الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقة المفقودة والقوة العكسرية ليست كل شئ.

حازم كويي

2024 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ترجمة وإعداد: حازم كويي


تُظهر الحرب في أوكرانيا أن الجغرافيا السياسية الروسية تريد التصرف على قدم المساواة مع الولايات المتحدة. الدورالأوربي ثانوي. والنظام العالمي المتعدد الأقطاب لا يُبشر بعد بالاستقرار.
إذا نظرنا من الخارج، فإن بعض أتفاقيات السلام يتم التوصل إليها بشكل مفاجئ إلى حد ما. كما حصل في عام 1979،حين دعا الرئيس الأمريكي جيمي كارتر نظيره المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن،حيث جمع الخصمين إلى المنشأة الترفيهية الرئاسية.كامب ديفيد في ميريلاند للتفاوض على إنفراج بين الدولتين، والتي أسفرت عن أتفاقية بين الدولتين،رغم أنها لم تجلب سلاماً شاملاً ودائماً للمنطقة.
وما ينطبق على الرؤساء في حالات، يمكن تطبيقه على الدول. وفي الواقع، وفقاً للمؤرخ ماتياس بيتر، فإن الثقة هي «مورد الدبلوماسية». وينشأ بمجرد أن تضمن المعلومات الموثوقة حول نوايا الشخص الآخر لتجنب سوء الفهم وسوء التقدير. جزء منه هو قول وداعاً للتفكير بالأبيض والأسود. ويرى بيتر أن محور الانفراج الدولي في الحرب الباردة، هي عملية هلسنكي التي بدأت عام 1972 ومؤتمرها حول الأمن والتعاون في أوروبا (CSCE)، وكانت بمثابة صعود وهبوط في بناء الثقة. وقد تجلت فوائد هذه الثقة في الأزمات التي أحاطت بالقرار المزدوج الذي أتخذه حلف شمال الأطلسي في عام 1979 والغزو السوفييتي لأفغانستان في عام 1980.
كانت البُنية الأمنية التي أُنشئت في التسعينيات بين دول مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا والبُنية الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا تتآكل بالفعل على مدار العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وشملت اللحظات الرئيسية والمحاولات الخرقاء الأولى لأوكرانيا وجورجيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وضم روسيا لشبه جزيرة القرم كإنتهاك للقانون الدولي، ودعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا.
المحلل العسكري الروسي بافل فيلغنهاور كتب عام 2019 أن "معاهدة الأجواء المفتوحة" لعام 1992، وهي جزء من تلك البُنية الأمنية القديمة، ترمز في المقام الأول إلى "الثقة بين المعارضين السابقين في الحرب الباردة، اليوم لم تعد هناك ثقة [بعد الآن]". إن انسحاب الولايات المتحدة في عهد ترامب عام 2020، وروسيا في عهد بوتين عام 2021 من المعاهدة أدى إلى فقدان الثقة.
وهذا يوضح أيضاً مدى أهمية أن تكون روسيا على المستوى الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. ومن أجل وضع الولايات المتحدة في مكانها وإعادة روسيا إلى مكانتها كقوة عظمى، يسعى بوتين جاهداً إلى إقامة نظام عالمي مُتعدد الأقطاب يضم الولايات المتحدة والصين والجنوب العالمي. ولم يذكر كيف يمكن أن يكون لذلك تأثير إستقرار، وربما لا يكون مهتماً بذلك. وفي كل الأحوال فإن الدور الثانوي الذي تلعبهُ أوروبا في هذا الأمر يقتصر على كونها ميداناً لإستعادة العظمة الإمبراطورية.
هناك أمثلة متكررة حول كيفية رغبة كل من روسيا والولايات المتحدة في تعزيز وضعهما كقوة عظمى،ومن خلال القيام بذلك،تنتهك القانون الدولي المعمول به، على سبيل المثال مع غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، أو مؤخراً، مع الهجوم الروسي على أوكرانيا في عام 2022.
روسيا تُفضل التفاوض على حل سلمي لإوكرانيا بشكل مباشر وفقط مع الولايات المتحدة الأميركية وعلى رأسها الحكومة في كييف، حيث لا ينبغي للبرلمانات الوطنية في الدول الأوروبية - أو تلك في آسيا الوسطى - أن تقرر بعد الآن إنتماءاتها في السياسة الخارجية.
وفي سياق طموحها للتحول إلى قوة عظمى، تعمل روسيا أيضاً على إضعاف المنظمات الدولية. ومن غير المؤكد أن المزيد من العضوية في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ((OSCE، التي خلفت أتفاقية هلسنكي (KSZE )وهي(وثيقة صدرت عن مؤتمر هلسنكي الذي انعُقدَ عام 1975 في مدينة هلسنكي عاصمة فنلندة، وذلكَ من أجل خلقِ أسسٍ جديدة للأمن والتعاون بين الدول الأوروبية) .
تعمل روسيا على شل المنظمة التي تعتبر بالغة الأهمية لتنظيم الصراعات والتي يتم فيها إتخاذ القرارات.
وينطبق مبدأ الإجماع من خلال عدم دفع رسوم العضوية، وعدم الموافقة على الميزانيات، وعرقلة مهمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في أوكرانيا، والتهديد بمنع إتخاذ قرارات عاجلة بشأن الموظفين. فقط الوجود في الأمم المتحدة يعتبر آمنا، لكن خياراتهم للعمل تضعف بسبب حق النقض الروسي في مجلس الأمن.
كما أن آفاق السلام ونزع السلاح معقدة أيضاً بسبب الوضع الداخلي في روسيا ولهجة الاتصالات الرسمية.
وعلى مدار عقدين من الزمن، نجح بوتين في تدمير المُجتمع المدني الروسي الذي نما منذ البيرويسترويكا في عهد غورباتشوف.
لم يعُد بإمكان النقاد التعبير عن أنفسهم، أما الذهاب إلى المنفى أو الموت. ويُهيمن على التلفزيون الحكومي وابل من الدعاية الحربية، حيث يصدر أعضاء الحكومة تهديدات جامحة. وبسبب وسائل الإعلام الخاضعة للرقابة، فلا يوجد مخرج آخر.
لم يتم حتى مناقشة تفكير القوة العظمى وبدائل مجتمع الحرب. ولا يقتصر الأمر على بوتين فقط. وفقا لعالمة الاجتماع كاترينا بلوم، فإن طبقة من القوى القمعية المُحافظة بقيادة بوتين تطورت في روسيا منذ التسعينيات. وهي الآن مستقرة إلى الحد الذي يجعل البوتينية قادرة على الاستمرار حتى في غياب بوتين.
ومن غير الواضح حالياً، كيف يمكن تحقيق تخفيف التوترات بما يتوافق على الأقل مع الذي كان سائداً في السبعينيات. ومع ذلك، يجب على حكومات جميع الدول المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر أن تحاول تعزيز اتفاق السلام. والأمر غير المؤكد على الإطلاق هو مدى معقولية الربط بين مفاوضات السلام في أوكرانيا ومفاوضات نزع السلاح في اوربا ككل أو ما إذا كان ذلك يشكل عبئاً زائداً. في إحدى الحالات كما في الحالة الأخرى، لاتستحق كلمة "الثقة" أن تُذكر في الوقت الحالي. من خلال "المصداقية"سيتم تحقيق الكثير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يؤكد تمسك حماس بدور الوسطاء للتوصل لاتفاق متكامل لإنهاء


.. قرار الجيش الإسرائيلي بشأن -الوقف التكتيكي- لأنشطته العسكرية




.. الولايات المتحدة .. قواعد المناظرة الرئاسية | #الظهيرة


.. في أول أيام عيد الأضحى.. مظاهرة قرب السفارة الإسرائيلية بعما




.. بسبب منع وصول المساعدات.. غزيون يصطفون في طوابير طويلة من أج