الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زهرة النرجس بين جمال المنظر وقباحة السلوك

سالم روضان الموسوي

2024 / 5 / 25
دراسات وابحاث قانونية


ان زهرة النرجس تعد من الصفات التي يتوسمها العاشق في وصفِ جمال عيون حبيبتهِ، ويحدثنا الشعر العربي عن وله العاشق بالنرجس في قصائده حيث يقول احدهم (وأمطرت لؤلؤًا من نرجس وسقت
وردًا..... وعضّت على العُنّاب بالبرَد) وهذا البيت كان من بين ابيات قصيدة عدها فاروق شوشه من اجمل عشرين قصيدة حب في الشعر العربي، بينما شاعر اخر يشبه النرجس بعيون معشوقته ، وليس العيون بزهرة النرجس ، حيث يعتبر العيون اسمى في دنيا الجمال من زهرة النرجس،
ونجد شاعر التناقضات أبو نؤاس الذي جمع بين الزهد والخلاعة فانه على خلاف الاخرين عد زهرة النرجس من الدلائل على قدرة الله في صنع الجمال بقوله:
تأمل في نبات الأرض وانظر .. إلى آثار ما صنع المليكُ
عيونٌ من لجينٍ شاخصات ..... بأبصارٍ هي الذهب السبيكُ
على قضب الزبرجد شاهدات ...... بأن الله ليس له شريكُ
لكن كل هذا الجمال الاخاذ للنرجس والمقام السامي في مراتب الوصف والغزل، يتحول الى سبة ومثلبة عندما يكون السلوك نرجسياً، وقد نرى ان في هذا تناقض فكيف لعنوان الجمال ان يكون وسماً لقباحة، الا ان الأسطورة هي التي ربطت بين النرجس الجميل في منظره والقبيح عند السلوك، حيث ورد فيها ان فتىً كان اسمه (نرسيس) معجب بوسامته ومغرور في سلوكه الى حد العنجهية والتكبر، وكان في لحظة غرور ينظر الى انعكاس صورته في ماء البحيرة، فانزلقت قدماه في الماء ومات على اثرها، وتزامن ظهور تلك الزهرة الجميلة على شاطئ تلك البحيرة بالقرب من مكان انزلاقه فسماها أصحابه باسمه (نرسيس) ثم بعد ذلك اشتق منها علماء النفس مصطلح (النرجسية) بمعنى إعجاب الشخص وغروره بنفسه بشكل كبير.
ويذكر ان هذه النرجسية المذمومة قد نهى عنها الله عز وجل بقوله تعالى الآية 18 من سورة لقمان (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)، وفي موروثنا الثقافي والديني توصيف لها حيث اعتبرت من الخطايا التي يجب الابتعاد عنها ، وكان لسيد البلغاء وامام الكلام مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) قولٌ قد نهى فيه عن التكبر ، بل جعل اثم من يتكبر على اهله واقرانه اثم القاتل الذي يلازمه الى يوم القيامة بقوله (وَلَا تَكُونُوا كَالْمُتَكَبِّرِ عَلَى ابْنِ أُمِّهِ مِنْ غَيْرِ مَا فَضْلٍ جَعَلَهُ اللَّهُ فِيهِ سِوَى مَا أَلْحَقَتِ الْعَظَمَةُ بِنَفْسِهِ مِنْ عَدَاوَةِ الْحَسَدِ وَقَدَحَتِ الْحَمِيَّةُ فِي قَلْبِهِ مِنْ نَارِ الْغَضَبِ وَنَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي أَنْفِهِ مِنْ رِيحِ الْكِبْرِ الَّذِي أَعْقَبَهُ اللَّهُ بِهِ النَّدَامَةَ وَأَلْزَمَهُ آثَامَ الْقَاتِلِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)
ومن خلاصة ما تقدم نرى بان للسلوك دور في قلب الجميل الى قبيح، مع ان الانسان قادر على ان يجمل القبيح بسلوكه الإنساني الذي يرتقي به الى درجات السمو حتى على الملائكة، وليس برغباته الشهوانية التي تنحدر به الى درجات السفل بأدنى من البهائم، وهناك قولاً مأثوراً في الثقافة الإسلامية يقول (خلق الله الملائكة عقولاً بلا شهوة، وخلق البهائم شهوة بلا عقول، وخلق ابن آدم وركب فيه العقل والشهوة، فمن غلب عقله شهوته كان أسمى من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله كان ادنى من البهائم)،
لذلك من علامات الاستغراب ان ينهج البعض ممن يزعم بانه انسان اعلى من اقرانه في الكفاءة والمعرفة الى سلوك التكبر وممارسة القبح في النرجسية بدلا من تعاطي الجمال بزهرة النرجس، ويتدحرج الى اسفل درك القباحة، حتى يكون بهيمة من البهائم، يراه الناس صغيرا ويسخرون من سفاهة عقله؟؟؟؟
قاضٍ متقاعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسوأ أزمة نزوح في العالم-.. الأمم المتحدة: مقتل أكثر من 12


.. الإفراج عن أسانج: انتصار لحرية التعبير؟ • فرانس 24




.. -حفاضات وكلاب واحتضان جثث-.. شاب فلسطيني يكشف تعرضه للتعذيب


.. جدل على وسائل التواصل بعد اعتقال عارضة الأزياء اليمنية خلود




.. المحكمة الجنائية الدولية تدين زعيما مرتبطا بتنظيم القاعدة با