الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة امرأة عراقية

شذى الشبيبي

2006 / 12 / 11
سيرة ذاتية


السيدة (ناجحة )والدة الشهيد(حسين محمد علي الشبيبي )كان زواجها اول خطوة في طريق النضال حيث تزوجت من الشقيق الاصغر ل(صارم)حسين الشبيبي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي والقائد السياسي البارز والذي صعد على المشنقة وهويهتف: لواتيحت لي فرصة الحياة ثانية لما اخترت غير هذا الطريق ،
وفي شباط المشؤوم 1963 زج بزوجها محمد علي الشبيبي في السجن وتعرض للتعذيب الوحشي حتى افرج عنه تصاحبه علل وامراض كثيرة نتيجة التعذيب كان اقساها كسوراً في الاضلع وخللاً في عضلة القلب ،في وقت انفض من حولهم الاقارب والاصدقاء وقضى فترة طويلة مفصولا عن العمل تلفه الحيرة بسد رمق ذكرى ،حسين ،خالد ،بشرى ووليد الذين كانوا لا يزالون صغارا تقول ام حسين ،جاهدنا وكافحنا لموازنة الراتب المتواضع وتدبير ماوى لصغار يهددهم شبح التشرد في عالم لا يرحم فالجوع لايفعل بالبشر مثل التشرد ،وكأي ام واعية وعراقية صبورة اقترنت برجل مناضل ومن اسرة لها تاريخها السياسي المشرف اتفقت السيدة (ناجحة )على ان تعتبر المحنة التي عاشتها مع زوجها وقررت ان تسلك الطريق الوعر بلا شكوى سيرا على قول الشاعر :
لاتشكوللناس هما انت صاحبه
لايؤلم الجرح الا من به الم وفي بداية السبعينيات كانت الاضلع المكسورة نتيجة التعذيب قد تسببت بالتزامن في ثقب الرئتين والتمكن من ايقاف القلب المتعب الى الابد لتترمل زوجته الشابة وهي حامل بالطفل السادس وتصارع الاقدار في تربية اطفال لم يتمكن والدهم من اكمال بناء البيت الذي كان حلمه ،،لم يكن موته مفاجأة فمنذ خروجه من السجن كان عليلا كان واثقا من انه سيموت سريعا حيث ان صحته لم تساعده على أي مجهود، ولكنه كان اباً حقيقياً لاولاده وكان لي الاخ والصديق والزوج الوفي ،يكفي انه كان يفكر بنا وبحياتنا فيما لو توفي كما كان يعتبر مجرد التذمر مما قاساه من تعذيب هو خيانة لاسم العائلة ولسمعة المناضل الشهيد شقيقه (صارم ) لذلك عاهدت نفسي ان اسير على طريقه واربي اولاده بتعبي وجهادي من دون اللجوء لاي كان ،
فبعد ان وضعت طفلتها الاخيرة قررت ان تعمل بشهادة الاعدادية ،حملها ثقيل والمطلوب منها فوق طاقتها وما من معين غير الله ،بدأت تعمل من الصباح وحتى المساء ،دخلت دورات مهنية للتمريض وغيره لكسب الخبرة ،كان همها الاول والاساس ان تكمل بناء بيتها كي تضمن المسكن لاطفالها ولتؤدي رسالتها في تنشئة ابنائها بما يليق بال الشبيبي ، قاست وجاعت ومرضت وظلت صامدة مصرة على الوقوف بوجه الاعاصير كي لايشمت بها البعثيون الحاقدون، جميع جيرانها يعلمون بقصتها ويحبونها، امرأة من طراز خاص استطاعت ان تكون الام والاب والصديق لابنائها ،تقول قد اكون قصرت بشيء ولكن ذلك كان لاجلهم لا عليهم ،حلمها كان ان يكمل ابناؤها الذكور دراستهم ويحوزوا شهادات يستحقون عليها لقب الاسرة لان هذا الاسم يعني (الشيخ محمد الشبيبي ) ويعني ( محمد رضا الشبيبي )و (حسين الشبيبي صارم ) وعلي الشبيبي الذي عاش حياته لم يهادن البعثيين برغم كل المحن التي مرت به ،
كان حسين ابنها البكر والذي كان عمره (11 )عاما حينما توفي والده يزور عمه علي الشبيبي (ابو كفاح) الذي تعلق به باستمرار لينهل منه نقاء الفكر والثقافة الطيبة المتعالية فوق كل خسة في وقت تصاعدت فيه حدة الحكم الصدامي والمطاردة من اجل الانتماء لما سمي (الاتحاد الوطني )واعتبار من لا ينتمي له معارضا وخائنا ...ولكن حسين ظل متمسكا بمبدأ عمه (ابوكفاح ) الذي كان شعاره ..
لا تربط الجرباء حول صحيحة
خوفا على تلك الصحيحة تجرب وهو يعني بذلك ما يعنيه ليزداد اصرار ابن اخيه على مقاومة (الاتحاد الوطني )مهما كان الثمن ليكون نعم الابن البار الذي استقى شجاعته من عمه (صارم )المناضل البطل وذات يوم جاء طالب الاعدادية الى بيت عمه بصحبة صديق له كي يختبئ عن عيون الامن . وبما ان بيت عمه كان مرصودا من قبل الامن اضطر لمغادرته في اليوم التالي ...كانت في البداية امه مطمئنة عليه على اساس انه عند عمه وعمه بدوره ظن انه وصل بغداد عند امه ولكن في الطرقات الواسعة بين الاثنين كانت تنتشر عيون الامن الحاقدين لتقبض عليه لان اسمه في (القائمة السوداء ) ومن المتمردين على الدولة ..لانه رفض الانتماء الى (الاتحاد الوطني ) برغم انه لم ينتم لاي حزب غير المبدأ الذي نشا عليه ..... لم تجد والدته السيدة ناجحة بدا من الاستنفار الى دوائر الامن العامة لعلها تعرف خبرا عن ابنها برغم ثقتها بان محاولاتها فاشلة ولكنها ام ... كان المشهد قاسيا ...امرأة وحيدة مع (جوقة قصر )يحيط بهم الرعب والتعسف والتهم ثابتة لدى الحاكم الجائر انها اللقب وتاريخ العائلة الذي يكفي وحده لاعدام حتى الرضيع .هذا ماقاله ضابط الامن لها حينما قابلته لتشرح له بان ابنها ليس قائدا سياسيا ولاشخصية مرموقة بالحزب الشيوعي العراقي وكل ما يشغله دراسته وانه مستقل ولاينتمي الى الحزب وبانها تنتظر ان يكبر ليعينها على رعاية اخوته وتربيتهم ولكنه اجابها بصلافة باردة : يالله يالله استري على نفسك وامشي روحي حافظي على ابنائك الاخرين كي لايلحقوا به ولا تسألي بعد عنه ديري بالك على البقية.
كان التهديد واضحا وتنفيذه ليس صعبا على الانذال فهمت (ام حسين) من اجوبة الامني الخسيس ان حقدهم قد يترجم بطرق اخرى من خلال ابنائها الصغار لانهم من عائلة مناضلة ساهمت بتثبيت ركائز الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه ولابد لمثل هذه العوائل الطاغية ان تفنى وتنتهي وفق دستور الطاغية
تقول غادرت المكان لتصحبني كلماته الوقحة وتهديداته وصلت الى الدرج وكأن ساقي شلت واتكأت على السياج الخشبي .... تماسكت نفسي كي لااقع ارضا ..يجب ان لا انهار .. قبل اجتيازي هذا المكان العفن كنت اشعر ان نظرات الضابط القذر كانت تتبعني ينتظر ردة فعلي على ماسمعته... يجب ان لا امنحه فرصة الاستمتاع بضعفي وانهياري .... وفي منتصف السلم صار بوجهي رجل يبدو انه لاحظ وضعي فعرض علي مساعدته ولكن لم اتفوه بكلمة بل لم اكن استطع الكلام ... كان جسدي كله يرتجف ووجع غريب عمرني ..كان حتى شعري يؤلمني وكانه دبابيس ... انه وجع الروح وطعم الظلم .
ارتميت في اول تكسي واجهني كي الحق صغارا ليس لديهم غيري وكلمات الضابط ترن برأسي وتمزق روحي كالسكاكين اخذوا قرة عيني والخطر مازال محدقا بي .
وصلت ام حسين الى بيتها لاتعلم بعدها ماجرى لانها سقطت في الباب قضت اشهرا طريحة الفراش بسبب تخثر في مفاصل الساقين حصل جراء الصدمة وهو اشبه بالجلطة التي تصيب القلب
لم تعد تسأل عن ابنها واحنت ظهرها على من مازالوا بحاجته كرست ماتبقى لها من عافية للكد والعمل لتوفير عيشة كريمة ونظيفة لهم حتى كبروا واشتد عظمهم ساعدتهم بذلك ابنتها ذكرى التي حصلت على وظيفة بشهادة ثالث متوسط وبين فترة واخرى كان يزورهم افراد من امن المنطقة لشم الاخبار والتجسس بطريقة غير مباشرة وبعض الاحيان يجلبون لهم استمارات جرد ويسالونها لماذا لم تدرج اسمه واين هو فتجيبهم انه عندهم وهم اعرف باخباره . ومرت الاعوام سريعة ولان لهفة الاهل لاتنطفئ على ولدهم ظلوا يتابعون ويتحرون عن مصيره ابلغهم احدهم ان طالب الاعدادية الشاب واليافع (حسين الشبيبي)كان محكوما بالخاصة الثقيلة وهو ضمن الشخصيات الخطرة التي تهدد صدام ومن يوضع في هذا المكان لن يرى النور بعدها وليس له من شفيع .
يقال : (شر البلية مايضحك) والا كيف لشاب صغير ان يهدد وجود نظام جبار دكتاتوري مدجج بالاسلحة ومأهول بالذباحين شاب لايملك غير كتابه والقلم يرعب الجلاد انها المهزلة النكبة الكارثة التي ذبحت على عتبتها الاف الرقاب الطاهرة البريئة .
صرخة ام حسين تخنقها اسئلة حائرة
لاولن تجد لها اجوبة وهي كيف ومتى ولماذا وبأي طريقة تم قتل ابنها فلو انه اعدم لكان هناك قبرله، بحيرة التماسيح ام التيزاب ،ام آلة فرم البشر ؟ ام ،ام،ام؟،الاسئلة كثيرة وطرق القتل اكثر وابشع ،
سلاما لك ياحسين وهنيئا لك ميتة البطولة يا ابن العم ولتعلم ان عيونك الوديعة الناعسة قطعت شريان السياف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو