الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في حضرة المشهد

محمد زهدي شاهين

2024 / 5 / 25
القضية الفلسطينية


على ماذا يراهن الاحتلال الاسرائيلي جراء امعانه في جرائمه وإيغاله في دماء الفلسطينيين على الرغم من أن الحالة بشكلها العام يسودها تنامي في التعاطف الشعبي والرسمي الدولي مع القضية الفلسطينية. لهذا لا بد لنا من النظر إلى عدة عوامل أو عناصر يراهن عليها الاحتلال لأنه مطمئن الجانب من ناحيتها، ومن بينها:
ان العنصر الأول يتمثل في الضغط الأمريكي المزيف بحيث يدرك الجانب الاسرائيلي بأنه فقاعة هواء أمام الاستراتيجية الأمريكية الثابتة التي تعتبر فيها بأن أمن اسرائيل بمثابة خط أحمر لديها، لهذا فالإسرائيلي مطمئن البال من هذه الناحية ولأي تداعيات نتيجة لعدوانه السافر بحق ابناء شعبنا الفلسطيني ونتيجة لمعركة رفح بالتحديد ، بالتالي فهو مطمئن الجانب ايضا لأي تصعيد في شمال فلسطين المحتلة من قبل محور المقاومة فأمريكا والغرب سيتواجدون في مشهد الأحداث بقوة في حال ما تطلب الأمر ذلك، وكذلك فهو مطمئن أيضا من ناحية المعركة الطاحنة التي يخوضها الفلسطينيون والتي تجري أحداثها المتسارعة على الساحة الدولية في الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، ومبعث هذا الاطمئنان يأتي بفعل انحياز الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية له، مع العلم بأننا بتنا نلمس ونشاهد تغيير في مواقف بعض الدول بل والكثير منها لصالح قضيتنا الوطنية، وهنا بالذات تتجلى تكاملية المشهد الفلسطيني على الرغم من محاولات تشويهه.
أما العنصر الأخر والذي له علاقة بدول الجوار أو الطوق والاقليم، وعلى وجه الخصوص الموقف المصري الذي يتمثل في التصريحات المصرية المتتالية عبر النافذات الإعلامية، ولن ادعي هنا بأنها ترتقي الى مستوى التهديد المباشر، فالأحداث الأخيرة بعد السابع من اكتوبر كشفت الانسحاب المصري وتراجع الأخيرة عن دورها كشقيقة كبرى للدول العربية وانطوائها على ذاتها ، وهذا الانطواء على الذات سمته البارزة هو بعد وطني ضيق يتمثل في مصر أولا وهذا ما اكده واشار إليه مؤخرا وزير الدفاع المصري "محمد زكي" اثناء تدريبات للجيش المصري الثاني نقلها على لسانه المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية، حيث صرح قائلاً: بأن القوات المسلحة المصرية قادرة على مجابهة أي تحديات تُفرض عليها...وفي ذات السياق اردف قائلاً بأن الدولة المصرية لها ثوابت لا تحيد عنها ولا تنحاز إلا لمصلحة "الأمن القومي المصري".
لهذا فنحن نرى بأن المرحلة بحاجة لاتخاذ مواقف متقدمة و فعلية من شأنها أن تؤخذ على محمل الجد، فموقف مصر لغاية الآن إن كان قوميا عروبيا أو وطنيا غير مرضي للكثيرين، وبشكل خاص بعد السيطرة الاسرائيلية على معبر رفح مع العلم بان موقفها في عدم التعاطي لغاية الآن مع الجانب الاسرائيلي يعتبر موقف ايجابي إلا أنه غير متقدم إذ يتوجب عليها اعادة ترتيب علاقاتها مع الاحتلال وما ينطبق عليها ينطبق ايضا على كافة دولنا العربية التي تربطها علاقات مع الاحتلال، وهذا ما اشار إليه الرئيس الفلسطيني مؤخراً في قمة البحرين.
العامل أو العنصر الثالث يتمثل في عجز المنظومة الدولية في كبح جماح الاحتلال وفي عدم قدرتهم على اخضاعه للامتثال للقوانين الدولية من ناحية، ومن ناحية اخرى انحياز عدة دول غربية لها وزنها المؤثر الى جانبه.
العنصر الرابع يتمثل في هشاشة الموقف العربي والإسلامي بشكل عام والذي لم يشكل لغاية الآن عنصر ضاغط بشكل جدي من اجل انهاء معاناة الشعب الفلسطيني لعدة اعتبارات من بينها اختلافهم وفي عدم مقدرتهم في تحديد العدو المركزي للأمة، وهنا بالذات نجد بأن لكل منهم حساباته الخاصة في كيفية انتهاء الأمر ولصالح من سيكون.

ان لمعركة رفح عدة أهداف يسعى الاحتلال لتحقيقها لخصها في تحقيق النصر المطلق كما يدعي، إذ تشتمل هذه الأهداف على التالي:
التذرع بالقضاء وتفكيك الكتائب الأربعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وبالإضافة الى ذلك إعادة الاسرى الاسرائيليين حتى لو كانوا جثث هامدة والقضاء على قيادات المقاومة باعتقالهم او من خلال تصفيتهم جسديا، وإعادة التموضع وتشكيل جديد لقطاع غزة، ونضيف الى ذلك استنزاف حركات المقاومة الفلسطينية عسكريا من خلال المراهنة على نفاذ ذخائرها وهذا أحد الأهداف وأهم القضايا التي يراهن عليها الاحتلال من خلال اللعب على عامل الوقت الذي تتباين وجهات النظر حوله ولصالح من هو اصلاً. هنا لا بد من الاشارة الى أن قطاع غزة خالي من مصانع ومعامل عسكرية يمكنها انتاج القدر المطلوب من الذخائر، وهو قطاع محاصر ومؤخرا تمت السيطرة واحتلال معبر رفح والاحتلال يسعى الى السيطرة الكاملة على محور فيلادلفيا بالكامل من اجل تضييق الخناق على أهل القطاع وعلى الفصائل والحركات الفلسطينية بالتحديد من خلال قطع كافة الإمدادات عنها، والهدف الأسمى الذي يسعى الاحتلال الى تحقيقه هو إعدام سبل الحياة في قطاع غزة بشكل جذري من اجل دفع الفلسطينيين الى الهجرة بشكل طوعي وما هذا في حقيقة الأمر إلا نهج ومخطط تهجيري قسري طالما سعى الاحتلال إلى تحقيقه.
أما فيما يتعلق بالنصر المطلق المزعوم فلن يتحقق لهم وفقا لما يراه الكثير من المتابعين والمحللين وشمال غزة ومقاومتها المتجددة خير دليل على ذلك، هذا عدى عن٠ أن هنالك من يرى بأن غزة لم تترك وحيدة. ونشير هنا الى أمر في غاية الأهمية وهو تصعيد عمليات المقاومة على شمال فلسطين المحتلة التي تعتبر الفارق الاستراتيجي في المعادلة بعد ثبات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وهنا تتمثل صورة الصلابة والتماسك بين مكونات محور المقاومة ، ونشير هنا ايضاً إلى أن ظروف اليوم المتماسكة لم تتوفر لمنظمة التحرير الفلسطينية في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم حيث كانت تقاتل لوحدها وفي ظروف ضيقة النطاق ومحاصرة وإن كان هنالك قوى اخرى قاتلت إلى جانبها إلا أن سمة تلك المرحلة كانت تتسم بالتفتت والتشرذم، هذا عدى عن أن قوات الثورة الفلسطينية لم تكن على أرضها وبين جمهورها .
أما فيما يتعلق بالتصعيد الذي بتنا نراه في شمال فلسطين المحتلة فإنه يأتي من باب الضغط الآني من اجل تخفيف الضغط على المقاومة في غزة، ومن جانب اخر من اجل الضغط على كافة المؤثرين في المشهد من اجل التوصل لوقف اطلاق نار دائم وفقا لرؤية جبهة المقاومة. وهذا الأمر بالذات ما يفزع الكثيرين اذ يعتبر انتصاراً للمقاومة من خلال كسر قوة ردع الاحتلال ومحوره بالكامل والذي يرى الكثيرون من الكتاب والمحللين بأنه قد كسر بالفعل وتأكل، فالاحتلال وفقا لرؤية محور المقاومة قد بانت هشاشته في عدم مقدرته في خوض حرب فعلية على اكثر من جبهة وبدون دعم غربي مباشر. أما نقيض هذا فهو ما تخشاه قوى المقاومة اذ يحمل في طياته كسر الشوكة لكل مقاوم وقمع وتشويه لفكرة المقاومة ومفهومها في الوعي والوجدان العربي والإسلامي. لهذا فمن المرشح بأن الأمور متجهة نحو التصعيد اكثر فاكثر، ومن هنا نتوجه بالنصح لكل من يريد بناء موقف معين بأن يقوم بأخذ المعطيات أنفة الذكر ويضعها في اعتباره أو في واردة لأن هذه الحالة كما يبدو بأنها اصبحت حالة مستدامة ومستمرة عنوانها لا تراجع الى الوراء، لهذا يجب التوقف ووضع تصور في كيفية التعاطي مع الأحداث من عدة جوانب.
تبقى التصورات المستقبلية مغايرة لبعضها البعض فالكل ينظر للمشهد وتتابع الأحداث من زاوية مختلفة، فهنالك من ينظر نظرة تشاؤميه، وكذلك نجد من هو متفائل ايضا على الرغم من عمق الجراح إلا أنه يرى المشهد من زاوية سير الاحتلال نحو الهزيمة بقدميه. وتبقى الأحداث خاضعة للتكهنات ومن ضمنها ربط الحالة في كيان الاحتلال بشخص رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأخرون يرون الأمر بأنه يتعلق بمنظومة كاملة متكاملة، ولكن في حال ما كانت تتمثل في شخص نتنياهو وخروجه عن النص والحاقه الضرر بالسياسة الخارجية الأمريكية وازعاجه لها، فهل ستختار الأخيرة وبالتحديد أجهزتها الأمنية السرية شخص نتنياهو أم ستختار الكيان الاسرائيلي بعد أن تقوم بالمفاضلة بينهما، وهنا نتساءل تساؤل مشروع فهل حادثة جون كينيدي ستتكرر أم أن هذا التصور هو مجرد اضغاث أحلام لكون الحالة برمتها تديرها وتوجهها وترعاها الإدارة الأمريكية كيفما تشاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انشقاق في صفوف اليمين التقليدي بفرنسا.. لمن سيصوت أنصاره في


.. كأس أمم أوروبا: إنكلترا تفوز بصعوبة على صربيا بهدف وحيد سجله




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحل حكومة الحرب


.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين ومدمرة أمريكية في عملية جديد




.. حجاج بيت الله الحرام يستقبلون اليوم أول أيام التشريق وثاني أ