الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاطر الهيمنة الثقافية في ظل ضرورة الحفاظ على الهويتين الأمازيغية ، والعربية في الدول العربية .

حسن ابراهيمي

2024 / 5 / 23
الادب والفن


في سياق التطور التاريخي العربي ، والإنساني ظهرت متغيرات متعددة مست العديد من جوانب الحياة العامة ، والخاصة للمواطنين العرب ، نستهدف من خلال هذه التوطئة الوقوف عند البعض من هذه الظواهر ، وتأثيرها السلبي على الحياة العامة ، والخاصة للمواطنين في الدول العربية .
نود التأكيد على كون الهيمنة الثقافية تعتبر عاملا مهما في حصول هذه المتغيرات بفعل العولمة ، ونتائجها السلبية على حياة المواطنين ، وسلوكياتهم ، ومواقفهم .
في نفس الوقت نعتبر العامل الداخلي يعتبر حاسما في ما ورد ، ويتعلق الأمر بالمناخ الداخلي بهذه الدول كشرط أساسي لاستقبال قيم جديدة في إطار صراع ثقافي محلي وطني يصارع هذه الهيمنة .
ففي الوقت الذي تنتصب قيم محلية إقليمية وطنية لتثبت صلاحيتها ، واستمراريتها ، تصارعها قيم كونية تبدو غريبة على مجتمعاتنا العربية .
بمعنى أن الهيمنة الهيمنة الثقافية ، والوسائل المستعملة من أجلها ، كل ذلك ساهم في إحداث هزات متعددة على مستوى بعض القيم ، لذلك نتغيا الوقوف عند البعض من هذه المتغيرات حيث يلعب الهاتف ، وسائل التواصل الاجتماعي ، وتكنولوجيا الاتصال دورا مهما في إحداث هذه المتغيرات .
بمعنى ما أنه إذا كان سايس بيكو ما فرض واقعا جديدا في دولنا العربية ، باللجوء إلى القوة ، ضمن إطار تقسيم الدول العربية ، إذا كان الأمر كذلك فإن العولمة وتحت شعارات خادعة تمكنت من ممارسة الغزو للعقل العربي ، والتأثير عليه بتوجيهه وفقا لاستراتيجية محكمة تنفذ لحظة بلحظة .
إذا كان منظرو سايكس بيكو فرضوا غزو العالم الثالث بالقوة العسكرية ، فإن العولمة تغتصب قيمه باستعمال التكنولوجية ، من منطلق كون هذا العالم متخلف بالتالي وجب مساعدته من أجل الانتقال من طور التخلف إلى طور التقدم .
بمعنى أن العولمة تشتغل بنفس الاستراتيجية التي اشتغل بها منظرو سايكس بيكو مع اختلاف الوسائل ، في ظل التطور التاريخي لها ، بالتالي أصبحت الوحدة مطلب العولمة بعدما كان التجزيء مطلب سايكس بيكو .
وفي سياق التتبع لانعكاسات هذه الظاهرة على المجتمعات العربية نشير على سبيل المثال إلى ما للهاتف المحمول من تأثير سلبي انعكس على دور الأب في التربية ، فإذا كان إلى زمن قريب صاحب سلطة ، مكنته من تمرير قيم وطنية للتنشئة في إطار قيام الأسرة بدورها ، فإن الهاتف المحمول تمكن من سحب هذه السلطة من الأب ، وبالتالي طفق يفقد دوره من حيث التربية على هذه القيم النبيلة ، التي تمكنت من بناء الهوية ، والشخصية الوطنيتين سابقا ، بمعنى أن أساس انخراط التنشئة مستقبلا في الواقع يبرمج دون هذه القيم .
لست متأسلما ، ولست ضد استعمال الهاتف المحمول ، وإنما ضد استعماله لطمس الهويتين الأمازيغية ، والعربية ، وتعويضهما بهويات أجنبية بغزو عقول المواطنين ، وربطهم بالتفاهة طوال الوقت ، وما يترتب عن ذلك من خلق طرق تفكير تفتقر إلى العلم ، ومستجداته .
إن هذه السلطة التي طفق يفقدها الأب داخل الأسرة وتجريده من القيام بمسؤوليته ، هذا المعطى له حضور نسبي على مستوى المدرسة العمومية ، حيث نلاحظ تراجع جودة التعليم، بالتأثير السلبي على التعلمات ، ومنع المتعلمين من اكتساب تعلمات جديدة تمكنهم من بناء شخصياتهم وفقا لقيم وطنية كانت الى زمن قريب أساس التربية داخل المدرسة العمومية ، وفقا لتوجيهات تتغيا تعزيز هذه القيم ، بمعنى أن انتزاع سلطة الأب داخل الأسرة ، وتربية التنشئة على أساس التفاهة ، قد طفق ينتقل إلى المدرسة على أساس العلاقة بينهما ، بالتالي فسلطة الأستاذ أيضا مهددة ، وما يترتب عن ذلك من ضعف دوره بخصوص تربية التنشئة على هذه القيم .
بالتالي أصبحنا أمام واقع تجلياته تتمثل في إفراغ عقول التنشئة من قيم وطنية ، ومن معرفة مسنودة إلى أدوات التحليل ، والتفكيك ، والنقد ، ومن تم بناء معارف وفقا لبناء شخصيات لن تتمكن من التفاعل مع الواقع ، وما يفرزه من معضلات على أساس التحليل ، والنقد ، وبناء مواقف موضوعية تجاه الظواهر أساسها العلم ، والمعرفة .
إلى جانب ذلك نلاحظ أن من بين تجليات هذا الوضع هيمنة اللغة الأجنبية على حساب اللغتين الامازيغية ، والعربية ، ولقد تم اللجوء الى مختلف الوسائل من أجل تسييد هذه الهيمنة ، أ قصد هيمنة اللغتين الفرنسية و الإنجليزية في سوق الشغل ، في العديد من الشركات الأجنبية بالدول العربية ، مما يفيد أن القوة الاقتصادية يصاحبها قوة لغته 1 .
إنه وفقا لذلك ومن خلال الملاحظة يتبين اغتيال الهويتين الامازيغية ، والعربية في الدول العربية ، مما يحتم الوقوف عند ه من قبل المثقفين ، وغيرهم وممارسة الضغط على الحكومات العربية نفسها لإعداد برامج ثقافية وغيرها لمواجهة هذه الهيمنة ومخاطرها .
أقصد اعداد برامج بأبعاد اقتصادية ، سياسية ، وثقافية قوامها الابداع ، بعد الحسم مع التقليد وسلبياته .
1- مخاطر الهيمنة الثقافية ثقافة القوة أم قوة الثقافة د . سالم المعوش ص 82 2 - نفسه ص 93








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في ثقافتنا نقتل المحبين وفي ثقافتهم يحتفوا بالمحب
منير كريم ( 2024 / 5 / 24 - 00:33 )
السيد المحترم
فيي ثقافتنا نقتل المحبين بذرائع الشرف وفي ثقافتهم يحتفوا بالمحبين
فعلى اية ثقافة تخاف يا استاذ ؟
نحن في حالة انحطاط ثقافي
اشكرك

اخر الافلام

.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس


.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام




.. عشر سنوات على مهرجان سينما فلسطين في باريس