الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التضامن الشكلي..

حسن أحراث

2024 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لا أشُكّ أو أشَكّك في صدق تضامن المناضلين مع ذوي القضايا العادلة. لكن يبقى رغم ذلك تضامنا شكليا أو "أضعف" التضامن.
فهل يكفي رسم عبارة "كل التضامن" على جدار افتراضي من خلال الفايسبوك أو كتابة عدة جُمل أو حتى تحرير نصّ إنشائي مليء بالعواطف الجيّاشة لنقول إننا قمنا بالواجب النضالي؟!!
إنه عيب آخر من بين عيوبنا الكثيرة "الوَلاّدة".
شخصياً، أخجل من نفسي، وأعترف أننا بعد كل التضحيات البطولية (انتفاضات شعبية وشهداء ومعتقلين سياسيين...) لم نرقَ إلى مستوى المواجهة المطلوبة لإجرام النظام القائم في حق بنات وأبناء شعبنا..
لا داعي للاختباء وراء التبريرات المألوفة، لأن القصد هنا هو العمل على جعل التضامن الشكلي الحالي إذا كان صادقا قوة فعلية لمناصرة ضحايا القمع السياسي والاستغلال والاضطهاد الطبقيين. وعلى هذه الأرضية يتم الفرز بين المناضل الثوري من جهة وباقي الجوقة التحريفية والانتهازية من جهة أخرى. ويمكن على هذه الأرضية أيضا أن تُبنى التحالفات السياسية المناضلة بعيدا عن جمع ما لا يُجمع.
وبالمناسبة، ألم يتّضح بعد لمن على عينيه "غشاوة" أن من يسجن جنوده في ثكناتها، وأقصد القوى الظلامية أساسا، وفي ظل التردي الاقتصادي والاجتماعي الحالي الذي لا يزداد إلا استفحالا، لا تهمه مصلحة الجماهير الشعبية المضطهدة، وخاصة الطبقة العاملة؟ أين هنا أثر وتأثير التحليل الملموس للواقع الملموس؟
إننا من خلال متابعتنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما لا نستطيع أن نخفيه، لمختلف المعارك النضالية ببلادنا وفي مقدمتها المعارك العمالية، نلاحظ تفاعل العديد من المناضلين كأفراد وبعض الإطارات السياسية والنقابية والحقوقية المحدودة العدد..
والسؤال المطروح هو مدى جدّية هذا التفاعل الإيجابي ودرجة المسؤولية التي تؤطره..
فلو ترجمنا تفاعلنا هذا إلى واقع ملموس، ستنتصر بدون شك الكثير من المعارك. وقياسا على هذا المعنى، فلو كان الإصلاحيون إصلاحيين حقا والثوريون ثوريين حقا لما "غرقنا" في هذا البؤس من رأسنا حتى أخمص قدمينا..
لا أتوهم أننا من خلال التضامن الفعلي، أي حتى ولو كان صادقا، ستنتصر قضية شعبنا؛ لكنه يمكن من خلال تنزيل شعاراتنا وبمبدئية نضالية أن نُعبّد بعض المسارات الثورية لصُنع التحرر والانعتاق المنشودين..
إن التضامن إذا كان بخلفية نضالية صادقة لا يجب أن يخضع للحسابات السياسية الضيقة. وإنه التحدي أو المرآة التي تعكس حقيقة التضامن. لأن دغدغة العواطف وذرف دموع التماسيح لا يعنيان التضامن، وليس ذلك غير التوظيف الفج للقضايا العادلة. فهناك من يتضامن مع متورطين في الإجرام ويُجرّم المناضلين، ويغُضّ الطرف عن العديد من المعارك التي تستحقّ التضامن فعلا، بل الأجدر الانخراط فيها..
نعرف المرتزقة التي يسيل لُعابُها على فُرص الظهور الإعلامي (البوز) وهي بعيدة كل البعد عن الدرب النضالي وعن القضايا العادلة، وحتى من موقع إصلاحي؛ وأكثر من ذلك، فهي غارقة في ممارسات رجعية وفي علاقات مشبوهة. والخطير هنا أننا "ندفع" المتضررين دفعا الى "تبييض" سجلّ هذه المرتزقة. وذلك لأن المُتضرِّر، أقصد جُلّ المتضررين، في حاجة الى التضامن والدعم والمؤازرة أيّا كانت مصادرها. وفي غيابنا نحن من يدّعي ما يدّعي، كيف نلوم المتضررين؛ خاصة وغياب التأطير السياسي والنقابي والتنظيمي..
ومن بين المعارك التي تُسائلنا المعركة البطولية لعاملات وعمال سيكوميك بمكناس ومعركة المناضل مصطفى دداو بقطاع الماء والكهرباء والتطهير بمكناس والمناضل مصطفى معهود أمام مقر الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالرشيدية (18 يوما حتى الآن من الاعتصام والإضراب المفتوح عن الطعام) ومعارك الموقوفين بقطاع التربية والتكوين ومعارك العاملات والعمال الزراعيين بسوس ماسا التي لا تتوقف ومعارك المعطلين بالعديد من الفروع ومعارك الجماهير الشعبية بفكيك...
وهناك نضالات وتحديات أخرى، وعلى رأسها معركة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين (الريف وفاس...) وفضح المتورطين في التطبيع مع الكيان الصهيوني والمستفيدين من التمويلات الصهيونية...
وأسوق مفارقات عجيبة لفضح بعض صور الواقع المر التي يجب فضحها، ويتعلق الأمر برفض هيئة المحامين بالرباط السماح للجمعية المغربية لحقوق الإنسان تنظيم مهرجان تضامني مع طلبة كلية الطب بمقرها الذي لا تبخل بوضعه رهن إشارة من هبّ ودبّ. وهو نفس الموقف المُخزي للاتحاد المغربي للشغل بالرباط الرافض لاحتضان المهرجان التضامني المذكور.
إن المجاملات السياسية تقتل. والبناء على أرضية المجاملات كالبناء على الرمل أو النقش على الماء. كما أن السكوت عن التخاذل لا يولّد إلا المزيد من التخاذل، والأخطر أنه يقتل الثقة ويعمق الجراح..
لنجعل من التضامن الفعلي والصادق مع المعارك النضالية لبنات وأبناء شعبنا إطارا للنقاش الديمقراطي والتداول في الآفاق النضالية لشعبنا...
إضافات لابد منها:
- أحيي الرفيقات والرفاق في الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي على تضامنهم مع المناضل مصطفى معهود. وأقترح تنظيم وقفة إقليمية أو جهوية بتنسيق مع فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرشيدية تضامنا معه، فللتضامن الميداني أثره وتأثيره. كل التقدير النضالي..
- تساؤل: هل يرضى المناضلون المنخرطون في صفوف الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل بتخاذل القيادات البيروقراطية بهذه النقابتين، قطاعيا ومركزيا، وبتواطئهما مع الباطرونا ومع ممثلي النظام القائم بمختلف القطاعات؟
- متى سيحطم المناضلون الحواجز الوهمية بين النقابات (التشتيت النقابي المصنوع على المقاس)، قطاعيا ومركزيا، خاصة والحاجة الفعلية للتضامن مع ذوي القضايا العادلة بغض النظر عن انتماءاتهم النقابية أو حتى السياسية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فريق تركي ينجح في صناعة طائرات مسيرة لأغراض مدنية | #مراسلو_


.. انتخابات الرئاسة الأميركية..في انتظار مناظرة بايدن وترامب ال




.. المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يزور إسرائيل لتجنب التصعيد مع


.. صاروخ استطلاع يستهدف مدنيين في رفح




.. ما أبرز ما تناولته الصحف العالمية بشأن الحرب في قطاع غزة؟