الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موجز حكاية عيد الغدير في المريخ!

علي مارد الأسدي

2024 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


دعوني أعود بكم في الزمن للوراء، قبل قرن من الآن، حين أندلعت الاضطرابات القبلية والاقطاعية في جنوب و وسط العراق، والتي صارت تعرف اليوم في القاموس السياسي "المريخي" بثورة العشرين، وهي اضطرابات أشعلها بعض من المعممين والاقطاعيين لاغراض شتى، وانساق لها اتباعهم ضد البريطانيين الذين كانوا للتو قد حرروهم من الاستعباد والتمييز الطائفي..!

في ذلك الوقت لم يهتم زعماء الشيعة، أصحاب الجاه والوجاهة والحشم والخدم والامتيازات، أن يكون منصب الملك من حصة الاغلبية الشيعية إذا كان النظام ملكيًا، أو تكون حصتهم رئيس الجمهورية أو الحكومة إن كان جمهوريًا أو برلمانيًا.

كانت فكرة مشاركتهم في الحكم بثقلهم الحقيقي بعد قرون من الاقصاء والتهميش أكبر بكثير من إستيعابهم، بل تطور الأمر بعد أخذ و رد بينهم إلى رفض المشاركة في الحكومة وجميع وظائف الدولة من الأساس بحجج وذرائع مختلفة، قبل أن يتحول أقصى حلمهم إستيراد حاكم بدوي سني من صحراء الحجاز لينصب ملكًا عليهم، وما كان للانكليز بعد مناوشات ومفاوضات شاقة معهم الا الانصياع لهذا المطلب السفيه، تحت ضغط شارع شيعي غاضب يتغنى بهتاف: الطوب أحسن لو مكواري!!

وقد حاول زعماء ووجهاء الشيعة آنذاك، من رجال دين وشيوخ عشائر، أن يكون مقابل هذا "الإيثار" الكبير والتضحية الجسيمة بحقوق الاغلبية في الحكم، الفوز بمكافأة رمزية تتمثل بإقرار يوم الغدير الأغر عيداً رسميًا وعطلة وطنية يحتفل بها في العراق، على إعتبار أن الشيعة هم أغلبية الشعب العراقي. لكنهم لم يمتلكوا الشجاعة لطرح الأمر بشكل مباشر، فضلا عن فرضه على الانكليز أو الملك فيصل. فتفتقت عبقريتهم عن خطة أتفقوا وتوافقوا عليها، ظنًا منهم إنها من الذكاء لدرجة لا يمكن أن تخطر حتى على عقل انشتاين، وتقتضي الخطة أن يكون تنصيب الملك المستورد خصيصًا لهم في نفس يوم الذكرى السنوية لعيد الغدير، ليكون هذا اليوم عطلة وطنية شاملة لكل العراقيين، وبالتالي سيكونون قد ضربوا أكثر من عصفور بحجارة واحدة.

بالطبع لم يمانع ضيفهم الصحراوي الذي أصبح بين ليلة وضحاها ملكًا على العراقيين، أن يكون تنصيبه في أي موعد تختاره الاغلبية الجاهلة بحقوقها، وهو لا يكاد يصدق سذاجة هؤلاء القوم الذين سلموه رقابهم معتقدين إن خطتهم قد أنطلت عليه وعلى الاقلية الطائفية المتوثبة تحت جناحه، لكن المثير للسخرية المريرة، وما غفل عنه هؤلاء القوم، هو انهم اختاروا يوم تنصيب فيصل ملكاً على عرش العراق حسب التقويم الهجري المربك والمتغير، الذي لا يصلح لمتطلبات العصر الحديث. وهذا ما تنبه له الملك فيصل الذي وافقهم بدهاء أول الأمر، بعد أن تشاور مع شيوخ ووجهاء السنة الذين التفوا حوله، فقرر بمجرد أن تم تتويجه رسميًا ملكًا على العراق، ان يُحتفل بالعيد الوطني، وهو يوم جلوسه على العرش، وفقًا للتقويم الميلادي من كل عام..!!

فكانت ضربة "بوري معدل" على رؤوس أولئك الذين ضيعوا المشيتين: إذ خسروا حقوقهم الأساسية في وطنهم، ولم يحافظوا حتى على عقيدتهم!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السلام في أوكرانيا.. بين خطة زيلينسكي وشروط بوتين


.. زيلينسكي: مقترحات السلام ستقدم إلى روسيا بمجرد أن تحظى بمواف




.. غزارة الأهداف تتواصل لليوم الثاني في #يورو_2024 هل هي دلالة


.. محللون إسرائيليون في الإعلام يطغى عليهم اليأس لانعدام خطة تت




.. إصابة 10 أشخاص بإطلاق نار عشوائي في ديترويت