين والميثان - إلى طاقة، وهي مفيدة لبيئتها، وهي ضرورية للحياة، وتوفر ما يصل إلى 50% من الأكسجين الذي يتنفسه الإنسان.. فهل توجد أخلاق أسمى من هذه الأخلاق! (1)
معلوم أن كل الكائنات الحية- بحكم تعريفها العام – يجب أن تتكاثر لإدامة النوع، وبدون التكاثر فإنها تنقرض. غير أن التطور يعمل على الجينات، وليس على الأفراد الذين يؤلفون كل نوع حي. ومن المعلوم أن الجينات ليست كائنات حية بحد ذاتها، لكنها هي التي تبني الكائنات الحية. الجينات هي امتدادات من الحمض النووي داخل الخلايا، وكل جين واحد هو الوحدة الأساسية للوراثة في الكائنات الحية باعتباره المورث الذي تُشفَّر بواسطته المعلومات المهمة لتكوين أعضاء الجنين والوظائف العضوية الحيويّة له. لذا فإن الحمض النووي بحكم تعريفه كمادة حامضية ليس حيًا، بل هو أشبه بدليل تعليمات لصنع الحياة، ولكونه مادة حامضية ليست على قيد الحياة فهو لا يمكن أن يموت. وتأتي الجينات في هيآة "الأليلات" (alleles)، وهي أشكال مختلفة من الجين. على سبيل المثال، يتحكم جين ABO في فصيلة الدم البشرية حيث أن هناك 3 أليلات: A وB وO. وتعتمد فصيلة الدم عند البشر على أليلات جين ABO التي يحملونها. وتُفقَد الأليلات من الصفات الوراثية للمجموعات السكانية إما عن طريق 1) الصدفة أو 2) الانتقاء الطبيعي. وإذا كان الأليل عبارة عن طفرة جديدة، وبالتالي فهو موجود في فرد واحد فقط، فمن الممكن أن يموت/يُقتل هذا الفرد عن طريق الخطأ ولن يعد هذا الأليل موجودًا في المجتمع، أو قد يكون الأليل عديم الفائدة في تلك البيئة المحددة. لذا، فإن الانتقاء الطبيعي سيحافظ في النهاية على الأليلات الأخرى لهذا الجين وسيتم فقدان هذا الأليل. (2)
ماذا يعني الوصفي العلمي أعلاه؟ أنه يعني أن المسؤول الأول والأخير عن تكاثر كل الأنواع الحية بضمنها الانسان ليس هو أبداً أي أفراد من أفراد الأنواع الحية، أنما هي الجينات التي هي جماد. إذن الجينات الجماد هي الملكة في حقل الأخلاق التطورية في المجتمعات البشرية كافة وفق تعريف الأستاذ نعيم أيليا المحترم، فبوركت على هذه الأخلاق السامية! فوفق نظرية الأخلاق التطورية هذه فإن الذي ضرب هيروشيما وناغازاكي وأباد 2% من سكان غزة ليسوا هم الأمريكان وصنائعهم، بل هي الجينات الجماد! هللويا! هكذا يكون تفسير الأخلاق، وإلا فلا!
هكذا نكتشف – بقليل من التدقيق – أن نظرية الأخلاق التطورية لا تفهم جوهر التطور أصلاً لاصرار مريديها بأن أفراد كل نوع حي هم المسؤلون عن التكاثر وليست الجينات الجماد.

بعد صدور كتاب "أصل الأنواع" لداروين عام 1871 – أي قبل اكتشاف "الجين" المسؤول الأول والأخير عن التطور -سعى كبار الداروينيين الاجتماعيين في القرن الثامن عشر مثل هربرت سبنسر وويليام جراهام سومنر إلى ترحيل دروس التطور البيولوجي من ميدان الأحياء في الطبيعة إلى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمعات وذلك بزعمهم أن التقدم يحدث في الطبيعة من خلال عملية قاسية من الصراع التنافسي و"البقاء للأصلح". لذا، فإن التقدم البشري لن يحدث إلا إذا سمحت الحكومة بالمنافسة التجارية غير المقيدة ولم تبذل أي جهد لحماية "الضعفاء" أو "غير المؤهلين" "عن طريق اصدار قوانين الرعاية الاجتماعية. كان الترحيل التلفيقي ذاك للداروينية من علم الأحياء إلى المجتمع يقدم تبريراً متسربلاً بأكفان العلم المخادع يخدم بالضبط وتماماً مصالح البرجوازية بتقديمه تبريرا لدكتاتوريتها الشمولية البربرية. ولكن سرعان ما انبرى الفلاسفة والمفكرون الغربيون مثل توماس هنري هكسلي، وجي إي مور، وويليام جيمس، وتشارلز ساندرز بيرس، وجون ديوي وغيرهم الكثير جداً لتوجيه النقد الشديد لأي محاولة في استخلاص الدروس الأخلاقية والسياسية من الداروينية. وبحلول العقود الأولى من الداروينية الاجتماعية في القرن العشرين، بات يُنظر إلى الداروينية الاجتماعية على نطاق واسع على أنها قد فقدت مصداقيتها كلياً. كما كشف العديد من النقاد بأن غالبية الفرضيات المطروحة لشرح الطبيعة التكيفية للسمات السلوكية البشرية هي "مجرد سوالف وحكايات" غير قابلة للاثبات البتة. إنها تفسيرات تكيفية أنيقة لتطور سمات معينة لا تعتمد على أي دليل يتجاوز منطقها الداخلي الملفق الذي يعتمد على الزعم القائل "هذا هو ما حصل". يقول نعوم تشومسكي موضحاً التلفيق البات في منطق الأخلاق التطورية:
"إذا وجدت أن الناس يتعاونون، فتقول: "نعم، هذا التعاون يساهم في إدامة جيناتهم". فإن وجدتهم يتقاتلون، فستقول: "بالتأكيد، هذا أمر واضح: إنه يعني أن جيناتهم هي التي تدوم وليست جينات شخص آخر". في الواقع، يمكنك اختلاق "قصة ما" حول أي شيء تجد." (3)
وكان أشهر من قال بنظرية الأخلاق التطورية (evolutionary ethics) هو الفيلسوف الوضعي الإنجليزي هربرت سبنسر(1820-1903) وذلك بطرحه فكرة تطور العالم الذي يمتد من الطبيعة إلى المجتمع دون أن يميّز بين الأخلاق في الحياة الاجتماعية والعلاقات في عالم الحيوان لاعتباره الأخلاق التطورية هي ذلك السلوك المحدد الذي يميّز جميع الكائنات الحية، وهي النتيجة النهائية للتطور التطوري. في كتابه الموسوم: "مباديء الأخلاق" (مجلدان، 1879- 1893) يقول سبنسر "إن الحقيقة الأخلاقية، حسبما يتم تفسيرها الآن، تثبت أنها التطور للحقيقة الفسيولوجية.... إن القانون الحيوي للكائن الاجتماعي... الذي يتجه نحوه الخلق... يمكن اعتباره قانونًا من قوانين الطبيعة." في حينها، لم يكن الجين الناقل للصفاة الوراثية - الذي اكتشفة مندل عام (1909) – معروفاً بعد. وعلى غرار دعاة النظرية النفعية في الأخلاق، رأى سبنسر أن الأخلاق تقوم على التطلع إلى السعادة التي هي لحظة تطور عالمي. وفي سياق هذا التطور، تعمل الأخلاق كوسيلة لتهدئة الصراع بين الأنانية والإيثار الذي يتميز به المجتمع والطبيعة بشكل متساوٍ. ويمر السلوك الإنساني تاريخياً بعدد من المراحل التي تظهر خلالها وتتحسن المشاعر والمفاهيم الأخلاقية حيث يتطور الشر بشكل متناغم إلى خير، والرذيلة إلى فضيلة. ثم يتكيف سلوك الإنسان تدريجياً مع ظروف الحياة لتحقيق هدف الحفاظ على النوع البشري. علاوة على ذلك، فقد كان سبنسر يرى بأن خير المجتمع وصالح الفرد يتطابقان بشكل متزايد، حيث يقترب السلوك من المثل الأعلى الذي، عند تحقيقه، سوف يلغي التناقض بين الفرد والمجتمع ليقيم التوازن بينهما: أفعال الفرد الموجهة نحو إشباع احتياجاته سوف تساهم في نفس الوقت في إشباع احتياجات المجتمع بأكمله. اي أن سرقة الرأسمالي لقوة العمل الاجتماعي هي عمل أخلاقي يصب في مصلحة كل المجتمع رغم أن رأس المال قوة جبارة غالبة تمكن حائزيه من اعدام كل وأي فرصة لتحقيق أي نوع من العدالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بين مصالح النخبة القليلة جداً من فاحشي الثراء(1% أو أقل من السكان) وبقية الـ 99% من سواد المجتمع التي لا تملك والتي ليس لها صوت ولا تأثير اقتصاجتماسي البتة. هنا لدينا نفس التبرير الوضعي العتيق لارسطو الذي اعتبر أن العبودية تصب في صالح العبد نفسه، وبالتالي كل المجتمع. وهكذا صاغ سبنسر القاعدة الأساسية للحياة: "الحصول على السعادة الخاصة... بما يتوافق مع الشروط التي تقتضيها الحالة الاجتماعية". الأخلاق، من وجهة نظر سبنسر، تقوم على المبادئ المجردة للعدالة والإحسان. والعدالة في نظره هي حق كل فرد في الحرية المطلقة التي يجب أن تكون متوافقة مع حرية الأفراد الآخرين، والاحسان يعني تفضل القوي على الضعيف لوجه الله. وأخيراً، فقد اعتبر سبنسر الدولة شرًا لأنها تقيّد حرية الفرد.
ولكننا نجد الاستاذ نعيم إيليا المحترم يأخذ بأسوأ ما في نظرية الأخلاق التطورية الوضعية لكونه يعتبر الأخلاق مفهوماً لا تاريخياً ثابتاً، بل وقافزاً فوق حركة التاريخ رغم أن مصطلح التطور في "الاخلاق التطورية" يقول بالتطور عبر التكيف مع البيئة. فما دامت الاخلاق لا تتطور رغم تغيرات البيئة الاجتماعية، فما الحاجة للقول بنظرية التطور الأحيائية أصلاً؟
ما المشكلة في نظرية الاخلاق التطورية؟
المشاكل المعرفية والعلمية في نظرية الأخلاق التطورية لها أول وليس لها آخِر. سأستعرضها بإيجاز شديد أولا، لكي أختتم هذه الحلقة بتقديم التفسير الماركسي العلمي الذي يوضح الجوهر الكامن في فساد تلفيقيتها. (4)
أهم اعتراض على نظرية الاخلاق التطورية هو حقيقة أن التطور الطبيعي وتطور الأخلاق الاجتماعية لا جامع يجمعهما قط. لا تستطيع الطبيعة التطورية الحصول على "ما يجب أن يكون" في المجتمع من ما "هو كائن" فعلاً في علم الأحياء. علم التطور الأحيائي يصف الطريقة التي يكون بها العالم الطبيعي، لكنه لا يخبرنا كيف ينبغي له أن يكون. أي أنه لا يمكنه إنتاج ما "ينبغي" مما هو "كائن". لا يمكن استخلاص القواعد المعيارية للأخلاق من الحقائق الأحيائية لأن الأخيرة تخص "ما يكون" في عالم المعرفة، في حين أن القيم الأخلاقية تخص "ما يجب أن يكون" في عالم القيم. فإذا ما تم استبدال عالم المعرفة العلمية الوصفية بعالم القيم الأخلاقية المعيارية مثلما تلفق الداروينية الاجتماعية، فإن مثل هذا الاستبدال التحكمي سيحول العلوم كلها من الوصفية الى المعيارية، وهذا ما ينسف العلوم برمّتها من الجذور.
و قد يكون التطور الدارويني قادرًا على تلفيق وصف ما بالتعكز على كليشة وجود "غرض تطوري خاص ما" لأنماط السلوك الماضي، لكنه يفتقر إلى الموارد اللازمة لوصف السلوك المستقبلي. وكما يقول جريج كوكل: "سؤال واحد لا يمكن الإجابة عليه أبداً من خلال أي تقييم تطوري للأخلاق: لماذا يجب علي أن أكون أخلاقياً غداً ؟ لماذا تفشل نظرية الأخلاق التطورية تقديم أي إجابة على هذا السؤال حول أخلاق المستقبل؟ لأن تقديم الاجابة على هذا السؤال المهم جداً تتطلب التوفر على معيار موضوعي مبرهن عليه تجريبيا، وهو ما يتجاوز حدود اشتغال العالم الطبيعي. نظرية الاخلاق التطورية لديها تفسير واحد لكل ظاهرة أخلاقية ونفسية مهما كانت، ألا وهي: "هذا حاصل لوجود غرض تطوري خاص ما". ومن المعلوم لدى العارفين في فلسفة العلوم أن أي كليشة تصلح للاستخدام في تفسير كل شيء، لا تفسر في الواقع أي شيء بالمطلق؛ وهي تلفيقية ومعادية للعلم، مثلما أن استحضار "إرادة الرب" في تفسير كل حدث في الأكوان والمجتمعات هو تلفيق غير علمي. كل الذي تفعله نظرية الأخلاق التطورية هو استبدال كليشة "هذا حاصل بإرادة الرب" بكليشة "هذا حاصل لوجود غرض تطوري خاص ما"!
كما أن التطور الأحيائي هو اعتباطي على طول الخط، في حين أن علم الأخلاق معياري قصدي في الممارسة .علاوة على ذلك، فإن التطور لا يوفر أساسًا ثابتًا للأخلاق في المستقبل. وبما أن التطور هو عملية تغيير، فإن الأخلاق يجب أن تتغير أيضاً. فإذا كان التطور هو مصدر الأخلاق، فما الذي يمنع الأخلاق من التطور (التغير) إلى الحد الذي يصبح فيه الاغتصاب والسرقة والقتل في يوم من الأيام أخلاقياً؟ يكشف هذا عن سخافة محاولة إرساء الأخلاق على التطور الطبيعي. فما هو محظور أخلاقيا اليوم قد يصبح ملزما أخلاقيا غدا، مثلما نراه اليوم في العلاقات الجنسية المثلية والشاذة.
التطور يدور حول بقاء الأنواع. هذا يعني، من وجهة النظر التطورية، أن المعتقدات الأخلاقية موجهة نحو اللياقة أو المقدرة على التكيف البيئي، وليست موجهة نحو الحقيقة والتغيير عبر الممارسة. أي أننا نتوصل إلى المعتقدات أخلاقية التي تنبني على ما من شأنه أن يمنحنا ميزة البقاء وليس على ما يتوافق مع الواقع. في حين أن الواقعية الأخلاقية هي وجهة النظر القائلة بأن هناك حقائق أخلاقية موضوعية مستقلة عن العقل. ولسوء حظها، فإن الداروينية تفشل كلياً في أن تشرح لنا كيف يمكن أن تكون هناك حقائق أخلاقية؛ لذا نجدها تحاول شرح كيف أصبحت البشرية تؤمن بشكل خاطئ بالحقائق الأخلاقية. من وجهة النظر التطورية، ليس هناك أي سبب للثقة في قناعاتنا الأخلاقية. ففي النهاية، إذا كنا نتمسك بمعتقداتنا الأخلاقية بسبب اللياقة التي يمنحها السلوك الناتج، فيبدو أننا كنا سنمتلك تلك المعتقدات سواء كانت صحيحة أم لا. وهذا يعني على الأقل أننا لا نستطيع أبدًا معرفة ما إذا كانت معتقداتنا الأخلاقية تتوافق مع الحقائق الأخلاقية، ولا معرفة نشأة قناعاتنا الأخلاقية، لنصطدم بالشك الأخلاقي وجهاً لوجه. وهذا ما يجعل النهج التطوري ليس في الحقيقة تفسيرًا للأخلاق؛ بل إنه الإنكار للأخلاق. كان تشارلز داروين نفسه متشككًا بحق في إمكانية العقلانية في ضوء التطور الطبيعي. لذا، نجده يكتب: "ينشأ معي دائمًا شك رهيب حول ما إذا كانت قناعات عقل الإنسان، التي تطورت من عقل الحيوانات الدنيا، ذات قيمة أو جديرة بالثقة على الإطلاق. هل يمكن لأحد أن يثق في قناعات عقل القرد، هذا إذا كان هناك أي قناعات في مثل هذا العقل؟" (5) وهذا يشمل بالطبع القناعات الأخلاقية. وفق وجهة النظر التطورية، ليس هناك سبب لثقة البشر في قناعاتهم الأخلاقية.
بالنسبة لعالم الطبيعة، تمثل كل مشكلة من هذه المشكلات تحديًا خطيرًا. ومع ذلك، إذا أخذنا هذه القضايا معًا، فلا يمكن الدفاع عنها. فبدلًا من إنكار الأخلاق، ينبغي لعالم الطبيعة أن ينكر المذهب الطبيعي.
نأتي الآن على شرح أهم انجاز علمي للماركسية والذي يجعلها ترتقي فوق غيرها من النظريات الاجتماعية. الماركسية تقول على نحو بات وقاطع بأن قوانين العلوم الطبيعية كافة – الأحياء والفيزياء والكيمياء والفلك وعلم الأرض – لا تشتغل على ظواهر المجتمع البشري قط. وكل ترحيل للمفاهيم من أي من هذه العلوم الطبيعية لتفسير الظواهر الاجتماعية – مثل تشبيه المجتمع بالجسد العضوي وترحيل قوانين التطور والميكانيك إليه، إلخ. - إنما هو تلفيق في تلفيق بائس. هذه القوانين لا تشتغل على المجتمع البشري بتاتاً، لأن التعريف العلمي الوحيد للمجتمع البشري هو ليس كونه مجموع الأفراد في الزمكان، بل أن " المجتمع البشري هو المجموع الكلي للعلاقات المتنوعة القائمة بين أفراده". المجتمع ليس كائناً من الكيانات الطبيعية لكي تشتغل عليه العلوم الطبيعية، بل هو شبكات معقدة جداً من مختلف أنواع العلاقات.
السؤال الآن هو: أي القوانين تشتغل على العلاقات الاجتماعية؟ الجواب: وحدها قوانين ديالكتيك المادية التاريخية هي التي تشتغل على حركة المجتمع والفكر البشري. لذا نجد أن كل المعايير الأخلاقية هي متضادات ثنائية تشتغل معاً في الجذب والطرد ضمن وحدة متصارعة من الارادات البشرية تلخصها وحدة الخير/الشر كقاسم مشترك أصغر. ولهذا نجد أيضاً أن أعظم العلماء – من آينشتاين وجُر – هم ماركسيون لأن التفسير الماركسي للأخلاق كجزء من البناء الفوقي المرتكز على قاعدة علاقات الانتاج الاجتماعي القائمة وحده القادر على تقديم التفسير العلمي لكيف تنشأ العلاقات وكيف تتغير وتتطور.
يتبع لطفاً
***
مراجع مختارة
(1)
https://en.wikipedia.org/wiki/Bacteria
2
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC345072/pdf/pnas00609-0153.pdf
Evolution and INFORMATION - the Nylon Bug!
. https://web.archive.org/web/20031001230124/http://www.nmsr.org/nylon.htm
. Mutations and new features.
(3)
Plotkin, Henry. 2004 Evolutionary thought in Psychology: A Brief History. Blackwell. p. 149.
(4)
جاك مونود، الصدفة والضرورة (لندن: كولينز، ١٩٧١)، ١١٠.
فرانسيس ج. بيكويث وجريجوري كوكل، النسبية: أقدام مزروعة بقوة في الجو( جراند رابيدز، ميشيجان: بيكر بوكس، 1998)، 162.
بول كوبان، "جيناتي جعلتني أفعل ذلك: هل الأخلاق مبنية على التطور البيولوجي؟"، مدونة مجلة الإثراء، 24 ننسان 2014.
http://enrichmentjournal.ag.org/201404/201404_024_Genes_ Made_Me_Do_It. cfm.
فرانك توريك، السرقة من الله: لماذا يحتاج الملحدون إلى الله ليثبت قضيتهم؟ كارول ستريم، إلينويNavPress، 2014))
فرانك توريك، "التطور لا يمكن أن يفسر الأخلاق"، مدونة Cross Examined ، 1 تموز 2008 http://crossexamined.org/evolution-cannot-explain-morality.
(5) تشارلز داروين، حياة ورسائل تشارلز داروين ، المحرر. فرانسيس داروين (1897؛ مندوب، بوسطن: إليبرون، (2005)، 1:285.

يتبع، لطفا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد نعيم إيليا ، ومأزق تطبيق المنهج التطوري
حميد فكري ( 2024 / 5 / 23 - 15:43 )
تحية أستاذ حسين علوان حسين

{ولكننا نجد الاستاذ نعيم إيليا المحترم يأخذ بأسوأ ما في نظرية الأخلاق التطورية الوضعية لكونه يعتبر الأخلاق مفهوماً لا تاريخياً ثابتاً،} إقتباس من النص.

بالفعل ، هذه مفارقة عجيبة ، كنت سأشير إليها في الجزء 1 ، فكيف بمن يأخذ بالنظرية التطورية منهجا وتفسيرا - وإن كانت بيولوجية - أن يرفض تطور الظاهرة التي يتناولها (الأخلاق) ؟!

يقول السيد نعيم ،{لكن إنجلز إذا كان لا يختلف مع فويرباخ في أن الغاية من (الحياة) هي اللذة، فإنه يختلف معه إلى حد النزاع في قضية الأخلاق: مصدرها، غايتها، وهل هي ثابتة أم متغيرة.}

إذن ، هو يأخذ على إنجلز ، كونه ينظر الى الأخلاق ، من منظور تاريخي إجتماعي . وهو منظور تطوري كما يعلم الجميع . لكن السيد نعيم ينتصر لفيورباخ اللاتاريخي ضدا على منهجه هو نفسه ، الذي يدعي أنه تطوريا.
فكيف نفسر هذا الإرتباك عند السيد نعيم؟ أعتقد أنه التحامل المجاني ضد الفلسفة والمنهج الماركسيين فقط.
والسؤال ، بأي معنى يفهم إنجلز تطور الأخلاق؟
هل بالمعنى الذي فهمه السيد نعيم ، أم بشكل آخر ؟
سأعود لهذا السؤال.


2 - آراء الأستاذ ايليا تخالف العلم والمنطق ٦-;-!
طلال الربيعي ( 2024 / 5 / 23 - 23:35 )
الأستاذ والرفيق العزيز دكتور حسين علوان حسين المحترم
كل الشكر!
يقول الأستاذ إيليا في تعليق 10 كإجابة على تعليقاتي في الحلقة الأولى:
-نعيم إيليا لا يقول إن الأخلاق وراثية، ولا يقول إنها غريزة، يقول إنها من صنع الطبيعة فينا لأنها إن لم تكن من صنع الطبيعة، فما الذي يصنعها؟ وما تصنعه فينا الطبيعة فطرة.-
ردي هو:
فطرية ينبغي ان تكون وراثية والا لأصبحت مكتسبة وغير فطرية بحكم معاني الكلمات. اذا كان الامر فطريا في السلوك البشري او الحيواني (او النباتي) فيجب ان يكون غريزيا ومتوارثا وليس مكتسبا. فمثلا دفاع الام عن وليدها هو عملية فطرية متوارثة وليس هناك من مدرسة او دورات تدريبية ينبغي ان تدخلها الأم (في عالم الانسان او الحيون ) لكي تعي ضرورة الدفاع عن وليدها وتسلك بموجب هذه الضرورة قدر المستطاع.

وبدلا من الاجابة او التعليق على نقاطي الثمانية في الحلقة ألاولى قام الأستذ ايليا بطرح اسألة وتكلم عن حماس في حين اني لم انبس بكلمة واحدة حول هذا الموضوع في تعليقي.


3 - آراء الأستاذ ايليا تخالف العلم والمنطق ٧-;-!
طلال الربيعي ( 2024 / 5 / 23 - 23:38 )
9- اذا كانت الاخلاق فطرية, بعرف الاستاذ ايليا, اذن يجب ان تكون لها تركيبتها العضوية لكي تعمل وتظهر كسلوك. والا كيف نتعرف على الاخلاق بدون الافعال؟
10- اخلاق فطرية- من صنع الطبيعة يجب ان تكون عضوية جينية, والا لأصبحت الطبيعة مفهوما ميتافيزيقيا خاويا لا يفسر اي شيء. وهذا حتى مناقض لفويرباخ المادي.
11. ولكن باعتبار اكبر عالم في البيولوجيا التطورية,
RICHARD DAWKIN
ان الجين اناني!
RICHARD DAWKINS, author of one of the best known texts on human nature, The Selfish Gene, declares we are “machines created by our genes” – that “[w]e are survival machines – robot vehicles blindly programmed to preserve the selfish molecules known as genes.”
-يقول ريتشارد دوكينز، مؤلف أحد النصوص الكثر انتشارا عن الطبيعة البشرية، -الجين الأناني-، إننا -آلات خلقتها جيناتنا- - وأننا -آلات البقاء - مركبات روبوتية مبرمجة بشكل أعمى للحفاظ على الجزيئات الأنانية المعروفة-. كجينات.-
(المصدر أدناه).


4 - آراء الأستاذ ايليا تخالف العلم والمنطق ٨-;-!
طلال الربيعي ( 2024 / 5 / 23 - 23:42 )

وقد استغلت الدوائر الرأسمالية نظرية الجين الأناني للتبشير (الكهنوتي!) ان الرأسمالية بما فيها من جشع واستغلال وتكالب على المصالح الفردية منسجمة مع نظرية الجين الاناني. أي ان الرأسمالية سرمدية ولا أمل في التخلص منها او ابدالها بنظام مغاير أكثر عدالة لان هذا سيكون فعلا مناقضًا للطبيعة البشرية (كذا!).
وبالتالي ان نظرية فوكوياما في نهاية التاربخ منسجمة مع نظرية الجين الأناني والطبيعة الأزلية للبشر!
علما ان فوكوياما, لربما يعلم الاستاذ ايليا او لا يعلم, , قد تراجع عن نظريته.
وقد تعرضت نظرية الجين الاناني (لا نملك لحد الآن نظرية جين اللاأنانية ولا اعتقد اننا بحاجة لها!) الى نقد شديد من قبل الشيوعيين. تقول صحيفة الحزب الشيوعي البريطاني
Others such as Richard Herrnstein and Arthur Jensen argued that the fact that black people in the United States tended to score lower on IQ tests than white people was because of their genes.
Intelligence was inherited, so “compensatory education” programmes aimed at redressing the social disadvantage that black people suffered were a waste of money.


5 - آراء الأستاذ ايليا تخالف العلم والمنطق 11!
طلال الربيعي ( 2024 / 5 / 23 - 23:50 )
المصدر
Frederick Engels’ Speech at the Grave of Karl Marx
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1883/death/burial.htm
-كما اكتشف داروين قانون تطور الطبيعة العضوية، اكتشف ماركس قانون تطور التاريخ البشري-
ومع ان العديد من الماركسيين يعتقدون ان كلام انجلز هذا يعكس عاطفة جياشة وتبسيطا مخلا بالماركسية, فان هذا لا يغير من اعتراضي قيد شعرة.
13- هل ان دفاع شخص عن نفسه مقبول امام محكمة لارتكابه موبقات كالقتل والاغتصاب بزعمه انه ليس مسؤولا عن افعاله لان -فطرته- هي المسؤولة وهي من خلق الطبيعة-الله؟ اذن ان الله-الطبيعة مَن يجب محاكمته وليس هو!
لا نحتاج الى سارتر للقول ان دفاعا كهذا سيكون نابعا من عقيدة فاسدة وبالتالي غير مقبول, اللهم الا اذا كان الشخص يعاني من اضطراب نفسي او عقلي .
وهل يعتبر الاستاذ ايليا الطالب المثابر والمجتهد كالطالب الكسول والمقصر و الذي يغش؟ فاذا كانت الاخلاق, او بالأحرى سلوكياتها, فطرية فما جدوى الثواب او العقاب؟
14- اذا كانت الأخلاق فطرية, فلماذا يدرس, مثلا, الأطباء , اخلاقيات المهنة ويقسمون قسم ابقراط؟


6 - اين بقية التعليقات يا هيئة الحوار
طلال الربيعي ( 2024 / 5 / 24 - 10:00 )
؟اين ذهبت التعليقات الأخرى


7 - اين بقية التعليقات يا هيئة الحوار
طلال الربيعي ( 2024 / 5 / 24 - 10:00 )
؟اين ذهبت التعليقات الأخرى


8 - كيف تأول نعيم إيليا ،الأخلاق عند إنجلز ؟ 1
حميد فكري ( 2024 / 5 / 24 - 18:22 )
بأي معنى يفهم إنجلز تطور الأخلاق؟
هل بالمعنى الذي فهمه السيد نعيم ، أم بشكل آخر ؟

كتب السيد نعيم يقول :
{فأما إنجلز – وإن كان لا يعترض على كون الأخلاق مشاعر، وهذا يُستنتج من تأييده لرأي هيغل حيث ترد فيه كلمة (الطبع) التي هي مرادفة للفطرة، للنفس: „ كتب هيغل: هناك أناس يعتقدون أنهم يعرضون فكرة عميقة جداً حين يقولون: إن الإنسان (بطبعه) خيّر، ولكنهم ينسون أنَّ فكرة أعمق بكثير ترد في هذه الكلمات: الإنسان (بطبعه) شرير… “}

حسب نعيم ، إنجلز يفهم الأخلاق بأنها مشاعر ، اعتمادا على لفظة (الطبع) الواردة في نص هيجل إعتمده إنجلز في نقده لفيورباخ. فهل هذا صحيح؟
والطبع ، عند نعيم يرادف الفطرة أي النفس . والنتيجة التي خرج بها : الأخلاق عند إنجلز مشاعر متأصلة في النفس. فالأخلاق إذن معطى قبلي!
هكذا يتأول نعيمنا ، إنجلز ، فيظهره شخصا آخر غير الذي هو على حقيقته.

والحق أن إنجلز أورد نص هيغل ، ليس لهدف تعريف الأخلاق ، بل لهدف آخر ، وهو نقد تصور فيورباخ الأحادي للأخلاق المختزل في دائرة واحدة ، دائرة الخير =المحبة ، وبذلك يتناسى نقيضها ،دائرة الشر .
لذلك هو يأخذ على فيورباخ إهماله منهج هيجل الديالكتيكي ،


9 - ٩-;- آراء الأستاذ ايليا تخالف العلم والمنطق
طلال الربيعي ( 2024 / 5 / 24 - 19:49 )
-جادل آخرون (من منطلق نظرية الجين الأناني. ط.ا ) مثل ريتشارد هيرنشتاين وآرثر جنسن بأن حقيقة أن السود في الولايات المتحدة يميلون إلى اظهار معدلات أقل في اختبارات الذكاء مقارنة بالأشخاص البيض كانت بسبب جيناتهم.
اذا كان الذكاء موروثا، لذا فإن برامج -التعليم التعويضي- التي تهدف إلى معالجة الحرمان الاجتماعي الذي عانى منه السود كانت مضيعة للمال.-
فهل يتفق الاستاذ ايليا, باعتباره شخص تعليمي هو الآخر, ان برامج -التعليم التعويضي- التي تهدف إلى معالجة الحرمان الاجتماعي مضيعة للمال؟
12- يجادل الاستاذ ايليا استنادا الى داروين ليفند انجلز. وهذا شيئ اغرب من الغرابة نفسها. لماذا؟ لأن انجلز كان اكثر الناس اعجابا بداروين, فقد قال في خطبة القاها اثناء دفن ماركس
Just as Darwin discovered the law of development of organic nature, so Marx discovered the law of development of human history:
Frederick Engels’ Speech at the Grave of Karl Marx
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1883/death/burial.htm
-كما اكتشف داروين قانون تطور الطبيعة العضوية، اكتشف ماركس قانون تطور التاريخ البشري-


10 - ١-;-٠-;- آراء الأستاذ ايليا تخالف العلم والمنطق
طلال الربيعي ( 2024 / 5 / 24 - 19:51 )
رية-داروينية منسجمة م
ومع ان العديد من الماركسيين يعتقدون ان كلام انجلز هذا يعكس عاطفة جياشة وتبسيطا مخلا بالماركسية, فان هذا لا يغير من اعتراضي قيد شعرة.
13- هل ان دفاع شخص عن نفسه مقبول امام محكمة لارتكابه موبقات كالقتل والاغتصاب بزعمه انه ليس مسؤولا عن افعاله لان -فطرته- هي المسؤولة وهي من خلق الطبيعة-الله؟ اذن ان الله-الطبيعة مَن يجب محاكمته وليس هو!
لا نحتاج الى سارتر للقول ان دفاعا كهذا سيكون نابعا من عقيدة فاسدة وبالتالي غير مقبول, اللهم الا اذا كان الشخص يعاني من اضطراب نفسي او عقلي .
وهل يعتبر الاستاذ ايليا الطالب المثابر والمجتهد كالطالب الكسول والمقصر و الذي يغش؟ فاذا كانت الاخلاق, او بالأحرى سلوكياتها, فطرية فما جدوى الثواب او العقاب؟
14- اذا كانت الأخلاق فطرية, فلماذا يدرس, مثلا, الأطباء , اخلاقيات المهنة ويقسمون قسم ابقراط؟


11 - آراء الأستاذ ايليا تخالف العلم والمنطق ١-;-١-;-
طلال الربيعي ( 2024 / 5 / 24 - 19:53 )
15- موضوعة ان الاخلاق فطرية-داروينية منسجمة مع الداروينية الاجتماعية كما عبر عنها التاريخ في النازية والفاشية.
Nazism, Fascism and Social Darwinism
https://www.cambridge.org/core/books/abs/social-darwinism-in-european-and-american-thought-18601945/nazism-fascism-and-social-darwinism/467C6A8A8FE509A8EB5ECE5F1AD5CD43
16- الا تؤدي بنا رؤية الاستاذ ايليا الى سيادة شريعة الغاب ومنطق حق القوة كبديل لمنطق قوة الحق؟ فأين الأخلاق في هكذا بديل؟
وهكذا, ايضا, ان رؤية الاستاذ ايليا لا علاقة لها لا بفويرباخ ولا بانجلز!
مع وافر التقدير والاحترام


12 - كيف تأول نعيم إيليا ،الأخلاق عند إنجلز ؟ 2
حميد فكري ( 2024 / 5 / 24 - 20:04 )
فيورباخ مادي ، لكنه غير ديالكتيكي. فكانت الأخلاق عنده ، محصورة في الخير ، دون الشر. وهكذا كان السيد نعيم
لذلك لم يسأل نفسه ، إن كانت الأخلاق (خير و شر) ، فكيف تكون الغاية منها حفظ النوع الإنساني؟
نعيمنا ، يأخذ على إنجلز نقده للاجدلية ولا تاريخية فيورباخ ، لأن هذا الآخير حين يعرض الأخلاق في فلسفته على الناس لا يراعي واقع الإنسان الاجتماعي والتاريخي. وهذا شأن من يقع في التجريد.
لكن السيد نعيم إيليا ، لايكتفي بتأول إنجلز وحده خطأ ، بل فيورباخ نفسه يتأوله خطأ.
فنعيم ، لا يعرف لماذا فيورباخ ينظر الى الأخلاق من منظور إنساني بحت.
والجواب لأن فيورباخ ، قلب الفكر رأسا على عقب . فقبله كانت ، الفلسفة ومعها كل اللاهوت ، تنظر الى الأخلاق نظرة لاهوتية ميتافزيقية. حيث الدين مرجعيتها . والإله مصدرها.
لكن فيورباخ ،أعاد للأخلاق مكانتها الطبيعية ، وهو الإنسان ، بدل الإله.
لم يعد الإله ، عند فيورباخ المحور و الجوهر ، بل الإنسان . أما الإله فليس سوى هذا الإنسان نفسه وقد تم تجريده وجوهرته. أي تم رفعه فوق التاريخ والواقع الإجتماعي.
لم يخطأ فيورباخ حين ، جعل الإنسان هو الأصل ، لكنه أخطأ حين جعل منه


13 - كيف تأول نعيم إيليا ،الأخلاق عند إنجلز ؟ 3
حميد فكري ( 2024 / 5 / 24 - 20:45 )
لم يخطأ فيورباخ حين ، جعل الإنسان هو الأصل ، لكنه أخطأ حين جعله ، جوهرا مطلقا واكتفى بهذا .
فبدل إله الأديان ، صار عندنا إله فيورباخ. الإنسان المتعالي Superman.
هذا بالضبط مأخذ إنجلز على السيد فيورباخ المادي شكلا والميثالي فعلا .
طبعا ، مثل هذا الإنسان المطلق ، يستدعي بالضرورة ، كما هو الحال مع إله الأديان ، صفات مطلقة. كالخير ، المحبة الصدق الإستقامة النزاهة ...كما يستلزم بالضرورة ، نفي كل الصفات السلبية عنه ، كالشر الكراهية الكذب الإحتيال ..، وكلها صفات أخلاقية. ولهذا لا غرابة في أن يرى نعيمنا ، الأخلاق نظرة أحادية مثل فيورباخ. ويستنتج بعدها أن الأخلاق غايتها حفظ النوع ، فقد أسقط من دائرتها ، كل ما هو سلبي من شأنه أن يسقط تصوره لها.
لقد أخطأ نعيمنا ، قراءة فيورباخ ، فأخطأ بذلك قراءته لإنجلز . والنتيجة لا هو قدم لنا فيورباخ الحقيقي ولا هو قدم لنا إنجلز الحقيقي. وهنا تحضرني عبارة السيد حسين علوان ، على مقالة السبد نعيم ، نصها (من الواضح أنه لا فيورباخكم المعروض في هذا المقال هو فيورباخ؛ ولا انجلزكم هنا هو انجلز؛ ولا الأخلاق ههنا هي الأخلاق بزينها وشينها كوحدة واحدة مشروطة زمكانيا).

اخر الافلام

.. مظاهرات في العديد من أنحاء فرنسا بدعوة من النقابات واليسار ا


.. خلافات في حزب -فرنسا الأبية-.. ما تأثيرها على تحالف اليسار؟




.. اليمين المتطرف يتصدر نوايا التصويت حسب استطلاعات الرأي في فر


.. آراء بعض المتظاهرين ضد اليمين المتطرف في باريس




.. الانتخابات التشريعية بفرنسا: هولاند مرشح عن الحزب الاشتراكي